أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - رواية -رجال ما بعد منتصف الليل- وعالم المدينة الداخلي














المزيد.....

رواية -رجال ما بعد منتصف الليل- وعالم المدينة الداخلي


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 7076 - 2021 / 11 / 13 - 19:20
المحور: الادب والفن
    


رغم انهما انطلقتا من كيان مشترك وركائز واحدة، فالرواية المغربية، كما شاعت التسمية، تميّزت عن الرواية المشرقية بخصوصية اجتماعية وفضاءات سرد، وتوشّحت بأساليب ولغة محلية مختلفة متأثرة بكتّاب أجانب، ونتجت عن ذلك تجربة سردية استثنائية شكّلت فرادة الواقع المغربي وتقاليده الشعبية، نراها جليّة في رواية (رجال بعد منتصف الليل) للروائي والكاتب المغربي خالد أخازي، الصادرة حديثاً عن دار لندن للنشر لعام2021.

تتشعب محاور الرواية لتتناول المدينة والهامش المغربي اجتماعياً، ومواضيع عديدة كالشعور بالعار من الأصل، الرذيلة والفضيلة، الطفولة، فلسفة الموت، الأفكار السياسية، كالليبرالية واليسارية والاسلاموية المتطرفة والمعتدلة، وحملت الثيمات انطباعات حزينة وأجواء قاتمة ملازمة للفضاء السردي.
خرج فضاء السرد من معطف قاع المجتمع وبدت الدار البيضاء بصورة بانورامية (المدينة المثقلة بقيء الليل الثمل، الغانية والناسكة.. العاهرة والعابدة، والغارقة في يم الخطيئة) والتي (فقدت عذريتها)، مدينة مآسٍ اجتماعية- اقتصادية وعوالم خفية لمهمّشين ومتشردين، لسلطة غرائز وجسد.. فيها استغلال وظلم اجتماعي، فوارق طبقية وحرمان، بؤس وفاقة، حانات وخمر وبغاء، عاهرات ودعارة، سحر وشعوذة، شذوذ جنسي وبيدوفيليا، مخدرات وإجرام، عنف وانحراف، تحرش واغتصاب، فساد وضعف نفوس، وأوى المدينة بشر بملابس متعفّنة متعرّقة، يسكنون في بنايات رطبة عتيقة عطنة.
الوطن، كما ذكر الروائي محمد زفزاف في روايته المراة والوردة، (تحكمه أقلية بيضاء، من المغامرين والقوادين وبائعي نسائهم)، والدار البيضاء (مجتمع متناقض، يصف المهنة- الدعارة- بالحرام غير أن أموالها حلال)، (في كل دار هاربة أو عاهرة) و(اختفى سؤال: من أين هذا يا ابنتي؟)، تكتض بدور دعارة كلاسيكية، فقيرة متواضعة، وأخرى، معاصرة حديثة، جرّاء (بؤس يفرّغ الناس من الفضيلة والانسانية)، مما يجعل رجال ما بعد منتصف الليل (باحثين عن المتعة والترفيه)، حتى بعد أن تبدلت المنظومة الاقتصادية والاجتماعية للمدينة.
ابراهيم، السارد الرئيسي، يتوه في المدينة مع عاره (أمي كانت عاهرة ووسيطة للدعارة ومُخبرة)، لا ينفكّ باحثاً عن أصله حتى تتكتشف له الحقيقة.. (مسلم ومؤمن وحداثي)، يسكر ولا يصلي لكنه يصوم، لا يؤمن بالشرك وبالملحدين (خلقنا ناقصين لنعبد الكامل)، ولا بالتطرف الاسلاموي (ضاعوا جهلاً وقهراً)، يمتدح الاعتدال الديني الذي جسّده بشخصية الطبيب سي السماحي.. يستحضر زميله وصديقه جلال على الدوام، قولاً ومناجاة، يجعله رمزاً لشخصية المنافق الليبرالي اليساري، بازدواجيته وبحضور أقواله البرّاقة دون أفعاله، فيصف شخصيته بأنه (يناضل باللغة) وأنه مثقف مراوغ وسكير، يؤيد الاستقرار ويصف التغيير بأنه محض(مسمّيات مغرية، الحرية، الثورة)، (فسّر كل هزة بمؤامرة)، متناقض، يشير الى ان (الاصل أسطورة) و(العاهرات مناضلات)، لكن أفعاله لا تبرر ذلك، فانتهى ابراهيم الى رفضه واعتباره (جزء من حاضر عفن ومستقبل مزيف)..أما ربيعة، أم ابراهيم، فهي المرأة والمدينة والأصل والتراث والطيبة، انها (عاهرة لكنها أم صالحة).. وظهرت شخصيتا جوزيف وكاميليا كرمز لموضوع التعلق بالمكان وخطل مفهومي الوحدة والوطن العربي، نسمع عنهما في الفصلين(2 و3)، ثم يختفيان بعد ذلك ليظهرا بلا دور، في صفحة (190) فصل (18).

ملاحظات عامة عن الرواية
* قد نتسائل، ما علاقة العنوان بمضمون الرواية؟ لماذا الرجال، رغم انّ النساء هنّ المحور؟ أمه والبتول ورقية، المكرّسة للانجاب والبيت والخدمة، وتعامل الزوج معها (سيعوض الطاهر ما لا يجده فيها في أسرّة العاهرات)، فالمرأة إذاً هي(خريطة للجنس والقهر)، ويعود سبب ذلك الى انّ المجتمع ذكوري بحت، انهم رجال عالم الليل، (الليل عالم خاص) في المدينة.
* استخدم المؤلف الوصف الحسي بصورة ملموسة، البصري والسمعي وحتى الشمّي، وجعلنا نشمّ عبره روائح تخصّ المدينة وناسها وأشياءها.
* كما أنتقل في سرده، من المناجاة بضمير المتكلم، الى ضمير المخاطب بسلاسة: ( يا جلال.. يا جوزيف)، واستخدم الجمل الطويلة، لكنه أخفق في ضبط التنقيط.
* أكثر كذلك من الاستعارة، (يرتفع بوق النصر فوق هضبة الغفوة.. تسكن روحي عربة قديمة.. بسيجارة اغتالها) ويمكن أن نلمس حضور الزمن الماضي والمضارع في نفس السطر، وتبدأ أحياناً الجملة بـ (نعم، آه)، ويظهر السجع كثيراً في لغة الرواية، (الريح والشيح، والحقد وزيف المديح)، (التماس الاعذار في الأقدار)،
* كما استخدم المؤلف مفردات نادرة الاستعمال مثل: (وكنة، رحض، غايا)، وبدت التقريرية واضحة في شرح العلمانية، صفحة(187)، مع تقنية التكرار لبعض الجمل والعبارات في بعض الصفحات: (أمي كانت عاهرة ووسيطة للدعارة ومخبرة).. (جلال زميلي، جلال صديقي، جلال حكيم في الحانات، جلال يسكنني، جلال يسكن عقلي، جلال محام بارع، جلال مثقف، جلال عربيد)، فيذكر اسم جلال 8 مرات في صفحة (111) وربيعة 7 مرات في صفحة (113).
وختاماً، كان المؤلف متعاطفاً مع من يمارسن الدعارة لمبرّرات انسانية، ومع من يمتهن الوساطة كشخصية رجل اسمه الجن(يعول الأرامل واليتامى)، مع أنه لم يصف مشهداً إباحياً وجنسياً مسيئاً بتاتاً ولم يعتبر المرأة موضوعاً للجنس بل كان يحس بالدفء والأمان معها، في مدينة قيل عنها، وربما مبالغة، بأنها (تبيع نساءها كنشاط اقتصادي، من أجل تنمية السياحة)، ولو ان الرواية انتهت في صفحة (195)، قبل الفصل (19)، لكانت كافية ووافية.. الّا انها تواصلت لفصلين آخرين، لأثبات زيف جلال، الذي تغير فجاًة دونما سبب واضح، ليثبت لنا المؤلف بأن أفكاره باطلة ويكشف عن زيف شخصيته.
_________________________________________
النصوص التي بين قوسين للكاتب من الرواية



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألوان في سماء قاتمة.. قراءة في رواية - أجنحة في سماء بعيدة-
- زيارة الى أبي لهب
- فوق (العاقول) مشّاني زماني... (على ضوء حوار الاستاذ سعدون مح ...
- مسرّة صغيرة
- رواية -مولانا-.. بين عنصر التشويق وزحمة الأفكار
- رقصة الصيادين
- يا لون الرحيل !
- ثرثرة في ساونا
- من أدب الرحلات.. الصين
- ني هاو تشاينا
- عالم سائل
- الحصير والهجير
- هجير وهجران
- دومينو عراقية
- نار (هلي) ولا جنتك
- العراق عام بعد مئة عام من التغيير، قصص خيال علمي
- فصل فيسي
- (خبال) علمي 2
- أنا صنعتكِ من خيالي
- قمامة وعمامة


المزيد.....




- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - رواية -رجال ما بعد منتصف الليل- وعالم المدينة الداخلي