أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - ألوان في سماء قاتمة.. قراءة في رواية - أجنحة في سماء بعيدة-














المزيد.....

ألوان في سماء قاتمة.. قراءة في رواية - أجنحة في سماء بعيدة-


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 7022 - 2021 / 9 / 17 - 14:43
المحور: الادب والفن
    


عن دار لندن للطباعة والنشر في بريطانيا، صدرت رواية الكاتب جمال حيدر، "أجنحة فوق سماء بعيدة"، التي تعتبر أول رواية، تتناول انتفاضة آذار في العراق عام 1991 أدبياً.. يستوحي المؤلف مادتها من معاناة بعض العراقيين إبان تلك الفترة، ويختار مقبرة وادي السلام، كمكان يرمز الى الموت، حيث يستضيف الموتى فيه عدداً من الأحياء يتأملون فكرة الموت وطقوسه، والصراع بين الخير والشر.

تقنية السرد: يكون الراوي العليم هو السارد المهيمن، الذي يمارس فعل الروي لوحده في الرواية، التي يسودها ضمير الغائب عموماً، أما الفصول فهي قصيرة مع حوارات مختصرة.. يبرع الروائي في توظيف البيئة بشكل متقن، فيجعل المكان هو البطل الأساسي في الرواية، لكي يوازى الزمان في سطوعه ويوائم الحدث السردي.. يستخدم الروائي صيغة الأفعال المضارعة مع الماضية ويتنقّل بينهما في الفقرة نفسها بنجاح ونسق لا يربك السرد، ولأجل التعريف بشخصيات الرواية، يلجأ الراوي الى تقنية الزمن الاسترجاعي الاستذكاري، لتطلع في كل مرّة شخصية بحشد من الصور والتفاصيل الماضية.

البناء اللغوي: تكتظ الرواية بمفردات قاتمة مثل: (مقبرة ، موت، جثامين، أكفان، شواهد قبور، مغسيل، توابيت، نواح)، بصورة تتواشج فيها مع بيئة النص الموضوعية وجسامة الحدث، بيد أن المؤلف، أضفى عليها طراوة معادِلة لسوادها، باختياره مفردات تزويقية ملوّنة أقرب الى الشعر، وطريقة بناء جمل، اعتمدت على تكرار المفردة بتوليفة شعرية، كإشتغال فني في اشتعال حدث، كما:( الشتاء طويل.. طويل لغاية الملل/ رغم الخواء الذي يلفّهم.. خواء يتسع/ شعرَ بالوحدة.. وحدة قاتلة/ ثمة حزن خيّم عليه.. حزن يدهم/ يقبض الثمن.. ثمن صولاته/ يرى الشبح.. الشبح إياه).
أولى المؤلف كذلك عناية جمّة لمكونات الفضاء السردي، اتضح ذلك في استجلاء محسنات بلاغية بمخيلة وتجليات شعرية، تساوقت مع جسد العمل الادبي وقامت بوظيفة جمالية، فجاءت الاستعارات والمجاز والوصف كتعزيز للغنائية الشعرية في نسيج الرواية، مما أتاح التمرير الناعم للأفكار ولإلتحام النسق البلاغي مع السرد: (يلعب قرص الشمس مع سعفات النخيل/ المنائر الذهبية تتوضأ فجراً للصلاة/ يطارد ضوء الفجر العتمة/ الحزن.. كطائر سقط من عشه/ أزمنة نسيت الربيع على الشرفات/ شواهد بيضاء كطيور بأجنحة كبيرة/ من يطرق على الريح).

الشخصيات: تجمع بين الشخصيات، كشرائح من الشعب، وشائج عديدة ويصْلَون ببودقة القلق والخوف، ، في الفصلين الأول والثاني ظهروا مترقبين غير فعّالين باسم (الرجال)، ثم نعرفهم على التوالي؛ سيد اسماعيل، رجل بصبغة دينية، عبود عامل، جميل معلّم مثقف يساري ومطارد سياسي، جعفر سائق متهم بتسهيل عمليات المعارضة، ستار جندي هارب من ثأر، ظهر في الفصل 7 وقُتل في الفصل 10، وعرفنا محمود في أول صفحة كوسيط دعارة، يضرب ويتنمر ثم يظهر في الفصل 20 كوسيط لثوار الانتفاضة، يتوارى في المقبرة ويبدو(بشخصية جديدة استمدها من العذاب)، كـ (آصرة بين حاملي الأسلحة والمدينة)، ليعبّر عن سطوة القمع، التي بامكانها أن تحّول الانسان السيئ الى عكسه، بمجرد مشاهدته لما يجري من قمع.. تأخذ المرأة حيزاً في الرواية بنموذجين، مديحة، بائعة الهوى، تجيء الى النجف ثم المقبرة لـ ( تعوض خسارة ستار) حبيبها.. أما أميرة، تتحدى مجتمعها وتتزوج حبيبها الريفي عبود، ويبقى مصيرها مجهولاً بعد ذهابها للبحث عن زوجها المختفي.

التقريرية: بدا وصف الانتفاضة والثوار، بشكل تقريري نظراً لجسامة الحدث ورغبة في تسليط الضوء المباشر عليه، وكان تعاطفْ الرواي مع الثورة والثوّار مبرراً بسبب عدالة وشرعية حقوق المنتفضين ضد عسف السلطة وقسوة الجلادين.

الخاتمة: تغادر الشخصيات المقبرة- البلد، إذ ربما يكون العراق رمزاً لتلك المقبرة، ويغدو رحيل ناسه مصيراً محتّماً، مما حدا بالروائي تالياً للتوصل الى خاتمة مفتوحة لخّصها بكلمة (سنعود)، التي تمتم بها (جميل) مبتسماً، وقد توحي بأمرين، أولهما ان الغد يبعث على الأمل والتفاؤل ويبشّر بحتمية التغيير والعودة، وثانيهما، ينبئ بسخرية مُرّة، حين ذهب ملمّحاً بأنْ لا جدوى من انتفاضة بعد نكوصها، ولا أمل في تغيير طالما بقي النظام وهاجر الناس، ولكن ربما يقصد الروائي "بالعودة"، بانه عائد للقرّاء بجزء آخر من الرواية، لمتابعة حياة المحّلقين من المقبرة بأجنحتهم الى سماوات بعيدة.



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيارة الى أبي لهب
- فوق (العاقول) مشّاني زماني... (على ضوء حوار الاستاذ سعدون مح ...
- مسرّة صغيرة
- رواية -مولانا-.. بين عنصر التشويق وزحمة الأفكار
- رقصة الصيادين
- يا لون الرحيل !
- ثرثرة في ساونا
- من أدب الرحلات.. الصين
- ني هاو تشاينا
- عالم سائل
- الحصير والهجير
- هجير وهجران
- دومينو عراقية
- نار (هلي) ولا جنتك
- العراق عام بعد مئة عام من التغيير، قصص خيال علمي
- فصل فيسي
- (خبال) علمي 2
- أنا صنعتكِ من خيالي
- قمامة وعمامة
- يوم همست المدن بكامرة قاسم عبد


المزيد.....




- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - ألوان في سماء قاتمة.. قراءة في رواية - أجنحة في سماء بعيدة-