أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - زيارة الى أبي لهب














المزيد.....

زيارة الى أبي لهب


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 6816 - 2021 / 2 / 17 - 23:16
المحور: الادب والفن
    


وأخيراً ، حلّ الموعد.. كم مضى من الزمن بقياس الأرض؟ لا أعرف، لا وجود للوقت هنا، وأقصى ما أتذكره هو ما أخبروني به بأني سأبقى هنا لفترة، ثم سيقومون بترحيلي ربما بعد سبعين أو سبعمئة سنة حسب توقيتنا الأرضي.
قبل ذلك الكم المتراكم من الزمن اللامعلوم، كنت أقف في البقعة نفسها، أرتعد متوجسة في انتظار حكمهم.

جاؤوا ومعهم ميزان عظيم، فهم ما زالوا يستخدمون طرقاً بدائية للقياس الذي يحددون بموجبه الحكم.. لم يختلفوا طويلاً حول هذا الشأن وفسّرت ذلك بأن حالات عديدة مماثلة لحالتي قد مرّت بهم.
- بما أن كفّ ميزان حسناتك يعلو على كف سيئاتك، لذا قررنا أن تمضي فترة حياتك عندنا متناوبة بين الجنة والنار، ولو كنت لم تشركي بالخالق لكنا أكرمناك بما تحت درجة "الوسيلة" في الجنة، ولكنك ألحدتِ وكفرتِ رغم أعمالك الصالحة ، ونحن أعدل العادلين.

يومها، كان يخيّل لي اني في حالة حلم كابوسي أو ربما كنت أقوم بدور مهم في فيلم خيال علمي، وأقول لنفسي، قد يحصل هذا، لكنه غير واقعي، سينتهي كل شيء قريباً.


أثناء فترة إقامتي في درجة الفردوس، سكنت مع آخرين في خيمة على شكل قوقعة من لؤلؤ، كنا نقوم بأعمال شاقة ومرهقة كتنظيف مخلّفات مؤمنين جالسين طوال الوقت على الأرائك دون عمل، أفسدوا المكان بقذاراتهم وفضلاتهم وترهاتهم، قاموا باحتكار نهر الكوثر وأهملوا الأشجار والزرع، تخاصموا مع بعضهم البعض على عيون الماء، فتقاسموا السلسبيل والكافور كل حسب طبقته ومركزه وحسناته، يحاولون في كل غزوة إلقاء الحجارة وتلويث مياهها وتخربيها.. أما الاقتتال والتنافس على استحواذ الحوريات الأكثر جمالاً، فغدا عادة لهم، لأنهم لا يلمّون من ممارسة متعهم الجنسية الدائمة وبلا انقطاع، وبما أن هناك تفاضلاً وطبقية في الجنة، فكانوا من حين لآخرن يغيرون على المؤمنين في درجاتها الأخرى، يسبون حورياتهم وينهبون طيّباتهم ويعودون بعدها للاتكاء على فرشهم وتناول الأعناب والأرطاب.

- هيا، امتطي هذه الدابّة

في طريقي الى النار وأنا على ظهر الناقة، خطر في بالي باننا كنا نستخدم على الأرض وسائل مواصلات أرقى وأكثر تطوراَ من الدواب.. لكن يا ترى كيف ستكون فترة محكوميتي الثانية هناك، هل سأتألم كثيراً، ولماذا يلجئون الى عقاب النار وليس الى غيره، ألا توجد طرقاً أكثر حداثة مثلما كانت موجودة على الأرض؟
أكاد لا أصدّق ما يجري، هل ما أمرّ به محض خيال؟ ولماذا أشعر بهلع وانقباض في داخلي كلما اقتربت المسافة؟

عند دخولي النار، لفحني لظى طاغٍ فارتعبتْ، ولدهشتي، رأيت أن من حولي كانوا غير آبهين بآلام الحروق.. ولأنني في درك الجحيم، فسرعان ما حلت استراحة قصيرة عندنا، وحين ذاك، تقدّم مني شخصان، علمت فيما بعد أنهما طبيبا جلدية، نقلاني الى فجوة تحت الجحيم حيث قاما بعلاجي بمرهم من صنعهم واستبدال الجلد وتغليفه بمواد تتحمل الحرارة، كما وأعطياني طعاماً آخر غير الزقّوم، طوّره العلماء هنا، ليكون لذيذ الطعم ومفيداً.. رحت أتجول في المكان وفي كل مرة أكتشف شيئاً جديداً أعجب به وله.. علماء وعالمات منشغلين بصناعة أنابيب لتوليد طاقة حرارة من النار يستخدمونها في أغراض نافعة عديدة، خبراء وخبيرات منكبّين على أدوات لتوفير مياه صالحة للشرب وتربة قابلة للزراعة، رجال ونساء فكر ومصلحين ومصلحات، يتعاونون مع بعضهم من أجل إصلاح ناس في دركات أخرى من النار كالجحيم والسعير.. كخلايا نحل، يعمل الجميع لصالح البشر المعذبينن، العلم شعارهم من أجل تحمّل النار والسير قدماً، وغالباً ما كانوا يستشيرون كبار العلماء والمفكرين الأوائل الموجودين بكثرة هنا.

مضى الوقت دون أن أشعر بألم أو ضجر أو عدم جدوى، عملت معهم في فرق استقبال واسعاف القادمين الجدد وتعريفهم على الاماكن في الفجوات، وكذلك معرفة علمهم وخبراتهم للاستفادة منها، ومضى وقت طويل حتى حان موعد رجوعي الى الجنة لاتمام الحكم التعاقبي.
جاءت الملائكة لاصطحابي، وكانت معهم الناقة نفسها لتقلني الى من حيث قدموا.
- هل يمكنني البقاء هنا؟
كانت صدمتهم كبيرة حينما سألتهم وعجزوا عن الاجابة.



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوق (العاقول) مشّاني زماني... (على ضوء حوار الاستاذ سعدون مح ...
- مسرّة صغيرة
- رواية -مولانا-.. بين عنصر التشويق وزحمة الأفكار
- رقصة الصيادين
- يا لون الرحيل !
- ثرثرة في ساونا
- من أدب الرحلات.. الصين
- ني هاو تشاينا
- عالم سائل
- الحصير والهجير
- هجير وهجران
- دومينو عراقية
- نار (هلي) ولا جنتك
- العراق عام بعد مئة عام من التغيير، قصص خيال علمي
- فصل فيسي
- (خبال) علمي 2
- أنا صنعتكِ من خيالي
- قمامة وعمامة
- يوم همست المدن بكامرة قاسم عبد
- البيئة المحلية في الرواية.. زخرفة أم وظيفة عضوية؟.. رواية - ...


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - زيارة الى أبي لهب