أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الروح السومرية والروح العلوية وامكنة الاغتراب














المزيد.....

الروح السومرية والروح العلوية وامكنة الاغتراب


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1695 - 2006 / 10 / 6 - 09:57
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الى امين البكاء ...أنموذجا رائعا لهذه الروح ...


يقول الغارق في زحمة النور ، : مامن وردة إلا وعطركَ فيها . ويقولُ مدرك الصفاء من الولاء للسماء : ان غربة العلوي شجن كربلاء ، فيما غربة عباد الله وجوها احبوها ، وبيوتا هُجروا منها . ويقول صاحب النيافة في صنع الثوب من الريافه : ان نسيج قلب المؤمن دمعة تشهق الى الله في بلاد غريبة .
وفي لوح وجدوه بتراب اور مدثرا بتراكم ازمنة الاساطير مانصه : الروح طائر يهيم فوق مكان ولادته ، ومتى اخذوه بعيدا ، فقط جناحيه ، ومعرفة زرقة السماء .
امام هكذا عبارات يبتسم صديقي الطيب امين البكاء وهو ينفخ ارجيله الحسرة لبلاد تُسقى كل صباح بنحيب امٍ وسيف تكفير وزعيق فرق موت تخترق اليوم كما خيط سحاب رمادي لايعلم من اين اتت ؟
ليقول : اي كانت محطتي ، فانا امتلك اللهفة لاكون هناك .
هناك تعني اننا نتطلع ان نكون هناك . وهذه الجملة هي اليوم تعوم في معضلة البقاء والهوية ليس بالنسبة لسومر فقط بل لحضارة العراق كله . أن تكون ، يعني ان تعيش يومك من دون حذر ، وافطار مفخخة ، ومؤتمرات تطلق حلم غد هادئ وحقائب ملئ بالدفاتر والخبز ، ولكن متى واين ؟
قبل ان يولج قدري لصباحات لاتغرد فيه عصافير سومر ولاتشم فيه زفرة سمك الهور المجفف على حبال السطح . كانت دمشق محطة جميلة رضت ان تكون ماوى لاحلام وطن عاشرته الحروب مثل عشرة البغي لانكيدو ، محطة لذاكرة المنفى العراقي ، ولم تقسوا على حلم اتى اليها ، ولكنها لاتملك اكثر مما تعطي ، واهمه الامان وراحة البال والفول المدمس بامل ان تعود البلاد البعيدة اقرب للجفن من حدقة العين .
ينفخ السيد امين ابكاء بدخان ارجيلته ويتطلع بلهفته وامله للبلاد التي علمته تواشيح الخبز والتمر والابوذية ، ويقول كم اتمنى ان اتحول الى عباءة اضم فيها كل غرباء البلاد لااؤوي فيهم رغبة نسيان المنافي ، ورغم انه اختار هجرته دون مسبب سياسي ، بل ظروف عمله قادته الى هنا ، إلا انه يقول : حين ارى العراقي في مقهى الروضة ينفخ حسرته بصدر ملئان ، اتمناه هناك ينفخها ، على اريكة تامل لنوارس في مساء فراتي .
لكن لاكلما يتمنى العراقي يدركه . تجري الرياح بما يشتهي السلاطين واباطرة المقابرالجماعية وعربات الهامفي وكل الذين ادلجوا فكرة الحرب منذ نشوء السلالات وحتى ازمنة التهجير والمذهبية الدخيلة وموت الطفولة وهي تاكل البوظا .
وهكذا اجمع انا وامين البكاء طقوس استعادة طفولتنا ، هناك في المكان الذي صنعه الله من عطر الخبز وكلمات رسائل الحب ، ومواكب عزاءات عاشوراء ، ووحل شوارع الطريق الى المدرسة ، في الناصرية تلك التي يقول عنها صديقي الشاعر رزاق الزيدي : الناصرية شعرة بيضاء في شارب التأريخ ..حبلى من الزمن الضروس .
ويقول عنها مؤرخها المرحوم شاكر الغرباوي : هي ابنة اور ، اكتملت بحسن جمال نخيلها وبساطة اهلها ، وذكاء مندائييها ، وعراقة نسب ساداتها .
هذا المكان الاثري يقول عنه صديقي البكاء : إنه يظل صاحب لون مميز مهما طالت الازمنة وتغيرت الامكنة ، مكان يعيش فينا صورة للوجدان والثقافة والطبع . ويستذكر من مقام والده الطيب قوله : انها مدينة علم وشرف ، ومرؤة .
لهذا يقول امين البكاء : ان اجمل ما اتمنى صنعه للاخرين في هجرة عملي هي المرؤة لانها اقرب الاشياء لجمع الشمل .واينما اجد الناصرية ، هنا في دمشق او اي مكان في العالم ، اشعر بسعادة كبيرة .
تذكرت قولا لمتصوف غاب عن مدينته زمنا ، وفي غربة اسواق رحلته شاهدا رجلا شاركه زمن طفولته : فقال .كنت اشم عطر الميهمن فوقي باناشيد الشعر ، وها انا في لحظة كهذه اكاد اشركك معه.
من هكذا شعور تولد المدن السومرية ، ولادة تنعش فينا كل لحظة لامساك مكان وذهب . وكاننا في كل آن نردد كلمات السياب الرائعة يوم زارته زوجته في مستشفى غربته بباريس ليقول لها :
لو جئت في البلد الغريب الي ما كمل اللقاء ........الملتقى بك والعراق على يدي هو اللقاء .
ونحن العراق يتجزء في غربتنا مدنا ، وحارات ومدارس وازقة ومقاه ولكن في النهاية تتجمع كل تلك الامكنة الصغيرة لتكون عراق .
عراق يشدنا من الخاصرة ويرمي بنا الى حدائق الكواريك وحلم اثداء امهاتنا والى غبار الشارع القديم قبل ان يغسل وجههُ الاسفلت .
صديقي العلوي امين البكاء ، يحمل روحه السومرية برغبة لمِ شمل ابناء مدينته في اي مكان يكون فيه . ليذكرني بطيبة وسومر ورقة طباعها . وليديم فينا امل ان يعاد الزمان.. زمان سلام وحب ...



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هلو سنيور .. دافنشي من أهل الجبايش *
- عطر الله في رئة الدمعة . ضوء الله في عين الوردة
- سريالية : أذن ببغاء وغليون غونتر غراس
- في الناصرية ..السيد كولمبنكيان بنى متحفاً
- بلادٌ و حادلة إسفلتْ
- صلاح نيازي ..وكيف ستكرمهُ مدينة الناصرية
- دمشق ..قبر النبي يحيى
- حوار مع الشاعر المغربي محمد الصابر
- المغرب ..الايام الرائعة وفواكه البحر...
- المملكة المغربية والأيام الرائعة وفواكه البحر
- المملكة المغربية ..الأيام الرائعة وفواكه البحر 4
- المغرب..الأيام الرائعة وفواكه البحر
- المغرب .. الأيام الرائعة وفواكه البحر
- المغرب ...الأيام الرائعة وفواكه البحر
- ابكي عسلاً
- المعيديات يكتبن على ساحل الاطلسي قصائدهن السريالية
- بحرٌ في طنجة ..نهرٌ في عينيك
- لا أحاور إلا نفسي
- قصائد لوطن نتمناه
- أبي في متحف اللوفر


المزيد.....




- لمعالجة قضية -الصور الإباحية المزيفة-.. مجلس رقابة -ميتا- يُ ...
- رابطة مكافحة التشهير: الحوادث المعادية للسامية بأمريكا وصلت ...
- كاد يستقر في رأسه.. شاهد كيف أنقذ رجل غريب طفلًا من قرص طائر ...
- باتروشيف: التحقيق كشف أن منفذي اعتداء -كروكوس- كانوا على ارت ...
- إيران أغلقت منشآتها النووية يوم الهجوم على إسرائيل
- الجيش الروسي يعلن عن خسائر بشرية كبيرة في صفوف القوات الأوكر ...
- دونالد ترامب في مواجهة قضية جنائية غير مسبوقة لرئيس أمريكي س ...
- إيران... إسرائيل تهاجم -دبلوماسياً- وواشنطن تستعد لفرض عقوبا ...
- -لا علاقة لها بتطورات المنطقة-.. تركيا تجري مناورات جوية مع ...
- رئيسة لجنة الانتخابات المركزية الروسية تمنح بوتين بطاقة -الر ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الروح السومرية والروح العلوية وامكنة الاغتراب