أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظهر محمد صالح - ‏‎قصر زاويته بلا ملك ….!














المزيد.....

‏‎قصر زاويته بلا ملك ….!


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 7436 - 2022 / 11 / 18 - 16:04
المحور: الادب والفن
    


‏‎انه سفح جبل جميل تتفتح انفاسك من فورها ، بالرغم من قوة عناده ، وانا اتمعن بجدران قصر متواضع احتضنه منعطف بأشجار عالية تفرقت بحزن كي تدلني إيحاءاتها على مدخل القصر الذي نُسي لشدة تواضعه شئ من الهمة والادامة والتعمير وتُرك على حاله المتهالك منذ اكثر من خمسة عقود ، ولم اقصر التفكير والتساؤل عن اسباب المكان ونشأته الذي حمل رايته الملكية المنكوسة ، لتضيع في مخيلتي الاقوال قبل الافعال لتبتعد في تضاعيف الماضي وانانيته عبر عقود سياسية واجتماعية قاسية .ولكن ظلت تتدفق حالات من الاستفهام لتحفر في ذاكرتي ،وانا في قصر الملك ، لالتقط مقولة رددها حكيم ومفادها :اذا دعاك كبيرٌ الى طعام فأقبل بما يقدمه لك ولا تتكلم الا عندما يسألك ؟ هنا نظر لي مضيفي بصمت وهو يقول في سره ما سر اهتمامك بأدب المائدة ايها الرجل القادم من الارض الرسوبية السهلية الناطقة المزدحمة البشر متسلقا جبال مدينةً بهذا الصمت؟ اجبته في سري لا ادري كم من اعماه جشع الحياة وظل متخماً بالمأكل والمشرب ونسى التحري عن تاريخ المكان ورجالاته ؟
‏‎في شهر تشرين الثاني من العام 2004 تسلمت دعوة لزيارة جامعة دهوك والقاء محاضرة عامة في السياسة النقدية الجديدة للبلاد وفور الانتهاء منها ذهب بي مضيفي الى واحدة من الضواحي الخارجية للمدينة التي قصدتها للمرة الاولى في حياتي ، ذلك تلبية لدعوة الغداء التي اقيمت في بيت قديم تحول الى مطعم وكأن مكانه يتوسط غابة صغيرة تقع في خاصرة جميلة اسمها زاويته …! كانت السماء تمطر عند الظهيرة قطرات ادهشت النفس وقلبت القلوب حتى تظهر مكنوناتها في السعادة !!! تقدم الينا رجل نحيل طويل اربعيني العمر كأنما نحتت وجهه الابتسامة واذا به صاحب المطعم الذي اعد بنفسه (صحن تشريب رائع) هل لك ان تعرف ايها القادم من بغداد ماذا يعني لك المكان الذي تتوسطه الان وهل تعلم اي شي عن تاريخه ؟…. اجبته كلا لا اعرف شي عنه ولكنني اتحسس انه يمتلك تاريخا اصيلاً بمعماريته البسيطة بلا شك!
‏‎ومع ذلك يبدو انه بحاجة ماسة الى صيانه جوهرية لاعادة رونقه القديم ..! اجابني الرجل نعم انه البيت الذي كان مخصصا الى الملك الراحل فيصل الثاني عندما كان يزور هذه البقعة من الارض في خمسينيات القرن الماضي من زاويته والتي تعني بلغتنا السريانية ( الزاوية) . اخذني الصمت لحظتها بشي من الحزن دون ان احدث نفسي عن تاريخ غادرنا منذ ان كنت صبياً يوم شابه الكثير من القهر حتى اليوم ، ذلك قبل ان ابدا وجبتي في جو شديد الرومانسية التي بدء يلفها الحزن … وتذكرت ان التاريخ قد تجاهل الكثير من الاسماء والافعال في بلادي انه تاريخ لابد من ان يدونه الخاصة من البشر ، وان عدالة المكان لابد من ان تجبرني كي استعرض ادران الظلم و تخرصه في غضب كاسر من القمع والفوضى والطغيان واحباط الآمال العظيمة التي خربتها الفوضى قامعة بقسوتها آلام غاضبة من ظلم لم يتحمله البشر . بقى المكان بطابعه المتهالك يحدثك عن العصر الملكي الذي طويت صفحته في بلادي الى الأبد .
‏‎ظلت مخيلتي ولسنوات تحتفظ بطابع المكان الملكي وروعته التي خطها الحزن واطلالته على منظر من روابي ومرتفعات مازالت تنتظر ربيع لونها الاخضر القادم، الا ان المكان لم يفقد اصالته الراسخة وهو يحمل شواهد وذكريات ملكية طوتها صراعات الحرب الباردة في واحدة من أبهج سفوح بلادنا ومنعطفاتها يبقى اسمها ….زاويته .
(( انتهى))



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثية الثقافة وحوار العقل : الذاكرة والكيد والحظ …!
- حوار الاجتماع السياسي :ضبط التوازنات الداخلية والخارجية
- حوارات معاصرة في الثقافة العراقية- المشرقية .
- الدولة - الامة في حاضنة الاستطالة: انموذج دولة لما بعد الاحت ...
- الأضعاف والتمكين:صراع في ثنائيات الحياة.
- -التضحية الأُضحية :وصراع الطامعين-
- المزِيَّة والمحيط : درس في سببية الحياة .
- على مائدة الرئيس :هموم الحرب وشجون السلام.
- اقلام لاهبة في السياسة العراقية
- عقيل الخزعلي: شذرات من فكر عراقي لا ينقطع.
- ‏‎انسداد المزدوج: تحليل الدولة المشرقية -الهشة
- طواحين الشرق السياسية بلا دقيق.
- الديمقراطية المشرقية: تأملات في الكمائن والتلاقي والضد النوع ...
- الاستجواب وادوات الدولة الاديولوجية الموازية .
- معبد الاغتراب الديمقراطي.
- ‎:النخبة وصعود الطبقة الوسطى وجهات نظر في الثقافة العراقية.
- العراق بعد العام 2003 : الدولة اللينة والدولة الموازية
- بوابات الاجتماع السياسي المغلقة :مفاتيح الفكر العراقي الاربع ...
- النفط و النظام النقدي الدولي: من صدمة نيكسون الى صدمة اوكران ...
- الفكر العراقي الراهن : رؤى في الصدق ، الحب والمروءة.


المزيد.....




- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظهر محمد صالح - ‏‎قصر زاويته بلا ملك ….!