أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الإحسايني - الزجّاج الرديئ..... لبودلير














المزيد.....

الزجّاج الرديئ..... لبودلير


محمد الإحسايني

الحوار المتمدن-العدد: 1694 - 2006 / 10 / 5 - 10:40
المحور: الادب والفن
    


ببساطة،هناك طبائع تأملية وغير ملائمة كلياً للعـــــــمل،غير أنها تفعل فعلها أحياناً في سرعة ربما تجعلها غير كيـّسة وعاجزة، تحت إغراء خفي ومجهول .
من يتسكعْ في ارتخاء ساعة من الزمن أمام بابه دون أن يتجرأ على الدخول إلى بيته،
مخافة ان يعثر على خبر محزن عند بوّابه،ومن يحتفظ ْ برسالة دون أن يفض ختامها،
خمسة عشر يوماً،أو لايستسلمْ لرغبته إلا في رأس ستة أشهر للقيام بمسعى ضروري
منذ مضي عام،فهما يحسبان أنهما مستعجلان أحياناً نحو العمل بشكل مباغت، تدفعهما ، كسهم فوس، قوة ٌ لاترد؛ فعالِمُ الأخلاق والطبيبُ اللذان يدعيان المعرفةلا يستطيعان
أن يوضحا من أين تأتي قدرة هائلة على حين غرّة، إلى هذه النفوس الخاملة، والمحبة
للملاذ الحسية. وكيف؛ وهما العاجزان عن إكمال أبسط الأشياء وأكثرها ضرورة، تجد تلك الطبائع في بضع دقائق،شجاعة غير عادية لتنفيذ أكثر الأفعال عبثاً، وحتى أشدها خطورة أحياناً .
أشعل أحد أصدقائي ذات مرة ـ ربما كان أكثر الحالمــــين غير المؤذين وُجِد على هذه الأرض ـ النار في غابة ليرى فيما إذا كانت ألسنة اللهب تندلع بكثير من الســهولة التي
يتأكد بها اندلاعُها. أخفقت التجربة عشر مرات، في الـمرة الحـــادية عـــــشرة نجحت
نجاحاً باهراً.
ويشعل صديق آخر سيكاراً بجانب برميل بارود،ليرى ويعرف، ويجرب القــدر،فيجبر نفسه هو بالذات على القيام بتجربة القدرة على ذلك، وليمثل المقامر بمبالغ كبيرة،ومن أجل أن يعرف متعة التلهف على لاشيء،من خلال النزوة وانعدام الشغل .
إن ذلك نوع من المقدرة التي تنبثق من الضجر وأحلام اليقظة،والذين تتجلى فيهم تلك المقدرة بعناد شديد، همافي الغالب، كما قلت ُ، أكثر الناس ليناً وأكثرهم حلماً على وجه البسيطة .
ويخجل صديق آخر، إلى ذلك الـــــحد الذي فيه يُغضبني ببصره أمام انــتظار الرجال، وإلى ذلك الحـــد الذي فيه ينــبغي له،تجــــميع إرادته الضـعيفة كــلــــــها للدخـول إلى مقهى، أو المرور أمام مكتب مسرح يبـدو له فـيه الـمراقـبون كأنهـم تقلـدوا منصـــــب قضـاة جهـنم بمـهابة فـينوس وعياق وراء منث، وسيتب بغـتة، على عـنق رجــل عجـوز يـمر أمـام الجمهور المندهش.
لماذا؟ لأن هذا المُـحيّـا كان ودوداً له بشـكل لايقـاوم، لكنـه أكثر شرعية على افـتراض أنه هو نفسه لا يعرف لماذا .
كنـتُ أكثر مـن مـرة، ضـحية هـذه النوبات، وهـذه الاندفاعـات العاطـفية التي تـبيح لـنا
الاعتقاد أن شياطين خبثاء يحبذون لنا الفسوق، ويندسون في نفـسنا الأمـّارة، فيجعلوننا
نُـخضع لجهلنا رغباتهم الأكثرَ عبثاً .
كنـت ذات صباح قد نهضـت مـن نومي مقطب َ الجـبين، حزيناً متعباً من وقت الفراغ،
ومدفوعاً على مايبدو، إلى القيام بشيء ذي قيمة،عمل مأثور،ففتحت النافذة،واأسفاه!
[ لاحظ، أرجوك،أن طـبيعة الخداع التي ليسـت نتـيجة عــمل اومــشاركة؛ بل استلهاماً فجائياً، ينـجم كثـــيراً ـ ربمـــا لم يكـــن ذلك إلا من احــتدام الرغــبة ـ عن هذا المزاج
الهستيري، على حد زعم الأطباء الكلاسيين، والشيطاني،حــسب رأي أ ولـئك الذيــــن يظنون أنفسهم أحسن قليلاً من الأطـــــباء، والذين يدفعوننا ، بلا مقاومة منا،نحو العمل المتهور الخطير، أوالعمل غير اللائق بنا .]
كان أول شخص شـاهدته في الـشارع، زجّـاجاً صيـحتـُه تشـق عـنان السماء، صـيحة ٌ متـنافرة المقاطع،، تصـاعدت إليّ عـبر الجو الباريسي الخاـق والقذر . من جانب آخر،
يستحيل عليّ أن أعلل لماذا كان قد انتابني فجاة،بخصوص هذا الرجل الضعيف حقــــد
سريع سرعتـُه بقدر هيمنته على كل شيء .
" ياهذا! علي رسلك!"
وقد صحت به أن ِ اصعد ْ، غير أنني أفكر غيرَ بعيد عن أي ا بتهاح،أنّ على الرجل أن يواجه صعوبة ما، في عملية صعوده، وأن يرـبط زوايا بضـــــــاعته الرهيفة، في عدة جوانب؛ فالغرفة توجد في الطابق السادس، والسلالم جد ضيقة .
وأخيراً ظهر: فحصت لوحاته الزجاجية جميعَِها بفضول، قلتُ لــه:" كيف؟ ليس عندك من زجاجات بالألوان؟ زجاجات وردية حـــــمراء، وزرقاء، لوحات زجاجية سحرية،
ولوحات زجاجية غيرها فردوسية؟ يالك من سفيه! إنك تتجرأ على التجوال في الأحياء الفقيرة،وليس عندك، ولو لوحات زجاجية قد تجعل المرء ينظرإلــــى الحياة في تفاؤل،
فدفعتـُه سريعاً نحو السلم الذي تعثرفيه مدمدماً بكلمات .
اقتربت من الشرفة،فقبضت على أصيص صغير من الزهور، ولما لاح لي الرجـــــــل مجدداً من مـنفذ الـباب،تركتُ أداتي الحربـية تسـقط عمودياً على حافة ظهر معالـــــيقه الزجاجية فتصرعه الصدمة . لقد كسر أصيص الزهور،تحت ظهره، ثروته الرديــــئة كلها،التـــــي جعلت الضجيج المدوي لقصر بلوري، متصدعاً من ضربة الصاعقة .
وصحتُ في وجـهه بحنق ٍ نشوانَ من جنوني:"أنظر إلى الحــــــياة في تفاؤل! أنظرإلى الحياة في تفاؤل!"
ليست هذه المجونات العصبية بلا خطورة؛ بل يمكن أن يؤدي المرء عنها غالياً . لكــن
ماذا يهم الخلود في العذاب لمن وجدله المتعة في خلود ثان؟

ترجمة: محمد الإحسايني



#محمد_الإحسايني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الساعة.....لشارل بود لير
- المهرج العجوز
- من هو المبدع؟
- تباشير الصباح / غسق المساء.لبودلير
- تباشير الصباح
- أوفيليا
- الجمال... لشارل بودلير
- باروديا بودلير تهدم الصورة والصورة الأخرى للأم
- باروديا بودلير
- سمو
- صولجان باخوس لبودلير
- الدعوة إلي السفر شعراً ونثراً للشاعر شارل بودليراً
- هبات الجنيات
- نكد الطالع لشارل بود لير
- رامبو/ أطلق عليه صديقه فبرلين النار ليلتهب فصل في الجحيم
- لماذا نجمة الجنوب؟
- هوس قصيدة النثر
- قراءة في-مرثية إلى عصفورةمن الشرق- لمرح البقاعي
- احزان القمر
- ماالذي يحدث في عالم خال من الشعراء


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الإحسايني - الزجّاج الرديئ..... لبودلير