أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - العقد الاجتماعي بين اهمال الدولة وتجاهل المجتمع















المزيد.....

العقد الاجتماعي بين اهمال الدولة وتجاهل المجتمع


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7422 - 2022 / 11 / 4 - 10:45
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


العقد الاجتماعي بين إهمال الدولة وتجاهل المجتمع

لعل القارئ المتابع يعلم علم اليقين ، كما بات لا يخفى على أحد من العراقيين ، إن تجّار الحروب الأهلية وسماسرة الفتن الطائفية ودهاقنة الكراهيات العنصرية ، ليسوا فقط غير جديرين بتحمل المسؤولية الوطنية ، والاهتمام بالمصائر الاجتماعية ، والانهمام بالمصالح الاقتصادية ، والاضطلاع بالمهام التاريخية ، والاعتبار بالاصول الحضارية فحسب ، إنما كونهم لا يصلحون بتاتا"لأن يكونوا نماذج سياسية يقتدى بمواقفهم ، كما لا أمل مطلقا"في أن يستحيلوا إلى أمثلة أخلاقية يحتذى بمناقبياتهم . إلا أن ذلك لا يمثل – في إطار هذا الموضوع – سوى الوجه المنظور والمكشوف لجسامة الفجيعة المحيقة ؛ لا بالواقع العراقي الحالي كمجتمع موحد وثقافة مشتركة وهوية جامعة وذاكرة راسخة فحسب ، بل وكذلك بمصيره المستقبلي كتاريخ متواصل وجغرافيا ثابتة ووطن قار وكيان متجذر .
فمنذ أن أسقطت دعائم النظام السابق وتهاوت قلاع سلطته وتناثرت أشلاء هيبته ، لم يترك المعنيون بشؤون الدراما العراقية ركنا"من أركان النظام السياسي القائم حاليا"، دون التعرض لسياساته بالنقد ولإجراءاته بالإدانة ، كما لم يهملوا زاوية من زوايا السلطة الحالية ، دون التنديد بانحراف مؤسساتها والتشهير بمفاسد رموزها . لا من باب أنها فشلت فشلا"ذريعا"بتجاوز ما كانت تزعم أنها تركات النظام الدكتاتوري البائد ومخلفات السلطة التوتاليتارية المقبورة ، مثلما أخفقت إخفاقا"ذريعا"بتحقيق ما توهمت أنها جاءت بصدد ؛ إنهاء التجاوزات السياسية ، وتعويض الحرمانات الاقتصادية ، وإشباع الاحتياجات الاجتماعية ،وتوفير الأجواء الديمقراطية . إنما من منطلق كونها ضاعفت من أشكال ذلك الاستبداد ، وعمقت من ضروب تلك المساوئ .
والواقع إن كل الذي تعرضت له الحكومة الحالية من وابل النعوت السلبية والأوصاف المستهجنة – التي بالتأكيد تستحقها وتليق بها – لا يوازي ما اقترفته بحق هذا البلد من آثام وقبائح ، كما لا يرقى إلى مستوى ما اجترجته ضد هذا الشعب من كوارث متلاحقة ومصائب متتالية . بيد أن تناول مسألة ما من منظور ذاتي /معياري شيء ، والتعامل مع ذات المسألة من منظور موضوعي / إجرائي شيء آخر تماما". بمعنى إن الادراكات الشخصية والتصورات الذاتية ، لا ينبغي لها أن تكون معيارا"يركن لحياديته عند تقييم وتقويم القضايا المتعلقة بآليات سلطة الدولة وخيارات سياسة الحكومة وتطلعات حراك المجتمع ، ما لم تطرح على بساط البحث وتوضع تحت مشارط التحليل ، جميع أطراف القضية المعنية وكافة عناصر المشكلة المقصودة . بحيث تأني الاستنتاجات وتتمخض التوقعات أقرب إلى الواقع الملموس منها إلى الهلوسة ، وأدنى إلى الحقيقة المعاشة منها إلى السفسطة .
ومن هذا المنطلق فانه قلما أشار أحد من أولئك الكتاب والباحثين لدور الطرف الآخر (الشعب ، الجمهور ، المواطنين) من العقد الاجتماعي ، حيال تحمل قسطه – وهو وافر وأساسي كما نعلم – من المسؤولية الوطنية ، فضلا"عن التقيد بالتزاماته الأخلاقية وتنفيذ واجباته الاجتماعية ، بعد أن ذاق وبال أمره وتجرع مرارة تصرفاته . صحيح إن روابط الثقة المفترضة بين الدولة والمجتمع مقطوعة ، وان أواصر الصلة المتخيلة بين الحكومة والمواطنين منعدمة ، على خلفية غياب شروط الشرعية وفقدان المشروعية بين أطراف ذلك العقد . وهو الأمر الذي يفسر لنا سرّ إمعان الإنسان العراقي في إهمال وتجاهل كل ما له صلة بسلطات الدولة في الحالة الأولى ، كما ويكشف عن خلفيات إسرافه في تخريب ونهب كل ما له علاقة بممتلكات الحكومة في الحالة الثانية . إلاّ إن نداء الواجب وسياق الضرورة يحتمان علينا ألاّ ننسى – ونحن في إطار توجيه اللوم إلى الدولة الحالية وكيل الاتهام إلى الحكومة القائمة ، على خلفية استشراء مظاهر العجز المؤسسي وتفشي ظواهر الفوضى المعيارية – إن ينال المواطن قسطه من الإدانة القاسية ويحظى بحصته من الاتهام الجارح . ليس فقط لأنه شحيح الإحساس بالمسؤولية الوطنية ، وقليل التعاون مع السلطات الحكومية ، وضعيف الإدراك لواجباته الاجتماعية فحسب ، وإنما لكونه – فضلا"عن ذلك – لم يتردد بإطلاق العنان لعبث غرائزه البدائية ، ولم يحجم عن تسعير نزعاته التدميرية ، ولم يسعى لكبح طيش نزواته الانتقامية .
ذلك لأن جوهر مفهوم العقد الاجتماعي لا ينطوي على معنى الإذعان لرغبات النظام السياسي – بصرف النظر عن طبيعته – وهذا ما دعا (روسو) إلى القول ((إن الشعب الذي يعد بالطاعة والخضوع يفقد صفته كشعب)) ، أو التماهي مع توجهات الدولة – بصرف النظر عن ماهيتها – بقدر ما يتضمن مغزى الالتزام بمتطلبات الشأن العام وتواضعات المصلحة المشتركة . ناهيك بالطبع عن الذود عن حقوق الإنسان – بصرف النظر عن أصوله وخلفياته – والدفاع عن الحريات العامة – بصرف النظر عن طبيعتها ومضمونها - . ولأن التذرع بتقصير الحكومة حيال تأمين الاحتياجات وتحسين الخدمات وتوفير الضمانات – وهو واقع لا يمكن إنكاره – لا يمنح المواطنين المحرومين من تلك المطالب المشروعة ، الحق في التجاوز على الممتلكات العامة أو يبيح لهم سرقة المال العام ، تعبيرا"عن السخط والاحتجاج الذي يضمرونه حيالها . كما إن التعكز بحجة تنصل الدولة عن مسؤوليتها في الحفاظ على أمن المجتمع وضمان استقراره ، فضلا"عن طمأنة حقوقه واحترام كرامته ، لا يعطي الأفراد والجماعات المسلوبة حقوقهم والمنتهكة كرامتهم ،غطاء الشرعية لإضعاف هيبتها السيادية والتطاول على رموزها الجمعية ،استجابة لمشاعر الرفض والممانعة التي يكنونها ضدها .
ولذلك فان محاولات تجسير الفجوة المتوطنة بين الدولة والمجتمع ، وردم الهوة المزمنة بين الحكومة والمواطنين سوف تبوء بالفشل ، طالما تجري على أساس الوعظ الأخلاقي المقرون بالطوباويات ، أو تتم بالعزف على أوتار الأصالة التاريخية المشفوعة بالأسطوريات – كما يجهد بعض الكتاب دون جدوى للأسف – إذ إن توجّه كهذا قمين بتكريس عوامل التصدع في الذهنيات بدلا"من تماسكها ، والتقطّع في السيرورات بدلا"من تواصلها ، ومن ثم تحفيز الانتماءات الهامشية خلافا"لوحدة المجتمع ، وتنشيط الولاءات التحتية خلافا"لسلطة الدولة ، وتفعيل الحميات التعصبية خلافا"لشرعية الحكومة .
وفي ضوء ما تقدم فان وسائل الإعلام بكل أصنافها وعناوينها ، باتت مطالبة اليوم قبل أي وقت مضى ، بإطلاق حملات توعية وطنية / سياسية واسعة ومكثفة ، لا تستهدف رموز الدولة التي شلت قدراتها المحصصات الداخلية وعطلت إرادتها الأجندات الخارجية . كما لا تضع في اعتبارها رموز الحكومة التي استهلكتها الصراعات الطائفية واستنزفتها الاستقطابات الجهوية ، بقدر ما تركز وابل (قصفها) على عقول المواطنين الذين اختلطت في تصوراتهم المعايير ، وتداخلت في إدراكاتهم الأبعاد ، وتلابست في أذهانهم العلاقات . بحيث يكون بمقدورهم التمييز بين الأولويات والتفريق بين الخيارات ، التي من شأنها أن تتيح لهم استدخال الوقائع واستبطان الحقائق التي مؤداها ؛ إن تحطيم آلة الدولة في مصنع ، أو سرقة أداة من ورشة ، أو تزوير وثيقة في مؤسسة ، أو الغش في امتحان مدرسي ، أو التجاوز على شبكات الماء والكهرباء ، أو حتى رمي الأنقاض والنفايات في غير الأماكن المخصصة لها ، سوف لن يضعف جبروت الدولة بقدر ما يجعلها أكثر تغولا"بزعم تميكن السلطة ، ولن يقلل من تعسف الحكومة بقدر ما يجعلها أكثر توحشا"بحجة فرض النظام ، وبالتالي فان الضرر سيقع أولا"وأخيرا"على المجتمع الذي لم يحسن الحفاظ على عقده الاجتماعي ، وان المعاناة ستطال دائما"وأبدا"المواطن الذي لم يشأ القيام بمسؤوليته الوطنية ، كما يفترض به أن يفعل ! .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع على السلطة : مقاربة في سوسيولوجيا التداول السياسي
- تتريث العقل وتوريث الجهل
- اللغة السياسية والكتابة الصحفية
- ثقافة البراكسيس : الضرورة التاريخية والاضطرار السياسي (الحلق ...
- الميتودولوجيا الماركسية وثقافة البراكسيس ( الحلقة الأولى )
- الزعيم الدكتاتوري ونزوع عسكرة المجتمع
- علي الوردي ومقدمات عصر البدوقراطية
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الخامسة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الرابعة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثالثة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثانية ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الحادية ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة العشرون ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة التاسعة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثامنة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة السابعة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة السادسة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الخامسة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الرابعة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثالثة ...


المزيد.....




- تطاير الشرر.. شاهد ما حدث لحظة تعرض خطوط الكهرباء لإعصار بال ...
- مسؤول إسرائيلي لـCNN: الاستعدادات لعملية رفح مستمرة حتى لو ت ...
- طبيب أمريكي يصف معاناة الأسر في شمال غزة
- بالفيديو: -اتركوهم يصلون-.. سلسلة بشرية من طلاب جامعة ولاية ...
- الدوري الألماني: شبح الهبوط يلاحق كولن وماينز بعد تعادلهما
- بايدن ونتنياهو يبحثان هاتفيا المفاوضات مع حماس والعملية العس ...
- القسام تستدرج قوة إسرائيلية إلى كمين ألغام وسط غزة وإعلام عب ...
- بعد أن نشره إيلون ماسك..الشيخ عبد الله بن زايد ينشر فيديو قد ...
- مسؤول في حماس: لا قضايا كبيرة في ملاحظات الحركة على مقترح ال ...
- خبير عسكري: المطالب بسحب قوات الاحتلال من محور نتساريم سببها ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - العقد الاجتماعي بين اهمال الدولة وتجاهل المجتمع