أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سنان سامي الجادر - اللّغة الرافدينيّة المندائيّة والترجمة














المزيد.....

اللّغة الرافدينيّة المندائيّة والترجمة


سنان سامي الجادر
(Sinan Al Jader)


الحوار المتمدن-العدد: 7417 - 2022 / 10 / 30 - 16:09
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تتميّز اللّغة المندائيّة التي كُتبت بها النصوص الدينيّة بأنها لغة شعريّة إيقاعيّة وفلسفيّة, وهي تكون بنفس الهيكليّة التي كُتبت بها النصوص السومريّة والبابليّة والآشوريّة من ناحية استخدامها التكرار لتأكيد بعض المقاطع داخل النصوص. وأنّ تلك اللغة الرافدينيّة الشعريّة تَستخدم معاني فلسفيّة واسعة بحيث أنها تُعطي معنى للمُتلقي حسب مقدار فهمه للنصوص وحسب مخيلته وثقافته وإيمانه, وهذا هو جوهر جميع النصوص الرافدينيّة التي هي نتاج الفلسفة المُتقنة التي تتحدّث بالقِمم العالية وتخاطب العقول الراقية, ولأن التفاصيل وفهم الموضوع يَقع على المتلقي إن كان يستحق فهمها أم لا. (مصدر1)

أنّ تلك اللّغة الشعرية الجميلة كانت قد دَخَلت واندمجت في داخل اللّغة العربيّة الكبيرة, وأنّ جميع المفردات المندائيّة هي مُستخدمة في اللّغة العربيّة (مصدر2) كما وأن تلك المفردات المندائيّة هي ذات أصول أكديّة ويمكن تتبعها.

ومن تطوّر اللّغات الشعريّة الرافدينيّة وُلدت خليفتها اللّغة العربيّة, وخرجَ الشعر العربي الجاهلي الذي كانت أولى قصائده المعروفة في القرن الخامس الميلادي, وهو يَعتمد على الغنى الكبير لملايين المُفردات الموجودة داخل اللّغة العربيّة, مما يجعل الشعر موزوناً بصورة كاملة, ورغم أنّ الشعر الرافديني ومنه المندائي لم يكن موزوناً ولكن نغمته شعريّة يمكن الشعور بها خاصّة في التراتيل الدينيّة.

ولا يمكن أن توجد ترجمة تُغطي بلاغة وعمق النصوص المندائيّة, ولأنّ ترجمة تلك النصوص تحتاج لبلاغة في اللّغة الجديدة وفهم عميق لفلسفة النصوص المندائيّة الأصليّة بنفس الوقت, فهنالك مُترجمون ولكنهم لا يفهمون جوهر النصوص وماذا تقصد ولأنها معرفة ناصورائيّة, وبنفس الوقت فهنالك عارفون بالنصوص ولكن تنقصهم الفصاحة لترجمتها بصورة جيدة.

أنّ أفضل الترجمات العربيّة الحاليّة لكتاب الكنزا ربا هي ترجمة بغداد, ولأنها ترجمة مُباشرة من المندائيّة للعربيّة وكذلك فأنَّ الصياغة الشعريّة الجميلة التي قام بها شاعرنا المندائي وشاعر العرب الأكبر عبد الرزاق عبد الواحد, قد أعطت عمقاً للمعاني مما جعلها تقترب من المعاني الأصليّة, وعلى قدر مسؤولية المترجم الأصلي. وذلك لأنه أستخدم مفردات عربيّة فلسفية لا تزال مُتداولة, وبنفس الوقت فتلك المُفردات كانت مستخدمة منذ بدايات الإسلام ضمن القرآن الكريم وديوان المتنبي وغيرها من الدواوين الشعريّة. ولكن للأسف تمّ حذف ترجمة العديد من النصوص بسبب أعتبارها غير مناسبة لكشفها للعامّة, ومع ذلك فهي تبقى أفضل الترجمات التي تمّ تقديمها لكتاب الكنزا ربا المندائي.

وأمّا ترجمة ليدزبارسكي فهي كانت ترجمة من المندائيّة للعبريّة أولاً ولأنه يهودي يجيد تلك اللّغة وبعد ذلك ترجمها للألمانيّة ومن ثمّ تُرجِمت من قبل آخرين للإنكليزيّة وأخيراً للعربيّة, ومع كل عملية نقل كانت النصوص تفقد معانيها الأصلية وتفقد فصاحتها, ويضاف لذلك الأجندة التي كانت لديه بجعل النصوص المندائيّة مشابهة بتفاصيلها الدقيقة للقصص اليهوديّة. ولكي يقولوا بأن المندائيّة منشقّة عن اليهوديّة! وبنفس الوقت فهو قد أعتمد على مُفردات في الترجمة تُعطي حداثة للنصوص القديمة, ولكي يتم أعتبارها بأنها ذات مفاهيم حديثة وليست قديمة فيطعن بالتاريخ والقِدم المندائي. وعلى سبيل المثال نأخذ النص التالي

“(هيبل زيوا يُخاطب كرون)

وقُلتُ له: قُم وأعطني سِمَتَك (افرودقا).

فرَدّ وأقسم باليوم الذي صار فيه بأنه لا يكذب, فسأذهب لبيت كنزي (بيت الكنز)

وسوف آتيك بِسِمَتي من بيت كنزي.

فقام وجَلَبَ لي سِمَته لختمه الذي كان مخفيّاً في بيت كنزه.

وكان منقوشاً فيه أسم الظلام الكبير السرّي, والذي لم يَره منذ اليوم الذي صار فيه” الكنزا ربا اليمين

بينما قام ليدزبارسكي بتحويل ترجمة كلمة افرودقا التي هي سِمَة أو أَثَر أو أَمَارَة أو رَسْم أو شَكْل أو صِفَة أو عَلامَة أو مِيزَة أو هَيْئَة, وتركَ جميع هذه المفردات ولكنه أستخدم كلمة جواز سفر بدلاً عنها, ورغم أن الكلمة أيضاً تعني جواز سفر, ولكنها بمعنى تفصيلي جديد فلم تكن هذه الكلمة موجودة ولأنها مُفردة من العصر الحديث. وعمل نفس الشيء مع كلمة بيت كنزي أو بيت الكنز فترجمها إلى خزانة بيتي, ولكي يَطعن بقِدم النصوص من ناحية مفهوم تلك الكلمات التي أتت في العصور الحديثة. بينما ترجمة بغداد اعتمدت تسمية سِمَة بدل جواز سفر ولأنها ترجمة أفضل.

وطبعاً مثل هذا الطعن موجود بكثرة في ترجمته, بالإضافة إلى تغييره لبعض الكلمات لتعطي معاني مختلفة عن معناها الأصلي, وهذا النوع من التحريف هو مُخصص لخداع الباحثين الذين يبحثون في أصول تلك المفردات وأصول النصوص وقِدمها من حداثتها.

ويبقى لنا أمل كمندائيين بأن نأتي بترجمة جديدة في المُستقبل وتُعبّر بصورة أعمق وأشمل عن المُحتوى العظيم لتلك النصوص الدينيّة, وعسى أن تُنجب الأمّة المندائيّة من يكون نظيراً لعبد الرزاق بشعره..

سِنان سامْي الشيخ عَبد الشيخ جادِر الشيخ صَحَنْ

المصادر

مقالة: المَعرِفَة الناصورائية والتعابير المَجازيّة, سنان سامي الجادر

https://mandaean.home.blog/2020/04/05/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8e%d8%b9%d8%b1%d9%90%d9%81%d9%8e%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%b5%d9%88%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%a7%d8%a8%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84/

مقالة: اللُّغة المندائيّـــة ..العربيّـــة القديمة, سنان سامي الجادر

https://mandaean.home.blog/2021/01/03/%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%91%d9%8f%d8%ba%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%af%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%91%d9%80%d9%80%d9%80%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d9%91%d9%80%d9%80%d9%80%d8%a9-%d8%a7/



#سنان_سامي_الجادر (هاشتاغ)       Sinan_Al_Jader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين آثارنا الرافدينيّة المنهوبة؟
- المندائيّة الأخلاقيّة والغنوصيّة الإباحيّة
- حقيقة التصميم الذكي للحياة وإنهيار فكرة التطور والإنتخاب الط ...
- الحِبر المَندائي السرّي
- المطرقة والسندان إسرائيل وإيران
- الحَذر من الإسرائيليين والمدسوسين
- يهانا يَقول: لستُ يهوديّاً ولا أشربُ الخَمرة.
- يحيى بهرام ..والقصّة المُحرّفة!
- تطابق مخطوطات نجع حمادي المصريّة مع الفلسفة المندائيّة
- نقد وتحليل// كتاب جديد صَدَرَ عن الصابئة “الصّابئة في الثّقا ...
- صابئة القرآن, الحرانيين, تسمية الصابئة, المانويّة
- الضّعيف.. أمانة الأقوياء والمُتّقين
- هولاكو الجديد مدمّر الحضارة
- البساطة أقرب للحياة
- سِر الحَياة المُلوّث.. بالمَجّان
- الزدقا
- العزوبيّة ليست من المندائيّة
- تراتيل الأناشيد المندائيّة والموسيقى
- التَبشير المندائي تأريخياً وفقهياً
- دجلة والفُرات والماء الحي


المزيد.....




- -قناع بلون السماء- للروائي الفلسطيني السجين باسم خندقجي تفوز ...
- شاهد.. آلاف الطائرات المسيرة تضيء سماء سيول بعرض مذهل
- نائب وزير الدفاع البولندي سابقا يدعو إلى انشاء حقول ألغام عل ...
- قطر ترد على اتهامها بدعم المظاهرات المناهضة لإسرائيل في الجا ...
- الجيش الجزائري يعلن القضاء على -أبو ضحى- (صور)
- الولايات المتحدة.. مؤيدون لإسرائيل يحاولون الاشتباك مع الطلب ...
- زيلينسكي يكشف أسس اتفاقية أمنية ثنائية تتم صياغتها مع واشنطن ...
- فيديو جديد لاغتنام الجيش الروسي أسلحة غربية بينها كاسحة -أبر ...
- قلق غربي يتصاعد.. توسع رقعة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين
- لقطات جوية لآثار أعاصير مدمرة سوت أحياء مدينة أمريكية بالأرض ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سنان سامي الجادر - اللّغة الرافدينيّة المندائيّة والترجمة