أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - محمد الحنفي - النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....41















المزيد.....


النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....41


محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 7416 - 2022 / 10 / 29 - 10:01
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


البرنامج النقابي:.....3

وبعد مقاربة الجواب على السؤال:

كيف نجعل من برنامج النقابة المبدئية المبادئية، برنامجا مقنعا للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وللجماهير الشعبية الكادحة.

نصل إلى مقاربة الجواب على جملة من الأسئلة، التي لها علاقة بالنقابة المبدئية المبادئية.

وأول سؤال نقارب الجواب عليه:

هل البرنامج النقابي برنامج عام؟

إن أي نقابة، مهما كانت النقابة، يحتمل برنامجها ما هو عام، كما يحتمل ما هو خاص. فالعام، هو ما له علاقة بالمركزية، التي تطرح مطالب يمكن أن يستفيد منها، جميع القطاعات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، خاصة، وأن النقابة المبدئية المبادئية، كنقابة مركزية، تطرح مطالب عامة، يمكن أن يستفيد منها جميع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مهما كان القطاع، الذي ينتمون إليه، ومهما كانت طبيعة هذا القطاع:

هل ينتمي إلى القطاع العام، أو إلى القطاع الخاص؟

ولأن المهم عند العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ليس هو القطاع العام، أو القطاع الخاص، بل هو أن تكون النقابة مبدئية مبادئية، ليس إلا.

وثاني سؤال نقارب الجواب عليه، هو:

هل البرنامج النقابي برنامج قطاعي؟

ذلك أن النقابة، عندما تكون للقطاع العام، وعندما تكون للقطاع الخاص، نجد أنها تختلفان على مستوى الاستهداف. فالنقابة ذات الطابع العام، تستهدف جميع القطاعات، مهما كانت، وكيفما كانت. أما النقابة التي يكون برنامجها قطاعيا، تستهدف قطاعا معينا، على مستوى التنظيم، وعلى مستوى التعبئة، وعلى مستوى اتخاذ القرارات النضالية، سواء كان القطاع عاما، أو خاصا، يشمل جميع المدن، والقرى، أو لا يتجاوز شركة معينة، أو في قرية معينة.

وثالث سؤال نقارب الجواب عليه، هو:

هل البرنامج النقابي، برنامج فكري؟

إن أي برنامج نقابي، مهما كان، وكيفما كان، سواء كان قطاعا عاما، أو قطاعا خاصا، لا بد أن يكون برنامجا فكريا، إلا أن الأفكار الواردة فيه، هي أفكار قابلة لأن تتحول إلى برنامج مؤجرإ على مستوى الواقع، أي يصير فيه الفكر واقعا مهما كان، وكيفما كان، حتى تتفاعل أفكار البرنامج مع الواقع، ويتفاعل الواقع مع أفكار البرنامج، لتتطور الأفكار، ويتطور البرنامج، ويتطور الواقع، لأن البرنامج، لا يمكن تطوره إلا بتطور الفكر، ولأن تطور الفكر، يترتب عنه تطور البرنامج، ولأن تطور البرنامج، الذي يفعل في الواقع، يؤدي إلى تطور الواقع، في نفس الوقت.

ورابع سؤال: يستلزم منا أن نلتزم بالجواب عليه، هو:

ما هو الفرق بين البرنامج العام، والبرنامج القطاعي؟

إن البرنامج العام، هو برنامج النقابة المركزية، الذي يستهدف جميع القطاعات، سواء كانت عامة، أو كانت قطاعية، وسواء تعلق الأمر بالتنظيم، أو بالتعبئة، وبخوض المعارك النضالية.

فالتنظيم المركزي، يستهدف جميع القطاعات، بدون استثناء، سواء تعلق الأمر بقطاعات القطاع العام، أو بقطاعات القطاع الخاص. أما برنامج النقابة القطاعية، فلا يهم إلا العاملين في قطاع معين، سواء كان قطاعا عاما، أو قطاعا خاصا، حتى وإن كان محدودا جدا.

وخامس سؤال، نعمل على مقاربة الجواب عليه، هو:

ما هو الفرق بين البرنامج العام، والبرنامج الفئوي؟

إن البرنامج العام، كما رأينا، في غير ما مكان، يشمل كل القطاعات، بما فيها الفئات المختلفة. فكل من ينتمي إلى قطاع معين أو إلى فئة معينة، سيكون مشمولا بالبرنامج العام.

أما البرنامج الفئوي، فهو يخص فئة معينة، تنتمي إلى قطاع معين، يندرج ضمن نقابة مركزية معينة، الأمر الذي يترتب عنه: أن النضال الفئوي، لا يجد آذانا صاغية لمشاكل الفئة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، خاصة، وأن النضال الفئوي، يأتي نتيجة للقرارات، التي لم تألفها الجماهير الشعبية الكادحة، ولم يألفها العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وتكون القرارات القاضية بالنضال الفئوي، قرارات شاذة، كذلك، لا يمكن الاستجابة إليها.

وسادس سؤال: نقارب الجواب عليه، هو:

هل يمكن للبرنامج الحزبي، أن يصير برنامجا نقابيا؟

عندما يتحول البرنامج الحزبي، إلى برنامج نقابي، فذلك هو التحريف عينه، الذي نعمل على عدم السقوط فيه، في النقابة، وفي الحزب، على حد سواء. والأحزاب التي تصر على تكوين النقابة الحزبية، فإن معنى ذلك: أن أي نقابة حزبية، هي جزء لا يتجزأ من الحزب، الذي عمل على تكوينها، سواء كان حزبا إقطاعيا، أو بورجوازيا، أو تحالفا بورجوازيا / إقطاعيا متخلفا، أو حزبا للبورجوازية الصغرى، أو حزبا يساريا، أو عماليا، أو حزبا مؤدلجا للدين الإسلامي. وهو ما يترتب عنه: أن جميع الأحزاب، التي تختار تكوين نقابات حزبية، إنما تمارس التحريف، وتقطع الطريق أمام إمكانية تكوين نقابة مبدئية، لا يهمها أي قيادة لنضالات العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. ومبادئية: ديمقراطية، تقدمية، جماهيرية، مستقلة، وحدوية، تكون مهمتها: تحقيق أمرين أساسيين:

الأمر الأول: تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

الأمر الثاني: تحسين شروط العمل، وجعل المشغلين، يعملون على تحسين شروط العمل: المادية، والمعنوية، والتخلي عن عقلية الاستغلال المعمق، والمضاعف.

وهذان الأمران، عندما يتحققان، فإن ذلك لا يعني: إلا أن النقابة المبدئية المبادئية، والعمل النقابي المبدئي المبادئي، يجب أن يلعب دوره في الاتجاه الصحيح.

وسابع سؤال: نقارب الجواب عليه، هو:

هل يمكن للبرنامج النقابي، أن يتحول إلى برنامج حزبي؟

لقد رأينا في مقاربتنا للجواب، على السؤال السادس، أن تحول البرنامج الحزبي، إلى برنامج نقابي، تقتضيه شروط محددة، تجعل التنافر قائما بين النقابة، والحزب، من منطلق: أن الحزب يستفيد من العمل النقابي، والنقابة تستفيد من العمل الحزبي، إلا أن تحويل البرنامج النقابي، إلى برنامج حزبي، يمكن أن نجده في حالتين:

الحالة الأولى: عندما تكون النقابة حزبية، ويطلب منها الحزب، إعداد برنامج نقابي، خاص بها، فتقترح ذلك البرنامج على الحزب، الذي يصادق عليه، ليصير برنامجا حزبيا، رغما عن الحزب، ويصبح ملزما لجميع الأعضاء الحزبيين.

والحالة الثانية: عندما يكون الحزب خارجا من بين أعضاء النقابة، عندما يصير كل ما يتقرر، في قطاعاتها المختلفة، حزبيا، وملزما للحزبيين. وكل ما يتقرر في النقابة، يصير ملزما لجميع الحزبيين، وليس غريبا.

ومثل هذه الحالة، أن تقرر النقابة في أمور، لا يمكن أن يقرر فيها إلا الحزب، لأن نقابة كهذه، تعتبر نفسها، بمثابة الحزب، كما أنه ليس غريبا، أن المعجبين بالقائد النقابي، في أي مكان من التراب الوطني، يشيدون به، آناء الليل، وأطراف النهار، ولا تجد في حوزتهم، إلا الإشادة بالقائد النقابين باعتباره يأتي بأمور لا يرقى إليها إلا قائد حزبي، مما يستحق معه الإشادة، ولا يرون فيما يقوم به القائد النقابي، قياما بتحريف النقابة، والعمل النقابي، عن خطه الصحيح، الذي يجب أن لا يتجاوزه اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وعلى مستوى طرح المطالب النقابية، وإقناع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وثامن سؤال نعمل على مقاربة الجواب عليه، هو:

ألا يحق للنقابة التابعة، أن تتحرر من التبعية؟

إننا عندما نعمل على مقاربة الجواب على هذا السؤال، نستطيع أن نطرح نفس الأسئلة على الشكل التالي:

ألا يحق للنقابة البيروقراطية، أن تتحرر من البيروقراطية؟

ألا يحق للنقابة الحزبية، أن تتحرر من الحزب، الذي تنتمي إليه؟

ألا يحق للنقابة، التي يخرج من بين أحشائها حزب معين، أن تتحرر من خدمته، لتحافظ على هويتها النقابية، المبدئية المبادئية؟
أليست عبادة القائد النقابي، تحريفا للعمل النقابي؟

أليس من صحة العمل النقابي، التحرر من عبادة القائد العام النقابي؟

وهذه الأسئلة، التي طرحناها، نجد أن مقاربة الجواب عليها القول:

بأن النقابة البيروقراطية، لا يمكن أن تتحول إلى نقابة ديمقراطية، منتجة للعمل النقابي الصحيح، لأمرين اثنين:

الأمر الأول: أن النقابة البيروقراطية، تحافظ على بيروقراطيتها لخدمة مصالح الجهاز المخزني.
الأمر الثاني: أن النقابة البيروقراطية، تصير وسيلة لجعل النقابيين، لا يفكرون إلا في الخبز، ولا يفكرون في شيء آخر. وهو ما يجعل النقابة البيروقراطية، تحافظ على بيروقراطيتها.

ونفس الشيء، نقوله عن النقابة الحزبية، التي يصير فيها الحزب، هو النقابة، وتصير فيها النقابة هي الحزب. فلا وجود للحزب بدون وجود النقابة، ولا وجود للنقابة بدون وجود الحزب؛ لأنهما متلازمان في الوجود، وفي التنظيم، وفي خدمة النظام القائم. لذلك، لا بد من الحفاظ على النقابة الحزبية إذا أردنا الحفاظ على الحزب الذي يعتبر نفسه مخزنيا بامتياز. والنقابة، التي يخرج من بين أحشائها حزب، تصير في خدمته، لا تستطيع أن تتحرر منه، إنه نفس مكونات النقابة، التي هي نفس مكونات الحزب. ونفس مكونات الحزب، هي نفس مكونات النقابة. وإذا اختلت النقابة، اختل الحزب، وإذا اختل الحزب، اختلت النقابة. فالتوازن بين النقابة، وبين الحزب، الذي يخرج من بين أحشائها، صار من ضروريات استمرار النقابة، وفي نفس الوقت، استمرار الحزب. فبدون النقابة لا يكون توازن، وبدون الحزب، لا يكون توازن.

أما شروط عبادة القائد النقابي الشعبوي، فلم تعد قائمة؛ لأنه لم يعد قائدا للنقابة، لا في بقية حياته، ولا بعد وفاته، نظرا للعجز الذي أصابه، ولأنه، في نفس الوقت، صار من الموتى الذين نترحم عليهم.

فالعمل النقابي الصحيح، ليس فيه شيء اسمه عبادة القائد النقابي.

فكيف نطلب من النقابة التابعة، أن تتخلى عن تبعيتها، في ظل استمرار البيروقراطية، واستمرار النقابة الحزبية، والنقابة التي خرج من بين أحشائها حزب معين، تصير في خدمته؟

إن النقابة التابعة، وجدت لأن تكون تابعة، ولمحاربة النقابة المبدئية المبادئية، وحتى لا يصير في الميدان: أي عمل نقابي مبدئي مبادئي، تجنبا لأي ضغط، تمارسه النقابة، للنيل من المستغلين: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. ولذلك، فلا يمكن تخلي النقابة التابعة عن تبعيتها، التي تؤهلها للقيام بدور محدد.

وتاسع سؤال نقارب الجواب عليه، هو السؤال:

ألا يمكن للنقابة الحزبية، أن تتحرر من الحزبية؟

فإذا كانت النقابة التابعة، لا تتحرر من التبعية؛ لأنها وجدت، في الأصل، لتكون تابعة، وعليها أن تتلقى الإملاءات، ما دامت قائمة.

فكيف نريد من النقابة الحزبية، أن تتحرر من الحزبية؟

إن النقابة الحزبية، مهما كانت، وكيفما كانت، هي نقابة حزبية، ووجدت لتكون نقابة حزبية. وهي معروفة، باعتبارها نقابة حزبية. والذين ينتمون إليها، لا ينتمون إليها، إلا لأنها نقابة حزبية. وإذا تحررت من الحزبية، فإن المنتمين إليها، ينسحبون منها، مما يجعلنا نعتقد: بأن الحزبية، هي التي تمكن النقابة من الاستمرار في الوجود، مما يجعل حزبيتها تتوسع في المنتمين إليها، من أجل أن تبقى حزبية، وأن تستمر حزبية، وتحررها من الحزبية، لا يعني إلا موت النقابة الحزبية. والحزب الذي أوجدها، سيعمل على المحافظة عليها، حتى لا تفقد حزبيتها، وحتى لا يفقد الحزب نقابته، ومن أجل أن تبقى النقابة الحزبية، مجالا لممارسة كافة أشكال الانتهازية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، سعيا إلى جعل الممارسة الانتهازية، ممارسة حزبية، مهما كانت، وكيفما كانت، حتى تصير الانتهازية، والحزبية، وجهان لعملة واحدة.

وعاشر سؤال نقارب الجواب عليه، هو:

ألا يمكن التخلص من الممارسة البيروقراطية، بصيرورة النقابة البيروقراطية، نقابة مبدئية مبادئية؟

وفي مقاربة الجواب على هذا السؤال، نطرح أسئلة أخرى، تساعدنا على مقاربة الجواب على السؤال المذكور.

وهذه الأسئلة هي:

ماذا نعني بالبيروقراطية؟

ولماذا الممارسة البيروقراطية؟

وهل كان في الإمكان أن تكون أقدم نقابة في المغرب، نقابة ديمقراطية؟

وما هو الفرق بين النقابة البيروقراطية، والنقابية الديمقراطية؟

ومن كان يستفيد من الممارسة البيروقراطية، في ذلك الوقت؟

ومن كان يستفيد من الممارسة الديمقراطية، لو تحققت في ذلك الوقت؟

هل كان سيبرز هذا العدد الهائل من النقابات، التي لا تنتشر أسماؤها، إلا في فاتح مايو؟

هل ستبرز إلى الوجود، المزيد من النقابات الحزبية؟

هل تعرف الساحة المزيد، مما صار يعرف بالنقابة التابعة؟

هل ستظهر النقابة، التي استقطبت، وتستقطب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بديمقراطيتها، وبمبدئيتها مبادئيتها، لتظهر، بعد ذلك، على أنها مجرد نقابة حاملة لحزب معين، بين أحشائها، لتصير المبدئية المبادئية، في خبر كان؟

هل يمكن أن تتحول هذه النقابة، إلى نقابة ديمقراطية؟

فمفهوم البيروقراطية، مفهوم إداري / استبدادي، في تحكمه، يهدف إلى جعل الإطار، أي إطار، متحكم فيه، وموجه نحو الهدف المراد تحقيقه.

والنقابة البيروقراطية، عندما وجدت، ومنذ نهاية الاحتلال الأجنبي للمغرب، لم توجد لتكون ديمقراطية؛ لأن الاحتلال الأجنبي، غير ديمقراطي، ولأن مؤسسي النقابة، لا يعرفون معنى النقابة الديمقراطية، وما يعرفونه: هو أنهم قادة النقابة. وقادة النقابة، يجب أن يتحكموا فيها. والنقابة، يجب أن تصير وفق هواهم، وما يتطلعون إليه: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، سعيا إلى جعل النقابة ألعوبة في يد القيادة البيروقراطية، التي لا تهمها إلا مصالحها، في علاقتها بالدولة المخزنية.

وهذا التوجه في النقابة، والعمل النقابي، المحكوم بإرادة الأجهزة البيروقراطية: محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا. ونظرا لكون النقابة ذات طابع بيروقراطي، فإن إنتاج النقابة، لا يمكن أن يكون، كذلك، إلا إنتاجا بيروقراطيا، مهما ادعت الأجهزة المحلية، أنها تمارس الديمقراطية.

ومبرر الممارسة البيروقراطية، ليس قائما على ما هو صحيح، وسليم، بقدر ما هو قائم على المصلحة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

والبيروقراطية النقابية، قائمة على أساس المصلحة، وممارستها اليومية، قائمة على أساس المصلحة، وترسيخها في واقع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، قائم على أساس المصلحة، واستمرارها البيروقراطي، في العلاقة مع الجهاز المخزني، أو الحكم المخزني، الذي لم يخف عليه شرط قيام الديمقراطية، في أي تنظيم جماهيري، وفق ما هو مدون في القوانين، المنظمة للتنظيمات الجماهيرية المختلفة، بما فيها التنظيمات النقابية، باعتبارها تنظيمات جماهيرية؛ لأن التنظيم الجماهيري، إما أن يكون ديمقراطيا، وإما أن لا يكون.

وإذا كان مؤسسو النقابة المغربية، مع نهاية الاحتلال الأجنبي، وكأن النظام المخزني، لا يريد إقرار الديمقراطية، كأسلوب في الحكم. وكأن منطق الاستبداد، هو المتحكم في مصير الإنسان المغربي، مهما كان هذا الإنسان، فإن فسح المجال: أمام إمكانية وجود نقابة ديمقراطية، من باب المستحيلات؛ لأنها سوف تصير مدرسة لتخريج أفواج من الديمقراطيات، والديمقراطيين. وهذا الأمر، غير وارد، لا في ممارسة الحكم المخزني، ولا في ممارسة الجهاز البيروقراطي، المتحكم في النقابة، التي تتحول، بفعل تكريس الممارسة البيروقراطية، إلى تنظيم نقابي بيروقراطي.

والفرق بين النقابة البيروقراطية، والنقابة الديمقراطية:

1) أن النقابة البيروقراطية، لا يسمع فيها إلا صوت البيروقراطية، الصادر عن الجهاز البيروقراطي. أما العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فلا يسمع لهم صوت، أبدا، لا من قريب، ولا من بعيد، ولا يستطيعون التعبير عن معاناتهم، لا في العير، ولا في النفير، كما يقول القدماء.

2) أن النقابة الديمقراطية، وانطلاقا من نظامها الداخلي، تكون فيها الكلمة الأولى، للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. فهم الذين يقررون، وهم الذين ينفذون، وهم الذين ينظمون أنفسهم في النقابة، ويختارون من بينهم المسؤولين، ولا يتدخل أي جهاز، لجعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يقومون بما يتناقض: جملة، وتفصيلا، مع الممارسة الديمقراطية، التي لا يكون عليها، لا العمال، ولا الأجراء، ولا سائر الكادحين. إن أي كلمة، مهما كانت هذه الكلمة، حتى وإن كانت مضادة للممارسة الديمقراطية، الأمر الذي ترتب عنه، كون التنظيم النقابي، غير ديمقراطي.

والمستفيد من الممارسة البيروقراطية، منذ تأسيس النقابة البيروقراطية، إلى يومنا هذا، هو الجهاز البيروقراطي، الذي كدس في حسابات أعضائه، الكثير من ثروات التنظيم النقابي البيروقراطي، خاصة، وأن الحكم الذي يدبر أمور الدولة المخزنية، يغدق على القيادة البيروقراطية، المزيد من العطاء، كلما كانت هناك مناسبة، وبدون مناسبة، مادام يلعب دوره، في تنويم العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي تضليلهم.

ولو كانت النقابة البيروقراطية، نقابة ديمقراطية، منذ البداية، سيكون عندنا عمال آخرون، وأجراء آخرون، وكادحون آخرون، ومتمرسون على الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ولصار واقعنا شيئا آخر. وما كان عندنا تجار ضمائر الناخبين، ولكانت مجالسنا الترابية: الحضرية، والقروية، مجالس ديمقراطية، ولتم تصعيد المناضلين الحقيقيين، إلى البرلمان، ولتم تشريع القوانين الديمقراطية، لا لشيء، إلا لأن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ينتمون إلى النقابة الديمقراطية، فتربوا على احترام الممارسة الديمقراطية، التي يلتزمون بها، في وقعهم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

ولو كانت النقابة، التي تأسست مع انتهاء الاحتلال الأجنبي، نقابة ديمقراطية، ما عرف واقعنا هذا العدد الهائل من النقابات، التي نبحث فيما بينها، عن النقابة المبدئية المبادئية، فلا نجدها، نظرا للتحريف الذي أصاب جميع النقابات؛ لأن لكل نقابة قائمة في الواقع، ممارسة تحريفية معينة، لا تخرج عنها، وتعتبر جزءا لا يتجزأ من بنياتها القائمة في الواقع.

والنقابة الحزبية، عندما تبرز إلى الوجود، كنقابة حزبية، تعرف بالحزب، ويعرف الحزب بها، تصير مقصدا للانتهازيين، الذين يسعون إلى التحرير من الأحزاب الإقطاعية، والبورجوازية، الذين يسعون إلى تحقيق تطلعاتهم الطبقية، عن طريق الانتماء إلى النقابات الحزبية، الضامنة للوصول إلى تحقيق التطلعات الطبقية.

ومعلوم، أن النقابة التابعة، هي نقابة معروفة بتبعيتها، لجهة معينة، تتلقى عنها الإملاءات، التي تنحو إلى قرارات، تتجسد على أرض الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وما يجعل النقابة التابعة، التي تستفيد قيادتها، من الجهة التي تتبعها، سواء كان ذلك اقتصاديا، أو اجتماعيا، أو ثقافيا، أو سياسيا.

ونحن، عندما نعيش مآسي التحريف النقابي، نحتاج إلى بروز نقابة مبدئية مبادئية: ديمقراطية، تقدمية، جماهيرية، مستقلة، وحدوية، تخلصنا من هذا الكم الهائل من النقابات التحريفية، التي صارت سائدة في الواقع وتغلق أبواب الواقع النقابي، أمام النقابات التحريفية، التي لم يعد لها محل من الإعراب.

والنقابة المبدئية المبادئية، نقابة ديمقراطية، بطبعها، بحكم ما تؤول إليه أمور العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين ينتظرون في إطارها الديمقراطي، يقررون، وينفذون، ما يخدم مصلحتهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يجعل النقابة تقوم بدورها، لصالحهم، نظرا لديمقراطيتها، ونظرا لكون القرار بيد العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وليس بيد الجهاز البيروقراطي، أو بيد الحزب، أو بيد الجهة التي تتبعها النقابة.



#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....40
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....39
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....38
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....37
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....36
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....35
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....34
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....33
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....32
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....31
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....30
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....29
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....28
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....27
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....26
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....25
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....24
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....23
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....22
- النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....21


المزيد.....




- النسخة الألكترونية من العدد 1791 من جريدة الشعب ليوم الخميس ...
- إجازات العيد.. عدد أيام عطلة عيد الفطر 2024 للموظفين والعامل ...
- متظاهرون يغلقون مدخل وزارة التجارة وسط لندن احتجاجا على حرب ...
- “Renouvelez-le maintenant“ تجديد منحة البطالة في الجزائر 202 ...
- 100,000 دينار عراقي .. حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين في العرا ...
- عاجل | مرتب شهر كامل.. صرف منحة عيد الفطر 2024 لجميع العاملي ...
- الحكومة المغربية تستأنف “الحوار الاجتماعي” مع النقابات العما ...
- هتصرف قبل العيد؟!.. تحديد موعد صرف مرتبات شهر أبريل 2024 بال ...
- منحة البطالة الجزائر 2024 .. تعرف على الشروط وخطوات التسجيل ...
- 3.5 مليارات دولار تدفقات الاستثمار الأجنبي للسعودية والبطالة ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - محمد الحنفي - النقابة والعمل النقابي في عصر عولمة الفقر.....41