أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - إضاءات سوسيولوجية على ظاهرة الفقر















المزيد.....

إضاءات سوسيولوجية على ظاهرة الفقر


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7416 - 2022 / 10 / 29 - 02:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يشير ابو الحسن علي بن عثمان الجلابي الهجويري الغزنوي (1009-1072) إلى أن كلمة "فقر" تاخذ معاني مختلفة ومتباينة. تعني حينا حقيقة فقر مادي، وحينا آخر حقيقة وضع المرء نفسه في هذه الحالة، كما تدل طورا ثالثا على مرحلة من مراحل الطريقة الصوفية.
منذ نشاتها، اهتمت السوسيولوجيا بالفقر والعوز،. وفي القرن العشرين، عندما انقسمت هذه الشعبة إلى فروع من التخصصات، لم تجعل الفقر احد مجالاتها. ضمن هذا الإطار، يجب طرح هذا السؤال: ما هو الفقر بالنسبة لعلم الاجتماع؟
الفقر أولا وقبل كل شيء ظاهرة اجتماعية، قبل أن يصبح مشكلة اجتماعية. في السوسيولوجيا، الفقر نموذج إرشادي (paradigme)، طريقة خاصة لمقاربة مشاكل السكان، تفترض الحرمان والافتقار في جانبهما المادي. الفقر في الواقع قضية أساسية، لا بد منها لفهم التغييرات الحالية في المجتمع، وبطرح بالتالي مشكلة كبرى.
يمكن النظر إلى الفقر من زوايا متعددة؛ إذ يتمظهر عبر أشكال عديدة في مناطق مختلفة من العالم. ومن المهم تحديد ما تعنيه هذه الحقيقة الاجتماعية وتعريفها بعد ذلك.
وإذا بدا الفقر ظاهرة اجتماعية واضحة وملموسة يمكن التعرف عليها بسهولة، يظل مفهومه عصيا على التحديد والقياس. نقول: هذا شخص فقير ومحروم. ماذا ينقصه؟ هل تعوزه الموارد ويعاني من نقص في التعليم وانعدام الأمن؟
الفقر ظاهرة اجتماعية معقدة ومتعددة الأشكال. يمكن أن تشير إلى أوضاع الأفراد المهمشين والمشردين والمعدمين. في اوقات الركود، تشير ألى المواقف التي تجمع بين البطالة وفقدان الروابط الاجتماعية، كما يمكن أن تهم العمال ذوي الدخول المنخفضة وظروف المعيشة المتدهورة. ومع ذلك، يمكن اختبار الفقر بشكل مختلف اعتمادا على النسيج والتضامن الاجتماعيين.
عندما نتحدث عن الفقر، يتبادر عادة إلى ذهننا تقسيمه إلى فئتين: الفقر المدقع والفقر النسبي.
يشير الفقر المدقع إلى الحالة التي لا يتوفر فيها الناس على الضروريات الأساسية لضمان بقائهم على قيد الحياة. قد يعاني الفقراء من الجوع، ويفتقرون إلى المياه النظيفة، وإلى السكن اللائق، ويكدحون من أجل إقامة أودهم.
اما الفقر النسبي، فهو يشير إلى الحالة التي يكون فيها نمط حياة ودخل بعض الناس أقل بكثير من المستوى العام للمعيشة في البلد أو المنطقة التي يعيش فيها هؤلاء الأشخاص. ورغم أنه ليس مثل الفقر المدقع، إلا أن الفقر النسبي لا يزال خطيرا وضارا أيما ضرر.
في هذا السياق، دشن تشارلز بوث، المصلح الاجتماعي، تحولا كبيرا في طريقة تصنيف الفقراء، والتفكير في الفقر من خلال تطوير عتبة الفقر عند نهاية تسعينيات القرن التاسع عشر.
اعترف هذا المصلح الاجتماعي بأن شخصا يعيش في فقر إذا كان دخله وموارده غير كافية لدرجة تمنعه من الحصول على مستوى معيشة مقبول بسبب الفقر. قد يجد هذا الشخص نفسه محروما من نواح عديدة: البطالة، الدخل المنخفض، السكن غير اللائق، الرعاية الصحية غير الملائمة، العوائق التي تحول دون حصوله على فرص التعلم مدى الحياة وتؤدي به إلى استبعاده عن الثقافة وممارسة الرياضة والاستمتاع بالترفيه. وغالبا ما يتم تهميش الفقراء واستبعادهم عن المشاركة في الأنشطة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية التي هي القاعدة الأساس بالنسبة للآخرين الأغنياء، وقد يتم تقييد وصول الفقراء إلى الحقوق الأساسية.
من الناحية المؤسسية، كان الفقر في العالم ككل موضوع بحث إحصائي أجرته عدة منظمات دولية، وبصورة رئيسية البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. كما شجعت اليونيسيف مقاربة للفقر متعددة الأبعاد، لا تعتمد فقط على الفقر المالي، ولكنها تأخذ في الاعتبار أوجه القصور الأخرى؛ مثل امتناع الوصول إلى الغذاء والماء الشروب والصحة والتعليم والسكن والمعلومات، من بين أمور أخرى.
على مر السنين، تقاربت مقاربات هاتين المنظمين التابعتين للأمم المتحدة في ما يتعلق بتعريف مفهوم الفقر (من خلال استيعابهما أكثر فأكثر لأفكار الضعف والهشاشة والمخاطر)، لكنها (المقاربات) ظلت متمايزة. ففي ما يخص الأساليب المستخدمة لتحديد وقياس هذه الظاهرة الاجتماعية، سعى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى تحديد معايير متعددة للفقر (نتحدث في هذا الصدد عن المؤشرات البديلة) بينما ظل البنك الدولي وفيا للمقاربة المالية الأساسية.
من وجهة نظر إحصائية، تتمثل الأدوات الرئيسية الأربعة لتقييم الفرد التي استخدمتها المنظمات الدولية في الماضي في عتبة الفقر، الناتج المحلي الإجمالي للفرد، مؤشر التنمية البشرية، ومؤشر الفقر البشري. وقد تم استخدام مؤشر جديد أكثر تعقيدا منذ سنة 2010 من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهو مؤشر الفقر متعدد الأبعاد.
مصطلح "تأثير متى" ( the Mathiew effect) نحته عالم الاجتماع الأمريكي روبرت ميرتون (1910- 2003) ويستمد دلالته من آية إنجيلية وفق القديس متى، تقول:"من كان معه يعطى ويزاد، ومن ليس معه يؤخذ منه حتى كل ما في حوزته". وهكذا نفهم لماذا يزداد الفقراء فقرا، ويزداد الأثرياء ثراء.
ورب معترض يقول: لكنْ هناك بلدان وجغرافيات أخرى تؤمن بعقائد أخرى لها منظور مغاير لهذا المفهوم؛ الإسلام مثلا له تصور آخر كما نعلم.
ويظن نفس المعترض أن التأثير الأساس هو الذي نجده في الفكر الماركسي: الاقتصاد، ولا شيء غير الاقتصاد!
بشكل عام، لعل الأمر لا يتعلق برأس المال الاقتصادي، بقدر ما يتعلق براس المال الاجتماعي، وفق الفكرة التي طرحها عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو والتي يمكن معها تفسير الأمر بكون الثري يمكنه ثراؤه بالتمتع بعلاقات اجتماعية مفيدة، يوضع بفضلها في مراكز حياتية تتيح له فرصا عديدة للاستفادة والربح والنمو والتوسع، وهو ما لا يتوفر للفقير الذي ينتهي به الأمر إلى تآكل ما بيده من رأس مال ضعيف، أصلا..
اسوق في ما يلي المقطع التالي من كلمات أغنية "السيف البتار" لناس الغيوان لأنه يؤيد فكرة بورديو سالفة الذكر..أليس كذلك؟
مــات الغنــي يــا حبابـــي طلبــة وعـــوام تـابـعـــاه
شـي يقـرا عـنـد راســـــه شي شاد السبحة حــــداه
تبعــولگنــازة يهـلـلـــــوا وريــح الـوارث شــــاداه
لاغـاو لقســام بالجملــــة كلهــــا يلغــــي ب لغـــاه
خلــى الديــور والــدواور خلـــى ليشاشـــرة معــاه
خلــى لخيــول العـاتـقــــة ديـــك السربــات عارفاه
مدى من زين الدنيـــــــــا ذهــب وفضـة صابغـــاه
كان بايت ف التجـــــــارة وظــن المــوت ناسيـــاه
حيـــانــــي راه ســگـــد طلبـــة وعـــوام تابعــاه
كــلـهـا يگــول حبـيـبــــي وريح النفاق سابقــــــاه
راس مالــه غيــر خرقــة حفرة . . وشبر ما سواه
هـــــا أنـــــت گـــول لــــه گول له يا خونــا ف الله
مات المسكين يا حبابــــي حتى واحد ما مشا معاه
قـرا طـالـب عـنـد راســـه بـــزز عليـــه مــا قــراه
خلـــى المـيـمــــة عميــــا علــى خيالــه حاضيـــاه
عندها مقراج ذا النعيـــرة غـيــر الضرگـة ســـاداه
عندها بـــــــراد النونـــــة وكيف الصرة صـــاراه
عندها فــروج ل نحيــــرة غــيـر القـنـب قــجـــــاه
عندها مرســم بالدعيـــرة وديك الگطرة مسردان
كـــان مفــرش الحصيـرة واليــــوم هــي غطـــاه
لاغـى الهموم بالجـمـلـــة والغــنـي ساكـن حــداه
خويـا وظــلام القــــبـــــر مـــع لميســر ســــاواه



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرنسا تمحو المغرب من خريطة العالم
- أخنوش يلتقي بالمعارضة لكسر جدار عدم الثقة في تواطؤ مكشوف على ...
- الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية: من الاعتمادات المتبادل ...
- قراءة لرصد مشاهد الحلم في -كتاب اللاطمأنينة- لفرناندو بيسوا
- الحكومة المغربية مطالبة بنبذ المقاربة البيروقراطية لرفع الدع ...
- المغرب: هدم مئات الشقق بعمالة الصخيرات-تمارة وتوقيف عامل الإ ...
- الحرب في أوكرانيا بين الواقع والخيال (الجزء الثامن)
- اعترافات وبكائيات عاشق متهور
- الحرب في أوكرانيا بين الواقع والخيال (الجزء السابع)
- الحرب في أوكرانيا بين الواقع والخيال
- هجوم نووي
- الحرب في أوكرانيا بين الواقع والخيال (الجزء الخامس)
- ارسطو طاليس كما عرفه برتراند راسل
- الحرب في أوكرانيا بين الواقع والخيال (الجزء الرابع،)
- الحرب في أوكرانيا بين الواقع والخيال (الجزء الثالث)
- الحرب في أوكرانيا بين الواقع والخيال (الجزء الثاني)
- جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان تساند الهيني
- الحرب في أوكرانيا بين الواقع والخيال (الجزء الأول)
- قراءة في كتاب - رحلة إلى الشرق - لجيرار نرفال
- قراءة في كتاب -مستقبل الطبيعة البشرية..- للفيلسوف الألماني ي ...


المزيد.....




- إسرائيل تعلن حصولها على وثائق الأرشيف السوري للجاسوس إيلي كو ...
- تونس.. إصابات في اصطدام حافلة بمقهى في القيروان (صور + فيديو ...
- من داخل سوريا.. إسرائيل تحضر الأرشيف الرسمي للعميل إيلي كوهي ...
- سيارتو: أوكرانيا ليست مؤهلة بأي حال من الأحوال للانضمام إلى ...
- مصر.. حكم قضائي تاريخي بأحقية سجين في الإنجاب من زوجته خارج ...
- RT ترصد الأوضاع في قرى كشمير
- ألاعيب الاستخبارات في المواجهات الكبرى على رُقَع شطرنج الحرب ...
- فون دير لاين: الأسبوع المقبل سيكون حاسما بالنسبة لجهود السلا ...
- زيلينسكي يؤكد استعداده للحوار مع روسيا بأي شكل ويعطي تقييما ...
- روسيا تختبر منظومة صاروخية محمولة مضادة للدرونات


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - إضاءات سوسيولوجية على ظاهرة الفقر