هجوم نووي

أحمد رباص
كاتب
(Ahmed Rabass)

الحوار المتمدن-العدد: 7410 - 2022 / 10 / 23 - 23:12
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

خلال صيف هذا العام، أصدر قسم إدارة الطوارئ في مدينة نيويورك إعلانا جديدا للخدمة العامة حول الاستعداد النووي، يوجه تعليمات لسكان نيويورك حول ما يجب القيام به أثناء هجوم نووي. يبدأ الفيديو الذي تبلغ مدته 90 ثانية بامرأة تعلن عن لامبالاتها بالأخبار الكارثية: "إن كان هناك هجوم نووي، لا تسألني كيف ولماذا، فقط اعلم أن الشيء الهائل قد ضرب". ثم يُنصح مقطع فيديو PSA سكان نيويورك بما يجب عليهم فعله في حالة وقوع هجوم نووي: ادخل إلى منزل، ابق بداخله، وابق على اطلاع على التحديثات الإعلامية والحكومية.
لكن الاستعداد النووي يعمل بشكل أفضل إذا لم تكن داخل محيط الانفجار في هجوم نووي. وإلا فلا داعي للدخول إلى منزلك وإغلاق أبوابه لأن المنزل سيختفي. تخيل الآن أنه كان هناك المئات من هؤلاء "الكبار". هذا ما ستحدثه حتى حرب نووية "صغيرة". إذا كنت محظوظا لأنك لم تتواجد ضمن محيط الانفجار، فقد لا يسوء يومك، ولكن في القريب العاجل، سوف تدمر حياتك بأكملها.
- آثار انفجار نووي واحد
ينتج عن أي انفجار نووي تأثيرات إشعاعية وحرارة وانفجار ينتج عنها العديد من الوفيات السريعة.
الإشعاع المباشر هو التأثير الفوري لتفجير سلاح نووي، الناتج عن التفاعلات النووية داخل القنبلة والمجسم بشكل أساسي في شكل أشعة غاما والنيوترونات.
يستمر الإشعاع المباشر لأقل من ثانية، لكن مستواه القاتل يمكن أن يمتد لمسافة تزيد عن ميل في جميع الاتجاهات من نقطة تفجير سلاح نووي حديث مع عائد متفجر يساوي تأثير عدة مئات من الكيلو أطنان من مادة تي إن تي.
بعد أجزاء من الثانية من انفجار سلاح نووي، تعمل الطاقة المنبعثة على شكل أشعة سينية على تسخين البيئة المحيطة، وتشكل كرة نارية من الهواء شديد السخونة. داخل كرة النار، تكون درجة الحرارة والضغط شديدين لدرجة أن كل المادة تتحول إلى بلازما ساخنة من النوى العارية والجسيمات دون الذرية، كما هو الحال في قلب الشمس متعدد الملايين من الدرجات. كرة النار التي تعقب الانفجار الجوي لسلاح نووي بقوة 300 كيلوطن - مثل الرأس الحربي النووي الحراري W87 المنتشر على صواريخ Minuteman III التي تعمل حاليا في الترسانة النووية الأمريكية - يمكن أن تنمو إلى أكثر من 600 متر (2000 قدم) في القطر وتبقى بشكل مروع مضيئة لعدة ثوانٍ، قبل أن يبرد سطحها. سيكون الضوء المنبعث من حرارة الكرة النارية - الذي يمثل أكثر من ثلث الطاقة المتفجرة للسلاح الحراري النووي - شديدا لدرجة أنه يشعل الحرائق ويسبب حروقا شديدة على مسافات بعيدة. يمكن أن يتسبب الفلاش الحراري من سلاح نووي بقوة 300 كيلوطن في حدوث حروق من الدرجة الأولى تصل إلى 13 كيلومترًا (8 أميال) من نقطة الصفر.
ثم تأتي موجة الانفجار.
تنتقل موجة الانفجار - التي تمثل حوالي نصف الطاقة المتفجرة للقنبلة - في البداية أسرع من سرعة الصوت ولكنها تتباطأ بسرعة لأنها تفقد الطاقة عن طريق المرور عبر الغلاف الجوي.
- انفجار وتدمير
نظرًا لأن الإشعاع يسخن الغلاف الجوي حول كرة النار، يتمدد الهواء في المناطق المحيطة ويتم دفعه سريعا نحو الخارج، ما يخلق موجة صدمة تجرف أي شيء يقع على طول مسارها ولها قوة تدميرية كبيرة.
تعتمد القوة التدميرية لموجة الانفجار على العائد المتفجر للسلاح وارتفاع الانفجار.
سينتج عن انفجار جوي بقوة 300 كيلوطن انفجار بضغط زائد يزيد عن 5 أرطال لكل بوصة مربعة (أو 0.3 ضغط جوي) حتى 4.7 كيلومتر (2.9 ميل) من الهدف. هذا ضغط كافٍ لتدمير معظم المنازل وناطحات السحاب، والتسبب في وفيات واسعة النطاق بعد أقل من 10 ثوانٍ من الانفجار.
- تسرب إشعاعي
بعد وقت قصير من إطلاق التفجير النووي معظم طاقته في الإشعاع المباشر والحرارة والانفجار، تبدأ كرة النار في البرودة والارتفاع، لتصبح رأس سحابة تأخذ شكل فطر ضخمة. يوجد بداخلها منسوب عالي النشاط الإشعاعي من الذرات المنقسمة، والتي ستبدأ في النهاية في التسرب من السحابة عندما تهب عليها الرياح. التساقط الإشعاعي، وهو شكل من أشكال النشاط الإشعاعي المتأخر، سيعرض الناجين بعد الحرب لجرعات شبه مميتة من الإشعاع المؤين. أما بالنسبة للانفجار، فإن شدة التلوث المتساقط تعتمد على ناتج انشطار القنبلة وارتفاع انفجارها. بالنسبة للأسلحة التي يبلغ حجمها مئات الكيلو أطنان، يمكن أن تغطي منطقة الخطر المباشر آلاف الكيلومترات المربعة في اتجاه الريح من موقع التفجير. في البداية، ستهيمن على مستويات الإشعاع نظائر ذات نصف عمر قصير، وهي الأكثر نشاطا والأكثر خطورة على الأنظمة البيولوجية. ستستمر الآثار المميتة للغاية من التداعيات من أيام إلى أسابيع، ولهذا السبب توصي السلطات بالبقاء في الداخل لمدة 48 ساعة على الأقل، للسماح بانخفاض مستويات الإشعاع.
نظرًا لأن آثار الانفجار النووي متأخرة نسبيا، فإن تقدير الخسائر الناجمة عن التداعيات أمر صعب؛ إذ سيتوقف عدد الوفيات والإصابات إلى حد كبير على الإجراءات التي يتخذها الناس بعد الانفجار. ولكن في محيط الانفجار، ستنهار المباني بالكامل ولن يتمكن الناجون من الاحتماء. الناجون الذين يجدون أنفسهم على بعد أقل من 460 مترًا (1500 قدم) من انفجار نووي 300 كيلوطن سوف يتجرعون جرعة إشعاعية مؤينة من 500 قدم مكافئ من رونتجن (ريم). تقول لجنة التنظيم النووي الأمريكية: "يُعتقد عموما أن البشر الذين تعرضوا لحوالي 500 ريم من الإشعاع دفعة واحدة سيموتون على الأرجح دون علاج طبي".
ولكن على مسافة قريبة جدا من نقطة الصفر، من شبه المؤكد أن انفجارا نوويا بقوة 300 كيلوطن سيحرق ويسحق أي إنسان حتى الموت. فكلما زاد مردود السلاح النووي، كانت منطقة الإشعاع الحادة أصغر بالنسبة لتأثيراته المباشرة الأخرى. تفجير واحد لرأس حربي نووي حديث، 300 كيلوطن - أي رأس حربي ما يقرب من 10 أضعاف قوة القنابل الذرية التي تم تفجيرها في هيروشيما وناغازاكي مجتمعة - في مدينة مثل نيويورك من شأنه أن يؤدي إلى مقتل أكثر من مليون شخص و حوالي ضعف عدد الأشخاص الذين سيصابون بجروح خطيرة في الـ 24 ساعة الأولى بعد الانفجار. لن يكون هناك ناجون تقريبا ضمن دائرة نصف قطرها عدة كيلومترات من موقع الانفجار.

#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات