أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - ضِرْسُ آلفرزدقِ















المزيد.....

ضِرْسُ آلفرزدقِ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7411 - 2022 / 10 / 24 - 16:51
المحور: الادب والفن
    


_ لِنَرْتَقِ ...

كقطيع أعمى مفرغ من آلمعنى تُنْسَخُ آلأنعام تُكَفَّن تُحَنَّط يُجمَعُ كَمُّها ينتشرون ببلادة بعَته يُحشَرون لا يعون ما يفعلون، بفوضى عارمة تَزْحف جسومهم، تبحث عن مَن يرعاها، ينعت لها سبيل نجاة في عوالم من هاديس آختلط النابل فيها بالحابل، فلا تكاد آلأعين في محاجرها تبين غير غبش عتمات ظلام في سديم لا ينام...
لَقلعُ ضِرسِ، وضربُ حَبْسِ
ونزعُ نفسِ، وردُّ أمْسِ
وقـرُّ بردِ، وقودُ فردِ
ودبغُ جلدٍ بغير شمْسِ
أهون من وقفة الحُرّ
يرجو نوالا بباب نَحْسِ(١)

الملاحظ أننا نحاول فيما نحاول من تغييرات هنا هناك، تحسين ظروف عيش الوهم عوض التركيز على كرامة الوجود، لذلك، فإن أي فُتات يُلْقَى في جنبات موائد حملات صَرعات مواسم تدجين الإنسان نتهافت على بقاياه للأسف مُصَدقين مهللين طوبى لجود عطف أصحاب الكرامات سخاء آل المكرومات؛العيش الكريم يُنتزَع لا يعطى، ولولا رمق المكابدة والمجاهدة وعزة النفس لغَدَتِ الذئاب كلها كلابا تُحرك أذيالها بعتبات بيوت آل نهم، ولَاستحالتْ فهود البراري هررة مائعة تموء تتمسح بالأعتاب، وبزاة الجبال حساسين تغرد في سماجة المسابقات، وعقول الجد والمعقول سماسير دعارة يتسابق لعابها المعتوه على جوائز المخاتلات، وفحول بحات شذى القول خصيان شذوذ؛ لكن لحُسن مشيئة مجريات آلأقدار، لم ينطلِ جرب عيش المهانة على الجميع رغم محاولات الترويض الحثيثة والتسييس الجارفة من رأسمال متوحش جاهل بلا فكر بلا رأس بلا تدبر يهجم كضغينة من سعار يروم يسيطر على البر على البحر على الجبال..أنتج هذا الوضع الموحش حاضرا باهتا لإنسان شقي تعس يعيش مَساغبَ طوق زنازن بيولوجيةِ المياومة والسعي وراء لقم عيش بئيسة يتيه في صلفها تيه المُخْرَجين(بفتح الراء)من رموس منسية بالية كجراد منتشر يجري جري وحوش مستنفرَة فرت من قساورة أجمات، الغيلان فيها تأكل السعالي، والسعالي تنهش مَرَدَةَ قيعان الدرك الأسفل من السعير، والسعير يشوي جلود الأوادم، ولا منفذ لمن يبحث عن مَسلك للفرار من يحموم حياة قاتمة الا بمزيد من الغطس في أوحال لازبة لاصقة حارقة ماحقة لا أملَ فيها لا سعدَ لا خلاص..لكن، كينونة الكائن السمهري الشامخ بإنسيانته في أرواحنا لا ترضى صلافة الهوان، لا تستسلم، لا تنتكس رغم جبروت زبانية الدنى، قُدُمًا تتقدم قَدَمَا مشاكستنا آلمتينتان، تطأ جشع لهطة المتهافتين بإرادة صلبة..رافعِينَ هامتِنا شاخصِينَ سنظل نعمل جاهدين نخلق بسواعد قلوبنا وعقولنا مستقبلا جديدا يفل آلحديدَ في أوْصَابه آلحديدُ.. فعلا، حكاية سيزيف كانت وراثة ظالمة...
لِـنَرْتَقِ لِنَرْتَقِ..فالفقر، التفقيير، العوز، الضنك، الحاجة، الجوع، البرد، الحر، بُعد المسافات، قلة آلخبرات، صعوبة المسالك، وُعورة آلفجاج، ضيق الأمكنة، قلة الفرص المناسبة.."كايْنا ظروف حَكْمَتْ عْلينا آلظروف"..(٢) أعذارٌ وغيرها واهية لأجسام ونفوس وضيعة لاغية، كل هذه المبررات تعلات أوهامٌ تنسجها أعينُ مهيضة تمارس التهاون تألف المهانة كي تحجبَ إِبْصارَ وجه الحقيقة كما هي..(٣) لِنَجُسَّ نبض القلوب..لِنَتَوَغّلْ في مدارج الرؤى في شعاب آلسالكين آلواصلين قبلنا..لِنَسْتَعْمِل البديهةَ والنباهةَ..لِيَأْتِ الصر والحَر والقَرُّ، لِيَأتِ الزعاف والرعاف، ليحلّ العَشَى لِيُصِبِ الوقر الآذان والمُقل الحسان لِتأْتِ المَسْغَبَة، لِنَمُتْ إِنِ اقتضى الأمر؛ لكن لِتَبْقَ الأرواحُ آمنةً مطمئنة بسلام غير مشلوحة أو ممسوخة، لا تُلَوَّثُ بِدَرَنِ وضاعة مقت الوضاعة، بتُرهات بيلوجيا النزوات هسهسات الهلاوس خلجات الخطرات رعونة الأفكار السخيفة التي تُطَوقُ التطلع الى الآفاق الرحيبة، تُسَيِّجُ الحدائقَ الفيحاءَ وتعرقل المَسيرَ..فَلْنُحَلِّقْ بِأرواحنا قليلا الى سعفات الأعالي، ما وراء ذُرا القمم الشامخات حيث الجبالُ تعانق الجبالَ في ألق الظلال وعبق الدياجير بعيدا عن فصاحة عثرات العَيِّ في الكلمات والأمنيات..لتصعدِ الحياةُ الهينة المستكينة الساكنة أجواءنا المنهارة قليلا الى هناك، لتعانق الأطيافَ في أوج الخيالات الجامحة، لترتع وتلعب الخُيلاء بنشوة جأش البدايات العارمة .. قَطِّروا _أعزائي أحبتي_ سُلافاتها قطرةً قطرةً تصفو لكم تَصِفُ الجوهرَ الكامنَ في الأحراش وأدغال النفوس المُغشّاة بسديم فضلات الرَّغَام والنقع والغبار فتَحْلا مُهج آلشغاف تتبلسمُ كما في آلأحلام شغفُ آلقطاف.. لِنَرْتَقِ يا أنتم يا نحن يا أنتن..!!..لِنَكُفّ عن آستجداء الأماني المُحْبِطات والنواح والبكاء كعجائز الخرافات الواهنات تحت وَطْء السنين العجاف ينتظرن الذي يأتي ولا يأتي..لِـنَرْتَقِ لِنَرْتَقِ...

_ مُنْبَتٌّ...

على الإنسان أنْ يحرث كيانَه جيدا..أُؤَكدُ عميقا وصارما..عليه أَنْ يُقَعِّرَ غَوْرَ آلْحَفْرِ، أنْ يحدّ أخاديدَ سكك آلخطوط مستقيمةً يشحذها حتى تغدوَ لا آعوجاج لها..يجب أن يُثَبِّتَ غَرْزَها نَصْلُ محراث حازم دون تَردد يهوي يقتلع يستأصل يجتث جميع آلأضراس آلمتورمة التي تقف في الطريق تمنع الحياة من مناوشة آلحياة.. عليه أن يُطَوع يبوسة جدب آلخريف آلقرعاء؛ حتى إذا بُذِرَتِ آلبذورُ آلموعودة، غُرِستِ آلغراسُ، استقرَّتْ بِدَعَة دون كسل في قرارها آلمكين لا تبرحه، فتكتمل دورة نداوة الإنبات آلمنتظرة..

_ تردد...

بيد أني لما هممتُ أفعلها، ارتبكتُ، خفتُ ربما توجستُ..بدَأتْ يداي ترتعدان وعيناي يرف جفناهما كفَرَاش معتوه يحوم حول أنوار حمراء تالفة باحثا عن رُواء ليستقر في النهاية تحت ظلف حسيس لهب غير مبال..وجعلَتْ تتناسلُ آلجداجدُ يتكاثر شغبها كفواجع قيامة غير منتظرة كملايين الثقوب السوداء مائعة تذوب يَسُدُّ آلأفقَ جَيْشُهَا آلجَرّارُ في هجوم ماحق على آلوهاد على آلسفوح على ما فَضُلَ من نسمات آلأجواء...

_ ضِرْسُ الفرزدق...

وأظل يظلُّ معلقا فمي ينتظرُ أن يهدأ ضرس الفرزدق اللعين القابع في فراغه لا يتزحزح، أو عله لوحده بمشيئته يزول يندثر يتقلص ينحسر ينتحر في إحدى صُبيحات أو مساءات هذا الخريف...
ثم إني فتحتُ محجريّ ذات دَعة من حلم مبلل ماطر، ألفيتُه آنزاح بقدرة قادر، فطفقت أبتسم أضحك وأنا أرنو إليه يشهق طائرا يتلاشى بتؤدة فويق سعفة من سعفات هضبات آلمنام يناغين غلس آلانام قُبيل شروق شمس في صبيحة غائمة...

_إشارات:
١_مما يُنسب للشافعي في الكرامة
٢_مقطع لازمة في أغنية شعبية في المغرب
٣_جاء في فصل(بين المهانة والتمرد)من كتاب(قراءة ثانية لشعرنا القديم)لصلاح عبدالصبور:(لقد أجبر الشعراء العرب الكبار على التزام وضع اجتماعي مهين، فقام في نفوسهم الصراع بين هذا الوضع المهين وبين ثرائهم الروحي. كانوا يستبشعون فيما بينهم وبين ذواتهم أن يكون دورهم في الحياة هو دور المهرج الوضيع أو الخادم التابع، فتعرضوا عندئذ لنوبة حادة من نوبات تأنيب الضمير، واختلفت ردود أفعالهم، فلجأ بعضهم إلى القسوة على الحياة والناس بسخرية جارحة، كصنيع بشار بن برد، ولجأ آخرون إلى الملذات العنيفة والموت سكرًا كصنيع أبي نواس وزمرته، وحاول بعضهم الدوران مع الحياة وإلغاء شخصياتهم الفردية، كما فعل البحتري، وعانى آخر الشقاء الذي لا حد له بين ضيقه بوضعه الاجتماعي وطلبه للسيادة الفعلية بالاستحواذ على ملك أو ولاية كما فعل المتنبي وأوسع أحدهم الدنيا ذما وتجريحا وطلب الموت طلبا ملحا، وذلك هو المعري العظيم).صفحة١٨و١٩
الطبعة الثالثة عام ١٩٨٢



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصعاليكُ الثلاثة
- أُورْفيُوس نَايْتْ وَرَايَنْ
- الطِّفْلُ آلْأَهْوَكُ
- حَائِطُ سَارتر
- اِنْدِثار
- مِثْلُ آلصَّخْرِ
- رِسَالَةٌ إِلَى آبْنَتِي
- سَأُسَافِرُ أَمْسِ
- أَلَيْسَ كَذَلِكَ يَا بُوجَنْدَار(مقاربة لهائية الشاعر المغر ...
- لَا أُرِيدُ
- حب الملوك
- لَا، لَمْ يَكُنْ حُلْمًا
- زُكَامُ آلْحُرُوفِ
- شَفيرُ آلْمَنَابعِ
- هَارَاكِيرِي
- وَتِلْكَ حِكَايَةٌ أُخْرَى(مقاربة عروضية لميمية الشاعر المغر ...
- الدّيناصور وآلطّيطار
- آآآيَمَّااااا
- رَيْثَمَا نَصْحُو آلصَّيْحَةَ التي لا نَوْمَ بَعْدَهَا
- وَصِيَّةُ كَافْكَا


المزيد.....




- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب
- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - ضِرْسُ آلفرزدقِ