أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منذر ابو حلتم - القطعان والشمس الحمراء المخيفة














المزيد.....

القطعان والشمس الحمراء المخيفة


منذر ابو حلتم
قاص وشاعر ، عضو رابطة الكتاب الاردنيين

()


الحوار المتمدن-العدد: 7408 - 2022 / 10 / 21 - 11:51
المحور: الادب والفن
    


الجو قاتم تماماً .. غيوم سوداء كثيفة تلبد السماء .. تتدحرج كتل الرعد كجبال صخرية تتقافز فوق الغيوم ..وبين لحظة وأخرى تتصل السماء بالأرض بلمعان البرق المتفجر ، فترتسم على الجبال البعيدة ظلال من الغموض والرهبة ..
والبحر .. ذلك الحالم الساكن .. الأزرق الذي تحوم فوقه أسراب النوارس وتسبح في سمائه سحب قطنية بيضاء يسوقها النسيم نحو الغروب .. هذا البحر قد غدا الآن مارداً جباراً ، ليس هناك من غضب يفوق غضب البحار اذا ثارت ..!.. وهناك .. بين تلال الموج المتلاطمة السوداء .. التي تشرئب بين لحظة وأخرى فترتفع .. وترتفع ، تلطم الغيوم برأسها الثائر .. فترد الغيوم هجومها بسهام البرق وسيول المطر .. هناك بين الأمواج المتلاطمة تقبع جزيرة صغيرة ، تغمرها الأمواج وتغوص في الأعماق رويداً رويداً .. لكنها سرعان ما ترتفع .. ترفع رأسها مثل غريق يرفض الموت .. لكن جيوش الموج تحاصرها من جديد ، فتغمرها .. لتنهض مرة أخرى ..!ولأن سكان هذه الجزيرة قد نسوا طعم الشمس .. ونسوا لون السماء وزرقة البحر وخضرة الربيع .. ولم يعودوا يذكرون سوى الأمواج الداكنة والصخور السوداء ، ولم تتفتح أعين صغارهم إلا على الغيوم القاتمة والمطر الأسود .. ولأنهم نسوا كيف تكون الأغاني ولم يعودوا يسمعون سوى تدحرج الأمواج على صخور جزيرتهم .. لكل هذا .. فقد قرروا ان يهربوا.! .. ولكن إلى أين ؟ والكون الغاضب لهم بالمرصاد
اقترح حكماؤهم كبار السن أن يحفروا كهوفاً عميقة .. وسراديب ملتوية يلجأون اليها .. واختاروا أن يعيشوا تحت الأرض .. أحدهم قال :- ( وما الفرق ؟ .. هنا ظلام وفي الكهوف ظلام .. )
حكيم آخر هز رأسه موافقاً وقال : - لكننا في الكهوف سنكون اكثر أمناً ..!
حكيم ثالث قال : - على الأقل سنرتاح من عزف الرعود وغناء الأمواج ..! ..
وهكذا عاش سكان الجزيرة تحت الأرض .. في الكهوف العميقة المظلمة .. والسراديب الملتوية الرطبة ..وشيئاً فشيئاً .. اعتادوا على هذه الحياة .. صحيح أن العتمة دائمة فلا يبصرون .. وصحيح أن الهواء متعفن فلا يتنفسون بسهولة .. وصحيح أن العقارب والخفافيش والعناكب .. أخذت تتكاثر وتتكاثر .. لكن أهل الجزيرة اعتادوا كل ذلك .. بل أصبحوا عاجزين عن تصور الحياة على نحو آخر ..!وشيئاً فشيئاً .. أخذت عيونهم تتضاءل .. تنمحي .. وبدأت تظهر على أجسادهم حراشف وأشواك .. كالقنافذ .. لكنهم مع هذا سلموا أمرهم لله واعتبروا الأمر طبيعياً ..!وتمضي السنوات .. وتكبر الأساطير بين سكان الكهوف والعتمة .. بدأ بعضهم يتحول إلى نوع من الغيلان والوحوش ..يمتصون الدماء وينهشون الأعضاء .. وكثر هؤلاء .. وصاروا يستعبدون غيرهم ممن هم أضعف جسدياً .. ولم يتحولوا بعد إلى وحوش .. ثم أخذوا يضعونهم في مزارع خاصة .. يتاجرون بهم .. ويذبحون من يسمن منهم .. ويأكلونهم في مناسباتهم الكثيرة.وتمضي السنوات .. وتكثر قطعان البشر .. الذين اعتادوا ذلك أيضاً وسلموا امرهم لله ولسادتهم ..انقرض جميع سكان الجزيرة الأوائل الذين يعرفون سطح الأرض .. ونسي الجميع شكل السماء ولون الشمس .. بل ونسوا ايضاً صوت الأمواج والرعود ..كان البعض يتحدث عن أساطير غريبة مرعبة .. تناقلوها عن أجدادهم .. تتحدث عن عالم يغمره شيء اسمه النور .. وعندما سئل أحد الحكماء ( الذين كثرت اعدادهم بين القطعان ) : - ما هو النور ؟فكر طويلاً ثم قال : - ( انه شيء يغمر كل شيء .. وهو يأتي من كرة حمراء هائلة ..( كعين الشيطان .. اسمها الشمس ..!
كان الصغار يستمعون الى هذه الحكايات برعب قاتل .. يحاولون ان يتصوروا الشمس .. تلك العين الحمراء .. وينتفضون رعباً .. ويهربون الى الزوايا الرطبة البعيدة ..!وذات يوم .. قرر أحد الشبان الصغار ..( كان معروفاً بالشجاعة .. ولم يدجن بعد .. بل وتجرأ مرة ونظر بحقد إلى أحد الوحوش الذي كان يضع العلف للقطيع البشري ! ) .. قرر هذا الشاب أن يصعد إلى سطح الأرض ..لم يخبر أحداً بقراره .. وبدأ يصعد في السراديب المعتمة الملتوية .. وشعور بالرهبة يجتاح كيانه ..!لمح شيئاً لم يكن قد رآه من قبل .. شيئاً أبيضاً لامعاً .. يجعله يرى الصخور بوضوح أكثر .. تساءل برعب ( هل هذا هو النور ؟! )لكنه استمر يصعد ويصعد .. لمح في نهاية النفق بقعة بيضاء مؤلمة .. تحرق العينين .. لكنه استمر يصعد ويصعد .. شعر بالهواء النقي يغشى صدره فكاد يغمى عليه .. واستمر يصعد .. وفجأة .. وجد نفسه على سطح الأرض ..!في البداية لم يجرؤ على فتح عينيه .. ولكنه بعد قليل .. وشيئاً فشيئاً بدأ يفتحهما .. لمح أشياء غريبة .. ساحرة .. لم يشاهدها من قبل .. قبة زرقاء واسعة .. وهناك عند الأفق كرة مضيئة جميلة ..( هل هذه هي الشمس .. عين الشيطان ..؟! ) ..تساءل مندهشاً ..( وهذا البساط الأزرق الممتد الى ما لا نهاية .. أهو البحر ..؟ ) ..كانت طيور بيضاء تحلق سعيدة فوق البحر .. وبعيداً .. بعيداً .. كانت أشرعة ملونة لمراكب مسافرة تبدو في الأفق .. قريبة من الشمس ! ..
قرر ان يعود ليخبر الجميع .. ليخبر القطعان الخائفة التي تحيا في العتمة .وعندما عاد .. أخبرهم باندفاع وحماس عن كل شيء .. وفي اليوم التالي وجدوا جثته مهشمة بلا دماء ..!أما القطعان فقد انتشرت بينها إشاعة .. عن عالم تغمره شمس جميلة مشرقة ..فانقسموا ما بين مصدق .. ومكذب



#منذر_ابو_حلتم (هاشتاغ)       #          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا زمانك .. قد مضت ازمانهم ... مهداة للشهيد عدي التميمي
- اسراب من الوجوه المهاجرة !
- فحيح الظلال
- كم كان حزينا .. !
- ماذا عن سانشو ؟!
- نبوءة العراف العجوز .. وقصص اخرى
- اين ومتى رأيت هذا الوجه ؟!
- بعد السبات .. قصة قصيرة
- وجهي والمدينة ..
- امن .. وقصص اخرى
- قطارات ...
- الكلب والتماثيل ..
- ثلاثة اصداء لصوت واحد ...
- لا تسمحوا لهم باحتلال ارواحنا ..!
- تقدم .. تراجع .. ايها الرقم المدجن !
- الشباب ووهم الحضارة الغربية
- الموتى لا يحلمون ... وقصص اخرى
- دراسة نقدية بقلم الدكتور  عماد علي الخطيب  - المطر في الشعر ...
- انشودة المدن الخاوية ..
- ذات سفر ..


المزيد.....




- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منذر ابو حلتم - القطعان والشمس الحمراء المخيفة