أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - لا نحارب و لا نثوركيف سنتغير















المزيد.....

لا نحارب و لا نثوركيف سنتغير


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 7402 - 2022 / 10 / 15 - 08:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحروب عادة ما تغير البشر .. تصهر الشعوب بنارها ..تطهرها من الضعف.. تحرق الخبث .. تبقي الاقوياء .
الموت و الخوف .. و فقدان الممتلكات و الأحباء .. و تدمير المدن والمساكن.. و التعطل عن العمل .. و عدم توفر الإحتياجات الأساسية .. و الهجرة المضطرة .. كلها عوامل يعقبها تغيرات في حياة الناس .. ما لم يقتلك يقويك .. في الغالب .. ينهي عالمك القديم .. ويبشر بمستقبل (أفضل) .. يزدرى فيه البشر ..العنف و الظلم ... .و يصبحون أكثر عقلا ..وإنسانية .
رأينا هذا بعد حروب ..أوروبا العظمي.. و حرب الإستقلال الأمريكية ..و الثورة الفرنسية أو البلشيفية .. وفي أغلب البلاد التي شهدت صراعات..مثل الصين و كوبا و اليابان و المانيا و إيطاليا ..كذلك بعد حروب إفريقيا القبائلية (التوتسي والهوتو) في رواندا .
كل من ذاق مرارة المعارك و قسوتها .. عرف قيمة الحياة و لم يعد يقبل إستمرار نظامة القديم ..و عمل علي إرساء أخر يراعي فيه مصالح الناس .. و مستقبلهم .
الحروب هي الدافع الرئيسي للصراع التكنولوجي .. فالطيارة و المدرعة و الغواصة .. و الصواريخ .. و القنابل النووية .. كلها تم إختراعها و تطويرها .. أثناء القتال ..
و معظم العلوم حدث لها طفرات ملحوظة مع الحروب .. مثل تلك الخاصة بالإتصال ( تليفونات تلغراف ..لاسلكي و أقمار صناعية و إنترنيت )..أوعلوم الطب والنفس و السلوك والتواصل الإجتماعي و البيولجي. و الجرثومي . بما في ذلك إرتياد الفضاء .
الناس طورتها الحروب .. إلا لدينا .. فنحن علي مستوى القيادة و الشعب .. لم نتغير أثناء أو بعد حروبنا و هباتنا الثورية إلا للأسوأ ..فدائما ما يعقب الحرب تدهور
لقد حاربنا في 48 و رجع الجيش المهزوم ليقوم بإنقلاب ضد الملكية الليبرالية الديموقراطية المستقرة من قرنين .. و إحتل كراسي إتخاذ القرار و دواوين الحكومة .. و ساط الشعب جورا و ظلما و محاكمات وإعدامات و سجون و معتقلات .. و جعل من الفقر و الجبن والخوف أمورا معتادة .
و حاربنا في 56 .. و فقد الجيش سلاحة في سيناء و لم تصمد قواته علي ضفاف القناة و لو لساعات .. و مع ذلك عادوا يرفعون رايات النصر و يزيدون من نفوذ عبد الحكيم عامر و جبروته .. و تحكمه
و حاربنا في اليمن و سيناء و لاقينا هزائم مخجلة.. ليعود الجيش يخطط لعمل إنقلاب .. ثم تصبح كل إمكانيات البلد مخصصة للمجهود الحربي .. بهدوء و دون شوشرة ..لا تجعل هناك صوت يعلو علي صوت المعركة .. فتنهار الصناعة و الزراعة .. و المرافق و نعود القهقرى للعصور الوسطي .
و حاربنا في 73 .. و تقدمت قواتنا ثم توقفت تلهث و شاهدنا العدو يعبر القناة و يجول حول مدننا و عاصمتنا .. و مع ذلك عاد الضباط يختالون .. ليمتلكوا الثروة و النفوذ و السوق.. ويفقروا الناس .. و يرهبونهم و يزدرونهم و يتعالوا عليهم .
حتي عندما ثرنا مرتين بسبب القهر و العوز.. كانت الموجة تستغرق أيام معدودات .. ثم تعود الأمور لما كانت علية لتشتد قبضة الحكام علي رقاب الخلق .
لماذا لم تحدث حروبنا و هباتنا تغييرا لانظمتنا و حياتنا في إتجاه الديموقراطية و الحرية و حقوق الإنسان كما حدث للأمم الأخرى في أوروبا و أسيا و أمريكا ..
لماذا لم تطورنا الحرب و تجعلنا نتمرد علي سلطة العسكر و الكهنة .. كما حدث بعد الحرب العالمية الثانية .. بل سكنا منتظرين ما يمليه علينا ديكتاتور .. محدود الثقافة و الفهم .
لماذا لم تتغير مصانعنا و إنتاجنا و أبتكاراتنا .. بل تدهورت و عجزت و توقفت .
السبب أننا في الحقيقة .. لم نحارب و لم نثور .. لقد ذهب نفر منا ( لا يزيد عن مائة الف في أكثر الأحوال ) إلي ميدان القتال بعيدا .. و عاد أغلبهم ..و قد أذهلتهم الخيبة لا ينطقون إلا تمجيدا . أما الملايين فلم تتغير حياتهم في الحقول و المصانع و قهاوى المدن ..,..ظلوا علي حالهم .
نحن شعب غير محارب .. تاريخنا منذ الأف السنين .. يقول أن هؤلاء الزراع يفضلون الظلم و القهر .. و الإستسلام للغاصب .. عن الثورة و القتال و الحرب .
حروب ( محمد علي ) كنا نقاد لها بالسخرة نتهرب منها حتي ولو بتشويه أنفسنا ..و إذا ذهبنا مجبرين نظل نغني (( يا عزيز عيني أنا بدى أروح بلدى ))..
لقد رأيتهم بنفسي في 67 .. عندما أرسلوا لنا الضباط و الجنود الإحتياط بجلاليبهم .. يحاول كل منهم أن يزيح عن كاهلة تلك المهمة الثقيلة .. و ستراهم أمام مقرات التجنيد و هم يوزعون الشربات لان إبنهم لم يصيبه الدور و أعفي .
ثوراتنا تحدث في المدن .. و لا تصل للريف .. فمنذ قهر المأمون لثورة البشموريين .. لم نر من الفلاحين من يثور علي الظلم و القهر و الأتاوات المبالغ فيها و ما أكثرها في زمن (الإنجاوات )
لم يحدث لنا ما جرى علي أبناء الضفة الغربية أو سيناء أو مدن القناة .. لم نهجر .. لم نخاف .. لم نحاول مقاومة المحتل ..لم تضيع ثرواتنا .. لم نفقد أعزاء لنا ..لم ندفع الثمن ..
أخر مقاومة ريفية كانت لعساكر الفرنسيس الغزاة لالذين يسرقون ما في قراهم من خير .. و منذ ذلك الزمن لم نسمع إلا عن دنشواى ..و كيف تم إعدام العديد من الناس ظلما هناك . .أو البقرى و خميس أطفال كفر الدوار.. وإرهاب عدلي لملوم في المنيا .. ثم إستسلم الشعب للطغاة .
لقد دارت الحروب المستجدة..كما لو كانت في بلد أخر .. لم يتأثر إبن أسوان أو الواحات أو مرسي مطروح أو شلاتين .. و لم يسمع عن الحرب إلا من الإذاعة و التلفزيون أومن بضعة أفراد جندوا بين رجال القوات .. و عادوا قليلي الحديث ..أو إستشهدوا و رحعوا جثث وحصلت عائلاتهم علي معاش كاف لإسكاتهم .
أبناء القاهرة و الأسكندرية و طنطا و دمياط .و المنصورة ... لم يعرفوا معني الحرب الحديثة .. و لا ويلاتها .. و لم تصبح الحياة عزيزة عليهم بعد أن تعرضوا للفناء.. لم يسمعوا صوت طلقة أو قنبلة .. و لم تهتز منازلهم من الإنفجارات .. و لم تدمر مدنهم .. و تغتصب نساؤهم ..وتضيع ثرواتهم ليصبح عليهم مقاومة الغاصب.
أبناء مصر في الريف و المدن .. لم يتغيروا كما تغير أبناء الأقطار المحتلة .. و لم ينظموا أنفسهم ليقاوموا الغزاة .. و أصبح كل جهدهم هو الغناء و الدعاء في الجوامع و الكنائس من أجل نصر القوات التي علي خطوط الجبهه .. أو البحث عن مكاسب تجعلهم من أثرياء الحرب .
نعم هذا المكان .. لم تغيره الحروب .. إلا للأسوأ .. ليعاني في كل مرة من حكم الديكتاتورية الفاشيستية التي تنتهز الفرصة و تشدد قبضتها علي رقاب الخلق ..و يصبح الحديث عن التغيير خيانة وطنية
المصرى كان عليه أن يدفع راضخا ثمن الأسلحة التي تركت دون إستخدام .. و يستسلم لحواديت أجهزة البث و الدعاية عن بطولات القوات المنهزمة .. و يرى أن تغيير النظام بعد أن تورط في خسائره..سيؤدى إلي فوضي لا يمكن معرفة حدودها .. فيخرج يصيح .. للقائد المنكسر (( ... ... لا تتنحي )).
الشعب لانه لم يحارب و لم يصارع و لم يعاني مباشرة من ويلات الحروب فهو بسبب هذا لم يراجع مسلماته و لم يتعلم من خسائره..و تكتم الخبر لا يتداول تفاصيله.. ولم يستطع المواجهة حتي بالكلمات .. إلا القليل من الأشعار التي يرددها الشباب بحماس و شجن ((الحمد لله خبطنا تحت بطاطنا يا محلا رجعه ظباطنا من خط النار)).. ثم ساخرامن الذين ظلموه((يا اهل مصر المحميه بالحراميه الفول كتير والطعميه والبر عمار))...و حتي الفول و الطعمية أصبحت حلما لأغلب الناس الذين أفقرهم المليرديرات الضباط .
يبقي أبناء سيناء الذين تضرروا أبلغ الضرر من كل الحروب التي دارت علي أرضهم ..لماذا لم يتغيروا.. و ثم هل هم فعلا لم يتغيروا ..؟؟ .. سؤال سيصعب الإجابة علية .. في ظل التعتيم المعرفي .. و الصمت الذى يفرضه الحاكم العسكرى علي ما يدور في هذه المناطق .. والديماجوجية الإعلامية ..و قوة الفكر السلفي بينهم .. التي تجعلهم يحملون السلاح في مواجهة مع أبناء بلدهم ( لقد تغيروا !!).
الحروب وضع غير إنساني لا أرجوها لكم .... و لكنها للاسف هي و الثورات المحرك الأساسي للتغيير و بدونها يحدث ركود للمجتمعات ... و نحن لم نخض حروبا أو ثورات.. فأصبحنا فريسة سهلة لأصحاب الإقتصاد الريعي المتخلف .. وفساد الكومبرادور الزاكم للإنوف



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضباب ..ما بعد سن الثمانين
- عندما ذاق العسكريون رحيق التمييز
- صدمات التفكير المنطقي
- أخر المناضلات المحترمات
- كوابيس الشيخوخة والوطن
- شيلو الرف أبو ذمة كاوتش
- مدن الطغيان الشرقي
- السيطرة علي عقول الأغلبية
- محطة كهرباء نووية في مصر
- الحصاد المر لإنقلاب 23 يوليو
- لم يعد للكلام المكتوب معني
- تيار الفساد أصبح تسونامي .
- يحي شلش و كتابة في التوجيه المعنوى
- و كان الفنان أكثر صدقا .
- الحياة صعبة .. و ممرضة
- مصر و عصور إضمحلالها(16)
- مصر و عصور إضمحلالها(15)
- مصر و عصور إضمحلالها( 14)
- مصر و عصور إضمحلالها (13 )
- مصر و عصور إضمحلالها (12 )


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - لا نحارب و لا نثوركيف سنتغير