أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - الحصاد المر لإنقلاب 23 يوليو















المزيد.....


الحصاد المر لإنقلاب 23 يوليو


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 7316 - 2022 / 7 / 21 - 09:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


.
ماذا تفعل الإنقلابات العسكرية بالأمم ..غير تعويقها وحرفها عن طريق التنمية و التقدم وإجهاض تطوير حياة ديموقراطية يتمتع فيها الناس بالحرية و الأمان .
سيادة فكر العسكر الفاشيستي العنيف ..غير المكتمل للخبرة أو التعليم .. والقيام بتجارب فاشلة غير مدروسة .. واحدة تلو الاخرى تزيد من شقاء الناس و تخلفهم وتبعدهم عن حلم الأنعتاق .
تاريخيا .. لم ينقلب العسكر علي حكامهم و ترتب علي هذا الفعل تقدم أو تحسن لحياة الشعوب و الأمم .. لقد كانت دائما ما تتحول إلي ديكتاتورية أوليجاركية بائسة متحالفة مع رجال الدين .. ممرضة .. و تسقط بناسها في بئر الهزيمة و الإفلاس
إنقلابات مصر بدأت في يوليو 1952 مثل هذه الأيام منذ سبعين سنة .. ( حركة مباركة ذات مطالب فئوية ) .. ثم تمرد ضباط الفرسان فبراير 1954 الذى عاد بنجيب للحكم بعد صراعات مع عبد الناصر .. يليه 26 مارس من نفس السنة ينقلب ناصر وعامر علي نجيب و يقيم ديكتاتورية عسكرية مستمرة حتي الان .
ما حدث بعد مارس 1954 أصبح نموذجا يحتذى به كل العسكر عندما ينقلبون .. و هو انشاء دولة امنية فاشستية ..مع ظهور مبعوث العناية الالهيه منقذ الوطن الديكتاتور العادل صاحب النظريات التي تناسب شعبة بعيدا عن ديموقراطية الرجعية و كفر و الحاد الشيوعية .
كتب خالد محي الدين ـ الان اتكلم ـ ((اعلنت قرارات مارس الشهيرة : اتخاذ الاجراءات فورا لعقد جمعية تأسيسية منتخبة بطرق الاقتراع العام المباشر، علي ان تجتمع خلال شهر يوليو 1954 ..تقوم الجمعية بمناقشة مشروع الدستور الجديد و اقراره و القيام بمهمة البرلمان الي الوقت الذى يتم فيه عقد البرلمان الجديد وفقا لأحكام الدستور الذى ستقره الجمعية فيما عدا سلطة اسقاط الوزارة .. الغاء الاحكام العرفية قبل اجراء انتخابات الجمعية يكون لمجلس قيادة الثورة سلطة السيادة لحين انعقاد الجمعية .. ينظم الدستور الجديد كيفية تنظيم الاحزاب ))
لنرى ما حدث بعد ذلك بثلاثة اسابيع (( قبل زيارة الملك سعود وقعت ستة انفجارات دفعه واحدة انفجاران في الجامعة وآخر في جروبي و اخر في مخزن الصحافة بمحطة سكة حديد القاهرة وبدأ البعض يستشعر ان الزمام يفلت و ان الامن غير مستقر .. وقد روى لي البغدادى و اكد في مذكراته ان عبد الناصر ابلغه و آخرون انه هو الذى دبر الانفجارات لاثارة مخاوف الناس من الاندفاع في طريق الديموقراطيه ))..
(( وهكذا فان عبد الناصر اذ رتب لهذا الرجوع عن القرارات الديموقراطية كان يستند الي ميزان قوى لصالحه فمعه اغلبية ضباط الجيش ، ومعه قطاع واسع كبير من الجماهير الشعبية ، ومعه قطاع هام من الطبقة الوسطي و معه ايضا الاذاعة و الامن و المخابرات و هيئة التحرير ))
((و بدات العجله تدور في يوم 28 مارس بدأت خيوط التدبير تتضح ، فقد اضرب عمال السكة الحديد و اضرب عمال النقل العام و اعتصموا مطالبين بالغاء قرارات 5 مارس و مطالبين باستمرار الثورة و سارت مظاهرات تهتف تسقط الديمو قراطية و تسقط الاحزاب )).
بكلمات أخرى .. المنقلبون المصريون أسسوا لاسلوب حكم جديد مبني علي الكذب و التآمر و خداع الجماهير وترويعها .. فعمال النقل هؤلاء تم رشوتهم بواسطة عبد الناصر لاستخدامهم ضد اول رئيس لمصر
والضباط المعارضون الملتفون حول خالد محي الدين تم إما سجنهم او طردهم من الجيش او تحويلهم لوظائف مدنية
ومحمد نجيب نفسه سٌجن في فيلا بالمرج تحت حراسة همجية وظروف معيشية مذرية و باقي رجال الانقلاب تسربوا ( أو سربوا ) واحدا خلف الاخر حتي لم يبق علي المداود الا ناصر و عامر ثم السادات .
دوله ما بعد مارس 54 التي قامت علي ارض المحروسة تم استنساخها بعد ذلك في سوريا و العراق و ليبيا اليمن و تونس و السودان و الجزائر و الصومال .. دولة لها ملامح متكررة مبنية علي الوهية القائد ((بالروح بالدم نفديك يا فلان )) و تصوره هو نفسه انه هبة الاقدار لوطنه..
والقائد يلتف حوله بطانة من المنتفعين الذين لا رأى لهم الا ما ينطق به سيدهم .. و البطانة عمادها اجهزة الامن التي تزداد و تتوغل و تتغول حتي تتحكم في كل كبيرة و صغيرة ..ثم ان الزعيم يحول البلد الي عزبة ابوه، يعطي من يشاء و يحرم من يخالف .. سيف المعز و ذهبه .
ما فعله عبد الناصر في جيش مصر اصبح يدرس في اكاديميات العالم الثالث الإنقلابية ..ففي البداية فرغه من القيادات الرجعية القديمة ، ولكنه اكرمهم بوظائف مدنية يفسدونها .. ثم وضع علي راس الجيش جاهل سيادة الصاغ الذى اصبح لواءً فمشيرا ، ثم منح الذين احتفظ بهم القائد الجديد امتيازات لا يمكن تصور حجمها الا اذا قورنت بمستوى المعيشة القائم في ذلك الوقت ، ثم افسدهم بمكافئة من يشي منهم بالاخرين
اما المثل العليا و الاخلاق فموضوع مؤجل ليوم الحساب (كما قال نجم )لا يوجد مانع ان يرافق كبار الضباط او يتزوج راقصة اوفتاحة في كبارية و لا عيب في تدخين المخدرات المبلطج علي ثمنها ..او الحصول علي قصر او سكن من اجنبي عنوة او مغافلة الجمارك و الضرائب او بيع تحف الاسرة المالكه المصادرة في اسواق اوروبا .. الضابط المنقلب مسموح له ان يفعل اى شيء و بمباركة من القيادة ما دام لا يخطط لانقلاب أخر..
ثم استنزف قوتهم في حروب لا طائل منها، وهكذا اصبح جيش لا يستطيع ان ينقلب و لكن ايضا لا يستطيع ان يحارب فانهزم في اليمن و 67 ..
الجيوش المستنسخة من جيش ما بعد مارس 54 اوقفت حقا الانقلابات التي بدأت مع افتتاح القرن العشرين ولكنها خلقت مجتمعات متخلفة جبانة .
عندما ينقلب العسكر يتخيلون انهم يمكنهم ان يديروا بلادهم بنفس الاسلوب العسكرى المبني علي الامر و الطاعة دون تفكير، وهو امر ان نجح ادى الي تحول الشعوب لكائنات مريضة لا تستطيع ان تنتج او تخترع او تتفاعل الا في اضيق الحدود، ولهذا فشلت جميع الانظمة العسكرية التي حكمت حتي لو كان القائد في قامة شارل ديجول او ايزنهاور ..
وهكذا مرت 70 سنة ..كنت شاهدا واعيا فيها .. علي إنقلاب البكباشية و طرد الملك ..
خلال هذه المدة القصيرة بالنسبة لتاريخ مصر تغير النظام السياسي و الإقتصادى لاربع أو خمس مرات
( ليبرالية الوفد ، أوليجاركية الضباط الأحرار ، ديكتاتورية رأسمالية الدولة الإشتراكية الناصرية ، ديموقراطية الأنياب و المخالب الساداتية ، نهب عصابات المافيا المباركية .. أوليجاركية عسكرية طنطاوبة .. ديكتاتورية الكومبرادورات و تحكم البنك الدولي .... )
و هو أمر غير طبيعي
كان علي المصرى مع كل تغير ..أن يتغير بالتبعية .. ليصبح مواطنا صالحا متوافقا مع حكومته .. و إلا فالسجون و المعتقلات مفتوحة دوما لإستقبال المعارضين أو المختلفين .
السبب في ذلك أنه تم تدمير الحياة السياسية المزدهرة منذ 1919 ..عمدا ..فلم يوجد في بلدنا منذ سقوط حزب الوفد .. حزب جماهيرى .. نابع من بين الناس .. يعمل من خلال رقابتهم علي تنفيذ سياسات تؤدى لصالحهم ..
الأحزاب التي كونتها الإنقلابات النظمية المختلفة .. جاءت دائما من أعلي .. تنفذ التعليمات .. و لا تضع سياسة مفيدة للناس أو ترعي مصالحهم .. و حريتهم .. و حقوقهم .بقدر ما تنفذ مخططا مجهولا في رأس الزعيم .. لا يعرفه غيره .
بدأنا الأمر بهيئة التحرير .. راسها ضابط .. و أعضاؤها ضباط .. و بعض من المصفقين و الإنتهازين و النفعيين ..
ثم إنتقلنا في 16 يناير 1956م إلي الإتحاد القومي .. حزب واحد حاكم ((يمثل البوتقة السياسية التى ينخرط فيها الشعب بكل طبقاته بعد نهاية المرحلة الانتقالية و طرح الدستور الجديد للاستفتاء)) ،
ولم يكن الاتحاد القومي عند عبدالناصر و قادة الثورة مجرد هيئة سياسية لملء الفراغ الذى اوجده حل الأحزاب السياسية، إنما كان كما قال عبدالناصر تعبيراً عن مصر كلها و يمثل الشعب كله .( راجل طيب أو متلاعب )
و فشل الإتحاد القومي أن يضم غير الإنتهازيين و أكيلة العيش .. فتكون في 4 يوليو 1962 الإتحاد الإشتراكي العربي لتحالف قوى الشعب العامل ومن داخلة التنظيم الطليعي للجواسيس و المرشدين و له نقس الأهداف .. و لكن تحليها كلمة إشتراكية ( هتلر كان حزبه يحمل لقب إشتراكي )
بعد هزيمة 67 ثم عبور 73 قام السادات بمنح الشعب الديموقراطية بالمعلقة و القطارة فأوجد في مارس 76 داخل الحزب المنابر.. ثم بعد سنة في يوليو77 حولها إلي ثلاثة أحزاب اليمين الأحرار الإشتراكيين .. و اليسار التجمع الوطني الوحدوى و الوسط حزب مصر العربي الإشتراكي .
و بعد سنة أخرى يوليو78 و بين يوم و ليلة أسس الحزب الوطني الديموقراطي و إنتقل إليه أغلب سكان حزب مصر العربي .
الحزب الوطني حكم طول فترة مبارك بلجنة سياساته حتي سقط في يناير 2011 ..و حل محلة حزب الأخوان المسلمين ( الحرية و العدالة ) الذى أزالته القوات المسلحة بالبولدوزر الشعبي لتحل محله في الحكم .
أثناء حكم مبارك تكونت عشرات الأحزاب الهيكلية الموافق عليها بواسطة لجنة الأحزاب و مسيطر عليها بواسطة اجهزة الأمن و صفوت الشريف .
والأن لدينا مائة دكان يطلق أصحابهم عليها أحزاب لا يمتلكون من صفة الحزب إلا اليفط المعلقة علي أبواب المقرات و الإعانات التي يحصلونها من الحكومة .
هيصة التنظيمات و الأحزاب التي أنشأتها مراحل الحكم المتتالية .. كانت غير قادرة علي القيام بمهام الحزب التقليدية .. خوض إنتخابات عادلة ذات شفافية .. الحصول علي أغلبية برلمانية من خلال إنتخابات حرة دون تلاعب .. تكوين حكومة توافق عليها الأغلبية و تحاسبها .. وضع سياسة تنموية علي مستوى الإستراتيج و التكتيك.. نقل وجهة النظر الشعبية إلي الاجهزة التشريعية و التنفيذية .. تطوير الأداء الحكومي بواسطة كوادرها المتخصصة بحيث يتناسب مع برامجها و المستجدات المحلية و العالمية . و في النهاية الية يحاسب بها الشعب الحزب الفاشل فيسقطه
يقوم الأن ( 2022 ) بكل هذه المهام حزب من نوع مبتكر مكون من ضباط القوات المسلحة بالخدمة أو المتقاعدين .. كم هائل من اللواءات تجدهم في كل مكان سياسة ،فن ،إعلام ،صرف صحي ،مترو الأنفاق سكة حديد ، صحة ،الإنشاء و الهدم ،المحاكمات ، الإقتصاد ،الحكم المحلي .. أحدث أخبار الحزب تعيين لواء يرتدى البلدلة الميرى نائبا لرئيس المحكمة الدستورية لأول مرة في التاريخ .
كبار الضباط من المليارديرات و المليونيرات تشكل دائرة ضيقة حول الحاكم من المستفيدين .. تمتلك السلطة و القرار .. و من ثم الأموال .. و باقي الشعب يعيش في فقر و عوز و حرمان و خوف .
مصر كانت حتي 1952 محمية من هذا الشطط .. بسبب أن جيشها كان محكوما إما بواسطة الإنجليز الذين إحتلوها لسبعين سنة أو كانت قياداته من الأرستقراطية .. التي تتصل بعلاقات قرابة مع الأسرة المالكة .. أو أبناء الباشوات.. و يرأسه وزير( مدني) يتبع سياسة حزبه .
هذا عن الناحية السياسية أما ألإقتصادية . فالتغييراتة كانت أكثر قسوة و عمقا ..من ليبرالية حكومة الوفد و فيض من المستثمرين المحليين و الأجانب .. لتاميم ممتلكات الأجانب و مزارع كبار الملاك .. فالإشتراكية العربية ( الكفاية و العدل ) فسقوط متتالي يبدأ بإنفتاح السادات و ينتهي بديون خارجية تتجاوز 150 مليار دولار .و عجز في الموازنة يساوى 100% من المصروفات بسبب إستهلاك فوائد القروض إجمالي الدخل المقدر للدولة .
التغييرات المتناقضة هذه لم تتم بسلاسة .. و لكن بعد تراكمات يومية تبدأ مع إنقلاب صغار الضباط من بكباشي فما دون الذين تسربوا إليه بعد معاهدة 1936و تنتهي بتكوينهم طبقة منفصلة عن المجتمع تتمتع ىبكل الفرص و الإمتيازات و تخطط لتستمر لقرون . ..
ضباط البداية كان همهم الأول و الأخير .. التخلص من قياداتهم الأرستقراطية و التشبه بهم ..و إحتلال أماكنهم .. بنفس مميزاتهم .. و ثرواتهم .. بل وقصورهم وضياعهم و الزواج من بناتهم إن أمكن .
إن ما حدث ليلة 23 يوليو .. كان برؤية أغنياء البلد في الريف و المدينة ..أمور ليست فوق مستوى الشبهات و ليس لها علاقة بمحاربة الفساد لقد إنقضوا علي ثرواتهم و مجوهراتهم و أموالهم يتقاسمونها .. بحجة الثورية .. ثم وجدوممتلكاتهم في أسواق و مزادات أوروبا تباع دون مواربة .
القصص التي تحكي عن ما فعله مماليك العصر الحديث في ثروات الأغنياء .. تم تداولها سرا علي هيئة إشاعات لذلك لن أرددها .. و لكن الواقع الذى شاهدة كل منا ..لم يكن إشاعات .. لقد كان استيلاء الضباط علي المساكن الفاخرة و إنتقالهم و عائلاتهم لها .. واقعا أستطيع أن أسمي عدد من أصحابه كانوا من سكان حينا .. ثم فجأة إنتقلوا ..
و أستطيع أن أصف كيف تعالي الأبناء منهم علي الأصدقاء منا الذين لم يغادروا الأحياء القديمة و لم تتغير مواقعهم الطبقية بالسكني في مصر الجديدة و جاردن سيتي والزمالك و وسط البلد
لو أن التيار الذى قاده محمد نجيب .. و خالد محي الدين .. في مارس 1954 إنتصر .. و رجع ضباط الجيش لثكناتهم .. و تم إجراء إنتخابات ديموقراطية بشفافية و عدالة .. لعادت مصر للمسار الليبرالي. ولما أصيب المجتمع ببلايا الفاشيست لسبعين سنة
و لما تصور عبد الناصر ( الديكتاتور العادل ) أنه مبعوث العناية الإلاهية .. لإنقاذ شعب مصر من طغيان أصبح بالمقارنة بما تم في زمنه و زمن خلفاءه .. (لعب عيال )..
شخصية الديكتاتور ( عادل و لا مش عادل ) توحي لصاحبها بأن ما يفعله هو الصواب و الحق .. و أن من يعارضة هو عدو للتغيير ..وترقية الأمة .. و تعديل مسارها لتصبح ( قد الدنيا ) ..و عليه تصفيته من أجل الصالح العام ( كلمة غامضة تحمل الأف المعاني )
يصاحب ذلك أن الأمة التي يحكمها ديكتاتور .. تعطل جهاز المناعة الذاتية فيها الناتج عن الحوار و الكشف و الديموقراطية ..و تصحيح الأخطاء .. و تصبح معرضة لجميع أنواع الأمراض .. و منها التعصب .. و الخضوع للكهانة الدينية .. و عدم رؤية الأخطار .. و تفتت المجتمع لفئات متصارعة .. و عدم التعلم من الهزائم وتكرار الإنحرافات و هو ما حدث للمصريين منذ مارس 1954 حتي مارس 2022
إنهيار مصر ما بعد الإنقلاب تم علي مرحلتين .. الأولي من يوم الإنقلاب حتي يوم وفاة الزعيم ..كنا نناطح فيها كل قوى الإستعمار ... رغم قسوة الأمن و المعتقلات .. و الإغتيالات .. إلا أن الناس لم تفقد الأمل .
و الثانية بعد أن خاض .الجيش المصرى معركة محدودة استرد فيها جزءا من سيناء ثم وقعت القيادة السياسية بعدها معاهدة للصلح مع إسرائيل وتبادل السفراء ... والبضائع ...و إحتفل المصريون .. بانه أصبح هناك أصوات ستعلو علي أصوات المعركة .. و أنه قد آن الأوان لإصلاح المرافق الخربة ..و الحياة خارج نفوذ الضباط بشكل ديموقراطي ..و العودة لخطط التنمية التي توقفت بسبب الحروب .. و التعلم من درسي (الهزيمة .. و العبور) أن الشعب هو السند و هو القوة التي تحقق .. المعجزات .. حتي و لو كان عبور المانع المائي لقناة السويس و مواجهة العدو المتمترس في حصونة بأسلحة بسيطة يحملها الجندى العادى .
و لكن بدلا من تحقق هذه الأمنيات
ارتفعت الأسعار خلال شهور الى الضعف .. ولم يتوقف بعد ذلك ارتفاعها ... وساد منطق التجار .... اصبح الربح هو الهدف الأول والدافع الأساسى لكل الأنشطة الإنسانية ولم تعد حاجة المجتمع تلق أى اهتمام ... لقد بدأ استنزاف الرأسمالية السافر لكل قطرة من دم الشعب... وحاصرته بقيمها و أفكارها و فرضت عليه علاقاتها ونمطها فى الحياة ... حتى أزمتها و أمراضها حتى جنونها وجنوحها
لقد كانت الرأسمالية المحلية قد أعدت المسرح لقفزتها الأخيرة .. بعد أن حدث تراكم مالي لعناصر عديدة يسمح باستثمارات أكبر ...خصوصا بعد إرتفاع سعر الأراضي و تبويرالزراعية منها و تحويلها للإسكان .
و بذلك تم التخلى السياسى عن الاشتراكية والمعسكر الاشتراكى ... وتم وصم الفترة السابقة بالعنف والارهاب وحكم الفرد والبوليسية .
تمت ( ثورة مايو ) ضد ( مراكز القوى ).. وتم قمع الهبات الشعبية (انتفاضة الحرامية ) وتكون جيش معد بأحدث أسلحة القمع ( الأمن المركزى) والتضخيم الإعلامي لحجم الانتصار المحدود ومبادرة السلام وكامب دافيد
وتم الانحياز الكامل لأمريكا وفرشت لها السلطة الورود ليحضر مستثمروها بالأموال والتكنولوجيا .. والقروض
وعاد من الخارج كل فلول الرأسمالية القديمة ليتحالفوا مع أبناء الطبقة الجديدة من الحكام وقادة العمل الاقتصادى والسياسى ... وليكونوا طبقة جديدة من الكومبرادوريون أتباع الاحتكارات الأجنبية ... يقتلون الصناعة والزراعة ويغرقون السوق بالمنتجات الاستهلاكية القادمة من كل بقاع الأرض.
طبقة غير متجانسة كونها التجار الذين أثروا خلال الأزمة... ورجال القطاع العام والبنوك الذين تحالفوا معهم ونهبوا مؤسسات الدولة وشركاتها
وزادت سرعة التراكم ... لقد استنفذت الرأسمالية كل ما قدمته أمريكا وأوروبا من قروض و معونات.. وكل ناتج البترول وقناة السويس وناتج العمل بالخارج
ان الرأسمالية الجديدة تمتلك الاف المليارات بالخارج ومنها علي الاقل سبعة مليارديرات و الأف المليونيرات ... رغم معاناة الدولة من الديون
وهكذا استطاعت الرأسمالية أن تعدل نمط السلوك الى سلوك استهلاكى سلعى والقيم الى قيم الربح السريع والخطف والفردية ... والفن الى فن رخيص تجارى ساقط .. والمنافسة الى منافسة همجية وحشية ...
واستطاعت الرأسمالية العالمية تصدير أزمتها الاقتصادية الى مصر بعد أن كانت محمية بأسوار عالية من قوانين راسمالية الدولة الإشتراكية ..
وانخفضت قيمة الجنيه أكثر من مرة و أصبح له أكثر من سعر وارتفعت الأسعار عشرات المرات .
لقد تم التحول علي خطوات متتالية .. بدأ خلال حكم السادت ونمي و ترعرع مع مبارك و جمال مبارك .. ثم حدث الإنتصار النهائي (للراسمالية الطفيلية) بعد ضعف الدولة .. مع ثورة 2011. و سقوطها علي مرحلتين .
الأولي .. بتمكين إمبراطورية الأخوان المسلمين الإقتصادية .. علي أساس إرتباطها بالسوق العالمي .. و لكونهم تجار و رأسماليين سيقومون بعمل الإصلاح الإقتصادى ( ريفورم ) المقترح من البنك الدولي و تسليم منصر لصندوق الدين
و لكن فات المخطط الأمريكي أنهم لم يكونوا منفردين بالسوق المحلي .. فالقوات المسلحة نمت قواعدها الإقتصادية بحيث أصبحت ذات وزن منافس
لذلك بدأ الصراع مباشرة بعد تولي الأخوان للحكم بين تجار القوات المسلحة ..و تجار الأخوان علي اللقمة الطرية ( الريال ستيت ) أى أعمال البناء و التشييد .
تمكن الضباط في النهاية بقوة السلاح و الإعتقالات (حتي لرئيس الجمهورية) و إمتلاك أراض المعسكرات من إنهائة لصالحهم .. .
اللحظة الحاسمة لإنتصار الرأسمالية الطفيلية كانت منذ سبع سنوات عندما عرض الضباط القيام بالمهمة التي فشل فيها السادات و مبارك و الأخوان ..أى تطبيق سياسات البنك الدولي و صندوق الدين و كان لهم بذلك دعم أمريكا و البنك .. و من هم خلفهم .. دون الإهتمام بما سيعانية الشعب .. من ظلم و فقر و إحتياج

و هكذا تبع المحدثون .. خطوات السابقين . في تسلسل متصاعد علي حساب مستقبل الأجيال القادمة و توسعوا في مجال المقاولات التي إكتسبوا خبراتها عندما كان عليها العبء الأكبر فى إنشاء الخطوط الدفاعية الجديدة للجيش ..
بدون أى دراسات جدوى أو حساب أو منافسة أى بطريقة ( التكلفة + قيمة مضافة).. فتحولت إلي إنشاء الطرق و الكبارى التي لا لزوم لها .. و المدن المترفة الحديثة صعبة التشغيل و المحافظه علي تقنياتها (سرقوا كابلات التحكم ا لقطارات السكة الحديد المستحدثة ) و التي ستتحول لخرابات الكترونية بعد عدد محدود من سنوات شغلها و عدم صيانتها .
و تحول الشعب المبتلي عبر سبعين سنة إلي مجموعة متنافرة من الأفراد .. يسعي كل منهم للنجاة من السقوط الطبقي و دفع فواتير الكهرباء و الغاز و المياة إلبكترونيا ..و الأتاوات .. و الضرائب ..و الجمارك .. و أجور الأطباء و المدرسين و المدارس .. و الإنترنيت .. و الفضائيات و حفلة روبي أوعمرو دياب بالساحل الشمالي . ..
يعاني من غياب المنطق و العقل الذى أصبح سمة مجتمع تحكمة الرأسمالية الطفيلية التي إنتصرت في يوم أسود عندما ضعفت الدولة .. فهاجمها المرتزقة من كل جانب .
كل عام و حضراتكم بخير .. كان هذا حديث من عاش المأساة يوم بيوم .. و تضرر أبلغ الضرر من وجوده في مكان غير ديموقراطي تهرس فيه حقوق الإنسان و حريتهم و تكافوء الفرص و يفتقد للشفافية ..
و يرى أن أفضل ما قدمته 23 يولية هو أنهم لازالوا يحتفلون بها .. و يمنحون الناس أجازة .. إستمتع بيوم أجازة تقضية في المنزل هربا في حر يوليو و فكرقليلا .. لو أتيح لك أن تستخدم الة سفر عبر الزمن .. فهل ستعود لما قبل 23 يوليو 52 .. و تحذر الملك .. أنا شخصيا كنت سأعطية قائمة بأسماء القلة المنحرفة التي كانت تخطط للإنقلاب عليه .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم يعد للكلام المكتوب معني
- تيار الفساد أصبح تسونامي .
- يحي شلش و كتابة في التوجيه المعنوى
- و كان الفنان أكثر صدقا .
- الحياة صعبة .. و ممرضة
- مصر و عصور إضمحلالها(16)
- مصر و عصور إضمحلالها(15)
- مصر و عصور إضمحلالها( 14)
- مصر و عصور إضمحلالها (13 )
- مصر و عصور إضمحلالها (12 )
- مصر و عصور إضمحلالها(11)
- مصر و عصور إضمحلالها(10)
- مصر و عصور إضمحلالها(9)
- مصر و عصور إضمحلالها(8 )
- مصر و عصور إضمحلالها(7)
- مصر و عصور إضمحلالها(6 )
- مصر و عصور إضمحلالها( 5)
- مصر و عصور إضمحلالها(4).
- مصر و عصور إضمحلالها(3)
- مصر و عصور إضمحلالها.(2)


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - الحصاد المر لإنقلاب 23 يوليو