أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فضيل العربي - جوع في الجنوب و حرب في الشمال














المزيد.....

جوع في الجنوب و حرب في الشمال


علي فضيل العربي

الحوار المتمدن-العدد: 7397 - 2022 / 10 / 10 - 13:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خلّفت الكوارث الطبيعيّة و الجوائح ، في القسم الجنوبي من كوكبنا مآس إنسانيّة فظيعة ، يندى لها الجبين . فقد ازداد عدد الأفراد الجوعى والعائلات الجائعة بشكل رهيب ، بات يهدّد قبائل م مجتمعات رمّتها ، بالزوال و الفناء . ففي القرن الإفريقي ، و في دول الساحل و في شرق إفريقيا ، و في اليمن و بنغلادش و بورما ، لم يجد السكان أقوات يومهم ؛ من ماء و غداء . نتيجة موجة الجفاف التي ضربت مناطقهم ، و آثار جائحة كورونا ، و الأميّة انعدام التنميّة المستدامة ، و ندرة الإنتاج الزراعي و الاستبداد السياسي و تغوّل الشركات الغربيّة ، و الأمراض المنتشرة ، كالملاريا و التيفوئيد و الكوليرا ، و غيرها من الكوارث القاتلة .
بينا تدور في الشمال ( المتنوّر ) و ( المتحضّر ) و( الديمقراطي ) و ( الإنساني ) حرب ضروس بين روسيا و أوكرانيا . و هي حرب أسبابها ، إيديولوجيّة ، في إطار الصراع بين الشرق و الغرب حول مناطق النفوذ الاستراتيجي . و هي ، أيضا ، من مخرجات الحرب الباردة ، التي انطلقت بعد الحرب العالميّة الثانيّة ، و استمرّت مراجلها تغلي في صمت ، إلى أنّ تحوّلت إلى حرب حاميّة الوطيس ، أدواتها المدافع و الصواريخ و القنابل و الأسلحة الفتّاكة ، و ضحاياها السلم العالمي ، و الأطفال و النساء و العساكر المدفوعين إلى حتوفهم بجرعات الوطنيّة و القوميّة الكاذبة .
و السؤال الذي يحب طرحه : كم استهلكت هذه الحرب من أموال و أنفس ؟ و كم ستستهلك ، إن استمرّت ، هذه الحرب المجنونة ، و لم تتوقّف رعونة القادة السياسيين و العسكريين في روسيا ؟
ألم يكن من الأحرى و الأفيد و الأجدر و الأرحم ، أن تُنفق تلك الأموال في محاربة الأميّة و الجوع و الفقر و الأمراض و التصحّر ، في مناطق شتي من جنوب كوكبنا ؟ إنّها حرب لا منتصر فيه إلاّ الخراب و الدمار و الكوارث الطبيعيّة . فلو قمنا بعمليّة حسابيّة ، و لو بشكل نسبيّ ، حول تكاليف هذه الحرب القذرة ، فإنّنا سنتوصّل – لا محالة – إلى نتائج يشيب لها الولدان .
إنّ الأموال التي صَرفت على الصواريخ و القنابل و طلعات الطيران الحربي ، و حركات السفن و الأساطيل البحريّة ، و طلقات الرصاص ، و الإنفاق الحربي على العساكر ، في هذه الحرب الخاسرة ، كانت كفيلة بحلّ أزمات الأميّة و الجوع و المرض و الفقر و الجفاف في القسم الجنوبي من الأرض ؛ سواء في إفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينيّة . فكل قنبلة تساوي ضياع مدرسة ، و كل طائرة حربيّة تكاليفها تكفي لبناء مشفى للأطفال أو الكبار ، و كل صاروخ ، مداه قصير أو متوسط أو بعيد ، ثمنه كفيل بتوفير الغذاء لطفل جائع أو امرأة متربة أو فقير يسفّ التراب .
هناك أطفال و رضع في القرن الإفريقي – مثلا – يعانون ، أشدّ المعاناة من سوء التغذيّة . فأمهاتهم عاجزات عن تأمين الغذاء لهم .
إنّ تكاليف ، هذه الحرب المجنونة ، كافيّة – و قد تفضل – لمعالجة أزمات الجنوب ، الاقتصاديّة و الاجتماعيّة و الصحيّة و التربويّة .
و السؤال الذي يبيّض له ريش الغراب ، هو : لماذا لم يسع ممارسو فنّ السيّاسيّة و قساوسة اللاهوت و فلاسفة الإنسانيّة و دعاة الليبراليّة و الديمقراطيّة و حراس حقوق الإنسان في الغرب ،- بقوّة الحجة و الغيب – في منع الحرب ، قبل اندلاعها ، و إطفاء نارها بعد اندلاعها ؟
لقد ذهبت تريليونات من الأموال هباء منثورا . و سقط الآلاف من البشر قتلى و جرحى ؛ من المعتدين و المعتدى عليهم ، من الأبرياء و المجرمين ، من الصغار و الكبار ، من الذكور و الإناث ، من الصبيان و الشيوخ ، من الأقوياء و الضعفاء . ثم ، ماذا بعد ؟ أمن أجل أن يعلّق المنتصر ( و لا منتصر ) ، على صدره نياشين البطولة ؟ و أيّة بطولة على مذابح الإنسان ؟ أيّة ، هذه ، على بحر من الدماء و الآهات و الآلام ؟

و مادامت الهيئات الدوليّة ( الجمعية العامة للأمم المتحدة ، و مجلس الأمن ، و المنظّمات الحقوقيّة و المحكمة الجنائيّة ) قد فشلت في توقيف الحرب ، فلا جدوى من وجودها . ما الفائدة منها ، من وجودها و اجتماعاتها ، إذا كانت قراراتها غير مُلزمة ، و غير محترمة ، و غير منفّذة ؟ و لم تستطع منع الانقلابات العسكريّة في إفريقيا ، و حلّ الأزمات و الداخليّة و النزاعات البينيّة ، المندلعة هنا و هناك ؛ في فلسطين و اليمن و سوريا و ليبيا و الصومال و اثيوبيا دول الساحل الإفريقي . فكم من قرار أصدرته هذه المنظّمات الدوليّة ، لكنّه ظلّ حبرا على ورق ، و بقيت ( دار لقمان على حالها ) .
سيستيقظ العالم ، يوما ما ، على نبأ عاجل ، و بخط عريض ، و سيظهر على الشاشات ، بمختلف الألوان و الأحجام – لكن بعد خراب الدار- لتزفّ لنا الأنباء ، آخر النهايات :
سيداتي ، سادتي ، لقد قررّ المتحاربون توقيف الحرب ، و العودة إلى طاولة الحوار ، و التعايش في جوّ السلام و حسن الجوار .
أيّها الأقوياء ، يا من تملكون القرار و السلاح ، في الشرق و الغرب ، يا من أعلنتم بداية الحرب ، ثم نهايتها . اذكروا لنا ، ماذا جنيتم منها ؟ اذكروا لنا الأرقام السوداء بدقّة ، لا نريد أرقاما بيضاء ، لأنها عديمة الظلّ – تماما - لديكم .
آه ، ليتكم ، تعلنون للعالم ، يا من تملكون ترسانات الأسلحة التقليديّة ، و أسلحة الدمار الشامل ، أنّكم قرّرتم – و لا رجعة في قراركم – تدميرها ، و التخلّص منها إلى الأبد . و ليعش العام في كنف السلام و التكافل و التعاون و التعارف و الطمأنينة على روح المحبّة و التراحم .
أنا على يقين ، بأن أفواهكم ، ستظل مفغورة ، فاحذروا أن تملأها أسراب الذباب .



#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة العنوسة في المجتمعات العربيّة ... تلك القنبلة الموقوتة ...
- حديث عن أم ريفيّة ( 4 )
- حديث عن أم ريفيّة ( 3 )
- العقل قبل كل شيء
- حديث عن أم ريفيّة ( 2 )
- حديث عن أم ريفيّة
- الكتاب الورقيّ في عصر الرقمنة.. ما محلّه من الإعراب ؟
- الحرب النظيفة و الحرب القذرة
- أزمة الذكورة و الأنوثة في المجتمع العربي ؟ أين الخلل ؟
- تثقيف السياسة
- هل سيندلع الشتاء الأوربي ؟
- الفلسفة و الحرب و السلم
- قوارب بلا تأشيرة
- على هامش الصيف
- ماذا بعد الحرب الروسية الأوكرانيّة ؟
- وجهة العالم المعاصر . إلى أين ؟
- لماذا الحرب أيّها العقلاء ؟


المزيد.....




- سؤال صعب خلال فعالية: -مليونا إنسان في غزة يتضورون جوعًا-.. ...
- كيف تبدو تصاميم الحدائق والمناحل الجديدة المنقذة للنحل؟
- ماذا يعني قرار ترامب نشْر غواصتين نوويتين قرب روسيا على أرض ...
- ويتكوف: لا مبرر لرفض حماس التفاوض، والحركة تربط تسليم السلاح ...
- ويتكوف يتحدّث من تل أبيب عن خطة لإنهاء الحرب.. وحماس: لن نتخ ...
- فلوريدا: تغريم تيسلا بأكثر من 240 مليون دولار بعد تسبب نظامه ...
- عاجل | وول ستريت جورنال عن مسؤولين: واشنطن تلقت خلال الصراع ...
- عاجل | حماس: نؤكد مجددا أن المقاومة وسلاحها استحقاق وطني ما ...
- الهند والصين تُعيدان فتح الحدود للسياح بعد قطيعة طويلة
- حتى الحبس له فاتورة.. فرنسا تدرس إلزام السجناء بدفع تكاليف ا ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فضيل العربي - جوع في الجنوب و حرب في الشمال