أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الثالث عشر)















المزيد.....

عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الثالث عشر)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7359 - 2022 / 9 / 2 - 00:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في تناوله للجانب التقني من نفس المسألة (= سبب تخلف المسلمين)، ينسج العروي خطابا متشائما. يخرج القارئ بانطباع بأن المؤلف يكتب وهو يفكر في بعض الشخصيات. يشعر التقني المنتخب، المحامي، الطبيب، الصيدلاني أو الأستاذ بخيبة أمل كبيرة. كتب بهذا الصدد يقول: "هذا النائب ... يكافح من أجل احتلال مناصب عالية، عندما يبلغها، يشعر مع ذلك بأن كل شئ يفلت منه ... وأن حضوره غير مرغوب فيه ما عدا خلال الاحتفالات الرسمية". المُثُالان اللذان يعتقد فيهما: الشعب الباسل ، والحرية المتوفرة ولكن بدون قوة ولأول مرة، يخطو خطوة إلى الوراء ويتأكد من كون هذين المُثُالين ليسا إلا سرابا.
في هذا الجو من الفشل، يفسح رجل السياسة المجال ل"وافد جديد" لا هو بالمحامي ولا بالطبيب ولكن ربما من أصل متواضع. بقي مهمشا ولكن تحت تأثيرات مختلفة. حصل على صورة أخرى عن الغرب وفي ارتباط بهذه الصورة، يتابع العروي، سوف يحكم على مجتمعه وعمل أسلافه. الغرب، على حد قوله، لا يعرف بدينه المجرد من الخرافات ، ولا بدولة بلا استبداد، ولكنه يتحدد بقوته المادية التي كان قادرا على اكتسابها كنتيجة لعمله المضني وبالعلوم التطبيقية. يستخدم العروي أقوال سلامة موسى لتوضيح فكرته.
في عام 1930, سأل سلامة موسى طلابه المصريين هذا السؤال: "هل يدين الغربيون بنفس الدين؟ هل هم من نفس العرق؟ وهل لهم نفس المؤسسات؟" يجيب: "منذ ربع قرن، ظهرت لي حقيقة واحدة فقط وهي هذه: الفرق الذي يفصلنا عن الأوروبيين المتحضرين هو الصناعة و لا شيء غير الصناعة".
غالبا ما يستشهد عشاق التقنية بحالة اليابان، التي لديها دين مختلف جدا عن الأديان التوحيدية و التي لها تاريخ حافل بالرعب والعنف. لكن هذا البلد استطاع حرق المراحل "لأنه ذهب مباشرة إلى سر الغرب. لنفعل مثله". حضارة اليوم هي الصناعة وثقافتها العلم التطبيقي.
يتجنب محب التقنية خلط الدين، بمشروعه. يتجنب تأويل النصوص، وهذا ما دفع العروي لإبداء الملاحظة التالية عندما كتب يقول: "بإخراج السنة من الناقشات، يساهم (عاشق التقنية) في إنقاذها للمرة الأخيرة".
محبي التقنية يعشق تقنية الغرب. من خلال استحضار الغرب، يشعر كأنه في بيته، يتكلم لغته ويتلاءم مع منطقه. ثم ينفصل ببطء عن ماضيه ليذوب شيئًا فشيئًا في هذا الغرب. يعتقد أن الحل الحقيقي بالنسبة لانحطاط مجتمعه - كما يقول - سوف يتحقق غدا، ولن يكون غير التقنية.
توصل العروي إلى الاستنتاج بقوله عن محب التقنية هذا: "باعتقاده أنه تجاوز رجل الدين ورجل السياسة الليبرالي، يمهد محبي التقنية فكريا لإقامة دولة جديدة. لكن الدولة الجديدة سرعان ما تدرك أن هذا العاشق للتقنية ليس في غالب الأحيان تقنيًا ، تستمع إليه لمدة، ثم تبتعد عنه بسرعة".
النظرية والنقد يسكنان تمشي عبد الله العروي. يصوغ الفكرة العامة قبل تناول الإشكالية المراد دراستها. ولكن ما تعريف الإشكالية عند كاتبنا. في الهامش رقم 5 على الصفحة 15 من كتابه عن "مفهوم الدولة نجد أن الإشكالية تعني كيفية تصور المشكلات في منظومة فكرية معينة.
عندما رغب في معالجة قضية القومية المغربية، ركز منهجه على تطورها. بالنسبة له، كل عصر له رؤيته الخاصة للعصور التي سبقه ولكل أمة ولكل مجموعة وجهة نظرها الخاصة عن ماضيها. هذا يعني حسب تصور هذا المفكر أنه لا توجد حكاية واحدة عن حدث ما، وبالتالي لا تشذ القومية المغربية عن هذه القاعدة. مع العلم أن النزعة الوطنية المغربية تكون أولا شعورا قبل التعبير عنها بسلوكيات تهدف إلى تحقيق تطلعات فردية وجماعية.
بحسب العروي، قدؤ للقومية المغربية تن تؤدي دورا يتجاوز ما هو نفسي، ما هو إيديولوجي و ما هو سياسي. تجمع كل ذلك في بنية تعكس سلوكا جماعيا. وغني عن القول إن القومية التي نشأت في أوروبا في القرن التاسع عشر أخذت بعين الاعتبار خصوصيات المجتمع في الذي توجد فيه. أما القومية المغربية فهي مرتبطة بالضغوط الخارجية خلال القرن التاسع عشر والتي اختتمت بفرض نظام الحماية ابتداء من 30 مارس 1912. كان احتلال الأراضي المغربية بمثابة صدمة نفسية. كيف ردت المجتمع المغربي على هذا التحدي وكيف كانت ردة فعله؟
تلك هي الأهداف التي وضعها عبد الله العروي نصب عينيه. استخدم هذا التحدي الذي واجهه مجتمع المغربي لصياغة تصوره الأساسي حول مسألة القومية المغربية. شكك في النظريات الاستعمارية التي أنكرت وجود أمة مغربية. ربط الوعي الوطني بوجود هذا الخطر الخارجي. صاغ موقفه على شكل سؤال عندما كتب: "هل هذه الفكرة، البريئة في ما يبدو، عن مجتمع يتفاعل مع خطر خارجي، لا تفترض ان امتلاك وعي مشترك دليل على وجود أمة؟" استغل الاستعمار بدون شك ثروات البلاد ، ولكن الأخطر من ذلك انه دمر شخصية الشعب وصادر كل مبادرة تاريخية. المأساة الحقيقية، بحسب العروي، إنها منعت المغربي من صنع تاريخه، حتى اعتقد أنه عاجز عن ذلك.
أعتقد العروي أن الوعي الوطني ظل مرتبطا بـ ما أسماه "تنظيما ذا توجه شمولي". لمساعدة القارئ على اتباع مسار تفكيره و فهم أسس هذه القومية، يلجأ إلى سلسلة من الأسئلة: ما هي عناصر الاندماج بين المكونات المختلفة لـلمجتمع المغربي؟ هل هناك فرق بين القومية والوعي القومي؟ هل يمكن أن يكون هناك وعي قومي دون وجود درجة من التكوين ابفكري ؟
بالنسبة للعروي، القومية يعبر عن نفسها اجتماعيًا وسياسيًا وعقائديا. لقد وعد العروي في سنوات السبعينيات بدراسة القومية. اصطدم بنشوة الاستقلال ولاحظ أن المثل الأعلى المأمول لم يتحقق ةأن الاستقلال السياسي كان مجرد واجهة لأن تأثير فرنسا لم يتوان عن أن يكبر ، وأدرك ان ذلك الاستقلال السياسي كان في حاجة لأن يكون مصحوبا بإصلاحات عميقة لأن المغربي ما زال يعاني الفقر والأمية والمرض.
من خلال المقابلات التي تمكن العروي من إجرائها مع علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد قائدي حزب الاستقلال، صاغ المؤلف سلسلة من الأسئلة لطرحها عليهما - كما يقول - حول مشاريعهم المستقبلية: هل سيتوقفان عن النضال؟ هل سيتوجها إلى تغيير المنظور واعتماد برنامج جديد؟ هل سيستمران في أنشطتهما المعتادة بدون طرح أسئلة مبكرة وغير ضرورية؟
تثير هذه الأسئلة الخلفية التي ميزت القومية المغربية وتوحي أسبابها انحدارها السريع إلى الحضيض. تخلى العروي عن البحث في القومية السياسية التي اعتبرها عرضية للعودة إلى الزمن الماضي والتأكيد على البعد الثقافي لأنه بالنسبة له القومية المغربية هو المشروع الذي صممته البنية القديمة من أجل الاستدامة؛ الشيء الذي يظهر - كما يقول - أن المجتمع المغربي ظل سجين ماضيه.
تهدف مقاربة المؤلف إلى فهم المغرب وليس القومية لأن هذه الأخيرة يتم تحديدها بالثقافة. الأمر الذي يتطلب مقاربة لا هي تاريخية بحتة ولا سوسيولوجية حصرية، ولكنها تجمع بينهما مغا.
لتركيز البحث على الوعي الوطني، شعر بأنه مضطر لأن يستبعد أولاً الأطروحات الاستعمارية التي حاولت التهويت حتى لا أقول إنكار وجود هذا الوعي مع محاولة استعادة القومية السياسية من خلال تطوير فكرة ان نشأة الأخيرة وتطورها من عمل الحماية.
(يتبع)



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الثاني عشر)
- ارتسامات كاتب وجدلية الماقبلي والمابعدي
- جون كوبر.. سقراط والفلسفة كأسلوب في الحياة (3/3)
- نبيلة منيب: يسعون إلى تدمير كل ما هو جميل وتونس لا تزن شيئا ...
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الحادي عشر)
- الطيب الباكوش يدعو إلى عقد خلوة خماسية بحضوره لأجل حل المشاك ...
- جون كوبر.. سقراط والفلسفة كأسلوب في الحياة (3/2)
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر ،(الجزء العاشر)
- جون كوبر.. سقراط والفلسفة كأسلوب في الحياة (3/1)
- ابن جرير: نعم لتشغيل حملة الشهادات المعطلين، لا للزج بهم في ...
- التوتر بين التطلعات العقلانية والمتطلبات التجريبية في فلسفة ...
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء التاسع)
- خريبكة: -لجنة دعم عمارة- تدعو إلى حضور جلسة المحاكمة المقررة ...
- التوتر بين التطلعات العقلانية والمتطلبات التجريبية في فلسفة ...
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الثامن)
- آلان باديو: اللحظة الفلسفية الفرنسية بالمقارنة مع اللحظة الي ...
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء السابع)
- خريبكة: اللجنة الوطنية لدعم سعيد عمارة تنظم وقفة احتجاجية تز ...
- جوينيي باتريك - ميشيل فوكو ومفهوم الابستيمي..
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء السادس)


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الثالث عشر)