أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الحادي عشر)














المزيد.....

عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الحادي عشر)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7356 - 2022 / 8 / 30 - 09:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


التاريخ ليس شعبة نبيلة، بل مفيد فقط لخدمة تلك الشعب التي هي نبيلة مثل التفسير والنحو والفقه. هذا الوضع الاعتباري الثانوي الذي خصت به الثقافة الإسلامية التاريخ يسمح بإصدار حكم سلبي من قبل المؤرخين الغربيين على هذا الشعبة الإسلامية. بالنسبة لهم، هي شعبة خاصة بتاريخ العائلات الحاكمة. تعتمد على التقليد الشفوي، الخالي من أي نهج نقدي وموضوعي. يعتبر الغربيون أن هذه الشعبة يمكن حملها على محمل الجد عندما تدرس الإسلام. هم يتساءلون كيف نصدق ونقبل تاريخ الأراخين الذين يبدأون فصولهم بهذه العبارة: "الخبر أن..".
في هذا الشأن، يلاحظ العروي الملاحظة التالية: "انطلاقا من هنا، تعمم الأحكام حول خاصية جفاف ورتابة الإنتاج الإسلامي، حول انفصال الكاتب الوقائعي، حول المنهج الخاص بالحكاية الشفوية ... يبدو التاريخ، مهما كان مستوى التركيب، كتراكم بسيط للسرد على أحداث فردية".
لفهم الوضع الاعتباري المكرس للتاريخ، يميز العروي بين نوعين أساسيين من الكتابة، من المناهج ومن الرؤى: الأول يهيمن عليه السرد التاريخي: الخبر، بينما الآخر يسيطر عليه الحديث. كيف نميز بين الأول والثاني وما هي مميزات هذا الاخير؟ وجود منهجين جزء لا يتجزأ، حسب أطروحة العروي، من التأخر الذي يعاني منه الوعي التاريخ العربي. إذا هيمن عليه علم الكلام والحديث وجعلاه يعيش في المطلق وفي الطوبى، يبقى التاريخ مرتبطا بالمشروع الإنساني وبدعم ما هو نسبي.
يعود المؤرخ إلى الماضي لكنه يعيش في الحاضر. يتبنى هذا التمشي المنهجي من أجل اكتشاف الحدث. هذا الذهاب والإياب بين الماضي والحاضر يسمح له بفهم المنطق الكامن وراء الوقائع وتجنب المفارقات التاريخية.
من جهة أخرى، هذه الحركة بين الأمس واليوم تعطي لكل حدث خصوصيته حالما تتم جدولته على الخط الزمني الإتساني وليس على الزمز الأسطوري أو اللاهوتي.
في معرض حديثه عن هذا النهج، كتب العروي يقول: "في الظاهر، لا يعدو التاريخ أن يكون مصدرا لمعلومات متصلة بمواضيع الأحداث السياسية السامية و العائلات الحاكمة... ولكنه في العمق مجهود تأملي يجعل من الممكن فهم أسباب ومبادئ الوقائع الموجودة".
إذا كان التاريخ يسعى ليتعرف على عمل الإنسان فوق الأرض، كيف يتحدد المنهح الآخر، أي الحديث الذي سيكون الأساس الذي وضعت عليه السنة.
يميل الفكر الإسلامي إلى تهميش التاريخ لاستخدامه في تقوية الأيديولوجيا التي يتبعها معتنقو "الإيمان بالسيرة". يتوقف الأخير على أقوال وأفعال النبي، التي هي السنة في نهاية المطاف. في هذا للموضوع، يصوغ العروي الملاحظة التالية: "السنة ... بناء مؤسس على السرد التفصيلي والأصيل لحدث وضعت له غاية وبداية والآخرون كلهم يسلمون بها". ثم من ذلك يستنتج الكاتب أن هذا يعني "القفز إلى الماضي والذوبان فيه".
السنة النبوية تأخذ كوصية، كأمر، يمنح معنى للحياة ويتبع منطقا. هي لا تحتاج ليتم تبريرها أو تأكيدها من خلال أدلة من الخارج. الحديث،، أي كلام النبي يحمل في ذاته الدليل. لا يمكن أن يعتوره عيب ولا يحتاج إلى برهان. لكن الحديث يحتاج إلى أن يتم التحقق من العيوب التي تلحقه من خلال الشخص أو الأشخاص الذين يروونه. لا ننتقد أبدا محتوى الأحاديث. هي فوق كل نقد بشري.
من الواضح أن منهجية المحدثين - أي أولئك الذين يتعاملون مع أقوال وأفعال النبي، تتعارض بمنطقها وغائيتها مع منهجية المؤرخ، التي تم تدشينها من قبل الفقهاء الذين كانت تشغلهم الحياة اليومية للمسلمين. يعرضنا الحديث للنقد ويهدف إلى عكس المثل الأعلى الإسلامي من خلال القدوة النبوية.
مدرسة الحديث تترجم ما هو بديهي وتقدم حياة وكلام الرسول كنموذج متكامل ويقيني لا جدال فيه.
التأريخ الإسلامي الذي تسود فيه هذه المنهجية التي دافع عنها أتباع السيرة؛ أي سيرة النبي، ستجعل من هذا النموذج هو حقيقة مطلقة في التاريخ. لاحظ العروي، وهو يعتمد على أعمال المؤرخين، أن هؤلاء يعتقدون أنه: يجب فهم تاريخ العالم على ضوء السيرة كانكشاف لللحقيقة.
هكذا يرد التاريخ إلى حتمية، كل فعل إلا وله دلالة في هذا السياق. المهم، بحسب أقوال العروي، لا يوجد في الأسباب ولكن في الغايات.
الحديث أو علم السيرة مهم في الإسلام. يستخدم هذا العلم علوما أخرى مثل الفلسفة، التسلسل الزمني، علم الأنساب من أجل تجذير السنة، ضمان استمراريتها وتجنيبها الانقطاع، كما أكد على ذلك العلماء المتخصصون في السيرة كمسلم الذي عاش في القرن التاسع عشر. تسعى السنة، التي تروي سيرة الرسول، إلى محاربة النسيان. تعتمد المنهجية على المتن المكون من أقوال النبي. اقواله وأفعاله علامات، أختامه الدالة تديم النموذج الأصلي.
يقتضي النهج في نقل المثال المطلق من جيل إلى جيل حتى يومنا هذا. هذه الخطاطة تلخص وتضمن الاستمرارية الضمنية للسنة وتعلن عن الأهمية الاستثنائية التي يمنحها المسلمون لعلم الحديث.
إن الارتباط بالسنة، أي التقليد، يشكل رمز هوية معصومة. وهنا يستحضر العروي هذه القولة: (من لا تصلحه السنة فلا أصلحه الله). الحكاية التي ينقلها ويجذرها التقليد تقدر قيمة الحكمة الإلهية. عناصر التفسير موجودة في القرآن. الحديث يساعد على شرح وتوضيح التلميحات. يتفادى التقليد التاريخ كتطور ونقد ، بل يستغله في تثبيت السنة، ضمانا لمتانتها وتكريسا لارتباطها بالزمن الأول الذي ظهر فيه الإسلام.
على خلاف التاريخ ، تزرع السنة الجمود. لذلك، فإنها تتعارض مع التغيير والتجديد. في هذا الصدد، صاغ العروي الملاحظة التالية: "امام واقعة، مؤسسة، مشروع ، لا يمكن أن نكون متيقنين مما إذا كان الأمر يتعلق فعلا بابتكار حقيقي يختبئ وراء ذريعة تقليدانية أو باستعادة شيء ما قد وقع بالفعل في إهمال. منهجية الحديث على أساس القرآن غير قابلة للتغيير وتتهرب من قوانين المعهد. إنها تدعو إلى بقاء دولة الإسلام على أساس الأخوة الإسلامية. تاريخها دائري. يهتم بالإسلام لا بالمسلم، بالدعوة لا بالدولة. تلك، إذن، منهجية مطلقة ولازمنية.
(يتبع)



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطيب الباكوش يدعو إلى عقد خلوة خماسية بحضوره لأجل حل المشاك ...
- جون كوبر.. سقراط والفلسفة كأسلوب في الحياة (3/2)
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر ،(الجزء العاشر)
- جون كوبر.. سقراط والفلسفة كأسلوب في الحياة (3/1)
- ابن جرير: نعم لتشغيل حملة الشهادات المعطلين، لا للزج بهم في ...
- التوتر بين التطلعات العقلانية والمتطلبات التجريبية في فلسفة ...
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء التاسع)
- خريبكة: -لجنة دعم عمارة- تدعو إلى حضور جلسة المحاكمة المقررة ...
- التوتر بين التطلعات العقلانية والمتطلبات التجريبية في فلسفة ...
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الثامن)
- آلان باديو: اللحظة الفلسفية الفرنسية بالمقارنة مع اللحظة الي ...
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء السابع)
- خريبكة: اللجنة الوطنية لدعم سعيد عمارة تنظم وقفة احتجاجية تز ...
- جوينيي باتريك - ميشيل فوكو ومفهوم الابستيمي..
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء السادس)
- متى يكف حميد المهدوي عن تناول الإشكاليات بنظرة سطحية؟ ازدراء ...
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الخامس)
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الرابع)
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر ،(الجزء الثالث)
- حميد المهدوي يستشهد ببيت شعري لحافظ إبراهيم وينسبه لإليا أبي ...


المزيد.....




- صفقة غريبة في باريس.. اشترت شقة أحلامها لكنها محجوزة حتى وفا ...
- محامية شون -ديدي- كومز تؤكد تواصلها مع إدارة ترامب للعفو عنه ...
- -لم نصوت لتشات جي بي تي-.. رئيس الوزراء السويدي يستخدم الذكا ...
- يعمل داخل مؤسسة -رئيسية وحساسة-.. إيران تُعدم عميلاً لإسرائي ...
- “إعلان نيويورك”، يُجَرِمُ المقاومة، ويـَغسِلُ جرائمَ الإبادة ...
- ما المتوقع من زيارة ويتكوف إلى روسيا قبيل انتهاء مهلة ترامب ...
- الاحتلال يهدم بناية في بيت لحم ويعتقل 12 فلسطينيا من الخليل ...
- خطة احتلال غزة تفجر خلافات بإسرائيل وتحذير لنتنياهو من -فخ إ ...
- ويتكوف يصل موسكو لإجراء محادثات قبل انقضاء مهلة ترامب
- لماذا تُحقن حيوانات وحيد القرن في جنوب أفريقيا بمواد مشعة؟


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الحادي عشر)