أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أحمد رباص - متى يكف حميد المهدوي عن تناول الإشكاليات بنظرة سطحية؟ ازدراء الأديان نموذجا















المزيد.....

متى يكف حميد المهدوي عن تناول الإشكاليات بنظرة سطحية؟ ازدراء الأديان نموذجا


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7348 - 2022 / 8 / 22 - 16:30
المحور: الصحافة والاعلام
    


في اول فيديو لحميد المهدوي بعد عودته من العطلة، تحدث عن فاجعتي خريبكة وجرادة والتعديل الحكومي والريسوني ومدونة وادي زم التي حكم عليها ابتدائيا بسنتين حبسا نافذا في قضية تتعلق بازدراء الأديان.
سوف أقتصر في نقاشي مع المهدوي على الفقرة الخاصة بفتاة وادي زم. ولكن قبل ذلك، لا بد من عرض مختصر لما قاله بهذا الشأن قبل المرور إلى صلب الموضوع.
يبدي المهدوي تعاطفه مع مدونة وادي زم دون أن يعلن اتفاقه معها. بحسبه، لم يكن هناك داع للزج بها في السجن. هي عبرت عن رأيها فقط ولم تدع إلى الإرهاب ولم تستعمل المال لتخريب الدين الإسلامي. عوض متابعتها واعتقالها، كان من الأحسن التحاور معها وانتداب فقهاء وعلماء لإقناعها بالتي هي أحسن، خصوصا وأن الإيمان لا يكون قويا وراسخا في نفس المؤمن إذا فرض عليه بالقوة والإكراه. وينطلق المهدوي في دفاعه عن المدونة المعتقلة من الأهمية القصوى للحرية في حياة الإنسان. كما أشار إلى الكثير من المغاربة علمانيون،.
لكن غاب عنه أن القيم الدينية عندنا تعلو على القيم الإنسانية التي نعتقد أنها من صنعنا، بينما نجد أن العلمانية في الدول الغربية المتقدمة تتأسس على فلسفة التنوير التي تعتبر قيمة الإنسان فوق كل شيء وهذا ما يجعل حقوق الإنسان عالمية، ومنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، فلا شيء فوق الإنسان واحترام كرامته، كما قال ياسين المصري الذي نتبنى هنا، جملة وتفصيلا، ما جاء في مقاله القيم المعنون ب"ازدراء الأديان وثقافة الغباء" والمنشور في موقع (الحوار المتمدن) يوم 2022/08/19.
وتبقى أطروحة المهدوي قائمة على ندرة سطحية إلى تهمة ازدراء الأديان التي تتابع بها مدونة وادي زم، لأنه لم يدرك لا كون المشكل هو وجود حكام يستعملون الدين لأغراض سياسية، ولا كونه هو وجود شعوب مستعدة لتصديق اللعبة في كل مرة.
لم يقل المهدوي إن تهمة ازدراء الأديان نشأت أساسًا من قبل الدول المتأسلمة دون غيرها، وكان لا بد لها أن تنشأ فيها دون غيرها، لأن ديانتها كما هو ثابت هي الوحيدة التي تتعرض للازدراء والتجديف، من دون حوالي 10000 ديانة متميزة حول العالم.
ليت المهدوي علم أنه في يناير 2015 حاول الاتحاد العالمي لعلماء المتأسلمين، في الدوحة بقطر، وكان يرأسه آنذاك رجل التطرف والإرهاب الشيخ يوسف القرضاوي، تجريم إزدراء الأديان من مدخل الآخرين، وبكذب مفضوح، طالب بإصدار ”قانون أممي يجرّم ازدراء الأديان جميعاً“، ودعا إلى مؤتمر عالمي يناقش بنوده بحرية كاملة، وقال إن الدين الإسلامي لا يحرم فقط الازدراء بالنبي الكريم محمد، وإنما يحرّم كذلك ازدراء جميع الأديان والأنبياء والمقدسات، واقترح إصدار ”ميثاق شرف للتعايش السلمي بين الأمم“. وأعلن أن الهدف من التجريم هو حماية المقدسات الدينية وتطويق مشاعر الكراهية للأديان، لأن انتشارها يهدد التعايش بين الأمم والحضارات بخطر كبير، إذ يؤدي إلى الإخلال بالسلم الدولي، ويشكل ”مساسا خطيرا بالكرامة الإنسانية، ويفرض قيودا على الحرية الدينية للمؤمنين بها. واعتبر أنه لا ينبغي النظر إلى تجريم ازدراء الأديان وكأنه تقييد لحرية الفكر أو كبت للحق في التعبير الذي يجب ألا يستخدم لأذى الآخرين وإهانتهم، بل كآلية للوقاية من التطرف والفتن الدينية والطائفية في المجتمعات البشرية التي يسببها التحريض على الحقد الديني والعنف.
لم يعر أحد لكلامه أدنى اهتمام لأن الجميع يعرفون أنه كبير الخبثاء الذين ليسوا أغبياء ولا متغابين، يدافعون عن ملتهم حفاظا على مناصبهم وثروتهم وسلطتهم، واستهانة بالعقل البشري.
هم يدركون أن ملتهم هي الأولى من حيث الحقد الديني والعنف، ويسعون إلى التعتيم والتشويش على هذه الحقيقة.
عبارة ازدراء الأديان التي تبنتها أغلب الدول الإسلامية وفعلتها وتتوجس منها خيفة كلما أشهرها الآخرون في وجهها، عبارة مطاطة وملتبسة تحتاج إلى حصر مفهومها وتحديد دلالاتهتا، حتى لا يتم الركوب عليها للوصول إلى بنود قانونية هدفها التضييق على حرية الرأي والتعبير، والتحكم في النقاش المدني المفتوح، وقمع المخالفين وتعزيز التطرف والتعصب الديني؛ وحتى لا تتخذها الحكومات ورجال الدين مبررا لتحديد الأفكار المقبولة وغير المقبولة أخلاقيا، وخنق نقد الأديان والمؤسسات الدينية، واضطهاد الأقليات الدينية.
اكثر من ذلك، ازدراء الأديان غير مرغوب فيه من قبل القوانين الدولية المعمول بها، ومع ذلك أصدرت بعض الدول الإسلامية (والمسيحية مثل اليونان وبولندا) قوانين تحظر فيها التجديف أو ازدراء الأديان.
ومن النتائج التي توصلت إليها دراسة تناولت تلك القوانين أجرتها منظمة "فريدوم هاوس" الأميركية المعنية بحقوق الإنسان، وشملت الجزائر ومصر وإندونيسيا وماليزيا وباكستان واليونان وبولندا، أن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان الدولية هي السمة السائدة في تلك الدول التي تحتفظ بتشريعات تجرّم ازدراء الأديان، لأن الحكومات غالبا ما تستغل تلك التشريعات لقمع حرية التعبير وحرية ممارسة الأديان الأخرى.
وأوضحت المنظمة أن القوانين المناهضة للاستخفاف بالمقدسات غالبا ما تُصاغ لحماية معتقد أغلبية السكان في البلد المعني؛ فقد وجدت أن قوانين ازدراء الأديان في اليونان مثلا تُستخدم فقط في مقاضاة حالات يُعتقد أنها تنطوي على ازدراء للكنيسة الأرثوذكسية"، وفي إندونيسيا "تُستغل غالبا ضد الافتراء على الإسلام.
وفي يناير 2011 أثار بابا الفاتيكان السابق بنديكت السادس عشر جدلا كبيرا حين أغضب الباكستانيين بدعوته إلى إلغاء قانون المعاقبة على التجديف في بلادهم، وقال: « إن السبب الأهم لذلك هو أنه من الواضح أن هذا القانون بات يستخدم ذريعة لأعمال ظلم وعنف ضد الأقليات الدينية». وهو ما اعتبرته هيئات إسلامية باكستانية ”خرقا لميثاق الأمم المتحدة للسلام“. وكأنهم لا يخرقونه هم جهارا، ودون خجل.
قد يخيل البعض أن سبب إصرار الدول المتأسلمة على قانون كهذا، يعود إلى أن مجتمعاتها أكثر تدينا أو أكثر تمسكا وإخلاصا للدين ومنافحة عنه من المجتمعات الأخرى، لكن الواقع مخالف تماما، فالأمر لا علاقة له بقوة الإيمان أو ضعفه، ولكن له علاقة بترتيب منظومة القيم مع الأولويات السياسية في المجتمع، وما إذا كانت تعتمد على أسس دينيه أم مدنية.
في العصور المظلمة كانت المجتمعات جميعها توحِّد بين مصير الدين ومصير أفرادها، وكان انتقاد الدين أو المعتقدات تنظر له على أنه انتقاد لقيمة الفرد. ولهذا السبب لم يكن ممكنا بالنسبة للناس أن يروا في أنفسهم ذواتا منفصلة أو مستقلة عن الدين أو أن يروا في وجودهم قيمة بمعزل عن الانتماء الديني، ولم يكن ثمة فروق أو حدود واضحة بين المرء ككيان وبين ما يؤمن به أو ينتمي إليه، ولم تكن ثمة حاجة إلى قانون أو سياسة تترتب على التفريق في ذلك. فكان هذا التوحد سببا رئيسيا في اندلاع سلسلة الحروب الدينة في أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر وبداية القرن الثامن عشر، بعد بدء الإصلاح البروتستانتي في عام 1517.
بينما في العصر الحديث ومع الإقرار العالمي لحقوق الإنسان، نشأ مفهوم مختلف للعلاقة بين المرء ومعتقداته، بحيث بات ممكنا التمييز بين الاثنين. هذا المفهوم يرجع بجذوره إلى فكرة المواطنة. فالمواطن أو الفرد (وليس المؤمن أو غير المؤمن) هو مناط التكليف في المجتمع المكون بدوره من مواطنين وأفراد ينتظمون في عقد اجتماعي مع الدولة، وهو نموذج تبلور في عصر التنوير، بحيث يتنازل المواطنون بموجبه للدولة عن جزء من حريتهم في مقابل توفير الحماية لهم. وهذا العقد يعامل الإنسان بصفته الفردية وكونه مسؤولا عن نفسه مسؤولية كاملة من الناحية القانونية، الأمر الذي يبعد عنه الحاجة إلى اثبات هويته الدينية أو غيرها من الهويات، كشرط للانتماء إلى الدولة. لذلك فإن المواطنين اليوم في الدولة المتحضرة هم في الحقيقة ليسوا مسلمين أو مسيحيين أو يهودا أو ملحدين أو غير ذلك، هم مجرد مواطنين. انضواؤهم تحت مظلة الدولة لا يتطلب منهم أكثر من الموافقة على العقد الاجتماعي، واحترام القوانين والتشريعات النافذة فيها.
بناء على ما تقدم، توصل الحس السليم المشترك والنابع من العقل كأعدل قسمة بين الناس، كما قال ديكارت، إلى الفصل بين الفرد وبين أفكاره ومعتقداته، ما هداه إلى احترام إنسانيته كقيمة أساسية، واعتبار أفكاره ومعتقداته غير منفصلة عن إنسانيته، ولا تكتسب قيمة مستقلة قائمة بذاتها. وما دام الأمر كذلك فإنه لا يمكن إخضاع أي شخص للعقاب بسبب انتقاده لهذه المعتقدات أو الأفكار، لدخول ذلك في إطار حرية التعبير. كما لا يمكن الأخذ بالادعاءات التي تفاضل أو حتى تساوي بين انتقاد المعتقدات وانتقاد الإنسان، لأن الإنسان في نظر القانون والتشريعات مقدم على المعتقدات. كان حريا برؤساء المنطقة ونخبها جميعها أن تفهم هذا الأمر، ولا تقف ممارساتهم عند حد تجريم الأفعال المادية والمباشرة التي تمس بسلامة الإنسان، وإنما تجرم أيضا الأقوال أو الآراء التي تتخذ طابعا تحريضيا، والتي من الممكن أن تؤدي بوضوح إلى إيقاع الأذى بالإنسان، وليس بعقيدته. فالإنسان يجب ألَّا يزدرى بأي حال من الأحوال، بينما العقائد يمكن ازدراؤها، طالما تزدري الإنسان وعقائده.
على سبيل الختم، تجدر الإشارة إلى أن الدول المدنية الحديثة التي تضع نصب عينيها منع ازدراء الإنسان، ينصب اهتمامها أيضا على منع ازدراء عقيدته، بشرط ألا تزدرى عقائد الآخرين، على خلاف ما تفعله الديانة الإسلاموية.



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الخامس)
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الرابع)
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر ،(الجزء الثالث)
- حميد المهدوي يستشهد ببيت شعري لحافظ إبراهيم وينسبه لإليا أبي ...
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الثاني)
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الأول)
- من وحي الذاكرة.. سائحة في قبضة أحابيل لغة العيون
- الحدود بين الفيلسوف والفنان من من منظور جيل دولوز
- لجنة دعم تنظيم المهرجانات السينمائية.. كيف سمح رئيسها وأعضاؤ ...
- نبيلة منيب: المدرسة العمومية وجهت إليها أسلحة الدمار الشامل
- فرانسيس فوكوياما: حرب بوتين على النظام الليبرالي
- اغتيال رئيس الوزراء السابق شينزو آبي
- تونس: انتهاك الخصوصية كسلاح سياسي
- الإعلام الرقمي في المغرب.. الواقع والآفاق
- ما بعد تشريعيات 2022 بفرنسا: إيمانويل ماكرون يواصل مشاوراته ...
- بمناسبة اليوم العالمي للموسيقى.. تقييم العلاقة التي أقامها أ ...
- الفلسفة والسينما أو عندما تعثر أسئلة فلسفية في السينما على أ ...
- الرباط: كيف يمكن الانتقال بالمغرب إلى مجتمع المعرفة؟
- الجنس، المظهر، الحيض … لدى الفتيات، عندما يصبح الأكثر حميمية ...
- ابن باجة.. أول فلاسفة الأندلس والمغرب


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أحمد رباص - متى يكف حميد المهدوي عن تناول الإشكاليات بنظرة سطحية؟ ازدراء الأديان نموذجا