الزمن العميق ،اللا زمن ،المنتهي :بقلم ميرل فلوين.

عبدالرؤوف بطيخ

الحوار المتمدن-العدد: 7353 - 2022 / 8 / 27 - 14:05
المحور: الادب والفن
    

أي تصور للزمن العميق يجب أن يتخيل الزمن على أنه خطي.
العمق على هذا النحو ينطوي على قمة وقاعدة وخط راسي ينخفض بينهما.
هذه أيضًا هي الطريقة التي نختبر بها الوقت في كل يوم. إنه خطي:
إنه يتدفق من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل.

يمر ، ربما بسرعات متفاوتة ، ولكن دائمًا في نفس الاتجاه. نحن نولد ، نعيش ، نموت ؛ هذا هو سهم رحلة الزمن.
الوقت العميق هو مجرد نقطة بعيدة على مسار الرحلة خلفنا. بعيد بشكل لا يمكن تصوره ، بالتأكيد ؛ ولكن وراءنا بلا شك.
أو بعد ذلك مرة أخرى ...
في هذا المقال القصير سأقترح شيئين.

أولاً ، عندما تنزل إلى طبقة معينة من الواقع - دعنا نسميها طبقة "عميقة" للمتعة فقط ، على الرغم من أن "العمق" بعيد المنال هنا كما في أي مكان آخر - لا يوجد وقت عميق ، لأنه في الحقيقة لا يوجد وقت على الاطلاق.
ثانيًا ، على الرغم من أننا نحن البشر لا نستطيع الوصول إلى تلك الطبقة من الواقع من خلال حواسنا ، فقد نتمكن من إدراكها عندما ندخل في حالات معينة من الوعي.

1. ليس هناك شيء مثل الزمن.
وهو عالم صافٍ ، تجتاحه الرياح ومليء بالجمال مثل قمم الجبال ؛ مثل جمال شفاه المراهقين المتشققة.
"جميل مثل ..." هذه ليست كلمات شاعر سوريالي ؛ انهم من ترتيب الزمن ، كتاب صغير من تأليف كارلو روفيلي "العالم الصافي" الذي يصفه هو ميكانيكا الكم - عالم من الجمال القاحل.
روفيلي ليس فقط كاتبًا ذائع الصيت في علوم البوب ، ولكنه أيضًا مدير مجموعة أبحاث الجاذبية الكمية في جامعة إيكس مرسيليا.
ترتيب الوقت هو متابعته للواقع ليس كما يبدو ، حيث يشرح نظرية الكم للجمهور العادي ، بما في ذلك بعض الخطوط العريضة العامة لأبحاثه المتطورة.
كلا الكتابين كانا من أكثر الكتب مبيعًا على مستوى العالم.

دعوني أحاول تلخيص حجته في هذين الكتابين.
يرجى أن تضع في اعتبارك أن هذا تفسير مبسط (بشكل فادح) من قبل شخص غير عالم لحجة تم تبسيطها بالفعل (بأناقة) لغير العلماء. أنت تنظر إلى هذه الصورة من خلال طبقات متعددة من خيط تنظيف الحلوى. سافعل ما بوسعي.

(بانتا ري)
في الواقع ليس ما يبدو عليه ، يرسم روفيلي صورة للواقع الكمومي تتلخص في ثلاثة مفاهيم أساسية:
التفصيل وعدم التحديد والعلائقية.
يشرح بوضوح الاكتشافات والنظريات وراء كل منها ، ولكن لأغراضنا سأقدم سريعًا إلى الاستنتاجات:
تقسيمات:
لا شيء في الطبيعة مستمر. لا يوجد لانهاية ولا خلود. كل شيء محبب ، وهناك دائمًا حد أدنى لحجم "الحبوب" لا يمكن للأشياء أن تتقلص تحته.تتضمن هذه الحالة الجاذبية ، والتي بدورها تعني أن الزمكان ليس الصفيحة المطاطية والمطاطية للأشياء المستمرة المألوفة من صور علوم البوب. وبدلاً من ذلك ، فإن الزمكان عبارة عن شبكة من حبيبات الجاذبية ، وكلها ملتوية معًا كنوع من الشبكة أو السلسلة.
اللاحتمية: كل شيء يتقلب. تختفي الإلكترونات ، ثم تعاود الظهور في أماكن غير متوقعة. في الفترات الفاصلة بين كل ظهور ، هم في نوع من اللامكان ، منتشرين عبر "سحابة من الاحتمالات" هذا لا ينطبق فقط على الإلكترونات ولكن على جميع الكيانات المادية ، بما في ذلك الزمكان نفسه.

العلائقية:
تصبح الأشياء ملموسة فقط عندما تتفاعل مع أشياء أخرى. تتجسد الإلكترونات من سحابة الاحتمالات عندما تتفاعل مع شيء آخر. ينطبق هذا أيضًا على الأزمنة الفضائية ، والتي يمكن التحدث عنها بصيغة الجمع عندما تكون مشتتة في سحابة الاحتمالات.
إحدى نتائج كل هذا أن الواقع عبارة عن شبكة من الأحداث. ما يبدو لنا كشيء - بطاقة التارو أو الجبل الأخضر أو المجرة - هو مجرد حدث طويل نسبيًا ورتيب. الحقيقة الكمومية ليست سوى تغيير.
نتيجة أخرى هي أن فهمنا اليومي للوقت يخرج من النافذة. الزمكان عبارة عن شبكة من حبيبات الجاذبية. إنه ليس سهمًا ، ولكنه شبكة.
فلماذا نختبر الوقت كـ "تدفق" خطي من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل؟ إجابة روفيلي على هذا السؤال - تم رسمها بإيجاز في "الواقع ليس ما يبدو عليه الأمر" ثم تم تفصيله بإسهاب في ترتيب الزمن - هو أن البشر يتخلصون من إدراك حقيقة الواقع.
إن تجربتنا الخطية للوقت هي نتيجة نظامنا الإدراكي الغامض.

(سهم الزمن)
ها هي حجة روفيلي حول الزمن. عادة نتحدث عن العالم باستخدام الكلمات ، لكن الكلمات فوضوية للغاية وغير دقيقة بالنسبة للفيزياء.
الفيزياء لا تستخدم الكلمات بل الرياضيات لاستكشاف الكون وتصويره.
وعلى الرغم مما قد تقوله اللغة اللفظية عن مرور الوقت ، في الواقع ، لا تعطي أي من المعادلات في الفيزياء أي مؤشر على أن الوقت يتحرك للأمام مثل السهم.
لا شيء ، أي باستثناء واحد. هناك معادلة واحدة أحادية الاتجاه - أي تميز بين الماضي والمستقبل ، ولا يمكن تشغيلها للخلف أو للأمام.
إنها معادلة الانتروبيا. تتعلق الانتروبيا بالحرارة: فهي أحادية الاتجاه لأن الحرارة تنتقل من الجسم الساخن إلى الجسم البارد ، ولكن ليس العكس.
الآن "الإنتروبيا" تزيد الفوضى. إذا كان لا يمكن العثور على سهم الوقت إلا في الانتروبيا ، فهذا يعني أن سهم الوقت هو تقدم من اضطراب أقل (إنتروبيا منخفضة) إلى مزيد من الاضطراب (إنتروبيا عالية).
فكر في الجزيئات المتحركة في كوب من الماء الساخن. يصبحون مضطربين بشكل متزايد أثناء تحركهم ، مثل مجموعة من البطاقات يتم خلطها.

الوقت = زيادة الفوضى.
"الأشياء تتداعى" كما قالها ساحر مشهور ذات مرة.
هذا هو المكان الذي تأتي فيه مشكلة الإدراك البشري.
ما الذي يعتبر مضطربًا "أكثر" أو "أقل"؟ كل هذا يتوقف على الترتيب الذي كنت تتوقع رؤيته في المقام الأول.رتب كومة صغيرة من أساس أركانا بالترتيب العددي من 0 إلى 21 ، ثم قم بترتيبها عشوائيًا.
عندما تنتهي من الخلط ، ستبدو البطاقات مضطربة بالنسبة لك ، لأنك تنظر إلى الأرقام. لكن عملية خلطهم ستضعهم في نوع آخر من الترتيب - مرتبة حسب الألوان في الصور ، أو الأشكال التي تشكلت بواسطة بصمات الإبهام غير المرئية على الورق ، أو تكوينات الحمض النووي للبكتيريا على طول حواف البطاقات ، أو أي شكل آخر. شيء. إنهم ليسوا مضطربين حقًا. هم فقط في ترتيب جديد لا يمكنك رؤيته ، لأنك لا تعرف ما الذي تبحث عنه.
الأمر نفسه ينطبق على الجزيئات التي تتأرجح في كوب الماء الساخن هذا. نحن نبحث عن ترتيب معين أو خاص بين الجزيئات ، ويبدو أن هذا الترتيب ينهار عندما تبرد الجزيئات. ولكن من حيث المبدأ ، يمكن لأي تكوين للجزيئات أن يشكل ترتيبًا "خاصًا" أو "خاصًا". كل ما في الأمر أننا لا نستطيع رؤية التفاصيل التي تكشف عن الترتيب في التكوين الجديد.

إذا تمكنا من رؤية التفاصيل بوضوح ، فلن يبدو أي تكوين للجزيئات أكثر خصوصية أو خصوصية من أي تكوين آخر ، ولن تظهر الإنتروبيا. نحن ندرك الفوضى المتزايدة - الإنتروبيا - لأن إدراكنا المشوش والغامض يجعلنا غير قادرين على التمييز بين الأشكال المختلفة للنظام.
لذا فإن الانتروبيا هي نتاج تصور البشر الضبابي للواقع. مما يعني أن الوقت نفسه هو نتاج تصورنا غير الواضح للواقع. نشعر بسهم الوقت لأننا قصر نظرنا للغاية ولا يمكننا الرؤية بشكل صحيح.

(توقف: لا يمكنك تربيع الدائرة).
أتخيل أنك تتململ في مقعدك الآن ، لأنك فكرت في اعتراض قاتل.
في الواقع ، فكرت في الأمر في طريق العودة إلى هناك - هناك - في أول فقرتي.آها! انت تبكي. ولكن ماذا عن كل تلك التقاليد الفلسفية التي تتصور الوقت على أنه دوري ، من عودة نيتشه الأبدية إلى الهندوسية اليوجا إلى الارتداد الكبير؟ هذه تصورات عن الزمن العميق ، حسنًا. يوجا واحدة ، على سبيل المثال هي 4.32 مليون سنة ، وهناك أربعة منها لكل دورة ، وألف دورة لكل دهر.

(لدي ردان على ذلك).
أولاً ، الوقت الدوري هو الوقت الخطي. الدائرة هي مجرد خط منحني. حتى لو
كنت تفكر في الوقت على أنه دائرة كبيرة حقًا ، فإنه لا يزال يتحرك دائمًا في نفس الاتجاه حتى يعود إلى البداية. يجب أن تكمل دورة واحدة قبل أن تبدأ في التالية. لا تنقلب في اتجاه عقارب الساعة وعكس اتجاه عقارب الساعة مثل ركوب القارب المتأرجح في أرض المعارض.
ثانيًا ، حتى لو كنت تؤمن بالوقت الدوري ، سأراهن بحياتي (الخطية) أنك لا تعيش في الواقع الوقت اليومي بهذه الطريقة. قد تؤمن بالتناسخ ، ولكن في الوقت الحاضر ما زلت تندفع نحو الموت ، وستضطر إلى تجربة هذا الموت قبل أن تعرف ما إذا كنت ستولد من جديد وأين. قد تؤمن بالكارما ، لكن لا يمكنك العودة وإعادة أجزاء حياتك التي كنت قد أزعجتها بالفعل هذه المرة.

لا. على الرغم من المعتقدات الفلسفية ، فإننا نحن البشر نختبر الوقت على أنه خطي ، لأن جهازنا الإدراكي مبني على هذا النحو.
وهذا ينطبق على إيمان روفيلي بفيزياء الكم بما لا يقل عن أي معتقد فلسفي آخر. تحطم نظريته سهم الوقت ، لكنه مع ذلك حريص على عدم اعتبار الوقت مجرد وهم.
يتحرك ترتيب الأشياء بالأحرى في هذه النقطة ، حيث يحزن روفيلي على أصدقائه الذين فقدوه ويفكر في وفاته. إنه شديد الحساسية لما يعنيه بالنسبة لنا كبشر أن نكون كائنات الزمن.

2. الزمن لا يصل أبدا.
اللهب يحرق البخور. المسحوق يتحول إلى دخان.
الدخان يتصاعد ويدور ويبتعد. يتساقط الرماد بينما يحترق اللهب. تتحول الحرارة إلى البرودة.
الانتروبيا هى نتاج الإدراك غير الواضح للبشر.
نختبر سهم الوقت لأننا لسنا على اتصال كامل بالواقع.
أو على الأقل ليس بالمستوى الحالي لتطورنا الإدراكي.
لكن في حالات معينة من الوعي ، قد تستشعر نظامًا آخر.
يلتقط عمود من ضوء الشمس الدخان ويرفعه.

يصبح الضوء حوضًا للزراعة. يرتجف الدخان ويتلألأ هناك ، زفير من بعد آخر يتنفس هنا بجانبك. الواقع يتجاوز تخوفك.
هذه هي الطريقة التي يبدأ بها الكون كله ، الآن:
تقف تحت رحلة في أرض المعارض ، ويملأ خيط الحلوى حلقك ، وتلتصق الموسيقى وتحترق على بشرتك. هل تعتقد أنك تريد المزيد من الواقع؟ لم يكن لديك شيء حتى الآن ، لذا لا يمكنك الحصول على المزيد.
أو أعني أنه لا يمكنك الحصول على أقل. من السهل جدًا أن يكون لديك أكثر من لا شيء. حسنًا ، لم يسألني أحد عن رأيي. لكن دعونا نلقي نظرة أكثر على هذا.
البشر كائنات الزمن. الوعي البشري هو وعي الوقت. هذه هي الطريقة التي تصنع بها الكون الآن:
تفتح عينيك والمزهرية قبل أن تنفجر باللون الأحمر.

إذا كنت تعتقد أن واقعك هو مجرد حقيقة واحدة من بين أمور أخرى ، فقد فاتك الهدف. إذا كنت تعتقد أن وعيك هو مجرد وعي واحد من بين أمور أخرى ، فقد فاتك القارب. لقد أبحر بدونك ، لكنه لن يذهب إلى أي مكان.
تشعر بأن الوقت يمر كبقعة من الحياة في محيط لا حدود له.المحيط غير موجود في الزمن. المحيط نفسه ليس وقتًا. يحتوي المحيط على مليون مليار مرة ، ومليون مليار بقعة. تظهر وتختفي ، تمامًا كما يظهر الزمن ويختفي. الواقع ليس
له زمن ولا خلود. أنت تمشي في الغابة وتتعثر على كف مجعد لعملاق ذهبي.
يشرق الوقت ويمر مثل الدخان في عمود من ضوء الشمس ، لكن السماء تبقى حتى عندما تسقط الشمس في الكون.
كل فرد منا هو الزمن ، وكلنا مرتبط بزمن بعضنا البعض ، لكن الاتصال ليس خطًا يمتد للخلف أو للأمام ، لأعلى أو لأسفل ، عميق أو ضحل. إنه ارتباط الدخان بنفسه أثناء دورانه في الضوء. هذه هي الطريقة التي يخلقك بها الكون الآن: تغمض عينيك وتتردد عروقك بالدم.

أعلم أنني عبرت عن هذا بشكل سيء. أعتذر.
الكلمات شديدة الفوضى وغير دقيقة. أنا فقط متواضع الوقت الحاضر. أتحدث بفم جسدي لا يسعه إلا أن يصبح باردًا.
لأن الجبال الخضراء تمشي فهي دائمة. على الرغم من أنهم يمشون بسرعة أكبر من الريح ، إلا أن شخصًا ما في الجبال لا يدرك ذلك أو يفهمه.
"في الجبال" تعني ازدهار العالم بأسره.

المراجع:
-1 دوجن ، 18 أكتوبر 1240 م استشهد الأشغال لويس كارول ، مغامرات أليس في بلاد العجائب وعبر الزجاج (البطريق ،2003).
2-دوجين ، القمر في قطرة الندى: كتابات زين ماستر دوجين ، ترجمة دان ويلش وكازواكي تاناهاشي (نورث بوينت برس ، 1986).
3-كارلو روفيلي ، ترتيب الزمن (بينجوين ، 2019).
4-كارلو روفيلي ، الواقع ليس ما يبدو (Penguin ، 2017).
W.B.5- ييتس ، قصائد W.B. ييتس الأعمال الكاملة (وردزورث ، 2000).
ظهرت أجزاء من هذا المقال سابقًا على مدونتي Gorgoninfurs.com.
المصدر الأصل للمقال: https://peculiarmormyrid.com/merl-fluin-issue-9/

كفرالدوار( 31ديسمبر-كانون أول2021 )

#عبدالرؤوف_بطيخ (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات