أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - خلف الأسوار الناعسة














المزيد.....

خلف الأسوار الناعسة


احمد جمعة
روائي

(A.juma)


الحوار المتمدن-العدد: 7351 - 2022 / 8 / 25 - 20:34
المحور: الادب والفن
    


من رواية "شاي مع ماريو فيتالي"
خيَّم الظلام على منزل أحمد القرمزي المَهجور بمدينةِ المحرق في الديار البعيدة، أبعد من الغربّة ذاتها، بدت أرض الوطن من نافذةِ طائرة على وشَك الهبوط مماثِلة لسَطحِ مجرَّة مهجورَة كمّا هو حال المنزل الصامِت عند ناصيّة المدينة الغارِقة في رهبَة مسكونة بالهجوع...
"تمَّ بمرسومٍ حكومي، تعيين بسام داوود الأسود! مستشارًا برتبةِ وزير، ومنحهُ وسام الدولة من الدرجة الممتازة، مكافأةً له على خدماتهِ الجليلة للوطن"
كان ذلك عنوان خبر تصَدّر صفحات جرائد الوطن المُتشابِهة، بعد ساعات من احتفال العالم بتجاوُز كارثة المجرَّة المنكوبَة، وعلى الجانب الآخر من الكرَة الأرضية نشرَت صحيفة الجارديان البريطانية، مقالًا لأحمد القرمزي بعنوان:
"العالم ينجو هذه المرَّة"...
بعد ساعات مشحُونة بالارتباك وإثر تضاءُل خيوط الضوء البرتقالي من أفق الديار، انتشَرت فئاتٌ من الأهالي، غالبيتها تحت سنّ الثلاثين، ومعظمهم من الشباب، قلة من الفتيات، بين شوارع وطرق المدن والقرى، شهدت مدينة المحرق وضواحيها، عند الساعة التاسعة مساءً، حركة مُتدَرِّجة، راح يختبر فيها السكان حالة المناخ، في البدء تسلَّلوا من عتباتِ المنازل إلى الطرق القريبة، ثم بادروا إلى التوَسُّع بالتفشي حول المحلات والمطاعم التي بدأت تفتح أبوابها وتُبادر بتقديم الخدمات تدريجيًا. بعض الأهالي أغلقوا نوافذ سياراتهم وراحوا يتجولون، مكتفين بالتفَرُّج ورؤية الأفق وتحسّس الطقس الذي بدأ يتحسَن ببطءٍ وأخذ معه درجة الحرارة إلى حد الانخفاض وإن ظلَّت رائحة الغبار وبصماتها طاغيّة على كلِّ شيءٍ جامِد لا يتحرك...كانت أشجار النخيل المصفوفة على طول الشوارع، قد غمرَها الغبار عن بكرة أبيها وحوَّلها إلى أشكالٍ تجريديّة، وبدأت السيارات تنزلق على الإسفلت الذي طمرَتهُ طبقات الأتربّة، وتحوَّلت الشوارع الرئيسية المكشوفة إلى شوارعٍ صحراوية.
تأمَّل الناس حوْلهم وتساءلوا عن أي قوة خدماتية يسَعها أن تنهض بتدبير الخروج من هذا الوضع الذي يُشبه انقلاب سطح الأرض إلى ما يُشبه كرة من رماد، كلّ شيء يتحرك، تلوَّن بلونِ الغبار، الطيور والأشجار والقطط والكلاب، والسواحل والسفن الجاثِمة عند المرافئ وحتى مياه البحر، اصْطبغَت بلونِ الغبار وتعكَّرَت، وأضْحت كأنَّها مستقنعٌ كبير امتلأ بالأتربّة...لم تتحرك حتى الساعة أيّ جهة رسمية لتبدأ بإزالة الآثار، فقد تركَت صدمة الانفجار الكونيّ تداعياتها على هيئة شلَّل أصاب آلة الدولة وجمَّد حركتها.
بدأ بعض الأهالي بمبادَرة ذاتيّة في إزالة الأتربّة عن سياراتهم وواجِّهات منازلهم، وبعضهم راح يرْشَح المياه على الأرض ظنًا منهُ أنَّهُ يُبَرِّدها، فزادَ الطِّين بَلَّة، حين حولها إلى رقعَة من الوحل، تغوص فيها السيارات ويَخْبط فيها الأطفال.
عند ناصيّة ساحل قلعَة عراد شهَد طرفها البحري حشودًا من الأهالي الذين خرجوا يتأمَّلون صورة قمر شاحِب، بدا قرْصهُ الأحْمر يتميَّز لأوَّلِ مرَّة منذ تشَنَّج المناخ ولفظَ أنفاسهُ الساخِطة، فاخْتلطَت صورة القمر عن الشمس...
التوَجُّس كان المُسيطر على الشارع البحريني، حدث ما حدث وانتهى ولا شيء يُفسِر ما جرى. تلاحقت الأحداث وانتهت إلى ما انتهت إليه وظلَّ العالم لغزًا مُحيِّرًا. تداوَلَ بعض المُطَلعين مقال أحمد القرمزي، بغموضٍ لعلمهم بما يمثِّلهُ من رمزٍ للغالبية التي تعْرِف عنهُ الكثير منذ غادر الديار، كانت مقالاته وتغريداتهُ التي تطال المسكوت عنه، محْوَر الأحاديث السريّة لإدراكهم بحَظْرِ كلّ ما يصدر عنهُ، وشيئًا فشيئًا، بدأت تتسربّ كتاباتهِ وتنتشِر بعد ساعات من انْجِلاء الجائحة الغباريّة. المطلعون ربّطوا بين كتابتهِ بالصحفِ العالمية التي سُربّت في البدء ثم توالَت وبدأت بكلِّ الصحف والوكالات، تتناقل، فأصْبَح من العسير محاصرتُها...



#احمد_جمعة (هاشتاغ)       A.juma#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يُطعن القلم
- -الورقة الخضراء- قراءة في رواية عاصفة
- بانتظار حقنة أخيرة...
- مات النقد،، عاش الناقد!
- موت رواية، ولادة رواية!!
- عن رواية -شاي مع ماريو فيتالي-
- من الإصلاح إلى الانقلاب...
- الوقت والضرورة تقتضيان التغيير
- لا حل ثقافي حتى الآن!!
- ماما أمريكا وتغيير الوجوه والأنظمة؟
- حانة في السماء!!
- روائيون لا يقرؤون روايات!!!
- نسخه بوتين مجرم الحرب...
- سرقة القرن!! -الفوط الصحيَّة مش هي العيب؛ هني العيب-
- نحن وأينشتاين وماركس وابن تيمية!! والحيوانات!
- الخروج من جنة العرب!!!
- وزارة في مهب الريح!!
- الجميع يضحك على الجميع...لقد ضلّلنا!!!
- خريف الحريات!!
- عندما تشابهت علينا الصحف!!!


المزيد.....




- حماس تنفي نيتها إلقاء السلاح وتصف زيارة المبعوث الأميركي بأن ...
- صدر حديثا ؛ إشراقات في اللغة والتراث والأدب ، للباحث والأديب ...
- العثور على جثمان عم الفنانة أنغام داخل شقته بعد أيام من وفات ...
- بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع ...
- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - خلف الأسوار الناعسة