أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - أحمد فاروق عباس - الريف المصرى فى زماننا ... العمل















المزيد.....

الريف المصرى فى زماننا ... العمل


أحمد فاروق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7347 - 2022 / 8 / 21 - 20:42
المحور: الصناعة والزراعة
    


الريف المصري يستحق نظرة لدراسة وتأمل أحواله ، وقد ازدهرت دراسة الريف المصرى فى النصف الأول من القرن العشرين ، وقدمت بحوث ودراسات وكتب عديدة غطت أغلب شئونه ، ومع منتصف القرن وتحول النشاط الرئيسي فى الاقتصاد المصرى إلى الصناعة والخدمات اضمحل الأهتمام بدراسة الريف المصري ، وترك أهله وأرضه للتغيرات العاصفة بدون نظرة إهتمام أو بحث ..

ومع تجدد الاهتمام بالريف في مصر ، وبدء نشاط الدولة في هذا المجال بتقديم مشروع حياة كريمة ، ربما كانت العودة الى الاهتمام بالقرية المصرية ودراسة أحوالها واجباً ..

وهذه بعض الملاحظات السريعة ، المبنية على بعض الانطباعات ، ولكن الأمر يستدعى بحثا ودراسة أكثر تأنيا وجدية ..

- التكوين الطبقى فى الريف المصري غير واضح المعالم كما كان قديما ، فقديما كان العمدة وعائلته وكبار ملاك الأراضى الزراعية على رأس القرية ، أما الآن فمنصب العمدة اختفى من كثير من القرى المصرية ، ومثله منصب شيخ البلد ، وحتى مع وجودهما لم يعد من يشغل هذين المنصبين من كبار أثرياء الناحية كما كان قديما ، بل من متوسطى الحال ، وربما كان انتماء العمدة أو شيخ البلد الآن إلى أحد الأسر العريقة أهم من تمتعه بالثراء ..

- وأصبح التعليم الآن هو أهم أسباب الحراك الإجتماعى فى الريف المصرى ، وبفضله انتقلت أسر من الفقر المدقع الى عيشة مقبولة إلى حد ما ، وفى حالات معينة ارتفعت درجات فى الثراء ، وخاصة إذا اقترن التعليم مع السفر إلى الخليج ، أو فى حالة بعض المهن الحرة كالطب ..

- لم يعد العمل فى الأرض الزراعية مشجعا لأبناء الريف على الرغم من إرتفاع الأجر ، وتصل يومية العمل فى الأرض إلى ٨٠ جنيه ، وبينما كان يوم العمل حتى بداية التسعينات يمتد من شروق الشمس حتى قرب غروبها ، أصبح يوم العمل الآن من الساعة السابعة أو الثامنة صباحا وحتى بعد الظهر بقليل ( الثانية عشرة أو الواحدة ظهرا ) ، وينظر كثيرون الآن إلى العمل الزراعى باعتباره أحد أنواع العمل الشاقة ، والتى يتوفر بديل أقل مشقة لها ..

وترتب على ذلك ندرة العمالة الزراعية في الريف ، وارتفاع سعرها ، وأضاف ذلك تكاليف متزايدة إلى الإنتاج الزراعى ، وتدنى بالتالى الربح من الزراعة كثيرا ، وأصبح الرأى السائد في الريف أن ملكية الأرض وزراعتها لم تعد من الأنشطة المربحة ..
ونشأت تبعا لذلك تجارة نشيطة جدا لبيع الأرض الزراعية ، وخاصة التى تصلح للبناء عليها ، وقد توقفت تلك التجارة الرائجة منذ سنتين تقريبا مع القوانين المشددة التى أصدرتها الدولة عقابا للبناء على الأرض الزراعية ..

- حل محل ذلك العمل فى المدن ، وبالنسبة للوضع عندنا فى الصعيد قدمت سواحل البحر الأحمر السياحية - الغردقة بالتحديد ثم سفاجا والقصير ورأس غارب - فرصا كبيرة للعمل ، بدءا من أواخر الثمانينات وحتى ٢٠١١ ، واخذت جزءا كبيرا من الايدى العاملة المتوفرة ، وأدى اضطراب أحوال السياحة بشدة فى عقد الربيع العربى ( ٢٠١١ - ٢٠٢٠ ) ثم جائحة كورونا ( ٢٠٢٠ - ٢٠٢٢ ) إلى التأثير بشدة فى عدد العمالة الوافدة إلى الغردقة وباقى المدن السياحية المصرية ..

- حل محل الغردقة وباقى المدن السياحية ذهاب أعداد متزايدة من شباب الريف المصرى فى الصعيد للعمل في القاهرة ، وبصورة أقل إلى الإسكندرية ، وفى المدن عمل الشباب المهاجر في مهن مثل باعة في محلات المأكولات والمشروبات ، أو فى المحلات التجارية أو الملابس .. إلخ .

- العمل بالصناعة شبه غائب ، والايدى العاملة الصناعية وحتى شبه الماهرة منها غير موجودة ، والسبب ضألة فرص العمل بالصناعة بالنسبة لشباب الريف ، وعلى الرغم من وجود مصانع كبيرة للسكر عندنا ومصنع للألومنيوم ، فهى صناعات تنتمى إلى عقود سابقة ، ومع إدارة تلك المصانع على أسس اقتصادية أكثر صرامة فلم تعد تقدم فرص عمل ذات بال لعشرات الآلاف من طالبى العمل ..

وحتى المناطق الصناعية الجديدة ، ولدينا منها واحدة ، وبرغم الجهد الطيب فى بعضها والجهد الممتاز فى بعضها الآخر إلا أن قدرتها على تشغيل أعداد كبيرة من اليد العاملة الجديدة محدودة ، أضف إلى ذلك أن الايدى المدربة على العمل فى انشطة صناعية غير متوفرة ، وهو خطأ يشترك فيه الشباب من طالبى العمل والحكومة ، التى تجعل من أعداد الخريجين من كليات نظرية النسبة الأكبر من الشباب المستعد للعمل والراغب فيه ..

- تدنى كثيرا التحاق الشباب بالعمل الحكومى ، ومنذ عام ٢٠١٥ والعمل بخدمة الحكومة متوقف تقريبا ، بعد تكدس الجهاز الإدارى للدولة بأعداد تفوق طاقته ، وحتى فى المهن التى كانت تقليديا تستوعب نسبة من العمالة كمهنة التدريس ، انخفض بشدة الطلب الحكومى على تعيين مدرسين جدد في المدارس والمعاهد الأزهرية ..
وكذلك توقف مسعى كثيرين لإنشاء مساجد يطلبون بعد بناءها ضمها للأوقاف وتشغيل أبناءهم أو أقاربهم فيها كخطباء او مؤذنين ومقيمى شعائر أو كعمال نظافة ، وفى حالات محددة - ولكن قليلة - استخدم ذلك كاستثمار ، حيث يقوم أحدهم ببناء مسجد على قطعة أرض يملكها ويسعى لضمه للأوقاف وبيع الوظائف الملحقة به ، وقبل أن تنتهى تلك الظاهرة من عدة سنوات وصل سعر العمل كعامل نظافة إلى ٢٠ ألف جنيه ..

وفى العقد الأول من هذا القرن ، وهى الفترة التى وصل فيها نفوذ الحزب الوطني إلى الذروة ، مع مقدم القادة الجدد للحزب وفكرهم الجديد ممثلا في لجنة السياسات راجت في تلك الفترة قيام أعضاء مجلس الشعب المنتمين للحزب الوطني بتعيين انصارهم للعمل بالحكومة ، في التدريس أو الكهرباء أو الأوقاف وخلافهم ، وقد سبب ذلك تذمرا هائلا في ذلك الوقت ، وعلى الرغم من عدم مشاركة الصعيد بصفة عامة فى ثورة يناير ٢٠١١ إلا انه لم يذرف أحد فيه دمعة حزن واحدة على ذهاب مبارك وعهده ..

- تزامن كل ذلك مع تدنى فرص السفر إلى الخليج للعمل ، وانتهت الحقبة المزدهرة لعمل المصريين فى دول الخليج العربية ، التى شهدت أفضل أوقاتها في الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين ، وأصبح الطلب فى الخليج الآن على مهن محددة ، وحتى بالنسبة لهذه المهن القليلة الباقية فإن الفرص المتاحة أصبحت جد قليلة ..

- قدم القطاع غير الرسمى ، أو ما يسمى اقتصاد الظل أو الاقتصاد الموازى فرصا بديلة لكثيرين ، وتعيش الآن أعداد متزايدة على هذا النوع من النشاط الاقتصادى ..

والاقتصاد غير الرسمى يقصد به العمل فى انشطة غير معلومة للحكومة وغير مسجلة فى أوراقها ودفاترها ولا تأخذ عليها ضرائب ولا تأمينات ، وأقصد طبعا الجانب المشروع في هذه الأنشطة ، وليس الجانب غير المشروع ، كتجارة المخدرات وغسيل الأموال وتجارة البغاء وغيرها ، وهو ما يسمى بالاقتصاد الأسود ..

وتتنوع الانشطة المشروعة - ولكن غير الرسمية - فى الاقتصاد المصرى بشدة ، بدءا من ماسحى الاحذية على الطرقات وفى الميادين ، إلى الباعة المتجولين لكل السلع ، وحتى المصانع الصغيرة غير المرخصة والتى يطلق عليها مصانع بير السلم ..

وباختصار .. انخفضت بشدة أعداد العاملين في الأرض الزراعية ، وبرغم تدنى فرص العمل فى المدن السياحية ، قدمت القاهرة وبعض المدن الكبيرة الأخرى فرصا مؤقتة للعمل ، وكذلك تدنت بشدة فرص العمل فى دول الخليج البترولية ، فى حين قدم الاقتصاد غير الرسمى بديلا للألاف من الايدى العاملة ..

ما هو واجب الفرد ، وما هو واجب الدولة لتغيير هذا الوضع غير المقبول ، الأمر يستحق الاهتمام بعناية وذكاء ، وبعده يستحق شجاعة القرار ..



#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناقشة هادئة لقضية ساخنة
- عالم يتغير
- عصر الشعوب .. وزيارة إلى أمير قديم .
- على هامش التعديل الوزارى
- مصر وتركيا ... وفلسطين
- المصروفات السرية
- السلطة والمجتمع .. وحرية الرأي
- المال السياسي
- السياسيين .. ومذكراتهم التى لم يكتبوها
- السادات .. مجرد ملاحظات
- الجانب الآخر من الصورة
- الانقطاع والاستمرارية فى السياسة والاقتصاد المصرى
- هل كان الأمر طبيعياً ؟!
- وجهين لعملة واحدة ..
- إعادة بعث الماضى .. فى السياسة
- مقتل رجل ليست له قيمة ..
- أستاذ الجامعة ... نماذج
- لماذا تتعثر الديموقراطية فى العالم الثالث ؟
- كيرة والجن ..
- هل الديموقراطية هى الحل ؟ نعم ولكن ..


المزيد.....




- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...
- إعلام سوري: سماع دوي انفجارات في سماء مدينة حلب
- البنتاغون: لم نقدم لإسرائيل جميع الأسلحة التي طلبتها


المزيد.....

- كيف استفادت روسيا من العقوبات الاقتصادية الأمريكية لصالح تطو ... / سناء عبد القادر مصطفى
- مشروع الجزيرة والرأسمالية الطفيلية الإسلامية الرثة (رطاس) / صديق عبد الهادي
- الديمغرافية التاريخية: دراسة حالة المغرب الوطاسي. / فخرالدين القاسمي
- التغذية والغذاء خلال الفترة الوطاسية: مباحث في المجتمع والفل ... / فخرالدين القاسمي
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي- الجزء ا ... / محمد مدحت مصطفى
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي-الجزء ال ... / محمد مدحت مصطفى
- مراجعة في بحوث نحل العسل ومنتجاته في العراق / منتصر الحسناوي
- حتمية التصنيع في مصر / إلهامي الميرغني
- تبادل حرّ أم تبادل لا متكافئ : -إتّفاق التّبادل الحرّ الشّام ... / عبدالله بنسعد
- تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الطريقة الرشيدة للتنمية ا ... / احمد موكرياني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - أحمد فاروق عباس - الريف المصرى فى زماننا ... العمل