أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بوياسمين خولى - -الرواية البوليسية- في الأدب العربي















المزيد.....

-الرواية البوليسية- في الأدب العربي


بوياسمين خولى
كاتب وباحث متفرغ

(Abouyasmine Khawla)


الحوار المتمدن-العدد: 7347 - 2022 / 8 / 21 - 07:32
المحور: الادب والفن
    


إن الرواية البوليسية في لغة الضاد تشبه الرواية البوليسية الغربية ، لكنها تتعدى على قواعدها ولا تحترمها.

هناك عدة تعاريف لما يفترض أن تكون عليه الرواية البوليسية ، ولكنها متفقة جميعها تقريبا على ثلاثة عناصر أساسية:
- جريمة غامضة - وتشكل ركيزتها السردية - والتي سيتم توضيح ظروفها وملابساتها تدريجيا،
- يتم هذا التوضيح بوسائل منهجية "عقلانية - استنتاجية"،
- ومحقق - في أغلب الأحيان شرطي أو "محقق حر".

حمل هذا النوع من السرد الأدبي في الغرب علامة القرن التاسع عشر الذي شهد ولادته: فهو أولاً وقبل كل شيء "علموي أو علومي" – scientistic - حتى قبل أن يكون عقلانيًا. لا توجد ألغاز لا يمكن حلها ، فقط أسئلة يجب الإجابة عليها. يحمل "شيرلوك هولمز" - Sherlock Holmes- عدسته المكبرة بحزم ، حيث يفحص من خلالها أصغر الآثار التي قد تشكل دليلاً أو تؤدي إليه. هذه الرحلة المنهجية نحو المعنى الذي يجب اكتشافه (من القاتل ولماذا قُتلت الضحية؟) لها علاقة كاملة بالنظام البورجوازي وأخلاقه ، وفي الخلفية يوجد نوع من الإيمان بالعدالة ، ولمن يجب أن تكون الكلمة الأخيرة (جريمة و عقاب).

إذا تمسكنا كليا بهذا "الحل المنطقي الاستنتاجي للغز من قبل محقق يستند على عقله ، فمن الواضح أن مثل هذا الشكل السردي الذي يميز الرواية البوليسية الكلاسيكية ، على غرار "آرثر كونان دويل" (1) - Arthur Conan Doyle - أو "أجاثا كريستي" (2) - Agatha Christie - لم يفرض نفسه حقًا على هذا النحو في المجال الثقافي العربي. ومع ذلك ، هناك عدد غير قليل من الجثث في الأدب العربي المعاصر. كذلك ، لاختصار الجدال الذي لا ينتهي حول أجناس الرواية العربية ، لن تكون مسألة "رواية بوليسية" ، بل "رواية الجريمة" (3). وهذا يعني شكلاً من أشكال السرد تتشكل فيه الجريمة ، هنا أيضًا ، "الحدث السردي الغالب".
______________________________
(1) - آرثر كونان دويل (1859-1930)، درس الطب ، أثناء ممارسته كطبيب ، بدأ في كتابة القصص القصيرة. في البداية ، لم يتوافد عليه المرضى، وأثناء انتظارهم يكتب. ومن المفارقات أن مؤلفاته في التاريخ ، التي أولى أهمية كبرى لها ، تكاد تُنسى اليوم. لكن شخصية "شيرلوك هولمز" ، التي اعتبرها سبيلا لدخل لكي يعيش، أصبحت مشهورة عالميا.
(2) - أجاثا كريستي (1890 - 1976) مؤلفة العديد من الروايات البوليسية. يرتبط اسمها المستعار باسم بطليها: "هرقل بوارو" ، المحقق البلجيكي المحترف ، و"الآنسة ماربل" ، المحققة الهاوية. يسمونها "ملكة الجريمة"، و تعد أجاثا كريستي واحدة من أهم الكتاب وأكثرهم إبداعا في هذا النوع البوليسي.
(3) - انظر مقدمة كتاب رواية الجريمة" العربية
2021"Arabic Crime Fiction" Katia Ghosn, Benoît Tadié :
_______________________________

تنتهي المقارنة مع المعايير والمتطلبات الأساسية للقصة البوليسية الغربية الكلاسيكية عند هذا الحد ، لأنه في "رواية الجريمة" العربي ، لا يستخدم القتل عموما كنقطة انطلاق لتحقيق يؤدي إلى انتصار العدالة والأخلاق ، بل بالأحرى إلى الانغماس في العنف والظلم والعبثية في العالم.

"لا تمنع الرقابة ، ولا الأنظمة الاستبدادية ، ولا ضعف صناعة النشر ، المؤلفين من التأقلم مع هذه الأشكال ، التي تصعد أحيانا بالسخرية ، وأحيانا بالمآسي ، ومن تطعيمها من التقاليد السردية المحلية لفضح الفساد ، وغياب العدالة ، و المبادئ المبتورة والمشوهة للحداثة التي تدعي حكوماتها غير الديمقراطية أنها تبني سلطتها عليها ، و فوضى المجتمعات التي تنحدر إلى العنف. ولعل رواية "فرانكشتاين في بغداد" لأحمد السعداوي ، الذي استدعى شخصية الوحش (3) الشهير "ماري شيلي" - Mary Shelley - لرسم صورة لعراق في حالة خراب مثال معبر في هذا السياق.
________________________
(3) - "فرانكشتاين" أو "بروميثيوس الحديث" هي رواية نُشرت بشكل مجهول في 1818 بواسطة. وهي تتعلق باختراع عالم سويسري الشاب ، "فيكتور فرانكشتاين" ، عن حي مُجمَّع بأجزاء من جثث. كان بشيع المظهر لكن وهب له الحياة ، تخلى المخترع عن "وحشه" الذي تبين أنه يتوفر على الذكاء ، وفكر في الانتقام لاحقا بعد لفظه من طرف خالقه، فاضطهده المجتمع وسعر حثيثا لتصفيته.
(4) - كانت ماري شيلي (1797-1851) امرأة بريطانية ذات أدبيات وروائية وكاتبة مسرحية وكاتبة مقالات وكاتبة سيرة ذاتية ومؤلفة كتب الرحلات. اشتهرت بروايتها فرانكشتاين أو بروميثيوس الحديث.
___________________________

يجمع العمل الجماعي " (رواية الجريمة" العربية) ؛ عددا من الدراسات التي تهدف إلى تتبع "رواية الجريمة" و الإثارة المخفية في أعمال مختلفة من الأدب العربي مصنفة حسب التسلسل الزمني.
العصر العباسي (750-1258) حيث وضع بعض النقاد ولادة تقليد السرد الإجرامي. يوضح المؤرخ "ماتيو تيلير" (5) - Mathieu Tillier - كيف أن تطور النظام القضائي الخاص بالإسلام الكلاسيكي ، بناء على الشهادات التي تضر بالتحقيق – شهادة الزور- كان من شأنه أن يساهم في الحد من أهمية التحقيق القضائي وفعليته وجدواه. ويرى في هذا تفسيرا محتملا لتهميش البحث والتقصي في التراث الأدبي العربي.
_________________
(5) - من مواليد باريس عام 1975 ، و مؤلف ويقوم بتدريس تاريخ العصور الوسطى للعالم العربي الإسلامي. مواضيع بحثه هي تاريخ المؤسسات القضائية (القرنين السابع والعاشر) ، وتاريخ الشريعة الإسلامية ، وتاريخ الجاليات غير المسلمة في الأراضي الإسلامية. وهو أيضًا محرر ومترجم للمصادر العربية.
__________________

بالنسبة لـ "بنوا تاديي" - Benoît Tadié - إن التحقيق القضائي والمحاكمة التي يقودها يتعرضان بالضبط لانتقادات جذرية في رواية الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني " الشيء الآخر، أو مَن قتل ليلى الحائك ؟" (6) المنشورة عام 1966 ، حيث أدين الراوي "بالصدفة" بجريمة لم يرتكبها.
_______________________
(6) - لغز هذه الرواية ليس في تفاصيلها، بل في تيمة محددة هي “القاتل المجهول” مقابل صمت المتهم بقتل السيدة “ليلى الحائك”، وهو المحامي “صالح”، الذي يؤثر الصمت طوال أيام التحقيق والمحاكمة.
_______________________________

هذا النوع من البحث المتناقض القريب من "الرواية السوداء" الغربية موجود أيضا في عمل نجيب محفوظ ، وقد قامت "كاتيا غوسن" - Katia Ghosn - بمقارنة قصة محفوظ القصيرة "تحقيق" مع من "قتل ليلى الحايك ؟".

في القصتين ، هناك محاكمتان متراكبتان: الأولى ، "مرئية" ، يشير إثمها إلى غياب العدالة والشفافية الديمقراطية في الدول العربية ، والثانية تدعو إلى تأويل "غير المرئي". ونجد أيضًا انهيار الجهاز القضائي والشرطة في "تراب الماس" للمؤلف أحمد مراد، فحسب الباحثة الفرنسية "هايدي تويل" - Heidi Toelle- إن فساد الشرطة وانعدام الثقة في العدالة يفسران جزئيا غياب الرواية الغامضة الكلاسيكية - roman à énigme - في الأدب العربي المعاصر.

إن "الرواية البوليسية المستحيلة" التي وصفها "بينوا تاديه" - Benoît Tadié - هي أولاً وقبل كل شيء تحقيق مستحيل ، أي في نهاية المطاف ، "لاعقلانية ظاهرية" ، نوع من الصمت أو نقص في المعنى. للتعبير عنها ، تمارس استراتيجيات السرد عن طيب خاطر مزيجا من الأنواع والأشكال والرؤى. وهكذا ، يشكك "أليساندرو بونتمبو" - Alessandro Buontempo - في النماذج الاستقصائية المنتشرة في "روايتين أسودتين" ، "مقتل فخر الدين" لعز الدين شكري فشير (1995) (7) و"رالف رزق الله في المرآة" (1995) لربيع جابر(8).
________________________
(7) - تقلد فشير - قبل 2011 - مناصب دبلوماسية عديدة في وزارة الخارجية المصرية كسكرتير أول بالسفارة المصرية بإسرائيل ثم شغل درجة سفير، وكان فشير كذلك عضوا ومقررا للجنة المستقلة لإعادة هيكلة الجامعة العربية التي ترأسها الأخضر الإبراهيمي في سنتي2011م و2012م.
(8) - روائي لبناني ربيع جابر روايته الأولى (سيد العتمة) التي نشرها سنة 1992 وهو في العشرين من عمره فازت بجائزة الناقد للرواية ذلك العام. ونشر سبع عشرة رواية ما بين 1992 و2009.

وقد فتح كتاب ("رواية الجريمة" العربية) نافذة المجال السمعي البصري. إذ يحلل "جيانلوكا بارولين" - Gianluca Parolin - بشكل خاص شخصية المحقق في عينة من المسلسلات المصرية. لاسيما الأعمال تكييف - مع العالم العربي - قصة "الشباب" البوليسية المبنية على أعمال الروائية البريطانية "إينيد بليتون" (9) - Enid Blyton - ("نادي الخمسة"). إنها قضية مرتبطة بالدور الذي يلعبه التعريب وتهجين النماذج الأجنبية وتطوير الإعلام الجديد في بناء ثقافة شعبية حية.
__________________
(9) - إنيد بليتون (1897 - 28 نوفمبر 1968) كاتبة قصص أطفال إنجليزية ، كانت كتبها من أكثر الكتب مبيعا في جميع أنحاء العالم منذ الثلاثينيات ، لا تزال تحظى بشعبية كبيرة وقد تُرجمت إلى 90 لغة. اعتبارًا من يونيو 2019 ، احتلت "بليتون" المرتبة الرابعة للمؤلف الأكثر ترجمة.
________________________

إن اختيار السرد الإجرامي يضع القتل أخيرا في عنف بدائي ، مثل مسألة غير متجانسة ، خام وغير منظمة - الصدفة ، المصير ، الإرادة الإلهية؟ - وهو مفروض. حتى الخيال ليس له تأثير على هذه البداهة. وينتج عن كل ذلك رؤية مظلمة للعالم.



#بوياسمين_خولى (هاشتاغ)       Abouyasmine_Khawla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشباب المغربي : معطيات رقمية مؤلمة
- الأديب الجزائري مولود فرعون المغتال الذي ظلمه أبناء جلدته
- هل تهديدات الحرب بين الصين والولايات المتحدة حقيقية ؟
- روسيا تشن حربا استعمارية في أوكرانيا تحت الحماية النووية
- استقطاب جديد : هل هو عهد الديكتاتوريات؟
- -معجزات- الأمم المتحدة في مواجهة نقص المياه
- البيئة والحرب العدوانية على أوكرانيا
- الخرافات اليهودية – الجزء السابع
- الخرافات اليهودية – الجزء السادس
- الخرافات اليهودية الشعبية – الجزء الخامس
- الخرافات اليهودية الشعبية – الجزء الرابعة
- الخرافات اليهودية الشعبية – الجزء الثالث
- الخرافات اليهودية الشعبية – الجزء الثاني
- الخرافات اليهودية الشعبية – الجزء الأول
- سابقة في المغرب: ترجمة رواية لكاتب اسرائيلي من العبرية الى ا ...
- نظام فلاديمير بوتين هدد بمنع موقع -آفاز- – Avaaz
- بروز فنانين عرب ومسلمين – أمريكيين- وضعوا بصماتهم في عالم ال ...
- موقف اليهودية من المعاناة والشر
- -انحدار حضارتنا أمر لا مفر منه-
- المحافظة على البيئة تتطلب ذلك : قريباً شاحن -عالمي- واحد لكل ...


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بوياسمين خولى - -الرواية البوليسية- في الأدب العربي