أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عايدة توما سليمان - قامة وطنية ماركسية














المزيد.....

قامة وطنية ماركسية


عايدة توما سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 7339 - 2022 / 8 / 13 - 00:25
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    



عندما يرحل رفيق بقامة الأمين العام السابق، محمد نفاع، نشعر جميعا بأن مرحلة سياسية في طريقها للانتهاء، فهو ليس حدث عابر وهو ليس موت إنساني أخر، فسيرة الرفيق أبو هشام تحمل في طياتها تاريخ شعب وهويته الوطنية الإنسانية، وأحداث سياسية كان فيها في الكثير من المحطات بوصلة ورؤية ثاقبة. في رحيله الهادئ والملتصق بأصغر دائرة انتماء عاشها، البيت والقرية، بيت جن، رسالة واضحة للأجيال القادمة بأنه مهما علت أغصان الشجرة للسماء يبقى الجذر المتشبث بالأرض والانتماء لها هو أصل الحكاية.

الرفيق محمد نفاع الإنسان الدمث، صاحب الابتسامة الطيبة والكلمة اللاذعة، المستعد دوما للسباحة ضد التيار مهما كان عميقا وعاصفا، القادر على تنقية الحب الجيد من الزوان، صاحب مقولة دائمة ابحثوا عن التناقض الأكبر ومن الرابح الحقيقي من كل طارئ، هذا الرفيق صاحب الروايات النابضة بالحياة والملتصقة بكل ما هو إنساني تقدمي كان مدرسة في حب الأرض، ليس ذاك الحب الجشع الذي يسعى للربح من المنتوج أو البيع والشراء، انما هو حب العاشق الذي يريد للجميع أن يعلم حسن معشوقته، فيدللها ويرعاها ويكتب عنها ولها وفي الوقت ذاته يحميها بشهامة وأنفة واستبسال جعل الجميع يحترمه، الصغير قبل الكبير. كان هذا العشق الجميل للأرض والناس والقيم الإنسانية ما حمله من قريته الصغيرة بيت جن إلى العالمية فترجم أدبه إلى مجموعة من اللغات فلم يختال زهوا وبقي الشيوعي الملتصق بالناس ايما التصاق.

عرفت الرفيق نفاع منذ العام 1985، وتعلمت إلى جانبه معنى السهل الممتنع، صاحب الفكاهة الجميلة وبسيط المظهر كان يبدو سهلا ولكنه كان عنيدا على الحق وشرسا في الدفاع عما أمن به وساعده لسان حذق وكاريزما تصاحبه حالما يعتلي أي منصة. كنت أرى المفاجأة في عيون الناس في المؤتمرات الدولية، بعدما رأوه يتمشى في أطراف المكان بحقيبته المعهودة وسيجارته التي لا تفارقه، عندما يبدأ بإلقاء خطابه ويكتشفون أنهم أمام سياسي عميق الفهم والتحليل، مبدئي عالم بالتوازنات القائمة وقادر على توجيه النقد بطريقة محببة ولكن لاذعة.

"ضميري هو القاضي الأعلى بالنسبة لي، هذا السيد الوحيد الذي أهتم به ومعه أنا اتشاور وبالنسبة لي هو البوصلة الأساسية" جملة قالها النفاع في أحد خطاباته في الكنيست في العام 1991 كانت بمثابة قصة حياته، هكذا كان فعلا. عاش يفعل ما يملي عليه ضميره غير أبه بسلطة أو سطوة، ان كان أمام رجعية عربية أو صهيونية قامعة، وربما زهده وتقشفه في كل ما هو مادي جاء حتما مع فيض مبدئيته وبالتأكيد حصنه من الالتفات إلى خسارات موهومة قد يتكبدها إذا ما اضطر للمواجهة.

جميعنا نذكر خطاباته النارية الواضحة غير المتلعثمة المفعمة باليقين بما نطق، ومقولاته التي لم تكن تهادن احدا، اذكر جيدا مقولته وكأنها تصلح اليوم أكثر من أي وقت مضى مخاطبا الأنظمة العربية " طيب بدكو تكونوا عملاء على الأقل أطلبوا ثمن عالي" أو حين قال " ان تكون أسدا في مواجهة الأعداء أمر جيد لكن الشجاعة الحقيقية أن تكون أسدا في الدفاع عن حزبك داخل حزبك ".، واليوم حين ترتفع أصوات المطبعين مع الثالوث الدنس يا رفيق، وحين يتطاول الأقزام على حزبنا وتاريخه وارثه، نشعر بالفقدان أكثر، فقدان هذا الصوت المزلزل والتوجه الواضح غير المتلعثم ولا المهادن وغير القابل لمعادلات رغبة الجمهور أو البراغماتية والواقعية فالنفاع يعرف أن الثوري جاء ليغير العالم لا ليركب على جناحيه نحو الشهرة.

شعبنا الفلسطيني والحركة الشيوعية العالمية ونحن الرفاق والرفيقات في الحزب الشيوعي فقدنا قامة وطنية ماركسية طبقية وأدبية هامة في تاريخنا السياسي ومهما قيل وسوف يقال في تخليد ذكرى رفيقنا الحبيب أبا هشام يبقى أفضل تخليد له ولرفاقه الأوائل السير بثبات على طريقه والتمثل بقيمه وبعمله، ويبقى الثبات على مبادئه والرغبة في أن نكون بجرأته وشجاعته تواضعه وعنفوانه هما المقياس لحبنا له وخلوده فينا.

سلام لك وسلام عليك يا رفيق، اشتقنالك.



#عايدة_توما_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النفاع، السهل الممتنع
- بن-غفير يحرّض ويجعجع والحكومة تنفذ
- في ظلّ وبعد الكورونا: انجازاتنا ومكانتنا عشية الثامن من آذار ...
- النساءُ في الطّليعةِ: مسيرة الأمّهات ضدّ الجريمة؛ تغيّر وجه ...
- الثامن من آذار: لبرلة النسوية، تحديات المرأة الفلسطينية وتأط ...
- لماذا توجَّهنا للأمم المتحدة؟
- أمام واقع استثنائي يتطلب أجوبة استثنائية
- النضال الشعبي والمنظم والجريء ضد العنصرية، مطلب الساعة
- مواطنتنا مجبولة بكوننا أبناء الوطن
- معنى العمل في السياسة تغيير الواقع القائم وبناء الجديد
- الفاشية هناك وهنا... هي ذاتها
- افكار على هامش الحرب على غزة
- العاصفة التي نحب أن نحب
- عملية خطف... لقضية الأسرى!
- نحو مؤتمر الحزب الاستثنائي: بشجاعة وصراحة.. ومن خلال تحدي ال ...
- في الثامن من آذار: نحمي قيمنا الثورية ونمنع ابتذال النضال
- ذهنية الاحتلال لن تكون مرجعية تحرّرية
- معركة السلطات المحلية: معركة على وجه ووجهة مجتمعنا
- أفكار في النكبة
- مقاطعة مسيرة العودة... بداية صراع أم اعلان هزيمة


المزيد.....




- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عايدة توما سليمان - قامة وطنية ماركسية