أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عايدة توما سليمان - ذهنية الاحتلال لن تكون مرجعية تحرّرية















المزيد.....

ذهنية الاحتلال لن تكون مرجعية تحرّرية


عايدة توما سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 4359 - 2014 / 2 / 8 - 09:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حول تصريحات أبو مازن:


ذهنية الاحتلال لن تكون مرجعية تحرّرية

الشلل الذي ينتاب الشارع الفلسطيني لا يمكن أن يستمر الى الأبد ولكن وفي الوقت ذاته من الممكن أن يدفع الشعب والقضية ثمنا باهظا له، اذا لم تبادر المؤسسات والاحزاب والقوى الوطنية الفلسطينية الى لجم التدهور بصحوة شعبية وحراك مقاوم.

في الأشهر الاخيرة أطلق الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مجموعة من التصريحات من شأنها أن تقلق أي معني بالقضية الفلسطينية، وغيور على مصلحة الشعب الفلسطيني وانتصار قضيته العادلة، من أبناء الشعب الفلسطيني خاصة ومن عموم احرار العالم الذين تحولت لديهم القضية الفلسطينية الى قضية يتبنونها في نضالاتهم من أجل عالم أفضل تسوده حرية الشعوب واستقلالها عموما.
هذا المقال لا يأتي لإطلاق الاحكام على نوايا ابو مازن، او على نهجه السياسي في معالجة ما درج مؤخرا الاطلاق عليها "اسوأ مرحلة" في تاريخ القضية الفلسطينية. فأنا ما زلت ممن يؤمنون بأن ما ينفذه الانسان من أعمال هو أكبر ادانة له ولكنه تعبير عن قلق مشروع جراء قراءة لتصريحات تشير الى تراجع واضح في خطاب المطالب الشرعية للشعب الفلسطيني وفي الاداء السياسي لقيادة هذا الشعب، لحساب خطاب استرضائي للادارة الامريكية، ومتقبل للحجج التي تراكمها حكومة الاحتلال عراقيلَ امام العملية السلمية.
ففي لقاء أجرته معه صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية طرح عباس اقتراحا من طرفه للتقدم في مسار المفاوضات المتعثر والمشلول، تضمن الموافقة على انتشار قوات "الحلف الاطلسي" على الاراضي الفلسطينية، الى أجل لم يحدده، بعد التوصل الى تسوية سياسية مع الاحتلال الاسرائيلي. لا يمكن تفسير هذا الاقتراح ومنطلقاته ازاء طبيعة هذه القوة العسكرية للدول الامبريالية في العالم بقيادة الولايات المتحدة الامريكية والمعروفة باحتكامها الى رغباتها التوسعية، وازاء نشاطها المحموم في السنوات الاخيرة للتدخل عسكريا في مناطق مختلفة من العالم بما يتناقض ومصالح شعوب البلدان التي يجري التدخل فيها. وان كان لا بد من وجود قوه عسكرية اجنبية على الارض الفلسطينية فلماذا لا تكون قوات حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة والمنضبطة ضمن مرجعيات وانظمة دولية؟
هذا المقترح الذي شمل ايضا دولة فلسطينية تتنازل طوعا عن جيش يحميها وتعلن منذ البداية انها منزوعة السلاح، دون أن يكون ذلك حتى ولو من باب التفاوض ضمن اتفاقية أوسع تنزع عن الاحتلال اسلحته أو تواجده العسكري في مناطق جرى تسميتها مناطق الاحتكاك بين الدول. اذا ما أضفنا ذلك الى البند الذي تحدث عنه أبو مازن من ضمان استمرار الوجود العسكري الاحتلالي في منطقة الغور لمدة خمس سنوات وتفكيك مستوطنات في الفترة ذاتها دون ان يحدد عن أي مستوطنات يجري الحديث، ودون تطرق عيني للكتل الاستيطانية الكبيرة التي ترغب اسرائيل في الاحتفاظ بها، فان الصورة التي يمكن رسمها لهذا الاقتراح تنتج كيانا سياسيا فلسطينيا لا يحمل مقومات الدولة من سيادة واستقلال، مكبلا باحتلال عسكري جديد لقوات سيئة الصيت والممارسة من حلف الناتو.
لا يمكن فهم المنطق وراء هذه الاقتراحات دون استرجاع تصريح آخر اطلقه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في أكثر من مناسبة: ان حق العودة هو حق فردي واختيار شخصي مثله مثل الحق في الزواج. هذا التصريح الذي يتراجع اميالا عن الخطاب الفلسطيني والقانوني الدولي المتعارف عليه بأنه دون ضمان الحق الجماعي للاجئين الفلسطينيين ووضع الاسس لممارسته من خلال اتفاقات دولية لن يتمكن الفرد من ممارسته أو تطبيقه على ارض الواقع، ونعم في هذه الحالة مثله مثل الزواج اذا لم تكفل الحرية والحق فيه يبقى وهما يطير في مهب الريح، ويصبح زواجا قسريا.
مجمل هذه التصريحات توحي بتفسير وحيد، أن القيادة الفلسطينية- اقرأ ابو مازن- ما زالت ترى في الولايات المتحدة الامريكية والدول الحليفة لها، اوروبيا وعربيا، الراعي الاساسي للمفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية وفي يديها الحل للقضية الفلسطينية، وبالتالي تراهن هذه القيادة على وضع البيض كله في سلة الادارة الامريكية وفعليا ولو أنه ببطء تتبنى خطابا يسعى بشتى الطرق لاسترضائها، وحتى على حساب ثوابت وطنية اعتبرت حتى الان خطوطا حمراء.
واكثر ما يقلق في الموضوع هو أن جميع هذه المقترحات تشي بأن من امتثل في ذهن وامام اعين أبو مازن عندما اطلق مقترحاته لا يمكن أن يكون الشعب الفلسطيني بمجمل سيرته التحررية وطموحاته وأحلامه الوطنية وأنما حكومة الاحتلال وطروحاتها والعراقيل التي تضعها امام أي تقدم في المسيرة السلمية، فجعلها وخطابها وحججها مرجعية لطرح الحلول، وبالتالي طوع ابو مازن الارادة الفلسطينية لتقديم تنازلات من باب ايجاد الحلول لهذه العراقيل مع كل ما يشمله الامر من تجاهل للتضليل الذي تمارسه الحكومة اليمينية الاسرائيلية في الحديث عن هذه الحجج، وتجاهل للمرجعيات والثوابت الفلسطينية في الحل الذي يمكن أن يقبله الشعب الفلسطيني وأن يتعايش معه.
أي تدقيق في هذا المنحى الجديد الذي يسلكه ابو مازن في هذه التصريحات يؤكد أن ما يمتثل أمامه هو لاءات الرفض الاسرائيلية وعقلية ومسوغات حكومة الاحتلال . فهو يبذل جهودا كبيرة للالتفاف عليها، فحين تتحدث حكومة الاحتلال عن أمن أسرائيل يطمئنها بأن المسؤولية لدرء أي "تهديد أمني فلسطيني" ستكون في أيدي حلفائها "الناتو" ويعلن عن "حلم" الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح والجيش، وحين يتحدث وزراء اليمين ورئيسهم، بنيامين نتنياهو، عن الخطر الديموغرافي الذي تتضمنه عودة اللاجئين يتطوع ابو مازن للحديث عن هذا الحق على المستوى الفردي ويسقط الحق الجماعي، الضمانة الحقيقية، من خطاب الرئيس الفلسطيني. والأسئلة التي تطرح ذاتها وتقتحم العقول اقتحاما:
- اين ومتى سيأتي دور المخاوف والثوابت والمطالب المشروعة للشعب الفلسطيني، الذي يمثله ويقف في قيادته الرئيس ابو مازن؟
- اين ومتى سوف يعود الحديث عن استقلال حقيقي للدولة الفلسطينية من جميع القوات العسكرية الغريبة، الاسرائيلية والتابعة لحلف الناتو؟
- أين ومتى يكون التفاوض على مقومات دولة ذات افق حياة وديمومة من جيش وحدود ثابته وتواصل جغرافي وسيطرة سيادية على الأرض والبحر والجو؟
- أين ومتى سيعود الى طاولة المفاوضات الحديث عن تفكيك المشروع الاستيطاني الاسرائيلي بجميع مركباته من كتل وبؤر ومستوطنات واحياء لتعود الارض الى أصحابها والأمن والأمان لمواطني الدولة الفلسطينية العتيدة؟
- وأين ومتى وكيف سيعود الخطاب في قضية اللاجئين الى الثابت غير المتحول في المواثيق والقرارات الدولية في الحق الجماعي والفردي حزمة واحدة أن تفككت ضاع الحق بمجمله؟
هذه الاقتراحات التي وردت كاجراءات لحل القضية الفلسطينية، نأمل انها اجتهادات شخصية من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ولو أن صفة رئيس السلطة الوطنية ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية تنفيان عنه أي صفة شخصية عندما يتحدث عن قضية الشعب الذي نصّبه في أعلى منصبين قياديين، ولكن عندما أقول شخصية أقصد انها رأي ابو مازن الذي لم يقر في أي هيئة قيادية فلسطينية، ولم تتبناه اطر وهيئات هذا الشعب الوطنية لما فيه من خطورة وتراجع عن الخطاب التحرري الشرعي لهذا الشعب . ولكن العودة الى هذه المفاوضات الحالية كانت بقرار فردي من عباس، مخالفا به رأي جميع أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي ظل استقالة الوفد الفلسطيني المفاوض تأخذ هذه التصريحات ثقلا ووزنا نوعيين يشكلان خطورة حقيقية .
أن حالة الركود التي تعتلي الشارع الفلسطيني واللامبالاة ازاء ما يجري ويتطور في مسار العملية السياسية ينبع أساسا من احباط عميق وعدم الثقة بأن الحكومة الاسرائيلية الحالية سوف توقع على أي اتفاق، وأن هدف هذه الحكومة والادارة الامريكية كسب الوقت لا غير والحصول على تمديد لفترة المفاوضات. ولكن هذا التراجع في الخطاب الفلسطيني في الفترة الأخيرة، سيخفض سقف المفاوض ومطالب الشعب الفلسطيني في أي عملية سياسية مستقبلية. وهذا الشلل الذي ينتاب الشارع الفلسطيني لا يمكن أن يستمر الى الأبد ولكن وفي الوقت ذاته من الممكن أن يدفع الشعب والقضية ثمنا باهظا له، اذا لم تبادر المؤسسات والاحزاب والقوى الوطنية الفلسطينية الى لجم التدهور بصحوة شعبية وحراك مقاوم.



#عايدة_توما_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معركة السلطات المحلية: معركة على وجه ووجهة مجتمعنا
- أفكار في النكبة
- مقاطعة مسيرة العودة... بداية صراع أم اعلان هزيمة
- قراءات أولية في الائتلاف الحكومي: حكومة المستوطنين والليبرال ...
- يوم الارض، عبر وتداعيات
- أنا لست... نسوية
- تبقى المنارة والبوصلة
- النقد المجتمعي والنسوي للصلحة العربية
- الصفقة 38 - خلفيات ، أسباب وتداعيات والاهم أسئلة مفتوحة ...
- جثة تبحث عن هوية
- ما لم تفهمه يحيموفيتش حتى الآن..
- أيلول - هل نحن مستعدون؟
- اللُّعب بالسياسة باسم -النقاوة القومية-
- مبادرة أيلول
- البعد الشعبي المفتقد
- الخيار الثالث وارد، وان بهظ الثمن
- حل الدولتين وحلم الدولة
- نضال العمال الاجتماعيين والدرس المُستفاد
- اشكالية نسبة الفتيات العالية في -الخدمة المدنية-: إستغلال سل ...
- التمثيل النسائي في العمل البلدي الجبهوي


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عايدة توما سليمان - ذهنية الاحتلال لن تكون مرجعية تحرّرية