أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عايدة توما سليمان - حل الدولتين وحلم الدولة















المزيد.....

حل الدولتين وحلم الدولة


عايدة توما سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 3387 - 2011 / 6 / 5 - 09:24
المحور: القضية الفلسطينية
    


واجهت القضية الفلسطينية ، على مدار السنين ، مفاصل نضالية حددت وجهة الشعب الفلسطيني وأجندته السياسية والوطنية الجماعية فصاغت طروحاته كل مرة من جديد ، الا أنه كان من الواضح على مدار السنين أمران ثابتان لم يتحولا ولم يتبدلا ولازما القضية الفلسطينية ملازمة التوائم السيامية : أولهما كان الثالوث الدنس ، الامبريالية، ان كانت البريطانية أو الامريكية فيما بعد، والصهيونية العالمية ومن ثم الرجعية العربية . هذا الثالوث الذي ساهم في احداث نكبة شعبنا العربي الفلسطيني ، كل بقسطه على أختلاف المسؤوليات والادوار وحجم المساهمة التي قام بها كل طرف . وثانيهما ، صمود ووعي الشعب الفلسطيني، في وجه كل المؤامرات التي حيكت وتحاك ضده، وقدرته على المحافظة على جذوة النضال متأججة، وعلى التمسك بالثوابت الفلسطينية الوطنية، رغم كل المساومات والضغوطات والقتل والترويع والتهجير .
وبعد عقود طويلة نجح الشعب الفلسطيني في طرح قضيته، شعب مقطع الأوصال، مصر على حقه بأقامة دولته المستقلة ذات السيادة على أرض وطنه في حدود الرابع من حزيران 1967، الى جانب دولة أسرائيل، وعاصمتها القدس الشرقية العربية، والحق في حل عادل للاجئين بحسب قرارات الشرعية الدولية بالعودة والتعويض .
ففي الوقت الذي يحلو لمن لا يملكون التفاؤل الثوري، والايمان بأن الشعوب ستنتصر حتما، بأن يصوروا صورة قاتمة للواقع الفلسطيني بالحديث عن استحالة فرض الحل السياسي الواقعي بأقامة الدولة الفلسطينية الى جانب دولة أسرائيل، وأن المستوطنات تمتد كالسرطان في جسد الأرض الفلسطينية لتلتهم أجزاء واسعة منها ( الامر الذي نقر بحقيقته ونرفض التعامل معه كواقع ناجز)، يبقى السؤال الذي يطرح ذاته لماذا يرفض هؤلاء، ومن بينهم الاكاديميين والمنظرين وأصحاب الصولات والجولات الفكرية، في وضع كل ما يبعث على التفاؤل الواقعي في مسار القضية الفلسطينية في الكفة الثانية من الميزان ، ليوازنوا به رؤاهم وتحليلاتهم ؟
فالواقع الفلسطيني والعربي والعالمي، يشهد تحركات واسعة من شأنها أن تبعث الأمل ، ومن شأنها أن تضيء الشمعة في نهاية النفق المظلم الذي مرت به القضية الفلسطينية في العشر سنوات الأخيرة – على أقل تقدير. استعراض سريع لتطورات الامور لا بد أن يجعلنا نقف على بعض منها، فقبل قرابة الشهر طوى الشعب الفلسطيني أكثر صفحاته سوادا وعارا، صفحة الانقسام المعيب الذي نقل معركة الشعب الفلسطيني من معركة في مواجهة الاحتلال وموبقاته، الى معركة داخلية شقت وحدة الصف وشكلت حجة، تشدقت بها الحكومة الاسرائيلية عن عدم وجود شريك فلسطيني يملك حق القرار في المفاوضات. كما أدى هذا الانقسام الى ارتفاع اصوات، من بينها محلية بين جماهيرنا العربية، تنزع شرعية التمثيل عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، بحجة عدم انضواء حماس والجهاد الاسلامي في عضوية المنظمة، ناهيك عن نزع الشرعية عن السلطة الوطنية الفلسطينية وتخوينها ، دون الأخذ بعين الاعتبار، أو قد يكونوا آخذين بعين الاعتبار، ما يتبع ذلك من تبعات على مكانة وموقع المنظمة ذاتها او على مصير القضية الفلسطينية ومنجزاتها الاساسية في إقرار العالم بأنها قضية شعب له قيادة وطنية،هي العنوان لأي حل مستقبلي .
ولم يكن ، كما يبدو، من الممكن أن يتم مشهد المصالحة الفلسطينية ، وأن يتحرر الشعب الفلسطيني من هذا الأنقسام المعيب، لولا تحرر مصر من نظام مبارك البائد ، فمقولة شباب ميدان التحرير في القاهرة ، "النهاردة مصر وبكرة فلسطين"، أثبتت وعي الجماهير العربية الفطري الى الربط بين الدور الذي لعبته وتلعبه الأنظمة العربية المستبدة في قمع شعوبها وفي ولائها للامبريالية الامريكية وربيبتها أسرائيل والدور الذي تنفذه في المعادلة الاسرائيلية الفلسطينية . ورغم التيقن من أن ربيع الشعوب العربية لم تتضح صورته النهائية بعد، ووعينا بأن الاصابع الامريكية تبحث لنفسها عن طرف خيط جديد تحاول من خلاله أعادة حياكة مؤامرتها ضد شعوب المنطقة الا انه مما لا شك فيه أن واقع المنطقة اليوم أصبح واقعا مختلفا وسيكون من الصعب أعادة المارد الشعبي الى قمقم الخوف والانخذال والرضوخ لنظم عميلة .هذا الواقع الجديد يخلق سياقا جديدا ومناخا مختلفا ، أتاح فتح معبر رفح أمام أبناء الشعب الفلسطيني الغزيين وشكل دعما حقيقيا لجهود اتمام المصالحة ولمصر الثورة دور يشهد لها في ذلك .
وفي معادلة اصطفاف القوى في المنطقة يشكل هذا التغيير الثوري، انتقاصا من القوى المساندة والمتواطئة مع السياسة الامبريالية والاسرائيلية ، النظم المتعفنة، وانضمام الشعوب وثوراتها الى دعم بدأ يؤتي باشاراته للشعب الفلسطيني ونضاله العادل .
وتأتي المبادرة الفلسطينية لطرح طلب قبول دولة فلسطين والاعتراف بها عضوا كامل الحقوق في الهيئة العامة للامم المتحدة، اشارة جادة مبشرة بأمل، طالما انتظرناه، بخروج القضية الفلسطينية من الوصاية الامريكية التي فرضت عليها في السنوات الاخيرة وأدت الى ممارسة ضغوط مريعة، على قيادة الشعب الفلسطيني في محاولة لابتزاز تنازلات تكمن اساسا بالتنازل عن الثوابت الفلسطينية . هذه المبادرة التي أعادت الجانب الفلسطيني الى دور المبادرة، وأخذ زمام الامور والتقدم بطرح يتجاوز حق النقض الامريكي واللاآت الاسرائيلية ، ليخاطب العالم من فوق رؤوس الادارة الامريكية وحكومة نتنياهو ويحصد الانجاز تلو الانجاز، بدءا باعتراف دول أمريكا اللاتينية وبعض الدول الاوروبية ودعم منظمة دول عدم الانحياز والحبل على الجرار .
لقد كانت الخطوة الفلسطينية بطلب الاعتراف بالدولة خطوة ذكية أعادت القضية الفلسطينية، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني الى جدول الاعمال الدولي، والاسرائيلي، فأصبحت النقاشات حولها والجهود الدبلوماسية المبذولة دعما ومعارضة لها أهم التحركات المرصودة في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والأهم من ذلك أصبحت حديث الشارع الفلسطيني والاسرائيلي .
كل ذلك في تزامن مع أحداث يوم النكبة هذا العام، التي أعادت الى اذهان من نسوا أو تناسوا أحد الثوابت الفلسطينية وأهم الجروح النازفة منذ العام 1948، اللاجئين وحق العودة . أن مشهد الشباب الفلسطيني وهو يغامر بحياته، ويحمل كفه على راحتيه، ليقطع الحدود السياسية المصطنعة وليعود الى قريته أو مدينته التي هجر عنها هو وأهله، شكل صورة ستقبع في ذاكرة كل من رآها تحيي الحق بالعودة والحق بالدولة ، وتؤكد من جديد " أن الصغار لن ينسوا" وأن الشباب يحملون الهم الوطني ومستعدون للدفاع عنه بكل ما يملكون .
وان كان كل ذلك غير كاف لشحن البعض بالتفاؤل، وما زال في جعبتهم الشك بامكانية تحقيق حلم الشعب الفلسطيني بأقامة دولته المستقلة، وأن هذا البرنامج السياسي الذي تبنته منظمة التحرير وتتبناه اليوم فاشل ، فيبادرون للهرب من سوداويتهم بافتعال واختلاق أمل جديد يبدو أكثر ثورية ، حل الدولة الواحدة العلمانية والديموقراطية فيمارسون الهرب الى الامام، في طرح مغلف برومانسية ثورية ومحشو باكتئاب وشعور بقلة الحيلة، ورفض لقراءة موضوعية علمية لما يجري على أرض الواقع من تحولات سياسية ونضالية . كيف من الممكن أن تسود السوداوية في زمن تبادر فيه قطاعات شعبية واسعة، في العالم،الى ممارسة المقاطعة على بضائع المستوطنات، وشركات عالمية تبادر الى سحب استثماراتها من كل نشاط استيطاني كولونيالي في مناطق الضفة الغربية المحتلة ، نازعة بذلك الشرعية، من أذهان شعوب العالم، عن الاحتلال الاسرائيلي ومشروعه الاستيطاني في خطوة تحضيرية لاقتلاع هذه المستوطنات من الجسد الفلسطيني .
أن بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الاسرائيلية يعي أزمته السياسية، ويعي أن مستقبله السياسي مرتبط بعدم التقدم ولو خطوة واحد باتجاه مفاوضات حقيقية مع الجانب الفلسطيني، ولكنه يفهم أيضا أبعاد المبادرة الفلسطينية للاعتراف بالدولة ، فلقد صرح هذا الاسبوع: " أنه لن يتمكن أحد من التصدي للاعتراف بالدولة" اذا ما طرحت على الهيئة العامة للامم المتحدة، فأمريكا لا تملك حق النقض هناك . ورغم محاولة نتنياهو السخرية من قرار الاعتراف اذا ما تم، بقوله: " وبامكانهم أتخاذ قرار بأن الارض مسطحة" . بمعنى أن قرار الاعتراف لن يفيد الفلسطينيين بشيء ولن يغير في الواقع، رغم كل ذلك فهو ليس بغبي وهو يعلم وعلى الاغلب أن مستشاريه السياسيين والقانونيين قد أفهموه تبعات القرار الاممي على الموقف الاسرائيلي أمام القانون الدولي، الذي يتعاطى بشكل مختلف مع أحتلال دولة لشعب وأحتلال دولة لدولة أخرى عضو في هيئة الامم المتحدة . ولا بد أن القيادة الفلسطينية، في اصرارها على التقدم بالطلب للامم المتحدة، تعد الخطط لخطوات ما بعد القرار من مساءلات قضائية وممارسات السيادة على ارض الواقع مما سيحرج اسرائيل وأمريكا في أن واحد .
ويبقى بصيص من أمل آخر، لا بد أن يدخل في حساباتنا في هذه المعادلة الجديدة الآخذة في التشكل في المنطقة، وهو الاصوات الجديدة المتصاعدة من قلب التيار المركزي في اسرائيل ، أصوات لم نتوقعها من قبل تخرج من التوافق الاسرائيلي العام، لتطالب حكومة نتنياهو، ونتنياهو بذاته بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود 67 وعاصمتها القدس. ضباط سابقون ورجالات أمن، أكاديميون وفنانون ومفكرون ومبدعون اسرائيليون يهود يكتبون العرائض ويدعون في مبادرات موجهة للحكومة الاسرائيلية والدول الاوروبية تؤكد على أن حل الدولة الفلسطينية الى جانب اسرائيل هو الحل الأكثر واقعية والذي يكفل مصلحة شعبي هذه البلاد .ونحن نعلم انهم ليسوا الاغلبية في اسرائيل ، ولكنهم النخب وبداية التصدع ، ويبقى الرهان غدا على المظاهرة الكبيرة في تل أبيب، في ذكرى الرابع من حزيران، والداعية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، أن تسمع العالم القول الفصل من قلب اسرائيل .
في ظل كل ذلك يصبح خيار الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ال-67 وعاصمتها القدس الشرقية الى جانب اسرائيل وحق اللاجئين، أقرب من أي وقت مضى.
ففي مصلحة من طرح حل الدولة الواحدة العلمانية والدمقراطية ؟ نحن نعلم أن من حق كل الناس أن تحلم ومن حق كل الناس أن تحمل أجندات سياسية مختلفة وأن تسعى لطرح برامجها السياسية ولكن حين يتناقض البرنامج السياسي مع الواقع ، وعندما يكون بعيدا عن التحليل العلمي، يتراجع البرنامج السياسي ليعود حلما، قد يكون جميلا... وقد يكون كابوسا .



#عايدة_توما_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نضال العمال الاجتماعيين والدرس المُستفاد
- اشكالية نسبة الفتيات العالية في -الخدمة المدنية-: إستغلال سل ...
- التمثيل النسائي في العمل البلدي الجبهوي
- غادرتنا ابتهاج خوري، العلم والمشهد العكي النابض بالحيوية وال ...
- ليكن هذا القرن قرن النهوض المتجدد للاشتراكية الثورية في كل ا ...
- نحيي الثامن من آذار يوما نضاليا لانه يزرع فينا قيما تنتفض ضد ...
- ضد -ملكوت الجمال-، ولكن!
- نحو حوار مجتمعي يعالج العنف ضد النساء


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عايدة توما سليمان - حل الدولتين وحلم الدولة