أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايدة توما سليمان - العاصفة التي نحب أن نحب















المزيد.....

العاصفة التي نحب أن نحب


عايدة توما سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 4503 - 2014 / 7 / 5 - 08:05
المحور: الادب والفن
    



قبل أيام عدت لاسمع بعضا من خطاباته، واتابع صولاته وجولاته في الكنيست وعلى المنابر الشعبية والوطنية ودهشت لخطابه في يوم الارض في العام 92 عندما واجه وببسالة بدايات الفكر الاصولي والهجمة التي شنتها الحركة الاسلامية على مشاركة النساء في يوم الارض، عندما جلجل صوته هاتفا "وحدة وحدة وطنية الشاب بحد الصبية"




كنت فتاه ما زالت لا تعرف من السياسة سوى رفض الظلم والبحث عن العدل، عندما حققت جبهة الناصرة نصرها التاريخي وتمكنت من تحرير بلدية الناصرة من نهج سلطوي بسط سيطرته على المدينة. وتحول نصر الجبهة الى انتصارات عديدة في القرى والمدن المختلفة لتشكل معا افقا سياسيا جديدا للجماهير العربية برمتها.
لم أكن عندها أعلم سوى أن قائدا، أبو الامين توفيق زياد، ابن مدينتي وابن الحارة الشرقية، أكثر الحارات تهميشا وفقرا عندها اصبح رئيسا للبلدية. وفي هذا وحده قلب للموازين فابن الحي الشعبي والقائد الخارج من الطبقة الكادحة هو هو رئيس البلدية، وهو الذي يرسم مستقبل المدينة وبالطبع لاحقا فهمت انه ممن رسموا ويرسمون مستقبل شعب بأكمله وانه هذا الانسان الذي تحول الى رمز سياسي وطني شعبي اثار في الناس في كل مرة اعتلى فيها منصة والقى خطابا أو صرح تصريحا، مشاعر الحماسة والعزة ومنحهم الشعور بأننا، نحن الكف، بامكاننا دون تردد ملاطمة المخرز.
لم التق به وجها لوجه لسنوات طويلة ولقائي الاول به كان عندما قدم مع مجموعة من الاشخاص الى حارتنا في الناصرة ليتفقد المتطوعين الذين عملوا جاهدين خلال أحد مخيمات العمل التطوعي على بناء سور مواز لارضنا مقابل ما منحه الوالد من أرض لفتح شارع واسع يكفل للسيارات الوصول الى جميع بيوت الحي. جاء زوبعة وضجيجا بصوته المجلجل وضحكاته ومزاحه، بث الحياة في الاجساد التي انهكها التعب واهتم بأن يلقي السلام على الجميع، ورأيت الاحترام والحب ينبعثان من الوجوه التي تنظر اليه، وفهمت يومها أن القائد هو من يحبه الناس وهو الملتصق بهم وبهمومهم، وهو صاحب الرؤيا الثاقبة والمبدع في ابتكار المخارج من الازمات. لقد كانت مسيرة زياد في العمل البلدي اسطورة تحد، نجح في محطاتها جميعا بالخروج بذكاء وقدرة السياسي المحنك، قاد العمل البلدي التشاركي مع أهل المدينة، فتنظمت الاحياء في لجان قدمت مقترحاتها وساهمت في بناء المدينة العصرية التي حلم بها. اذكر اننا عملنا اياما تطوعا في تنظيف الشوارع وابعاد القمامة لنحمي اضراب عمال النظافة عندما قطعت الحكومة الميزانيات عن البلدية لتأليب الشارع النصراوي ضدها، فتعلمنا من الصغر كيف نحمي مشروعنا وكيف تتحول الازمات الى فرصة لشد العزائم ورفع الجهوزية للتصدي.
ومرت السنوات وتعلمت أن اقرأ اشعاره وبدأت بنصراوي في الساحة الحمراء ودندنت أناديكم فيما بعد، وتابعت ما يكتب وما يصرح من بعيد مذهولة بالوضوح السياسي وبالعمق الثوري، وبهذه القدرة على قول الحق في اصغي اللحظات ومواجهة الجميع دون هوادة أو مواربة. من بعيد كنت اخافه، فهو قاسي الملامح، يزأر من على المنصات، ويبدو كمن يحمل في داخله الم شعب بأكمله، الى أن التقيته في الاجتماع الأول للجنة المركزية بعد أن انضممت للحزب وانتخبت في احد المؤتمرات عضوة في اللجنة المركزية وفوجئت بتواضعه وروح الفكاهة التي تسكن كلماته وروحه. كان ينكب على أوراقه يرسم الخطوط طوال فترة الاجتماعات بدقة وبانغماس ولهف طفولي كمن يكتشف الحبر على الورق وقدرته على التعبير لأول مرة. في احدى المرات اقتربت وسألته: ما هذا هل ترسم يا رفيق؟ ابتسم وقال: نعم فانا ساصبح رساما حين أكبر.
وكبرت الفتاة وتعلمت درسا أو أكثر في السياسة، وتعلمت بأن البيت الذي احتضن توفيق زياد وعائلته الواسعة من رفاق الحزب هي التي تمده وتمدنا بالقوة والشجاعة، ولكن تعلمت ايضا بأننا جميعا قادرون ولو بجهد أن ننهل من هذا الفكر الاممي الانساني الوطني، ولكن قلائل بيننا أولئك الذين بامكانهم أن يضيفوا لهذا الفكر لبنات جديدة، ونادرون هم الافراد الذين يتحولون مع الوقت الى مدرسة نضالية نتعلم منها أن الفكر بدون الممارسة يبقى جميلا على الورق وأن الشجاعة الحقيقية هي أن تكون ما تؤمن به وأن تمارس قناعاتك دون تردد أو مواربة، وتوفيق زياد كان عملة نادرة في هذه المعادلة.
قبل أيام عدت لاسمع بعضا من خطاباته، واتابع صولاته وجولاته في الكنيست وعلى المنابر الشعبية والوطنية ودهشت لخطابه في يوم الارض في العام 92 عندما واجه وببسالة بدايات الفكر الاصولي والهجمة التي شنتها الحركة الاسلامية على مشاركة النساء في يوم الارض، عندما جلجل صوته هاتفا " وحدة وحدة وطنية الشاب بحد الصبية" من على المنبر بصوت جهوري خلته يحمل اصواتنا نحن الشباب آنذاك ونحن الثوريين والتقدميين بين طياته، وتمنيت لو أنه بيننا الآن ليشهد وليتصدى للدرك الذي وصلناه.
في احدى النوادر التي سمعتها عنه، وهو الذي كثيرا ما اختنق بسعال شديد جراء التدخين المستمر، باغتته نوبة السعال وهو في الكنيست فتقدم منه العنصري رحبعام زئيفي ليقدم له قطعة ملبس تساعده على ايقاف السعال فانتفض ابو الامين ورفضها، وقال افضل لي أن اختنق.. فقد كان من الاشخاص الذين يحيون على طرف الهاوية دون وجل، يتمكن منه وعي بأن القائد موقف، وبأن لا مكان لاستراحة أو مهادنة تحسب عليه وهو في أرض المعركة، فهو الذي تجرأ في قمة سعادته في حفل استقبال القائد الرمز ياسر عرفات، ان يقول لابو عمار الذي تمنى للجميع الصلاة في القدس، فيقفز ابو الامين بسرعة بديهته، وهي عاصمة للدولة الفلسطينية فالقدس قضية سيادة وليست قضية عبادة يا ابو عمار.
قد أكون من جيل قدر له وكان له الحظ أن يعمل الى جانب وتحت قيادة عمالقة بقامة التوفيقين وماير فلنر واميل حبيبي وصليبا خميس وساشا حنين، وكان لي الشرف أن اراهم وهم يديرون اصعب المعارك برباطه جأش كل باسلوب مختلف وطبع مغاير يجمعهم فكر وهدف واحد، ولكن مما شك فيه أن ابو الأمين تميز بهذه النار المشتعلة حتى اللحظة الاخيرة، وبالصراحة التي تصل احيانا الى الفظاظة المستحبة ، جمع تناقضات الصلابة امام العدو واللين والشاعرية امام اصغر طفل وطفلة، عاش الحياة بنهم المقاتل الذي لا يعرف متى ستكون النهاية ولكنه يعرف بالتأكيد كيف يحيا الرواية.
في هذه الايام نتمنى لو أنك بيننا، يا أبو الامين، لتخرس الدراجات التي تخيّل على شارع شققته انت ورفاق دربك بدمع العين ودم الروح، نتمنى لو أنك معنا لتعيد رسم معالم الحلم الذي ناضلت ونناضل من أجله، ولتتصدى معنا لأوباش العنصريين والفاشيين وتواجههم بعاصفتك التي نعشق، ولكننا من عمق حبنا لك نتساءل هل حقا نريد لك أن ترى ما يعانيه شعبك في هذه الايام، وما يمر على الشعوب العربية منذ سنوات، ونعرف أننا اذا سألنا الاسئلة التي كنت ستطرحها، وأجبنا بروح اجوبتك، وان استعدنا ثورتك العاصفة فسنكون ممن تعلموا ولو قليلا منك ... وسوف نكمل الطريق بهدي مبادئك ومباديء حزبك حزبنا .



#عايدة_توما_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عملية خطف... لقضية الأسرى!
- نحو مؤتمر الحزب الاستثنائي: بشجاعة وصراحة.. ومن خلال تحدي ال ...
- في الثامن من آذار: نحمي قيمنا الثورية ونمنع ابتذال النضال
- ذهنية الاحتلال لن تكون مرجعية تحرّرية
- معركة السلطات المحلية: معركة على وجه ووجهة مجتمعنا
- أفكار في النكبة
- مقاطعة مسيرة العودة... بداية صراع أم اعلان هزيمة
- قراءات أولية في الائتلاف الحكومي: حكومة المستوطنين والليبرال ...
- يوم الارض، عبر وتداعيات
- أنا لست... نسوية
- تبقى المنارة والبوصلة
- النقد المجتمعي والنسوي للصلحة العربية
- الصفقة 38 - خلفيات ، أسباب وتداعيات والاهم أسئلة مفتوحة ...
- جثة تبحث عن هوية
- ما لم تفهمه يحيموفيتش حتى الآن..
- أيلول - هل نحن مستعدون؟
- اللُّعب بالسياسة باسم -النقاوة القومية-
- مبادرة أيلول
- البعد الشعبي المفتقد
- الخيار الثالث وارد، وان بهظ الثمن


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايدة توما سليمان - العاصفة التي نحب أن نحب