أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عايدة توما سليمان - الفاشية هناك وهنا... هي ذاتها















المزيد.....

الفاشية هناك وهنا... هي ذاتها


عايدة توما سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 4524 - 2014 / 7 / 26 - 10:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




•العقلية ذاتها التي تطلق الصواريخ على الاطفال وتقصف المدارس وترتكب المجازر غير آبهة هناك، في غزة، هي العقلية ذاتها التي واجهناها على الكرمل ويواجهها طلابنا وعمالنا هنا في كل المواقع

*نار الفاشية هناك*


مهما حاولنا أن نتخيل حجم الالم الذي يمر به أهلنا في غزة فسوف نخرج من المحاولة حالنا حال ما نشعره ويطغى علينا في هذه الايام ، العجز والشلل . صحيح أن بداخل كل منا أو على الأقل في داخلي كم من الغضب قد أعجز عن شرحه واطنان من الحزن قد تنفجر في الكثير من اللحظات الى بركان من الدموع ولكن كيف بالامكان أن نشعر بما يشعر به قرابة المليونين من البشر الذين اضحوا لا يعلمون هل من الافضل أن يخلدوا الى النوم على أمل أن يصحو صباحا ليجدوا أنهم ما زالوا احياء يرزقون وأن السقف فوق رؤوسهم ما زال هناك، أم يختاروا أن لا يناموا لعل وعسى تكون لهم القدرة على الافلات من الموت القادم مع صاروخ يقصف المنزل، أم أن حق الخيار بين الامكانيتين غير وارد لأنك اصلا لا تتحكم بجفون العينين وبحالة اليقظة والتنبه العاجزة التي تسيطر على النفس.

هل يفكر اهلنا هناك بما يلزم عليهم القيام به بعد أن وصلهم اعلام هاتفي بأن المنزل سوف يقصف، هل يخطر في البال ماذا سيحملون معهم وأي من اطفالهم سيكون على اليدين وأيهم بامكانه الركض بسرعة كافية تخرجه من المنزل قبل قصفه. وما هو حال من لديه طفل رضيع ووالدة مقعدة من سيختار ليحمل على أكفه وهو يهرب من النار القادمة. وأكثر ما أخشاه أن يتكرر المشهد من رواية عائد الى حيفا حين اكتشفت الام المتشبثة برضيعها في قارب النجاة ان ما تحمله بين يديها وسادة حولها رعبها للحظات الى طفل رضيع فاختلط الامر عليها وكانت المأساة.

على من يحزن من استشهد ثمانية من أفراد عائلته ؟ وصورة وجه من لا تفارقه؟ هل يشعر اصلا هذا الناجي من الموت بما يخطر ببالنا من ألم، أم أن الصدمة أكبر من ذلك كله، وهل يشعر بالذنب لأنه هو بقي على قيد الحياة. والاطفال، اطفال غزة الباكين، من يكفكف دموعهم ومن يحضنهم حين يصحون على اصوات الصواريخ أو من فزع كابوس اضحى حقيقة يومية، من يعيد لهم طفولة سرقتها ضوضاء الحرب واي نوع من الرجال والنساء سيكبرون ليكونوا؟

في لغة المقاومة، مقاومة السطو على الوطن والدمار، وفي لغة الكرامة الوطنية والعزة القومية لا مجال للبكاء ولا للخوف، ولكن أهل غزة يضعون قاموسا جديدا للغات جميعا، فهم بشر يبكي الرجال فيهم وهم يدفنون اطفالهم، وتنوح النساء الفاقدات، فلقد توقفن عن الزغاريد في وداع الشهداء،ويخاف الجميع من الالة العسكرية الهمجية، ومن مصير اصبح فيه الموت جماعة رحمة !! فالشهداء كثر ، ومن كثرتهم لا مجال لسرد قصصهم، ولا حفظ اسمائهم، من سيسرد ما أحب كل منهم وكيف كان يلعب ويدرس اذا ما اختفت العائلة كلها تحت التراب، ومن سيحفظ الوجوه والملامح سوى ما بقي من صور، ام ان نيران القصف أتت على الصور كذلك.

ماذا سيسجل التاريخ عن ايام مجازر غزة، وهل سوف يتحول هذا الالم الذي يقطع القلوب الى فصل في دروس التاريخ، فالتاريخ يكتب عن المقاتلين والساسة ولا يسجل قصص الناس العاديين، ضحايا المجازر، ويتحول شهداء الشجاعية الى رقم في جملة في فصل قد يكتب وقد لا يكتب، بعد أن حفر في القلوب أخاديد الحزن والغضب .







*ونارها هنا...*




يوم السبت الماضي سقطت حيفا سقوطا مدويا في مستنقع الفاشية، وما شهده كرمل الروح من تلوث الروح والجو بهتافات قطعان الفاشيين " الموت للعرب" وسنقتلكم جميعا" و"الطابور الخامس" جعل السبت وما جرى فيه علامة فارقة في تاريخ هذه البلاد يوم الميلاد الرسمي والخروج الى العلن لفاشية طالما استترت وأطلت برأسها وجلة.

عندما وصلت الى مظاهرة الجبهة والحزب الشيوعي في مدينة حيفا كنت أعلم أن فيها مجازفة حقيقية، ولكنني لم انتبه الى حقيقة ان من حضر سوف يتحول الى بطل أو بطلة يحملون دماءهم على أكفهم في أخطر مواجهة انتهت لحسن حظنا بالعديد من الجرحى فقط. في وسط المشهد الذي رسم حدود البهيمية من جديد، وعرّف من لم يعرف من قبل معنى الانفلات الفاشي تذكرت اقوال رفاقنا من قيادة الحزب في كل مرة استعملنا فيها كلمة الفاشية لوصف مظاهر العنصرية المتفشية في البلاد وبين الاغلبية اليهودية عندما كانوا ينهوننا: لا تهدروا هذه الكلمة هباء سوف تأتي ايام نحتاج فيها استعمالها، ولئلا يصيبنا مثل ذاك الراعي الذي صرخ مرارا الذئب الذئب!

لم يخطر ببالي انني سوف افكر فعلا، واعترف هنا بعد هذا العمر والرصيد من المظاهرات، بأن الحل للخروج من الحصار الذي فرضه علينا أكثر من الف من الفاشيين ونحن لا نتجاوز في نهاية المظاهرة العشرات هو أن اضرب شرطي، لعل وعسى يكون حظي بعض اللكمات والاعتقال. تحت وابل الحجارة والزجاجات والاصص المتهاوية على رؤوسنا من المنازل وتحاشي اقدام الخيول الشرطية الهائجة قربنا، كانت الرغبة في المواجهة ترتقي سلما يصل الى الغضب، واصبح من الواضح اننا في مواجهة "يا قاتل يا مقتول" . وانتهت الليلة بالنجاح في الافلات من الاوباش الهائجين ولكن دون القدرة على الافلات من حقيقة اننا امام واقع جديد تكتسب فيه العنصرية والحقد الاعمى شرعية من تحريض مستمر تمارسه حكومة اليمين، وتتجند فيه وسائل الاعلام وتحميه شرطة الدولة.

ما حدث في حيفا من تجييش لزعران اليمين خطير، والاخطر منه أن مواطنين عاديين من اليهود اتوا الى مظاهرة تحت شعار دعم الجنود في حربهم على غزة وبعدما رأوا ما رأيناه وبعدما شعروا بالعنف الذي مورس ضدنا، بقوا واشتركوا في محاولات اللينش. ان تنظّم القوى العنصرية في مجموعات تنطلق في الشوارع تبحث عن العرب لضربهم، وفي صفحات الفيسبوك لتلاحق من يكتب ضد الحرب وتطالب بفصله من العمل أو التعليم أو تتعرض له بالتهديد، والتهديدات الجدية بالقتل التي تطال النشطاء اليساريين من العرب واليهود كل هذا هو فاشية لن تنحسر بعد الحرب، وانما مأسسة لواقع جديد تنعدم فيه مساحة حرية التعبير عن الرأي ويصبح العنف فيه سيد الموقف.

هذه العقلية ذاتها التي تطلق الصواريخ على الاطفال وتقصف المدارس وترتكب المجازر غير آبهة هناك، في غزة، هي العقلية ذاتها التي واجهناها على الكرمل ويواجهها طلابنا وعمالنا هنا في كل المواقع . قد يخيف هذا الواقع البعض، وقد يجعل العديدين ينحنون لحين مرور العاصفة، ليكتشفوا بعدها أن عليهم الانحناء طويلا بحيث ينسون كيف ترفع الرأس مجددا. ان هذه الاجواء هي التي تفرض المواجهة علينا وهي التي تختبر صلابة عودنا وفكرنا وايماننا بدربنا، وهي امتحان لقدرتنا على صيانة المعادلة الصعبة بين الانتماء الوطني حتى النخاع وحتى الاستعداد لدفع الثمن مهما كان عاليا من اعتقالات وملاحقات واعتداءات كما فعل قادتنا ورفاقنا على مدار سنوات وبين الاممية الانسانية الطافحة بوصلة في بناء الشراكات النضالية التي تمنع عزلنا في هذه الاوقات الصعبة وتحول دون الاستفراد بنا أو بقوى اليسار اليهودي الحقيقية مهما كانت قليلة.

ولاننا مزروعون بالامل لن ننحني ولن نهاب وسنبقى شوكة في حلق الفاشية.



#عايدة_توما_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افكار على هامش الحرب على غزة
- العاصفة التي نحب أن نحب
- عملية خطف... لقضية الأسرى!
- نحو مؤتمر الحزب الاستثنائي: بشجاعة وصراحة.. ومن خلال تحدي ال ...
- في الثامن من آذار: نحمي قيمنا الثورية ونمنع ابتذال النضال
- ذهنية الاحتلال لن تكون مرجعية تحرّرية
- معركة السلطات المحلية: معركة على وجه ووجهة مجتمعنا
- أفكار في النكبة
- مقاطعة مسيرة العودة... بداية صراع أم اعلان هزيمة
- قراءات أولية في الائتلاف الحكومي: حكومة المستوطنين والليبرال ...
- يوم الارض، عبر وتداعيات
- أنا لست... نسوية
- تبقى المنارة والبوصلة
- النقد المجتمعي والنسوي للصلحة العربية
- الصفقة 38 - خلفيات ، أسباب وتداعيات والاهم أسئلة مفتوحة ...
- جثة تبحث عن هوية
- ما لم تفهمه يحيموفيتش حتى الآن..
- أيلول - هل نحن مستعدون؟
- اللُّعب بالسياسة باسم -النقاوة القومية-
- مبادرة أيلول


المزيد.....




- مصر.. الدولار يعاود الصعود أمام الجنيه وخبراء: بسبب التوترات ...
- من الخليج الى باكستان وأفغانستان.. مشاهد مروعة للدمار الذي أ ...
- هل أغلقت الجزائر -مطعم كنتاكي-؟
- دون معرفة متى وأين وكيف.. رد إسرائيلي مرتقب على الاستهداف ال ...
- إغلاق مطعم الشيف يوسف ابن الرقة بعد -فاحت ريحة البارود-
- -آلاف الأرواح فقدت في قذيفة واحدة-
- هل يمكن أن يؤدي الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب عالمية ثال ...
- العام العالمي للإبل - مسيرة للجمال قرب برج إيفل تثير جدلا في ...
- واشنطن ولندن تفرضان عقوبات على إيران تطال مصنعي مسيرات
- الفصل السابع والخمسون - د?يد


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عايدة توما سليمان - الفاشية هناك وهنا... هي ذاتها