أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عايدة توما سليمان - النساءُ في الطّليعةِ: مسيرة الأمّهات ضدّ الجريمة؛ تغيّر وجه النّضال!















المزيد.....

النساءُ في الطّليعةِ: مسيرة الأمّهات ضدّ الجريمة؛ تغيّر وجه النّضال!


عايدة توما سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 6654 - 2020 / 8 / 22 - 11:30
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



مساءُ السّبت، في الطّريق إلى "أبو غوش"، سألتُ أمّ خليل إذا ما كانت متعبة بعد الرّحلة الطّويلة سيرًا على الأقدام من حيفا أم لا، ابتسمت وقالت: "صدّقيني، الآن وأنا أقتربُ من وجهتي أشعرُ بأنَّني قويّة جدًّا ويمكنني الاستمرار حتّى الوصول إلى القدس".

نظرتُ في عينيها ورأيتُ قوّة وحزن شديديْن، امرأة حملت الآلام الّتي عانت منها منذ مقتل ابنها، وحوّلتها إلى قوّة وطاقة، وإلى صرخة امتدّت على مدى خمسة أيام و 180 كيلومترًا، بعكس التّصور التقليديّ عن الأمّ الثّكلى المرسّخ والشّائع في تفكير الكثيرين في المجتمع العربيّ، على أنّها امرأة فقدت أعزّ النّاس على قلبها، تجلسُ وحيدة بيتها، غارقة في البكاء واليأس، تعاني من الألم والمعاناة الّتي لا يمكن تصوّرها لفقدان ولدها.



على العكس تمامًا، نهضت أمّ خليل وقلبت الموازين رأسًا على عقب. مع كلّ خطوة خطتها في مسيرة الأمّهات الثّكلى، أخرجتنا جميعًا من استسلامنا لمخاوف الكورونا واستعادت السّيطرة على حياتها، وعلى صورتها كأمّ وكامرأة تناضل من أجل أولادها ومن أجل المجتمع ككلّ.

فقدت منى ابنها خليل البالغ من العمر 28 عامًا في 11 يونيو من هذا العام. تمّ إطلاق النّار عليه قرب منزله في حيفا، ولم يتمّ القبض على قاتله حتّى يومنا هذا، فاختارت منى أن تحوّل حزنها إلى مقولة اجتماعيّة شاملة.

في الأسبوع الماضي، شهران بالضّبط على فقدان ابنها، خرجت مجموعة من النّساء والأمّهات اللّواتي فقدن أبناءهن، بمبادرة من منى، وغيّرن تلك الصّورة المألوفة. خرجن من حي الحليصة في حيفا، وساروا لمدة خمسة أيّام إلى القدس، في مسيرة احتجاجيّة على إهمال الدّولة الإجراميّ في التّعامل مع قضيّة العنف في المجتمع العربيّ.



خلال الأيام الّتي سرن فيها، كانت الأمّهات تتنقَّل بين البلدات العربية المختلفة وحشدن دعمًا كبيرًا - في الشّارع، في الرّأي العام العربيّ، وكذلك في وسائل الإعلام العبريّة. طوال الرحلة الّتي امتدَّت 180 كيلومترًا انضممنا إليهنّ كأعضاء كنيست، رؤساء سلطات محليّة، وكذلك مواطنون ومواطنات الّذين سئموا الوضع، كما رافقهم منذ بداية الرّحلة وحتّى نهايتها عضو الكنيست ورئيس القائمة المشتركة أيمن عودة.

استعدادًا للوصول إلى القدس في نهاية الأسبوع الماضي، زاد عدد الناشطين الّذين رافقوا المسيرة، من بينهم عدد غير قليل من النّاشطين اليهود. يوم الأحد، وصلت النّساء المرهقات إلى منزل رئيس الدّولة في القدس، رؤوفين ريفلين، حيث قمن بتقديم مطالبهنّ للرّئيس.



نوع مختلف من الاحتجاج

شكّل هذا الاحتجاج الذي بادرت إليه الأمّهات، نوعًا مختلفًا من الاحتجاجات، فعلى الرّغم من أنّه يواصل مطالب الموجة الضّخمة من الاحتجاجات الّتي اندلعت قبل أقلّ من عام على خلفيّة مناهضة العنف في المجتمع العربيّ، إلّا أنّ هذه المرّة يقام الاحتجاج بأدوات ولغة مختلفة.

قبل أقلّ من عام، خرج عشرات الآلاف من المواطنين العرب إلى الشّوارع، مطالبين الدّولة بتغيير مسارها على الفور بما يتعلّق بالتّعامل مع العنف في المجتمع العربيّ. كانت هذه الموجة من الاحتجاجات غير مسبوقة في الحجم، وشملت مظاهرات حاشدة وإغلاق طرق وقوافل سيّارات وغير ذلك. وقمنا نحن قيادة الجمهور العربيّ، بالإضراب عن الطّعام لمدة ثلاثة أيام أمام مكتب رئيس الحكومة في القدس.



موجة الاحتجاجات هذه لم تغيّر الوضع القائم، استمرّت الدّولة بعدها في التّعامل مع المشكلة بإهمال. فمنذ بداية عام 2020 قُتل 58 شخصًا في المجتمع العربيّ، بحيث تبلغ نسبة فكّ رموز جرائم القتل في المجتمع العربيّ 38٪ بينما تبلغ في المجتمع اليهوديّ نسبة 55٪.

الخطط الّتي تتحدّث عنها الشرطة، سواء كانت خطط جيّدة أم لا، لا تنفّذ. ووزير الأمن الداخليّ الجديد "أمير أوحانا" لا يبشّر بالخير بما يتعلق بقضيّة العنف في المجتمع العربيّ.

النّضال هذه المرّة نظم على خلفيّة هذا الوضع المحبط، وعلى خلفيّة وجع منى الشّخصيّ، هي والأمّهات الأخريات، لم يكن التّركيز على المسيرات الضّخمة الّتي ترفع بها الأعلام ولا على الصف الاول من القادة الرجال الّذين يسيرون في المقدّمة، ولكن التّركيز كان على الألم الشّخصيّ والصّمت المفجع لهؤلاء الأمّهات.

تحوَّل الألم والصّمت لرّسالة اجتماعيّة وسياسيّة تمثِّل المجموعة. ارتدت الأمّهات ومن رافقهن قميصًا أبيض بسيطًا كتب عليه "مسيرة الأمّهات من أجل الحياة"، حملوا صور أحبائهم الّذين قتلوا، وساروا لساعات على جانب الطريق، في حرّ اب الحارق.

خروج الأمهات هذا، اللّاتي يضعن مأساتهنّ الشّخصية في المقدّمة، هو العمل الأكثر ثوريّة ونسويّة الّذي يمكن تخيّله.

نعرف نضالات كثيرة قامت بقيادتها نساء، لكن في معظم الأحيان تكون هذه النّضالات لأجل قضايا تتعلق بحقوق النساء، مثل العنف ضدّ المرأة وقتل النّساء. هذه المرّة، القضيّة هي قاعدة اجتماعيّة، وهؤلاء النّساء لم ينتظرن من يعطيهنّ مكانًا ، لكنهنّ انتزعن منصبًا قياديًا يربط بين الشّخصيّ والسّياسيّ بأوضح طريقة ممكنة.



عندما تضع النّساء أنفسهنّ في طليعة نضال يتناول المجتمع بأسره، فإنّهنّ في الواقع يقلن شيئًا أعمق عن المجتمع بأسره - حول من يمكنه قيادة الاحتجاج والنّضال. عندما يفعلن ذلك، فإنهنّ يغيِّرن ما هو شرعيّ وغير شرعيّ للقول، ومن يستطيع أو لا يستطيع الكلام.

مسيرة الأمّهات هي بداية رائعة لشيء آخر. إنّه احتجاج نسائيّ حقيقيّ على واحدة من أكثر القضايا إيلاما والّتي تطارد المجتمع العربيّ - العنف والجريمة.

لا تتورّط النّساء في الجريمة، وفي الغالب لا يملكن الأسلحة. في المقابل، هن من يبقين لرعاية العائلة بعد مقتل الرّجال، وهن اللّواتي يعتنين بالجرحى والمصابين؛ فيحق لهنّ أولاً وقبل كلّ شيء قيادة هذا النّضال.

أمّ خليل وجميع الأمّهات الأخريات اللّواتي قطعن المسافة من حيفا إلى القدس بدأن بعملية تغيير جذريّ لتصوّر النّضال ضدّ الجريمة والعنف. يجب علينا كمجتمع، وخاصّة النساء، ألا نتجاهل هذه الفرصة.

هذه دعوة للنّساء العربيّات بشكل أساسيّ للتّنظيم وتكثيف الاحتجاج. هذه دعوة للمنظمات النّسائية؛ حان الوقت لنتكاتف للنّضال من أجل حياتنا وحياة أحبائنا، ومن أجل مجتمعنا ككلّ.




#عايدة_توما_سليمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثامن من آذار: لبرلة النسوية، تحديات المرأة الفلسطينية وتأط ...
- لماذا توجَّهنا للأمم المتحدة؟
- أمام واقع استثنائي يتطلب أجوبة استثنائية
- النضال الشعبي والمنظم والجريء ضد العنصرية، مطلب الساعة
- مواطنتنا مجبولة بكوننا أبناء الوطن
- معنى العمل في السياسة تغيير الواقع القائم وبناء الجديد
- الفاشية هناك وهنا... هي ذاتها
- افكار على هامش الحرب على غزة
- العاصفة التي نحب أن نحب
- عملية خطف... لقضية الأسرى!
- نحو مؤتمر الحزب الاستثنائي: بشجاعة وصراحة.. ومن خلال تحدي ال ...
- في الثامن من آذار: نحمي قيمنا الثورية ونمنع ابتذال النضال
- ذهنية الاحتلال لن تكون مرجعية تحرّرية
- معركة السلطات المحلية: معركة على وجه ووجهة مجتمعنا
- أفكار في النكبة
- مقاطعة مسيرة العودة... بداية صراع أم اعلان هزيمة
- قراءات أولية في الائتلاف الحكومي: حكومة المستوطنين والليبرال ...
- يوم الارض، عبر وتداعيات
- أنا لست... نسوية
- تبقى المنارة والبوصلة


المزيد.....




- لأول مرة في التاريخ.. امرأة تتولى منصب رئيس جهاز MI6 في بريط ...
- الاعتذار وحده لا يكفي .. ورقة رصد حول وتحليل لخطابات الاعتذا ...
- نتنياهو يتوعد إيران بسبب -قتل النساء والأطفال-
- مصر.. جريمة اغتصاب سيدة معاقة تهز البلاد
- استقبل الآن تردد قناة كراميش 2025 الجديد على النايل سات لمتا ...
- فوق السلطة: طقوس اغتصاب أطفال تهز إسرائيل ونتنياهو متهم برعا ...
- أيهما أقوى ذاكرة: النساء أم الرجال؟ ولماذا؟
- ” سجلي فورًا متترديش” خطوات التسجيل في دعم ساند للنساء 1446 ...
- دور المرأة المقدسية في إدارة الجمعيات الخيرية -حين يصبح الع ...
- ليبيا..أمر بالقبض على -أحمد الدباشي – العمو- في صبراتة بعد ت ...


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عايدة توما سليمان - النساءُ في الطّليعةِ: مسيرة الأمّهات ضدّ الجريمة؛ تغيّر وجه النّضال!