سعد سوسه
الحوار المتمدن-العدد: 7324 - 2022 / 7 / 29 - 21:07
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
خصائص الديمقراطية النيابية .
تتحدد خصائص نظام الديمقراطية النيابية ( التمثيلية ) في أربعة خصائص هي:
1- برلمان منتخب من قبل الشعب , أي أن تكون وسيلة تواجد البرلمان هي الانتخاب عن طريق الشعب أيا كان نوع الانتخاب, ومن ثم فلا تثبت الصفة النيابية لأي هيئة لا تكون منتخبة من الشعب كأن يكون طريقة تواجدها التعيين, أو التعيين في بعضه( 16 ) . وأن يتمتع البرلمان المنتخب بسلطة فعلية نافذة وبالأخص في مسائل التشريع, لأن البرلمان هو صاحب الاختصاص الأصيل في التشريع ويتمثل ذلك في وظيفة السلطة التشريعية وذلك بأن يكون للبرلمان حق اقتراح القوانين وأن لا يصدر أي تشريع إلا بعد موافقته كونه صاحب الاختصاص الأصيل في التشريع و بالإضافة إلى وظيفة البرلمان التشريعية, هناك وظائف في المجالات السياسية والمالية كعقد المعاهدات مع الدول الأخرى أو رفضها, أو تقرير الميزانية ومناقشة الضرائب وفرضها.الخ.
2- عضو البرلمان يمثل الأمة بأسرها, ومعنى هذا أن عضو البرلمان لا يمثل ناخبيه في دائرته فحسب, بل هو ممثل الشعب جميعه لكونه منتخبا منه, ويحق له أن يناقش جميع المسائل المعروضة على البرلمان, ولو لم تتصل بدائرته أو تتعلق بناخبيه ويعد هذا المبدأ حديث نسبيا ولم يؤخذ به إلا بعد قيام الثورة الفرنسية عام 1789 م, وكما تجسد فيما بعد عندما قرره الدستور الفرنسي لعام 1791 م في مادته السابعة حيث جاء فيها أن النائب يمثل الأمة جميعها لا الدائرة التي قامت بانتخابه ( 17 ) .
3- أن تكون مدة البرلمان محددة دستوريا. فالبرلمان وجد للتعبير عن ميول الشعب ورغباته , ولضمان تحقيق هذه الميول والرغبات يجب الرجوع إلى الشعب من آن إلى آخر ليعيد انتخاب نوابه السابقين أو يختار غيرهم , وفي ذلك تحقيقا لرقابة الشعب على ممثليه, ولذلك يجب إن تكون مدة البرلمان معقولة, إذ في إطالتها أضعاف لرقابة الشعب على نوابه, كما إن قصرها قد يعرض استقلال البرلمان للخطر ويضاعف من خضوع النواب للناخبين . وقد لا يتمكن النائب من تأدية واجبه ومسؤولياته البرلمانية نتيجة لقصر مدة البرلمان , هذا وتختلف الدساتير في تحديد مدة البرلمان وفقا لظروف كل مجتمع .
4- استقلال البرلمان مدة نيابته عن مجموع الناخبين: فما دام عضو البرلمان يمثل الشعب بأسره فأنه يترتب على ذلك أن تكون له الحرية في الاستقلال عن دائرته الانتخابية . فالنظام النيابي يقوم على انتخاب ممثلين للشعب يتولون السلطة القانونية ويباشرون الاختصاصات المختلفة. فسن القوانين وتقرير الميزانية ومناقشة الضرائب وتقريرها وعقد المصالحات...الخ كلها أمور أصبحت من اختصاص البرلمان دون الحاجة إلى تدخل الناخبين الذين تنتهي مأموريتهم بانتهاء الانتخاب, كما لا يجوز لهم الادعاء أمام جهات القضاء بأن قانونا يخالف رأي الناخبين أو أكثريتهم .
جـ- الديمقراطية شبه المباشرة
تمثل الديمقراطية شبه المباشرة المركز الوسط بين الديمقراطية المباشرة الذي يمارس فيها الشعب صاحب السيادة جميع السلطات العامة في الدولة ويتولى السلطة بنفسه دون وساطة نواب أو ممثلين ينوبون عنه ، وبين الديمقراطية النيابية التي يقتصر فيها دور الشعب على اختيار نواب وممثلين يتولون الحكم باسمه ونيابة عنه لممارسة شؤون الحكم السياسية.
وترمي الديمقراطية المباشرة إلى تدخل الشعب مباشرة للتقرير في الشؤون العامة, حيث يشترك الشعب في ممارسة السلطة إلى جانب البرلمان, فله حق الاعتراض على القوانين التي يسنها البرلمان وكذلك له الحق في اقتراح القوانين ( 18 ) . ولا يتوقف الأمر عند ذلك بل يتعدى إلى رقابته على النواب والبرلمان كوحدة فيكون له في بعض الأحوال حق إقالة النواب قبل انتهاء مدة نيابتهم, أو الاقتراع على حل البرلمان كله قبل انتهاء مدته وإجراء انتخابات جديدة. وتنص بعض الدساتير التي تأخذ بالنظام الديمقراطي شبه المباشر على حق الشعب في عزل رئيس الدولة المنتخب, فالشعب هنا بمثابة سلطة رابعة بجوار السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ( 19 ) . ومن هذه الدساتير دستور ( فايمار ) الألماني لسنة 1919م الملغى ودستور النمسا الصادر في عام 1920م اللذان أجازا عزل رئيس الجمهورية .
وبعبارة أخرى فأن نظام الديمقراطية شبه المباشرة يستهدف تحقيق مزايا كل من النظامين المباشر والنيابي إذ أنه يأخذ من النظام النيابي فكرة وجود برلمان منتخب ينوب عن الشعب , ومن النظام المباشر فكرة قيام الناخبين بمباشرة بعض سلطات الحكم بأنفسهم , فلا يستطيع البرلمان البت في جميع القرارات إلا بعد رجوعه للشعب. إذ توجد في هذا النظام هيئات تمثل الشعب وتنتخب من قبله، وتمارس السلطة باسمه ولحسابه والى جانب ذلك يشارك الشعب بصفة مباشرة في ممارسة السلطة بطرق مختلفة ( 20 ) .
وقد وجد لهذا النظام تطبيقات قديمة في بعض المقاطعات السويسرية مثل مقاطعة أرجوفي (Argovie) ومقاطعة شافهاوس (Schaffhouse) و مقاطعة تورجوفي (Thurgovie) ومقاطعة سولور(Soleure) ومقاطعة لوسرن (Lucerne) . إضافة إلى معظم الولايات الأمريكية مثل دستور كاليفورنيا لسنة 1922م ودستور لوس أنجلس لسنة 1903م ودستور واشنطن لسنة 1906م ودستور أوريكون لسنة 1908م . كما وجدت تطبيقات لهذا النظام في دساتير الأوربية مثل دستور تشيكوسلوفاكيا لسنة 1920م ودستور أيرلندا الحرة لسنة 1922م
مظاهر وأساليب نظام الديمقراطية شبه المباشرة
للديمقراطية شبه المباشرة مظاهر وأساليب متعددة وهي على نوعين أساليب ومظاهر رئيسية وأساليب ومظاهر ثانوية ( 21 ) .
أولا : المظاهر الرئيسية وتقسم بدورها إلى :
1- الاعتراض الشعبي: والمقصود به منح الدستور عدد معين من الناخبين حق الاعتراض على قانون أصدره البرلمان خلال مدة معينة، ويترتب على هذا الاعتراض وقف العمل بالقانون المعترض عليه فوراً ثم يعرض للاستفتاء الشعبي. فإذا لم يستعمل الناخبون هذا الحق في المدة المحددة يسقط هذا الحق , أما أذا استعملوه فالقانون لا يسقط فورا وإنما يتوقف ويجب عرضه على الشعب بطريقة الاستفتاء العام لتقرير مصيره, بعبارة أخرى الاعتراض الشعبي هو حق المواطنين في إظهار عدم الرضا عن قانون اقره البرلمان , بتقديم عريضة موقعة من عدد معين منهم في مدة زمنية يحددها الدستور ويظل القانون خلالها غير نافذ ( 22 ) . وللشعب تقرير ما يرونه مناسبا في إلغاء أو عدم إلغاء القانون و ذلك من خلال الاستفتاء العام , أي ان كل اعتراض يتبعه استفتاء شعبي للوصول إلى الرأي النهائي في أقرار القوانين من عدمها . والفارق بين الاعتراض والاستفتاء هو أن القانون في حالة الاستفتاء لا يعتبر واجب التنفيذ إلا بعد عرضه على الشعب وموافقته عليه , أما في حالة الاعتراض فيكون القانون مكتملا ولكن يتوقف تنفيذه على نتيجة تصويت الشعب.
2- الاقتراح الشعبي : أي حق عدد من الناخبين اقتراح مشروع قانون ويلزم البرلمان بمناقشته. وبواسطة هذه الوسيلة يساهم الشعب في العملية التشريعية , حيث يقوم عدد معين من الناخبين يحدده الدستور باقتراح مشروع قانون ورفعه إلى البرلمان فإذا أقره البرلمان يعرض القانون المقترح على الاستفتاء الشعبي , وإذا رفضه البرلمان يعرض على الشعب لإبداء رأيه فيه( 23 ) . وقد يتخذ الاقتراح الشعبي أحدى صورتين :
• أما اقتراح بمجرد الفكرة أو المبدأ الذي يراد القانون بشأنه وهذا هو الوضع العادي .
• وإما اقتراح في شكل مشروع كامل الصياغة , وهي الصورة النادرة , نظرا لافتقار الناخبين إلى الكفاءة الفنية التي يستلزمها إعداد المشروعات عادة .
أن الاقتراح الشعبي يعتبر وسيلة لإظهار رغبات الشعب التشريعية بطريقة مباشرة , بل أن بعض الفقهاء يصلون في بيان أهمية الاقتراح الشعبي إلى حد القول بأن مساهمة المواطنين في التشريع لا تكون كاملة أو تعد سلطة لتشريع حقيقية إلا أذا تمتع الشعب بحق اقتراح القوانين , فلا يكفي حق التصويت في الاستفتاء على مشروعات القوانين التي تعدها الحكومة , وأنمى يجب أن يستطيع الناخبون أنفسهم أعداد مشروع القانون الذي يريدونه ودفع البرلمان إذا لم يقتنع بمشروعهم إلى أعداد مشروع مقابل وإلزام هيئة الناخبين في الدولة بالاختيار بين المشروعين .
#سعد_سوسه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟