أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سعد سوسه - صور الولاء في المجتمع العراقي 1 - 1















المزيد.....

صور الولاء في المجتمع العراقي 1 - 1


سعد سوسه

الحوار المتمدن-العدد: 7307 - 2022 / 7 / 12 - 13:33
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


3- الولاء للقومية
والولاء القومي هو الولاء الذي ينعقد على أساس الانتماء القومي .. والروابط القومية التي تقوم على عناصر وأسس وهي:" الجنس، والتاريخ، واللغة، والمصالح المشتركة، والأرض " كالقومية العربية، والقومية الفرنسية، والقومية التركية .. ونحوها من القوميات المنتشرة في العالم .
وملاحظ أن هذا النوع من الولاء , كغيره من الروابط والولاءات التي تقدم الحديث عنها, يغيب عنصر الدين والعقيدة من جملة اعتباراته .. إذ لا فرق في نظر القومية والقوميين بين اليهودي، والمجوسي, وغيرهم من الملل والديانات وبين المسلم ما دام كلاهما ينتميان إلى قومية واحدة .
ويكاد يجمع الباحثون وعلماء الاجتماع على التسمية التي أطلقت على القرن التاسع عشر بأنه عصر القوميات، وعدوا حقبة ما قبل ذلك عصر ما قبل القوميات، عصر الولاء للملوك وحقهم الإلهي في الولاية على البشر، عصر الولاء للكنيسة وضلال رجال الدين، عصر الولاء للقبلية وما يترتب على ذلك من امتثال لأعراف وتقاليد صارمة، وقانون اقتصادي سائد .
ويؤكد الباحثون في الفكر القومي أن هذا الفكر هو نتاج البرجوازية في أوربا، و يرجعون تاريخه إلى الثورة الفرنسية عام 1789 ليتبلور كممارسة سياسية في القرن التاسع عشر, عصر القوميات كما هو شائع و متداول. ثم في ألمانيا إثر حروب نابليون على الدويلات الألمانية فجاءت وحدتهم القومية على يد بسمارك لاحقاً كما توضحها كتب التاريخ ( 37 ) .
قد كان لبروز مفهوم الدولة القومية في أوربا أواسط القرن السابع عشر وحتى وقتنا الحالي الدور الكبير في بروز مفهوم الهوية بكونها تمييزاً بين الأمم والدول فقد حملت الهوية خطاب القومية بعد أن كانت تحمل خطاب الثقافة، بعد أن أصبحت السياسة هي الرابط الأهم بين الجماعات الثقافية، بيد أن هذه السياسة لم تستطع التخلص من الهوية الثقافية للمجتمع لاسيما بعد أن نشأ مفهوم القومية بالاعتماد على ميزة الجماعة الثقافية في اللغة أو الدين أو الأثنية، بيد أن خطاب الهوية في ظل القومية أصبح خطاباً أيديولوجياً يتماثل مع استراتيجيات العمل السياسي بعد أن كانت الهوية مجرد رابط ثقافي بين جماعة مميزة ( 38 ) .
بينما كان العرب هم آخر من قاموا بحركات قومية بعد عقود من الزمن من اليونان والأرمن والألمان والفرنسيين وغيرهم، غير أن القومية العربية تحولت من فكرة التاريخ والثقافة المشتركة وأحياناً الدين المشترك إلى قيام أحزاب اتخذت من القومية العربية محوراً لبرامج نشاطها السياسي الذي أبتعد عن التطور السياسي الحديث ومفردات مثل الحقوق الوطنية المتساوية أو المواطنة والتمثيل السياسي، فقد كان اهتمامهم ينصب نحو تشكيل دولتهم القومية الخاصة، واكتساب القوة، مما جعل كل دولة عربية تطور ممارساتها ورموزها وقوانينها المحلية الخاصة بها والتي أصبحت بدائل عن الانتماء العربي الأكبر، وهذا ما كان واضحاً في العراق ( 39 )
وفي العراق فقد كان لفكرة القومية العربية هدفاً مهماً وهو إضفاء الشرعية على العمل السياسي في العراق الملكي الذي يقوده شخص عربي وليس عراقي (فيصل الأول)، فالقومية العربية بمفهومها العام والشامل الذي يعبر عن وحدة مصالح الأمة العربية سيكون بالتأكيد مبرراً لإضفاء الشرعية على النظام السياسي في العراق آنذاك ، فضلاً عن أنه يمنح العراق هوية جماعية موحدة تختزل تنوعه الثقافي الذي كان يعد مشكلة تواجه الدولة الفتية آنذاك، فضلاً عن أن تبني مفهوم القومية العربية ونشره بين فئات المجتمع ونخبه المثقفة يمكن أن يؤدي إلى انحسار المنافسة مع الأيديولوجيات الأخرى لاسيما الإسلام السياسي أو الماركسية وغيرها كما أنها تعبر عن قومية العراق العربية في مواجهة جيرانه من القوميات الأخرى الإيرانية أو التركية ( 40 ) .
غير أن ما يميز التوجهات القومية العربية في العراق ويثير الغرابة في الوقت نفسه, هو أن أشرس القوميين العرب الذين حملوا لواء العروبة وانضموا إلى حركات القومية في العراق هم من أصول غير عربية بدءا بساطع ألحصري (من أصل تركي) الذي حمل لواء القومية العربية, بسامي شوكت (من أصل قوقازي) الذي دعا إلى صناعة الموت القومي، ورشيد عالي الكيلاني (من أصل كيلاني) الذي تزعم حركة 1941 القومية، وطه ياسين رمضان (من أصل كردي كوياني) ( 41 ) ، فضلاً عن الكثير من كبار الشخصيات والقيادات التي ترجع أصولها إلى القومية التركية أو الأوزبكية والتي كان لها الدور الأبرز في إنضاج مشروع الدولة القومية في العراق. وما يثير الحيرة والاستغراب أيضا في توجهات القوميين العرب في العراق هو محاولته تعريب المناطق الغير عربية مثل كردستان أو كركوك على الرغم من أن أهم عوامل نهوض القومية العربية في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين كان نتيجة سياسة التتريك التي انتهجتها الدولة العثمانية ضد الولايات العربية التي كانت تخضع لحكمها في محاولة منها لطمس كل ما هو عربي فيها, فالقوميون العرب سخطوا ونقموا على تركيا بسبب ذلك لكنهم لم يستهجنوا مثل هذه الأعمال مادامت صادرة منهم .
ويرى عبد الحليم الرهيمي أن الدولة العراقية حاولت إنشاء المشروع القومي لغرض استقطاب ولاء المجتمع وخلق هوية وطنية تتمحور حولها الجماعات العراقية بيد أنها فشلت في ذلك بسبب أنها لم تضع في حسبانها تمايز المجتمع العراقي قومياً ودينياً وثقافياً من أجل خلق مشروع وطني تقبله وتتعاقد عليه مختلف الجماعات المكونة للمجتمع العراقي فضلاً عن المسافة الكبيرة التي كانت تفصل بين المجتمع من جهة وبين الدولة بوصفها نظاماً سياسياً من جهة أخرى ( 42 ) .
فقوميات العراق تختلط مع أديانه المختلفة, حيث أن كل قومية يوجد فيها تنوع ديني أو طائفي بين الإسلام والمسيح أو اليزيدية ، كما أن هذه القوميات تنقسم طائفياً بين سنة وشيعة، أو طوائف مسيحية مختلفة ، كما أنها تحمل في طياتها أهم أشكال الولاء وهو الولاء القومي الذي كون الدول الأوربية المعاصرة في القرن التاسع عشر مثلما كون مفهوم الوحدة العربية أو الانتماء العربي .
في حين يرى ( ماريون فاروق سلوغلت) أن النزعة القومية استجلبت إلى العراق بأسلوب عشوائي حاول تجميع البلاد في وقت قصير دون أن يمنح أفراد المجتمع العراقي الفرصة في اختيار أنموذجهم السياسي أو شكل هويتهم الوطنية، أما (روجر أوين) فيرى أن هناك فرق بين القومية بوصفها حركة والقومية بوصفها أيديولوجيا، فالقومية بوصفها أيديولوجيا تدعو إلى التعبئة والمواجهة أما القومية بوصفها حركة تدعى تنظيماً سياسياً له نوع من المشروع العام وجاذبية اجتماعية وفي هذا يعتقد أن القومية العربية كانت أيديولوجياً حاول في ضوئها المسيطرون على السلطة استغلال مشاعر المجتمع العراقي المائلة نحو الاندماج العربي مما خلق نخبة سياسية تغلغلت في مؤسسات الدولة والجيش ( 43 ) .
لكن التيار القومي سرعان ما تحول من كونه انتماء قومي كحق طبيعي فطري للجماعة والأفراد إلى عقيدة للتمايز وإلغاء الأخر وذلك إما للتمادي في الاعتزاز بالعرق والعنصر أو للذود عن البعد ألقيمي للانتساب للقومية وهذا انطبق على العرب الذين يشكلون الأغلبية الساحقة من أبناء العراق وعلى القوميات الأخرى التي شعرت بالتهميش وتقوت بمثيلاتها غير العراقية ( الأكراد ، التركمان ) في دول الجوار الأمر الذي ولد اتجاهات قومية متطرفة في رؤاها وسياساتها الداخلية وتبعيتها للخارج ( 44 ) .
لذا فقد فشلت التجربة القومية الحزبية بامتياز في التعامل مع مسألة الأقليات (غير العربية) لاسيما الأكراد التركمان, والمشكلة المركبة في هذا الصدد تجاوزت السياسات القامعة لأشواق الأقليات بالتمتع بحق استخدام اللغة الاقلوية, أو المعاملة على قدم المساواة مع الأغلبية, أو تشتيت تجمعاتهم لأسباب سياسية وأمنية, إلى اتهامهم دوماً بالارتباط بالخارج للتأمر على الداخل ( 45 ) .
ومنذ وصول حزب البعث إلى السلطة في العراق عام (1968م), وعلى خلفية شعارات كبرى من وزن الوحدة والحرية والاشتراكية , ومواجهة المشروع الصهيوني, والامبريالي, فقد كرست دولة الحزب الواحد من وجودها, نافية أي أهمية للمشاركة السياسية وتنويعاتها كالتعددية والديمقراطية والمواطنية, وفي ضل ذلك لم يكن ثمة أهمية حقيقية تولى للفرد(المواطن) والنظرة التي طغت هي دور وواجبات المواطن من دون الحديث عن حقوقه .
وفي ضل وجود النظرة الاستعلائية لدى الكثير من أتباع المذهب القومي العروبي على بقية القوميات والأثنيات المختلفة, والذي أخذ أبعاداً متعددة لعل أهونها اتهام بقية القوميات بقلة الذكاء, والانتقاص من إنسانيتهم ,فضلاً عن اتهامهم بالعمالة والخيانة والولاء للخارج, لا لسبب إلا لكونهم لا ينتمون إلى القومية العربية, فكان من الطبيعي جداً وفي ظل مثل هذه الأمور أن يبادر الطرف الأخر من القوميات الأخرى المتواجدة في العراق بالدفاع عن أنفسهم وشحذ هممهم ومبادلة الإساءة بالإساءة لا بالإحسان, فضلاً عن أعطائهم المبرر والحجة الشرعية للانغلاق الذاتي والبحث عن مصالحهم القومية, في ظل دولة لا تعدهم من مواطنيها الأُصلاء , وتنظر للمسالمين منهم بعين الشك والريبة .



#سعد_سوسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صور الولاء في المجتمع العراقي 1
- صور الولاء في المجتمع العراقي
- مفهوم الولاء
- وجهة نظر علم النفس بالتنجيم
- ماذا يعتقد الناس عن سر الحسد
- السحر Magic
- التنبؤ الخرافي
- الإيمان بالقدر والتفكير ب (لو)
- كيف تتكون الخرافات
- الخرافة في علم النفس
- الخرافة Superstition
- تشتت الانتباه 2
- تشتت الانتباه
- نظريات الانتباه ج 2
- نظريات الانتباه
- العوامل المؤثرة في الانتباه
- أنواع الانتباه
- طبيعة الإنتباه
- الانتباه
- مفهوم الذات : Self-concept 1


المزيد.....




- شاهد أوّل ما فعلته هذه الدببة بعد استيقاظها من سباتها الشتوي ...
- تحليل: بوتين يحقق فوزاً مدوياً.. لكن ما هي الخطوة التالية با ...
- نتنياهو يقول إنه يبذل قصارى جهده لإدخال المزيد من المساعدات ...
- روسيا.. رحلة جوية قياسية لمروحيتين حديثتين في أجواء سيبيريا ...
- البحرية الأمريكية تحذر السفن من رفع العلم الأمريكي جنوب البح ...
- صاروخ -إس – 400- الروسي يدمر راجمة صواريخ تشيكية
- إجلاء سياح نجوا في انهيار ثلجي شرقي روسيا (فيديو)
- الطوارئ الروسية ترسل فرقا إضافية لإنقاذ 13 شخصا محاصرين في م ...
- نيوزيلندا.. طرد امرأتين ??من الطائرة بسبب حجمهن الكبير جدا
- بالفيديو.. فيضان سد في الأردن بسبب غزارة الأمطار


المزيد.....

- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 4 - 11 العراق الملكي 2 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سعد سوسه - صور الولاء في المجتمع العراقي 1 - 1