أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غانم عمران المعموري - التنّاص ودلالته في القصة القصيرة - قناديل الموت - للكاتب العراقي أركان القيسي.














المزيد.....

التنّاص ودلالته في القصة القصيرة - قناديل الموت - للكاتب العراقي أركان القيسي.


غانم عمران المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 7309 - 2022 / 7 / 14 - 15:13
المحور: الادب والفن
    


يُشَّكل الموروث الديني والفلكلور الشعبي وعادات الشعوب وتقاليدهم وأعرافهم مادة غنية يستطيع الكاتب من خلالها استثمار فكرة أو مثل أو قصة وردت في آية من آيات القرآن الكريم ووضعها في قالبٍ سرّديٍّ يستند في صياغته على أسسٍ وشروطٍ للقص القصير لذا جاءت عنونة القصة القصيرة للقيسي " قناديل الموت " بجملةٍ اسميَّةٍ تتكون من مضاف ومضاف إليه لتعطي انطباع أولي يرتكز عليه خيال المتلقي ويأثث استنتاجاته ..
وذلك ( بأنَّ العنوان رسالة لغوية تعرف بتلك الهوية وتحدّد مضمونها وتجذب القارئ إليها وتغريه بقراءتها وهو الظّاهر الّذي يدلّ على باطن النّص ومحتواه )1..
اعتمد القيسي في بنائه الفني للقصة القصيرة على التنّاص الديني بحبْكةٍ ابداعيةٍ من خلال تحويل المباشرة في التسلسل السرّدي إلى عملٍ أدبيٍّ بشروطه الفنيّة والموضوعية لذلك كانت قصة النمرود هي نقطة الانطلاق والارتكاز في صياغةِ حكايته ونسجها بأسلوب أدبي بطريقة غرائبية من خلال خياله الخصب وثقافته الأدبية مما يجعل المتلقي يستذكر قصة قابعة في خياله ويحاول أن يجد نقطة ترابط أو تشابه بين القصتين, وهل جاءت بأسلوب آخر مُغاير؟ وما هو الهدف من تلك الحكاية ؟ وما علاقة النمرود بالشخصية الرئيسة في قصة ( قناديل الموت ) ؟ وهل الموت هو ثيمةٍ اساسيةٍ في هذا العمل الأدبي ؟ ولماذا لم يجعل الكاتب العنونة من كلمةٍ واحدةٍ غامضةٍ غير موحية ؟ جاءت العنونة بثنائية تضادية أراد الكاتب من خلالها أن يثير فضول المتلقي ويجعله أمام مقارنة ومعادلة صعبة ؟ تساؤلات عديدة تتولد أيهما ينتصر الخير أم الشر ؟ ومن يبقى النور أم الظلمة في عالمٍ مُخيف تتصارع فيه قوى الخير وقوى الشر على مصالح دنيوية..
استثمر القيسي الرمز الميثولوجي في صياغة حكايته بأسلوبٍ غرائبيٍّ يعتمد تنامي الخيال بمشهديةٍ حركيةٍ والدخول المفاجئ إلى البنية الرئيسية للحدث كما في ( ركبنا البحر ليلاً على متن قارب صغير بعدما أحرق النمرود البلاد وقال أنا ربكم الأعلى, لكن جشع صاحب القارب زاد من حمولته حتى انتفخت وتورمت بطن مركبنا ...) هنا استطاع الكاتب التحول من المباشرة ( قصة النمرود ) والدخول في منعطف آخر بأسلوب فني دون أن يشعر القارئ بذلك الانعطاف ويستهويه ويثير فضوله في تتابع القراءة حتى النهاية ليتعرف على العلاقة الترابطية بين قصة النمرود بموروثها الديني المعروف لدى العامة من الناس وبين مقاصد الكاتب وما يرمي إليه ..
تحدث لنا عن مغامرة الشخصية الرئيسة الّتي جاءت بلسان أنا السارد وما جرى عليها من محن في تلك الجزيرة التي نجى فيها من الغرق ومطاردة الذئب والحيوانات المفترسة برحلة طويلة قضاها بين الخوف والقلق والجوع والعطش والموت يحيطه من كل جانب حتى لاح له الأمل بوصول مجموعة من الصيادين كما في ( فإذا بشباك صياد تخنقني, تفاجأ الصيادون وتفاجأت أنا ولكن فرحت أخيرا أبناء جلدتي ولا وحوش الصحراء أخذوني إلى السيارة ... ) .. يطغو الصوت الواحد في سرّد أحداث مكثفة في زمانٍ ومكانٍ واحد دون أن يضع حواريه على لسان شخوص ثانوية وبيان آرائهم الضدية وتوجهاتهم الفكرية ليضع القارئ بمقارنة والميل إلى جانب من الجوانب التي يراها أكثر انطباقاً مع أفكاره وإنما كان صوت المؤلف هو المهيمن على كل الأصوات( أخذوني إلى السيارة سقوني ماء واطعموني وعرفوا بقصتي كلها ... ) ..
ولكن بتقنيةٍ سرّدية استطاع الكاتب كسر أفق التوقع لدى القارئ من خلال التحول المفاجئ في أحداث العمل الأدبي والدخول في ثيمةٍ جديدةٍ تختلف عن العنونة الّتي اعطت للمتلقي انطباع أولي عن الموت تجلت بالخيانة والخبث والقذارة الّتي يُمارسها بعض البشر وقد تحققت في المقطع ( ... ضحك الخادم وقال لي و أسفا على أصحابك باعوك بثمن بخس, قلت لمن ؟ قال للسيد منصور, ومن يكون هذا ؟ إنه رئيس عصابة تتاجر بالبشر..

استند الكاتب في هذا المقطع على التنّاص القرآني لقصة يوسف الصديق كما في الآية الكريمة ( وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعدودات ...)2.
لإتمام البنية السردية التي تعتمد على الإثارة والتشويق بأسلوب فني ابداعي لما تتضمنه من ايحاءات ورموز يستطيع الكاتب من خلالها الابتعاد عن الحشو والاسهاب في سرّد الأحداث لما للتنّاص القرآني من أثر كبير في تحريك مشاعر الانسان وذلك ( لارتباطه الوثيق بوجدان الناس ولتأثيره في نفوسهم لما له من قداسة )3.
امتازت القصة القصيرة بأسلوب غرائبي واستثمار التنّاص القرآني كأساس في سرّد الأحداث بتكثيف والابتعاد عن الاطالة المملة وتسليط الضوء على مواضيع ذات أهمية في المجتمع لوضع القارئ أمام مقارنة بين الماضي والحاضر وبين القصص الّتي عرفها في الموروث الديني والوقت الحاضر..






المصادر
1- بشرى البستاني, قراءات في الشعر العربي الحديث, دار الكتاب العربي, بيروت, لبنان, ط1, 2002, ص34.
2- سورة يوسف, آية 20.
3- ميخائيل باختين, قضايا الفن والإبداع, ترجمة جميل التكريتي, دار الشؤون الثقافية العامة, بغداد, 1986, ص.



#غانم_عمران_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التكثيف والإيجاز في المجموعتين الشعريتين ( شدّة ورد, مالم يق ...
- الهاجس الفلسفي في قصيدة - أعترف بكامل تلفي- للناقد والشاعر ح ...
- الحَبْكة الدِّراميَّة في - قناديل باب الدروازة- للروائية هدى ...
- تشظّي الذّات  في رواية ( نهر الرمان .. تجربة موت ) للروائي ا ...
- الدراما والمكان المتخيَّل في رواية ( ثغيب ) للروائي العراقي ...
- الزمن في البنية السرّدية في - المصابيح العمياء - للأديب حميد ...
- المونولوج الداخلي في المجموعة القصصية - تيه الورد - للكاتبة ...
- الابتعاد عن المألوف في - لَا لَحْدَ لِي - للشاعرة اللبنانية ...
- الصور البلاغية وتجلياتها السردية في ( الرقص بلا رياح ) للروا ...
- السِّمَات الجَمالّية للصورةِ الشعرّية في - مرافئ ضبابية - لل ...
- الفعلُ الزمنيُّ ولحظة القبض على السياق في رواية - البدلة الب ...
- تقنية اندماج الذّات مع الآخر في القصة الصيرة جداً - معادن - ...
- تماهي الذّات والاندماج مع الآخر في قصيدة - مانعٌ لشهيّةِ الح ...
- جماليات الصورة الشعريّة في ديوان (مكابدات الحافي) للشاعر عبد ...
- الألم واللذة في مجموعة - وأُقَشِّرُ قصائدي فيك - للشاعرة رند ...
- الاحتجاج و الحُلم في - كنا عراة إلا من أحلامنا - للشاعر هلال ...
- أنسنة الأشياء في - مفكرة خوذة مثقوبة - للشاعر أحمد الحلي.
- الأنا وعمق المأساة في - صورة شمسية لولدٍ عنيد - للشاعر محمد ...
- بين الخيال والواقع حقيقة في رواية - أوتو - للروائي خلدون الس ...
- الرؤية التأملية وأداة التفكير في - أختفي في الضوء - للأديب ع ...


المزيد.....




- فيلم مغربي -ممنوع على أقل من 16 سنة-.. ونجمته تؤكد: -المشاهد ...
- نمو كبير في الطلب على دراسة اللغة الروسية في إفريقيا
- الحرب والغرب، والثقافة
- -الإله والمعنى في زمن الحداثة-.. رفيق عبد السلام: هزيمتنا سي ...
- مصر.. قرار من جهات التحقيق بخصوص صاحب واقعة الصفع من عمرو دي ...
- والد الشاب صاحب واقعة الصفع من عمرو دياب يكشف عن حالة نجله ب ...
- تابع الحلقة الجديدة 28 .. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28 ...
- تابع عرض مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 مترجمة عبر ترددات القن ...
- عقب فيديو الصفعة المثير للجدل..عمرو دياب يعرّض ليلى علوي لمو ...
- مترجمة وكاملة.. المؤسس عثمان الحلقة 164 بجودة HD على قناة ال ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غانم عمران المعموري - التنّاص ودلالته في القصة القصيرة - قناديل الموت - للكاتب العراقي أركان القيسي.