أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غانم عمران المعموري - الاحتجاج و الحُلم في - كنا عراة إلا من أحلامنا - للشاعر هلال الشيخ علي














المزيد.....

الاحتجاج و الحُلم في - كنا عراة إلا من أحلامنا - للشاعر هلال الشيخ علي


غانم عمران المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 6968 - 2021 / 7 / 24 - 16:51
المحور: الادب والفن
    


تبارى الشّعراءُ المُعاصرون في صناعةِ الرّموزِ وإنتاجها خارج الأُطر الجاهزة وجعلها علامات دالّةٍ على مقتضى غاياتهم لتحقيق أهداف ومضامين تُساهم في الارتقاء بالقَصيدةِ التجديدية والارتقاء بالمستوياتِ الدّلاليّةِ والإيحائيّةِ لتلك الرّموز, ويُعَّد الموروث الديني من أغنى المصادر الّتي تستلهم الشّعراء في إغناءِ تجربتهم الشعريّة وإن الشاعر هلال الشيخ علي من الشُّعراء التجديدين لخروجه من القوالب الجاهزة عن طريق كسر الأُطر المُحددة للغة وإعادة هيكلتها وتشكيلها ببُنيّة فنيّة شاعريّة تتسم بالانزياحات والإيحاءات لتخرج بحُلَّةٍ جديدةٍ وصور شعريّة مُفعمة بإحساسه ومشاعره والبحث والتقصّي فيها يستدعي قراءة القصيدة عدّة مرات ...
كنا عراة ,.
إلا من أحلامنا ..
وكلمات تنزف الأغاني
من شفة ..
في الإسفلت المنخور
حمراء ..
بلون العصف
ممزقة ..
كقميص يوسف
كانت العربات
تجر خيول الفجيعة
بأقمطة المنحرين
في صالة الولاة
حين فاجأتنا
عيونهم الزرق
عند بوابة بغداد
تنثر من فوقنا
شواظ نحاس
قالت البندقية: من أنتم
ثم انحنت فوقنا
نخلات العراق
تكفكف أوجاعنا
كان حشد النوارس
في حدقات المياه
يلوذ من العاصفة
ومأذنة الكاظمين
تحتضن الزائرين
والخضر يبتدر الشمع
ثم يوقده في مقام الفرات

جاءت القصيدة خالية من عنونة لفسح المجال منذُ الوهلة الأولى إلى المتلقي التأمل والتأويل لاختيار عنونة تتناسب وتتناغم مع الصور الشعريّة الّتي نسجها الشاعر باعتبار أن الفراغ الذي يتركه يُشَّكل جمالية فنيّة تسهم بشكل فعال في الإثارة والمشاركة مع الناص في اختيار عنوان مُناسب, في حين يرى الباحث سعد الساعدي خلاف ذلك " ... لان الفراغ يقتل الانسيابية, أو دواخل الروح الشعرية ..." 1.
" كنا عراة إلا من أحلامنا " عنونة مُقْترحة لاقتحام بواطن البُنيّة النصيّة وما تضمنتها من مفاهيّم ومقاصد وبتقنيّةٍ سرّديّةٍ ينقل لنا الشاعر عمق المأساة والألم عند دخول الغُزّاة إلى بلده عن طريق صور شعريّة تتمثل في وجدان الشاعر ليخلق منها دلالات وفق رؤيا تجديدية تصل إلى حدّ الاندماج بذّاتِ الشاعر لتعبّر عن إحساسه وفكره الخصّب بدلالة عميقة المعنى بتكثيف شديد وإيحاء وبتمرده على الواقع المُزيّف نجده مضطراً للبحث عمَّا يقتنع به ارادياً و انطلاقاً من تجربته الشعريّة يندفع بلا شعور إلى ماضيّة وتراثه الإنْساني ومخزونه الفكري والثقافي يتلّمس فيه ما يُمْكن أن يُحقّق غايته وهدفه المنشود ويتيح له الانفتاح على ذوات أخرى ليتمكن من خلالها أن " يثري تجربته الشعورية ويمنحها شمولاً وكلية وأصالة وفي نفس الوقت يوفر لها أغنى الوسائل الفنيّة بالطاقات الإيحائية "2.
لذا نرى الشاعر خرج عن اللغة النمطية إلى غير المألوف بأسلوب انزياحي واستدعاء شخصيات ورموز دينيّة ورمزّ اللون كما في كلمات قصيدته ( قميص يوسف, حمراء, خيول الفجيعة, عيونهم الزرق, بوابة بغداد, شواظ نحاس, قالت البندقية , نخلات العراق, حدقات المياه, مأذنة الكاظمين, الخضر, مقام الفرات)..
وظّف الشاعر الرمزّ لما يجد فيه توحُّداً بين الذّات الشاعرة والرّمز لذلك كان استدعاء رمزّ قميص يوسف ليُبين لنا حالة الخيانة من أخوته وهم أقرب الناس إليه لربطها بتقنيّةٍ فنيّة مع خيّانة الدول العربية الشقيقة للعراق والتآمر عليّه حتى يصّف لنا الحالة بصورٍ سرّديةٍ متتاليةٍ حالة التمزق والانحلال في القيم على كل المستويات عند دخول المُحتل إلى البلاد وإن ذلك يُمثّل حالة الانكسار الّتي لحقت بذّاتِ الشاعر والّتي تعكس حالات الانكسار الجمعي للشعب, انكسار الحلم والأمل عند الشاعر الذي كان يحلم بواقع أجمل لبلاده ..
كما اتسمت تجربته الشعريّة بالموضوعية والواقعية لأنها نابعة من معاناةٍ يومية للفرد العراقي عُقب دخول الغُّزاة إلى بلده والدراميّة عن طريق تحويل الصورة الشعريّة إلى حسيّة لما لها من الأثر الفعال في نفسيّة المتلقي فتحْدث في نفسه هزّة وتُخرج المكبوت من الألم لأنها " تثير من النواحي النفسيّة ما لا تقوى على أدائه اللغة في دلالتها الوصفية "3.
تتحول حالة الانكسار عند الشاعر إلى أمل وقوة وحلم بالخلاص من الواقع المأساوي عند تكاتف أبناءه وتوحيد صفوفهم والتمسك بالعروةِ الوثقى وأهل البيت الذين يُمثّلون مصدر القوة القُدسيّة ضد الظلم والاضطهاد على مدى التاريخ ورمز التحدي لكل طاغي متكبر ونور يهتدي به كل ثائر ضد الطُغاة كما أشار إليه الشاعر :
يلوذ من العاصفة
ومأذنة الكاظمين
تحتضن الزائرين
والخضر يبتدر الشمع
ثم يوقده في مقام الفرات
جاءت قصيدة الشاعر احتجاجاً ضد كل مظاهر الفساد والقبْح والرذيلة بلغةٍ سليمةٍ سهلةٍ تتسم بالخروج عن الأطر الضيقة إلى لغةٍ غير مألوفة كما أنها تتميز بالوحدةِ العضويّة للترابط الوثيق بين الثيمة الأم للنص والثيمات الأخرى بإرادة واعيّة تجعل المتلقي يمتزج مع تجربته الشعريّة فيتفاعل معها وترحل به إلى أجواء تتناغم مع حالته النفسية ..



#غانم_عمران_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنسنة الأشياء في - مفكرة خوذة مثقوبة - للشاعر أحمد الحلي.
- الأنا وعمق المأساة في - صورة شمسية لولدٍ عنيد - للشاعر محمد ...
- بين الخيال والواقع حقيقة في رواية - أوتو - للروائي خلدون الس ...
- الرؤية التأملية وأداة التفكير في - أختفي في الضوء - للأديب ع ...
- تقنية الإثارة والصدم في - لا ضوء في قناديل الحروب - نصوص وجي ...
- النسق المضمر ودلالة الانكسار في مجموعة - خُردَة ذكْرَيات - ل ...
- جمالية الانزياح الشعري في - زارني الشعر- للشاعر العراقي البا ...
- تجليات الحس الوطني والقومي في قصيدة - متى يسمع النائمون ؟ - ...
- المسافة الجمالية في قصيدة - لا ليس لك رسالة إلى الله - للشاع ...
- سيكولوجية النص الكامنة في رواية - فتاح فال - للروائي عباس ال ...
- سيكولوجية النص الكامنة في رواية - فتال فال - للروائي عباس ال ...
- ارتجافات الوعي في قصيدة - ذاكرة .. في عيون .. غائرة - للشاعر ...
- الحفر في لا وعي النص في قصيدة - أقسمت لها به ...- للشاعرة ال ...
- الوجع العراقيّ في قصيدة - جرس الدرس الأخير - للشاعر العراقي ...
- البُعد الإنساني في قصيدة - نعم أنا شاعرة - للشاعرة العراقية ...
- رسم الشخصية الشعرية في قصيدة - غيمة ايلول - للشاعر العراقي ع ...
- الكبْت الجنسي والصورة الحسيّة في قصيدة - محروم - للشاعر العر ...
- الذاكرة الشعريّة في نصوص - يا لَهذا - للشاعر العراقي البابلي ...
- التَّمحور حول الذَّات والانبعاث في القصيدة - احتاج لدبوس - ل ...
- إنطاق المسكوت عنه في رواية - عندما أعيد خلقنا - للكاتبة السو ...


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غانم عمران المعموري - الاحتجاج و الحُلم في - كنا عراة إلا من أحلامنا - للشاعر هلال الشيخ علي