أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غانم عمران المعموري - السِّمَات الجَمالّية للصورةِ الشعرّية في - مرافئ ضبابية - للشاعرة والإعلامية منور ملا حسون















المزيد.....

السِّمَات الجَمالّية للصورةِ الشعرّية في - مرافئ ضبابية - للشاعرة والإعلامية منور ملا حسون


غانم عمران المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 7068 - 2021 / 11 / 5 - 00:26
المحور: الادب والفن
    


تتعانق وتتناغم أسارير الطبيعة الساحرة بألوانها الفاتنة الزاهية مع تراتيل حفيف الشجر وأنغام الطيّور وزقزقة العصافير وموسيقى خرير الماء الساقطة من قممِ الجبال لتزيد النفس حباً وتعلقاً وصفاءً وعشقاً لتكن مصدراً فعالاً للجمال والالهام والصور الشعرية المختلفة والّتي تُبث من مُبدعين ومبدعات تفرّدنَ في خلقِ نسيجٍ رائعٍ من خلال خيالهن الخصب والتوق إلى الحياة والفن والقدرة على إدماج المشاعر والأحاسيس الأنثوية في نسيج شعري لغوي مما يُشكّل بعداً إنسانياً حداثوياً وانتقالةً نوعيةً لخلق التوازن في الرؤية إلى العالم والمجتمع بكل تناقضاته والتمرد على الأُطرِ الضيقةِ والخروج إلى فضاءاتٍ رحبةٍ تستطيع من خلالها المرأة المساهمة الفعالة في المجتمع الذي تعيش فيه وقد عجت الساحة الأدبية العربية والعراقية بالكثير من النساء اللاتي لهن دور كبير في التطور والتقدم ومن بينهن الشاعرة والناقدة والإعلامية منور ملا حسون أديبة تركمانية لها حضور كبير مع أقرانها الرائدات في الأدب التركماني أمثال ( صُبحية خليل زكي , الهام شاكر بيرقدار, نديمة الهرمزي, آيدن النقيب, قدرية ضيائي, باكيزة سليمان صديق, الأنسة فيحاء زين الدين وغيرها من الأديبات ).. استطاعت بجدارة كسر القوالب الجاهزة والابتعاد عن التقوقع في زاويةٍ ضيقةٍ مظلمةٍ مما منحها قدرة الخلق والابداع الحداثوي لمواكبة المستحدثات الحاصلة في قصيدة النثر .. لذلك جاءت العنونة ( مرافئ ضبابية ) بصبغة بلاغية شعرية تحمل شحنات بوهجٍ بصريٍّ له تأثير مباشر على مُخيلةِ المتلقي لما تتضمنه من طاقاتٍ حيويةٍ تدفع دون شعور إلى التفكير والتحليل للوصول إلى الدلالةِ المُقاربةِ فقد " عُنّي كثير من العاملين في حقل النّقد بسيميائية العنوان وبدوره في تقديم الخطاب وبتفاعله فيه باعتباره نصّاً موازياً فالعنوان طاقة حيوية مشفّرة قابلة لتأويلات عدّة قادرة على إنتاج الدلالة " 1.
لم تُردْ الشاعرة من العنونة " مرافئ ضبابية " معنى مُعجمياً قاموسياً للكلمات بصورة مجردة وإنما بُعْداً نفسياً فلسفياً يزخر بالدلالات وصورة شعرية توحي إلى ما بعد المعنى و أرادت أن تضع عنواناً جامعاً لخلجات النفس وصراع وتأزم الأنا الفردية المتشظّية إلى الأنا الجمعية لتشمل كل فئات المجتمع الذي تعيش فيه وتتأثر بالمباشر لكل ما يطرأ عليه من تغيراتٍ إيجابيةٍ أو سلبيةٍ أي مُعاناة شاملة تتحسسها بضميرها الواعي وباعتبارها فرداً مسؤولاً ومكلفاً بالدفاع عن الحقوق والحريات المسلوبة بل كانت تُمثّل صوت المظلوم والفقير وتنطق بلسانه وهنا نشير " بأنَّ العنوان رسالة لغوية تعرف بتلك الهوية وتحدَّد مضمونها وتجذب القارئ إليها وتغريه بقراءتها وهو الظاّهر الذّي يدلّ على باطن النّص ومحتواه " 2..
جاءت عنونة المجموعة " مرافئ ضبابية " الصادر من وزارة الثقافة العراقية والتي تضم ثلاثون قصيدة نثرية لعام 2010 متناغمةً ومتعانقةً ومتجانسة مع لوحة الغلاف للفنان نور الدين عزت التي كانت تحمل أبعاداً فلسفيةً تجريديةً تتضمن خطوط بيضاء تتخذ مسارات طويلة وكأنها تُمثّل الحياة التي يسلكها الإنسان مع كتلة دائرية صفراء اللون توحي إلى الضياء والأمل من خلال شعاع الشمس الساطع وزورق يطفو وسط هيّاج البحر الغاضب بينما طيور النوارس تنحني هابطةً لعلها تجد مرفأً هادئاً مستقراً وكل من يرى اللوحة يمكن أن يُفسرها حسب رأيه وحالته النفسية وما يملي عليه خياله الخصب ..
يُعتبر الإهداء إحدى المنصات والعتبات التي تُبين توجهات الكاتب الاجتماعية والنفسية والعائلية ويشير إهداء المجموعة إلى العمقِ الأسري والترابط الاجتماعي والنسيج المرصوص للعائلة التي يحيطها الحُب والأُلفة والتعاون والتسامح وتتحول الكلمات والصور الشعرية والنسيج اللغوي إلى ممرٍ وطريقٍ بين الأنا الشاعرة والآخر في إطارٍ تواصليٍّ عميقٍ بين الأنا والآخر قائماً على المحبة وتقوية الأواصر الاجتماعية والأسرية الانسانية الصادقة والنابعة من قلبٍ مُفعمٍ بالحب ..
عند الولوج إلى متن المجموعة وعناوينها المتنوعة التي تُعْد خروجاً وتمرداً على المألوف وخلق صوراً شعريةً ترسم جماليات كل قصيدة باعتبار الصورة الشعرية من أدواتِ الشعر الحداثوي فالتخيل الشعري هو تحفيز وتحريك لصورة ذهنية في مخيلة القارئ وإثارة الانفعالات في داخله حيث " تقوم في خياله صورة أو صور ينفعل لتخيلها وتصورها أو تصور شيء بها انفعالاً من غير رويه إلى جهة من الانبساط والانقباض " 3..
تكمن قدرة الشاعرة في القفزِ والخلقِ والابداعِ لصورٍ شعريةٍ تجديديةٍ تحوي مضامين فكرية فلسفية ترتبط بالإنسان والمجتمع من خلال التوجه الرسالي الهادف وفي عدة صور :
أولاً : الصور المتلاحقة ( المشتتة ) : من خلال تتبع المفردات وتراكيب الجمل الأسمية والفعلية وعلامة التعجب والاستفهام وغيرها من الصيَّغِ اللغويةِ تظهر جليّاً قدرتها بالخروج عن المألوف واتباع تقنية الهدم والبناء وقد كانت أولى المرافئ في مجموعتها " قنديل يقبل القسمة على مرارة البهجة " عنونة فرعية رمزيّة انزياحية والّتي تُعْد خروجاً عن المألوف فالحزن والألم دائماً يصاحبان المرارة إلا أن الشاعرة قد الحقت المرارة بالبهجةِ ( مرارة البهجة ) لتضفي جمالية وشعرية فنية وقد جاءت القصيدة عبارة عن ومضات وجيزة :
قنديل يقبل القسمة على مرارة البهجة ..

1 نفحاتُ حروف مبهمة ..
تلملمُها ريشة شاعر مهووس،
فتلد الومضة من مخاضها اللذيذ.

2 معادلة تشكيلية تفوح رعبا..!
عندما يلتقي سر الوجود
بديمومة الصبر المرير..
وصخب اللحاق
بسراب العمر،
يمتطي مهرةَ
الصباحات الشاردة ..!!

3 عندما تدمع عيون الورد،
ترتجف الأهداب
مستجدية قاطفَ الورود... 4.
فقد تبدوا تلك الصور الشعرية لدى المتلقي عند القاء النظرة الأولى قبل التأمل والتفكير كأنها غير مترابطة وغير منسجمة ومشتتة و " قد يشك القارئ للوهلة الأولى أن لا رابط يجمعها ليتضح بعد النظرة الكلية للسياق الذي يجمعها أنها خاضعة لرابط شعوري "5.
لكن عند التمعن في مفرداتها التي جاءت على شكلِ صورٍ شعريةٍ متلاحقةٍ بأنها صور مترابطة فيما بينها من خلال طريقة الشاعرة في الايجاز والتكثيف الّذي انطلق بصورة غير شعورية من خيالها الخصب لتبين عمق اتصالها بالواقع الاجتماعي المرير الذي تعيش فيه خلال حقبة زمنية طويلة وقد سلكت الشاعرة طريق شُعراء قصيدة النثر التجديدين في بث وخلق صور شعرية وجيزة ذات دلالات وأبعاد نفسية واجتماعية ومنهم الشاعر العراقي جبار الكواز في نصه:
هكذا
أبتدأ الحكمة
نفس أمّارة بالشعر
وكلمات خبّأت رأسها
حين باغتتها الرؤيا
ومدينة ثكلى تُغني
حرائقها
وهي تفتح الوردة
سرّ الدخان ..6.

استطاعت الشاعرة بكل براعة ومن خلال تجربتها الأدبية الطويلة نقل أحاسيسها ومشاعرها النابعة من ضمير صادق بكل أمانة ودقّة وتصويرها تصويراً تفاعليّاً مع كل مشاهدة تلتقطها وكل فكرة تهبط عليها بروح شفافة, وأن خروجها عن المألوف في الصور الشعرية ( ريشة شاعر, فتلد الومضة, وصخب اللحاق, الصباحات الشاردة, عيون الورد، ترتجف الأهداب, بجروح فاغرة, ارتعاشات اللهفة, أجنحة الرياح, بجراح خضراء, هواجسي المدفونة, أوردتي المنسية, مخالب الزمن, فتسلقتُ شعاع الفجر, أعود لأشرب جمرة الثلج الساكنة, دواليب الزمن, زوبعة أيامي, نبض الحنين, نسغ الحنايا, نزف آهات السطور ...) مكنّها بطريقة وأسلوب الانزياح قوة تّأثيرية في تحريك مُخيلة المتلقّي ودفعه دون شعور للتلذذ في تلقيه للصورة الحسيّة وخلق مُتعة حقيقية له وبعكسه لا يوجد للكلام العادي الخالي من الانزياح في صور شعرية أي تّأثير في مشاعر وخيال المتلقي حيث أن الشاعرة استخدمت ( الريشة للإنسان والولادة للومضة ووصفت الصباحات بأنها شاردة وجعلت للورود عيون ترى بها وأضفت مشاعر الخوف والتأثير والارتعاش على اللهفة وللريح جناح يطير بها وجعلت للزمن مخالب بخلاف المستعمل وجعلت من شعاع الفجر سُلّم تتسلقه, وجمعت بين نقيضين في سياق صورة شعرية واحدة رغم الثنائية التضادية بينهما وغير ذلك ) من الانزياحات اللغوية الّتي أضفت جماليةً وإيقاعاً تجانسياً مع الصورة مما كان له تّأثيراً كبيراً على المتلقي وهي بذلك حققت الهدف المرجو منه كذلك الحال في قصائدها الأخرى ( عزف على وتر مجهول: بوابة الخوف, أدفن السر, جموح الكلمات, سهام الصمت, تزلزل هواجسي, مخالب الزمن, جمرة الثلج الساكنة, دواليب الزمن, زوبعة أيامي...)
تمكنت الشاعرة من خلال تلك الصور الشعرية تشّكيل المعنى العادي وصياغته بأسلوب بلاغي يترفع عن البساطة في تشّكيلاته ويرفعه إلى درجة تتسم بالشعرية الفنية الّتي يتذوقها الخاصة ومُحبيّ الشعر حيث أنَّ " المعاني هي الصورة الشعرية الحاصلة في الأذهان عن الأشياء الموجودة في الأعيان, فكل شيء له وجود خارج الذّهن فإنه إذا أدرك حصلت له صورة في الذّهن تطابق لما أدرك منه, فإذا عبّر عن تلك الصورة الذهنية الحاصلة عن الإدراك أقام اللّفظ المعبّر به هيئة تلك الصورة الذهنية في أفهام السامعين وأذهانهم ) 7.
لجأت الشاعرة لتمرير معاناتها وآلامها وطبيعة علاقتها مع العالم الّذي يحيط بها لنسيج صور شعرية، وربطها بطاقات اللغة من حيث المجاز والتشبيه والثنائية التضادية , حيث ينطلق صوت الأنا بصورة شعرية تتَشَظَّى إلى صور وثيمات متعددة من خلال صياغة وخلق صور تتسم بالشعرية الغير مباشرة و استطاعت الشاعرة تحريّكها وفق تأملات إنسانية اتخذتها رموزاً للتعبير عن ثورة التمرّد والرفض لكل مظاهر الفساد الاجتماعي والسياسي، فيتحد صوتها تارةً مع تلك الرّموز والدلالات الّتي أوردتها في نصوصها وتارةً يتقاطع معها..

ثانياً: صور تراسل الحواس ( صور تجاذبيه وتوافقية)
يظهر جليّاً من خلال التمعن في نصوص الشاعرة منور ملا حسون بأنها اتخذت منحى الرمزيين حيث أنها اعتمدت في نسج صورها الشعرية على طريقة وأسلوب نقل صفات الحواس بعضها إلى بعض فجعلت للون لساناً وصوتاً ينطق ويخاطب ويحاول وينقد ويصف بصور لا شعورية غير مباشرة إيحائية من خلال التعانق والتداخل والانسجام بين الألون والصور وغيرها من المحسوسات حيث ( تكون وحدة في الحواس فسيحة عميقة تتشابك على رحابها المشاهد والألوان والاصوات ويمتزج بعضها ببعضها الآخر)8.
وردت نصوصها المقطعية في أجمل حُلّةٍ لها في قصيدة " مرافئ ضبابية " وهي تضفي المشاعر والأحاسيس على غير العاقل كما في :

3- حين يصدأ العدل
أرى أسراب السنونو تهاجرني،
دون أن تحمل معها تعاستي،
فأحلم مع الفقراء
بالقرنفل يناديني..
وفي جوف الظمأ
أرى سنابلَ القمح،
في رمال الصحراء تزهو..
إذن..!! من أين يحاصرنا الجوع
أيها الفقراء ؟!
ما دام لجوعنا لونٌ أسمر
كلون ثرى وطني..؟!..9.

جسدت الشاعرة المجردات غير المحسوسة من خلال صورها الشعرية وألبستها ثوباً حسيّاً نتيجة تغلغلها العميق في كل مفاصل الحياة الاجتماعية ومعايشتها الدقيقة وتتبعها واقتناصها لكل ايجابي وسلبي في حياة الناس اليومية وصياغة مفردات ذات معانٍ تحمل شحنات تأثيرية قوية تُحرّك مُخيلة المتلقي وتخرج المكبوت في داخله لتخلق نوعاً من التفاعل والإنسجام ..
واتخذت الصورة الشعرية لنقل تجربتها الأدبية الطويلة وذلك لأنَّ الشاعر ( إحساسه بالكون وروحه يغاير إحساس الشخص العادي هذا من جهة ولأن الألفاظ ومدلولاتها الحقيقية قاصرة عن التعبير عمّا يشاهده في حياته النفسية الداخلية من مشاعر من جهة ثانية )10.

إنشطار..

عندما تسكن الزوابع
بحارَ الصمت الغائرة،
تئنّ النخيل وتشهق ..
وعيون النوارس
يغزوها السُكْر..!!...ص23.
استطاعت من خلال هذه القصيدة تحويل المعاني المجرّدة إلى نماذج وصور إيحائية تنقلها الحواس مترجمةً عواطفها وأحاسيسها وميولها ورغباتها من خلال التجاذب بين ما هو حسّي مع خيال الشاعر الخصب وعمق التواصل الحيّ ليشكلا معاً صوراً شعرية تنبض بالحياة وتنفذ إلى أعماق النفس البشرية..

ثالثاً: الصورة السريالية: يستثمر الشاعر في بناء قصيدته صوراً شعريةً من عالم الخيال والحلم ومن أعمق نقطة في اللاشعور كاشفاً للمستور والمخفي في داخله بطريقةٍ رمزيةٍ إيحائيةٍ تعتمد على الخيال الخصب بحثاً عن الوسائل الّتي تمنحه التخلص من واقعه المظلم والمؤلم لخلقِ عالمٍ وواقعٍ خاصٍ به وبعيداً عن ضوضاء الفساد والزيّف المجتمعي وقد سلكت الشاعرة منور ملا حسون نهج الشعراء المُعاصرين في خلقِ صورٍ شعريةٍ تجديدية تُثير الأسئلة تارةً وتوجه نقداً لاذعاً تارةً أخرى كما في قصيدتها " القادم مع الخريف "
فاهدمْ !
قصورَ الخيال
المسكونة بالأشباح
والتعاويذ المسحورة..
فلا تحلم ،
بأقداح أشعاري ترتشفها
على ضفة بحر
نرتادُها..... يوما، لا يأتي ولا يأتي ..ص18.
واذ تراني اليوم
كالفجر الأنيق..
فهذه رؤيةُ من يسير
في الحلم بلا اتجاه.
وما دمتُ لستُ أغنيةً
توهبُ لمجنون،
هلوساته...توميء بأنني
أتسلى بالمصلوب..
نرتادُها..... يوما، لا يأتي ولا يأتي .. مقطع من القصيدة .. ص18.
لجأت الشاعرة إلى كشف وتعرية الواقع المؤلم من خلال متنفس يُمكْنها النافذ منه للخروج من العالم المليء بالأوهام والمآسي ودخولها عالم اللاوعي لحظة التأمل والانقطاع الذي تستطيع من خلاله القبض على أول فكرة تطرق رأسها لتخلق منها صوراً شعريةً " وهكذا يصبح المكان ألعوبة الخيال الجامح الطليق الذي يتيح الاستغراق في عالم الحلم تتلاقى الصور وتتصادم وتتصارع وتنحل من جديد في صور أخرى ما تلبث أن تتصارع بها وعلى هذا النحو تصبح القصيدة رحلة فيما يشبه الكابوس "11..
وتستمر رحلتها في البحث عن الأمل المفقود في عالم جميل لم تعثر عليه بعد وهذا ما جسدته مقاطع من قصيدة " إنشطار.. "
أبحث
عن روح
تسكن عيني
عن روح رغبتي لديها،
لا رجعة فيها.
بحثا عن مكان لا فراق فيه
بيني وبينه..
روحٌ سرابية..
تنطلق مع روحي،
نحو آفاق خضراء
بنجوم خضراء
لكنها في سيل الضياع .. انتحرت..!!
وهي لم تولد بعد... ص25.

استعملت الشاعرة اللون الأخضر في العديد من قصائدها حالمةً بالسلام والطمأنينة وراحة البال رغم الألم من خلال المزج الرائع للألوان مع الكلمات لتُحقق صوراً شعريةً انزياحية تسهم بشكل فعال في بناء النص مما يدفع المتلقي دون شعور إلى دخولِ عالمها الخاص ليجد بين كلماتها واحة خضراء يتنفس من خلالها عطر الحرية والأمان لما يمنحه دفق اللون الأخضر من عذوبة التلقي والتناغم والتعرف على مزاج الشاعرة ونهجها الخصب وأسلوبها في نسج صور سريالية حيث " إنها وسيلة الشاعر في تجاوز واقعه وتجاوزاته سعياً فيما وراء مقولات المنطق من أجل العثور على الطاقة في حالتها البدئية وعلى الكلام الحي, كلام الأسطورة التي تعطي للعوالم الداخلية أشكالاً ملموسة " 12.

كطفل يتيم يبحث عن أمه.
بأيّ عُرفٍ أنسى ؟!
وجرحي لم يلتئم بعد .
وعهدي.. أن لا أعود اليك
مازال مسطوراً في قلبي...ص31.
للشاعرة علاقة وطيدة مع طفولتها وأحلامها وأمنياتها والتي تُمثّل عالماً من البراءة والطهر والنقاء والذكرى بما تحمله من أيام جميلة خالية من الغش الاحتيال والدجل لذلك جاءت الكثير من قصائدها محمله بانفعالات ومشاعر وأحاسيس تنبض من قلب صادق حُر يبحث عن الأمان وحياة مليئة بالاخضرار من خلال نسجها لصور ارتدادية تعيدها إلى عالم البراءة عالم الطفولة ..

6
البحار الزرقاء
تحتضن الآفاق اللازوردية .
أما أنا..!
فسوف احتضن إسمك
الى الأبد .. " كركوك "
7
في هذه الدنيا الوهمية...
أنت حقيقة عمري .. الوحيدة !!!

8

قبل أن يتفجر العسل
في شفتي..
جمعتَ كلماتي،
ونسجت منها
سمفونيةً لم تسمعها
أذنُ أحد بعد ..!!!...ص71.
كما يظهر جليّاً الارتباط وحب الانتماء إلى الوطن الكبير العراق ومدينتها كركوك الذي طالما تغنت بقصائدها وروح الشعور بالمسؤولية باعتبارها فرداً فعالاً في المنظومة الاجتماعية ويقع على عاتقها مع شعراء زمانها دور محاربة الفساد والظلم بالكلمة الصادقة والتي طالما تكون أشد وطئاً على الفاسدين من السيّف البتّار ..



#غانم_عمران_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفعلُ الزمنيُّ ولحظة القبض على السياق في رواية - البدلة الب ...
- تقنية اندماج الذّات مع الآخر في القصة الصيرة جداً - معادن - ...
- تماهي الذّات والاندماج مع الآخر في قصيدة - مانعٌ لشهيّةِ الح ...
- جماليات الصورة الشعريّة في ديوان (مكابدات الحافي) للشاعر عبد ...
- الألم واللذة في مجموعة - وأُقَشِّرُ قصائدي فيك - للشاعرة رند ...
- الاحتجاج و الحُلم في - كنا عراة إلا من أحلامنا - للشاعر هلال ...
- أنسنة الأشياء في - مفكرة خوذة مثقوبة - للشاعر أحمد الحلي.
- الأنا وعمق المأساة في - صورة شمسية لولدٍ عنيد - للشاعر محمد ...
- بين الخيال والواقع حقيقة في رواية - أوتو - للروائي خلدون الس ...
- الرؤية التأملية وأداة التفكير في - أختفي في الضوء - للأديب ع ...
- تقنية الإثارة والصدم في - لا ضوء في قناديل الحروب - نصوص وجي ...
- النسق المضمر ودلالة الانكسار في مجموعة - خُردَة ذكْرَيات - ل ...
- جمالية الانزياح الشعري في - زارني الشعر- للشاعر العراقي البا ...
- تجليات الحس الوطني والقومي في قصيدة - متى يسمع النائمون ؟ - ...
- المسافة الجمالية في قصيدة - لا ليس لك رسالة إلى الله - للشاع ...
- سيكولوجية النص الكامنة في رواية - فتاح فال - للروائي عباس ال ...
- سيكولوجية النص الكامنة في رواية - فتال فال - للروائي عباس ال ...
- ارتجافات الوعي في قصيدة - ذاكرة .. في عيون .. غائرة - للشاعر ...
- الحفر في لا وعي النص في قصيدة - أقسمت لها به ...- للشاعرة ال ...
- الوجع العراقيّ في قصيدة - جرس الدرس الأخير - للشاعر العراقي ...


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غانم عمران المعموري - السِّمَات الجَمالّية للصورةِ الشعرّية في - مرافئ ضبابية - للشاعرة والإعلامية منور ملا حسون