أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غانم عمران المعموري - الألم واللذة في مجموعة - وأُقَشِّرُ قصائدي فيك - للشاعرة رند الربيعي.















المزيد.....

الألم واللذة في مجموعة - وأُقَشِّرُ قصائدي فيك - للشاعرة رند الربيعي.


غانم عمران المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 6977 - 2021 / 8 / 3 - 14:15
المحور: الادب والفن
    


تمرَّدت المرأة العربية على الأفكار البدائية التي كانت تضعها في أُطر ضيقة في مجال كتابة تتوخى فيها الحذر والدقة في التعبير عن الآخر و ما يدور في خلجاتِها من همومٍ واقعيةٍ بمعياريةٍ فنيّةٍ منفتحةٍ واخراج مكنون إبداعها بشّحناتٍ ودفقات لا شعوريّة ناتجة عن الضغطِ والمخزون الفكري و الهيمنة الذكوريّة عِبْرَ فترات طويلة عانت منها المرأة وارتياد بُنية مضّادة لتلك الأفكار بوصفها عنصراً فعالاً متحرراً من كل أشكال تَسّلط الفحولة والذكوريّة مما منح خطابها النسّوي المُعاصر القوة في تعرّية الواقع المخالف لأفكارها وطموحاتها المشروعة والتصدي لكل أشكال التيارات النمطيّة وكسر القوالب الجاهرة التي طالما وضعت بها عن طريق قصيدة نثريّة بفضاءات شعريّة منفتحة تستطيع التعبير بشكل مطلق عن ذّاتها و قضاياها الخاصة ومشاعر الحُب والألم والشعور بالنشّوة بشكل دقيق بحيث لا يستطيع الرجل التعبير عنها بتلك الدقة المتناهية وبيّان الصوّت الأنثوي دون سلّطة ذكوريّة وقد أفرزت لنا الساحة الثقافية العديد من الشاعرات ومنهنّ الشاعرة رند الربيعي ومنتجها الصادر من دار التأويل للنشر والترجمة لعام 2021 الذي جاء بعنونة ملفته ومُثيّرة " وأُقَشِّرُ قصّائدي فيك " بوهّج بصَّري حسّي يحيّل الصورة الشعريّة بدفقٍ غير شعوريّ إلى صورة ملموسة يُقلّب فيها المتلقي تأمُّلياً وفكرياً ويعطي انطباعاً أوليّاً عن حديث الأنا والآخر ..
ابتدأت الشاعرة العنونة بواو العطف التي تدل على جملة تسبقها لدلالة شعريّة جماليّة توحيّ عن بُعْد فلسفي جاء منسجماً مع لوحة الفنان علي محسن التي تعتبر من المنصات المهمة التكميلية للعمل الفنيّ المُنتج بحيث يُشَّكل مع العنوان صبغة دعائيّة مؤثرة في مشاعر وأحاسيس المتلقي ومن المنصات التي جاءت بأسلوب رائع هو الإهداء مما يحمله من طابع عائلي واجتماعي ونفسي وهو يُمثّل البُعد السيكولوجي للذّات الشاعرة وما يعْتريّها من خلجات وارهاصات نفسيّة تدل على التأزّم والصراع النفسي والتأثيرات الخارجية التي كان لها الدور الفعال في توليّد وشَّحن الأفكار لدى الشاعرة ..
كنتُ أنا غارقة في التذكر
في مكامن البوح
ورذاذ عطر مناديل الليل
تلك البقع السوداء على قمصانك حرائق شوق...ص6 من المجموعة.
أنا من جذرت قمصانك
في خزائن جنتي
وزرعت رسائلك في حدائقي ...
الآن أكثر جنونا أنا
كلما شعرت بضجيج الوطن
أضع رأسي قُرب شاهدة
واستريح .ص7

للسياقات الخارجية الاجتماعية منها والنفسية والثقافية دوراً كبيراً في بلّورة وتطوّر الأنا من خلال تفاعلها الفعّال والمباشر بكل ما يُحيط بها ومن خلال خطاب سوسيوثقافي الذي ينظر إلى الأنا باعتبارها نسقاً متكاملاً متضمناً خصائص يتحلّى بها الفرد (الشاعر أو الشاعرة ) من قيمٍّ وتوجهاتٍ ومقاصد وأهداف وقدرات فنيّة ابداعيّة ذلك أنّ ( الانا الانسانية هي محصلة تفاعل بين البناء البيولوجي للفرد في انفعالاته ومشاعره وقدراته وبين الدوافع التي تعمل في إطار الظروف الاجتماعية والثقافية والشخصية المحيطة به )1.
قبلات معتقة
أراك جندياً
يبتهل في محراب القتال
لا تندهش ...
حين يضرجني الوجع
شهيدةٌ أنا مثلك
مراجلي تغلي بي ...ص8.
وقصيدة خطوة واحدة
لا أفسد عليك الليلة الأولى
خطوة واحدة إلى الوراء ...ص11
وقصيدة نوع آخر من الهواء
من غيرتك حين ادللُ نفسي
يولد الحبُ من دخان سجائرك ورماده الذي احتفظُ به دون علمك
يولد الحبُ من قصائدي التي تتسلقك سطراً سطراً هكذا ...
ينمو كلما ابتسمت
فألقيك في رئتي كي تخرج نوعاً من الهواء
هكذا أنت
نوع آخر من الهواء ...ص13.
بغض النظر عن طبيعة العلاقة بين صورة الأنا وصورة الآخر نتيجة اختلاف الظروف الاجتماعية والنفسية والسياسية المحيطة بها والبيئة التي يعيش ضمن أجوائها المختلفة كل ذلك له دور في التجاذب والتنافر بينهما من حيث الرفض والقبول أو حتى العداء لكن نجد هنا من خلال الصور الشعريّة المتدفقة من احساس صادق وعميق وجود الجانب الإيجابي وطبيعة العلاقة الحميمة الوجدانية الإنسانية والتي تتجلى في أعلى صورها في تلاحم وتعانق واندماج بين الأنا والآخر فنحن ( نحتاج إلى الآخرين لنصون أنانا مستقلة وسليمة ولا نحتاج إلى حنانهم وحبهم فحسب ولكننا نحتاج أيضاً إلى حضورهم ورأيهم وذكرياتهم ذلك أنَّ الأنا هي محل توحّدات الفرد المتخيّله وتتعرض إلى خطر التفتّت إذا فقدنا دعامتها المشخّصة وذلكم ربما هو السبب الذي يجعلنا نختار روابط الزواج الاجتماعية والصداقة ... وغيرها التي نحتاجها بوصفها غذاء لبنيات مختلفة من أنانا وأنانا العليا, البنيات التي توحي بقيمنا وأيدولوجياتنا )2.
سراب
كلما اقترب منكَ
ابتعدتَ
احاول التسلق اليكَ
فانزلق إلى عمق أحمر
احاول اخماد عطشي
فتنمو شجرة لهفتي
لا سبيل إليكَ
شوقي حائط نار ... ص19.
أسابقُ زمناً منكسراً
هكذا أنا
براعم ماثلة تنتظر هلالك
يسابق زمناً منكسراً
نعم أنتَ
من صنعت مني كوثراً
لمنابع متأهبةٍ للعطاء
صيرتني امرأة ... ص22.
حقائب لسفر كاذب
يا لَبكاءِ النوايا !
أنينُ الزَّهرِ خلفَ الذكرياتِ
هنالك ...
في أقصى زاويةِ الفَقدِ
تطاولَتْ أمنياتٌ ... ص25.
استطاعت الشاعرة أن تبوح عما في داخلها من مشاعرٍ وأحاسيس كامنة في ذّاتها الجيّاشة وكل ما يعترّيها من ضعفٍ وقوة ولذة وألم بتقنيّةٍ فنيّةٍ ابداعية حيث ( عندما تنتهب نفس الشاعر الآلام يجد عوضاً عنها تلك اللذة التي يستمتع بها, وهو في نشوة الوحي, وفي هذه النشوة يكمن مرض الشاعر ودواؤه ولابد أن يعني هذا أنه بسبب تلك الآلام كان الوحي, ومع الوحي كانت النشوة, أي أن المعاناة كانت السبيل إلى الوحي, أي الإبداع, وكان الإبداع وسيلة لإخضاع تلك الآلام والتلذذ بها, فلولا الآلام ما كان الوحي ولولا الوحي ما كانت اللذة ) 3.
وعن طريق توظيف الثنائية التي تُعتبر من الجوانب المهمة في العملية الابداعية المؤثرة في مخيلة المتلقي ودفعه إلى الاشتراك والمساهمة الفعلية مع النص الشعري الذي سبب له صدمة وإثارة لمشاعره المخزونة الراكدة في اللاشعور ونقل الفكرة التي تُريد الشاعرة إيصالها من الخيال إلى حيز حقيقي وجداني وهذا يكشف لنا عن دقة اختيار الالفاظ واعادة تشكيلها وفق نسق شعري ينسجم مع المعنى وبطاقةٍ ايحائيّةٍ ولغةٍ غير مُبهمة تسهم بشكل فعال في انتشّال المتلقي من التيّه في دهاليز مظلمة عن طريق مفاتيح واضاءات تُساعده في التتبع والإمساك بالمفاهيم والمقاصد التي ترجوها الشاعرة ..
معي ... حزمةُ ألقِ الأيام القادمة
مَن قال أن الطواحين .. تدور وفق دوران الوجع ؟
في خاصرة الوطن
الطيور المهاجرة أرواح ... ص27.
كي لا تعطش من جديد
لا تقل حريمة
سأرسمك وطناً بلا وطن
أكتبك قصيدة نثر ... ص 45.
وطن متغير
أثمرت أشجار الوجع
بربيع خائف
وَاعتصبت رأس أيامي ... ص 51.
آه .. يا ... وطني
المعمّد بالآهات
المسوّر بالأكف البيضاء
المفعم بصدق الحناجر
المتضرعة لخالقها
ربي أستودعك قلوبنا ... ص 60.

اعتمدت الشاعرة الحوار و الحكائية المفعمة بتدفقٍ حسيٍّ وجداني وتتابع الصور الارتدادية الشعريّة المنفتحة إلى فضاءات واسعة شملت التناص الشعري والدلالات الرمزّية والثنائيّات الضديّة بين الموت والحياة والحضور والغياب واللذة والألم وغيرها مما حقق لها نسقاً بصبغةٍ جماليةٍ منُّدمجاً مع الأفعال الشعريّة وتمكنت ببراعة إلى خوضِ تجربةٍ ومجازفة لغوية عن طريق الهدم والبناء من خلال تَخطيّها الأُطر الضيقة إلى فضاء واسع وتطويع اللغة بأسلوب الانزياح والتكرار اللفظي الّذي يضفي على الصور الشعريّة نوتات موسيقية ذات إيقاع نغميّ منحها قدرة التأثير وتحريّك مُخيلة المتلقي وتحفيزّها نحو التفاعل التام مع النص, كما أنها وظَّفت الأسطورة توظّيفاً فنيّاً ابداعياً لإعطاء القصيدة أكثر عمقاً ودلالةً من عُمقها الظاهري وشّكلها الخارجي والتخفيّ خلف الرّمز, ولكم أجمل قصائد المجموعة ..
مليكة النخل والطين
يا سيدي المبجّل هل كتبت قبلي إليكَ إمرأةٌ ؟
واخبرتك إنها الحاضرة والحضارةُ
وإنها مسلّةُ زقوّرةُ, بل أنها تأريخُنا عراقةٌ ..
وشارعُ الموكب ومواكب العذارى
ذي حضارةٌ وفجرُها بغداد
حناؤها البصره
إكليلُها ذي قار
ربيعها نينوى
قنديلها شبعاد
إسمي من السماء حوريةٌ أنا
ووردةٌ حمراء يا عطرُها المندّى إقونةٌ حسناء
مَنْ قال إني هكذا ؟ مَنْ قالَ إني خُرافةٌ ؟
اللهُ .. حتى الله ! ها قدْ خصني بكتابهِ
مَنْ سالبُ حقوقي ؟
يا أنتمْ يا معشر القمامة
يا كُلكم مَنْ يدّعي الحضارة يفيضُ لؤمآ إسمّهُ
وتسرقون عمرَنا وتذبحون حُلمَنا
يا معشَر الخُرافة
لا تبتأس .. لا تضطرب ..
يا سيدي المُبجّل
فذي أنا فراشةُ
أكتُبُ بالشهدِ رسائلاً
بخطيَّ المُشفَّره.



#غانم_عمران_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحتجاج و الحُلم في - كنا عراة إلا من أحلامنا - للشاعر هلال ...
- أنسنة الأشياء في - مفكرة خوذة مثقوبة - للشاعر أحمد الحلي.
- الأنا وعمق المأساة في - صورة شمسية لولدٍ عنيد - للشاعر محمد ...
- بين الخيال والواقع حقيقة في رواية - أوتو - للروائي خلدون الس ...
- الرؤية التأملية وأداة التفكير في - أختفي في الضوء - للأديب ع ...
- تقنية الإثارة والصدم في - لا ضوء في قناديل الحروب - نصوص وجي ...
- النسق المضمر ودلالة الانكسار في مجموعة - خُردَة ذكْرَيات - ل ...
- جمالية الانزياح الشعري في - زارني الشعر- للشاعر العراقي البا ...
- تجليات الحس الوطني والقومي في قصيدة - متى يسمع النائمون ؟ - ...
- المسافة الجمالية في قصيدة - لا ليس لك رسالة إلى الله - للشاع ...
- سيكولوجية النص الكامنة في رواية - فتاح فال - للروائي عباس ال ...
- سيكولوجية النص الكامنة في رواية - فتال فال - للروائي عباس ال ...
- ارتجافات الوعي في قصيدة - ذاكرة .. في عيون .. غائرة - للشاعر ...
- الحفر في لا وعي النص في قصيدة - أقسمت لها به ...- للشاعرة ال ...
- الوجع العراقيّ في قصيدة - جرس الدرس الأخير - للشاعر العراقي ...
- البُعد الإنساني في قصيدة - نعم أنا شاعرة - للشاعرة العراقية ...
- رسم الشخصية الشعرية في قصيدة - غيمة ايلول - للشاعر العراقي ع ...
- الكبْت الجنسي والصورة الحسيّة في قصيدة - محروم - للشاعر العر ...
- الذاكرة الشعريّة في نصوص - يا لَهذا - للشاعر العراقي البابلي ...
- التَّمحور حول الذَّات والانبعاث في القصيدة - احتاج لدبوس - ل ...


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غانم عمران المعموري - الألم واللذة في مجموعة - وأُقَشِّرُ قصائدي فيك - للشاعرة رند الربيعي.