أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غانم عمران المعموري - التكثيف والإيجاز في المجموعتين الشعريتين ( شدّة ورد, مالم يقله نخل السماوة ) للشاعر العراقي حميد يحيى السراب















المزيد.....

التكثيف والإيجاز في المجموعتين الشعريتين ( شدّة ورد, مالم يقله نخل السماوة ) للشاعر العراقي حميد يحيى السراب


غانم عمران المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 7308 - 2022 / 7 / 13 - 00:07
المحور: الادب والفن
    


اتجه الأدباء إلى المغايرةِ والتجديدِ في صياغةِ نصوصِهم الأدبية ومخالفة السائد من الاتجاهاتِ والميولِ الفكرية القديم ليتبنوا أساليب ومفاهيم حديثة لخلقِ توجه جديد ووعيٍّ يتناسب مع تطور الوعي الجمعي الّذي يسير إلى كسرِ وهدمِ الرتابة والمألوف من القول والتوجه نحو نهضةٍ فكريةٍ تنسجم مع ذائقة المتلقي في ظلِ التطوراتِ التكنولوجية وعالم المعلوماتية الواسع لذا انطلق الشاعر حميد يحيى السراب إلى التجريب في مجموعتيه ( شدّة ورد, مالم يقله نخل السماوة ) الصادرتين من دار ليندا للطباعة والنشر – سوريا – السويداء لعام 2020 والاتجاه إلى النصوصِ الوجيزةِ الّتي تتسم بالتكثيف والايجاز وتركيز المعنى بلغةٍ شعريّةٍ بسيطةٍ تنطلق من الّذات الشاعرة وحديث الأنا نحو ال أنتِ ويدخلنا إلى عالمٍ مليءٍ بالدهشةِ والمفارقة ولذة التمتع بالألفاظ ابتداءً بالعنونةِ الرئيسةِ للكتابين ( شّدة ورد, مالم يقله نخل السماوة ) اللذين يعتبرن نقطة الدهشة والوميض الّذي يُلاقي بصر المتلقي ويأخذه إلى أقاصٍ بعيدةٍ من الفلكلور والتراث الشعبي والمثل والاسطورة ويجعله يعيش ويستمتع بالماضي في ظل حاضر يستهوي الايقاع السريع والوجيز من الكلمات الّتي تؤثر في ذائقته ومزاجه لذا كانت ذاته حاضرة في كل صورة شعرية بل هي ( عبارة عن هالة مُشعة بالأنوار تغذي روحه بوعي أو بلا وعي, تدخل له بإستئذان أو دون استئذان لتتزاوج مع موهبته وثقافته المتنوعة لتسيل مع روحه على بياض الورق بموسيقى حزينة أو كأنها تراتيل قُدسيّة من نوعٍ خاص من عالم أسسه بنفسه ...)1..
تضمنت المجموعتين عناوين فرعية لنصوص وجيزة بلغةٍ مكثفةٍ تعتمد الصورة الحسيّة وتصوير المشهد الدرامي بكل الأحاسيس النابعة من عمق الوجدان وقد جاءت العناوين الفرعية من كلمة أو كلمتين دالتين موحيتين وبمواضيعٍ مختلفةٍ ومتنوعةٍ ( وضوء, عليّ المرتضى, حمي الوطيس, بهجة, كربلائي, غياب, عناق, مفارقة, خيال جاحد, قلق ... تعالي, لعب, طين, هاجس, جفوة, هاجس الجذور, استقامة, صورة, أنتِ, ما زلتُ بخير, ملمّع حلّي,...) ..
تنفتح نصوص المجموعتين على بنيَّةٍ نصيّةٍ تقترب من ( الهايكو ) في كثير منها التي اعتمدت التكثيف الشديد والإيجاز واللغة الدالة وبثيماتٍ متعددةٍ اتخذت من الّذات المُلهمة والمعذبة مصدر بث المشاعر والاحاسيس وطرح الأسئلة والشكوك وعلامات الاستفهام ومناجاة الآخر كما في :
( شدّة ورد:
ولأنّكِ زاويتي
سأشدّ رحالي منكِ
لأحطّ رحالي فيكِ
وأقولُ سلاماً للآتين
ولأنكِ قاتلتي
سأغادر هذا الوطن/ المنفى
وأقول وداعاً للماشين )2..
حيرة:
تحيّرتُ القصيدةُ بالسؤالِ
أوجهكِ كانَ أن نسقُ الهلالِ ؟
فمبتدأ الهلالِ له انحناءٌ
ووجهكِ مشرقٌ يطوي الليالي ؟3..
ورد في نصوص الشاعر بكلتا المجموعتين مواضيع شتى تمثَّلُ رؤية حقيقية للواقع بكل أبعاده سواء أكانت اجتماعية أو سياسية بطريقة توظيف وحشد أكبر قدر من الصور الشعريّة ذات المضامين الفكرية والدلالات المنفتحة بتكثيف موجز بعيداً عن الاسراف والاطالة الّتي تسبب الملل لدى القارئ بأسلوب الاستفهام وطرح التساؤلات دون الاجابة عنها ليُدخل القارئ في حلبةِ التفكير والمشارك لما لأسلوب الاستفهام من خاصية مهمة في خلق دلالات في النّصوص الأدبية وانفتاحها على دلالات أخرى ترتكز في خيال المتلقي وتخلق نوعاً من التفاعل بين السائل والقارئ كما في:
هاجس: لمْ تعطني ناياً حتى أغنّي ...؟ و قصيدة هاجس الجذور التي تضمنت العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام: سيّدتي
وكيف لي أن أقصّر خطوات الحزن الموزّع في الدروب الضيّقة والبساتين المبتلة بالضمور ؟
وكيف لي أن اوسّع الفرح الخجول ؟
الأزرق النائي: كلُّ البحورِ تمازجت وتداخلت
ما بالُ بحرك هارباً بالأزرقِ النائي ؟
اللؤلؤُ المكنون علّمك النوى
أم برزخُ الهجران أم أُذهُلت من مائي ؟ ص107.

تتجلى الذّات الشاعرة في أعلى صورها في المجموعتين, ذاتاً مهمَّشةً مقهورةً متشظّيةً إلى ذّواتٍ متعددةٍ مُنفجرةً وميّالةً إلى التمرد على القيم المزّيفة والأعراف البالية وكسر التابو فهي ذات معبأة بتجارب عديدة وخبرات في مجالات مختلفة وبخطابٍ مونولوجٍ يرصد لنا الواقع الذي يعيش فيه ويتأثر به بكل خيباته ونكباته وتسعى إلى الهدم والبناء من خلال لغة شعريّة تميّل إلى السخريةِ اللاذعةِ وطرح تساؤلات في حالةِ وعي واللاوعي في الوقت نفسه من خياله الواسع واستثمار اللغة المتداولة بين الناس والعبارات المؤثرة والتفاعل مع الوقائع اليومية الّتي يشاهدها بنفسه أو يسمعها من الآخرين كما في العديد من قصائد المجموعتين:
لوعة: قلبي تلوّع من ودادكْ
حيّاً سيبعثُ من رمادكْ
قلبي تقدّم خطوتينْ
وغذا يبايعُ بيعتينْ
فتضوّعي يا ذات زينْ
ودعي المولّهَ في فؤادكْ..ص 31 من مجموعة شدّة ورد..
بكِ: بكِ أنتِ
تبتديء القصيدةُ
ويسبقها الجنونْ
إنْزَّ حرفٌ ساكنٌ
أو فرَّ جفنٌ كادحٌ صوبَ العيونْ
لا تُمسكي ولَهي
أو تلجمي وجعي ... ص63 من مجموعة مالم يقله نخل السماوة..

( امتلك الشاعر رؤية تجديدية وهو يسهم في تشكيل الجو الشعري واظهار الجوانب الفنية والجمالية التي تكمن في الصورة والفكرة والأسلوب الذي اتعبه الشاعر النابع من قراءته الكثيرة للأدب والموروث ...)4..

لجأ الشاعر لتمرير معاناته وآلامه وطبيعة علاقته مع العالم الّذي يحيط به لنسج صور شعرية، وربطها بطاقاتِ اللغة من حيث المجاز والتشبيه والثنائية التضادية , حيث ينطلق صوت الأنا بصورة شعرية تتَشَظَّى إلى صورٍ وثيماتٍ متعددة من خلال صياغة وخلق صور تتسم بالشعرية غير مباشرة و استطاع الشاعرة تحريّكها وفق تأملات إنسانية اتخذتها رموزاً للتعبير عن ثورة التمرّد والرفض لكل مظاهر الفساد الاجتماعي والسياسي، فيتحد صوته تارةً مع تلك الرّموز والدلالات الّتي أوردها في نصوصه وتارةً يتقاطع معها, كما تخللت نصوصه القصائد الحماسية وحب الوطن كما في: حمي الوطيس/ في معارك الموصل
حمَي الوطيسُ سعيرهُ الشعّالُ
دُحر الردى واستبسلَ الأبطالُ
راياتُ مجدٍ زفرفتْ شمّاخةً
وعلى الشموخِ تزاحمتْ آمالُ
وهوتْ جباهُ المهطعين لذلّةٍ
وتجمهرت في دارهمْ أهوالُ
بتنا نلامسُ نصرنا ونشيدنا
صوتُ البطولةِ صادحٌ جوّالُ
هذا العراقُ وهو العراقُ عراقةً
وهو الفراتُ السائغُ النوّالُ ...ص7 من مجموعة شدّة ورد.
قدم لنا يحيى السراب نصوص وجيزة مكثفة وبلغةٍ شعرية وايقاع داخلي والتمرد على المألوف وكسر الرتابة والملل لدى القارئ وجعله يتفاعل مع تجربته الشعرية وترحل به إلى فضاءات رحبة تتناغم مع حالته النفسية ..




المصادر
1- غانم عمران المعموري: الذات والوجدان في القصيدة, شعراء بابل انموذجاً, منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق – بغداد, ط1, 2021.
2- حميد يحيى السراب: شدّة ورد, شعر, دار ليندا للطباعة والنشر, سوريا- السويداء – طريق الرحى, ط2, 2020, ص4.
3- حميد يحيى السراب: مالم يقله نخل السماوة, دار ليندا للطباعة والنشر, سوريا- السويداء – طريق الرحى, ط2, 2020, ص21.
4- طالب عمران المعموري: الهاجس السردي في قصيدة النثر, شعراء بابل انموذجاً, منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق, ط1, 2021, ص 172.



#غانم_عمران_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهاجس الفلسفي في قصيدة - أعترف بكامل تلفي- للناقد والشاعر ح ...
- الحَبْكة الدِّراميَّة في - قناديل باب الدروازة- للروائية هدى ...
- تشظّي الذّات  في رواية ( نهر الرمان .. تجربة موت ) للروائي ا ...
- الدراما والمكان المتخيَّل في رواية ( ثغيب ) للروائي العراقي ...
- الزمن في البنية السرّدية في - المصابيح العمياء - للأديب حميد ...
- المونولوج الداخلي في المجموعة القصصية - تيه الورد - للكاتبة ...
- الابتعاد عن المألوف في - لَا لَحْدَ لِي - للشاعرة اللبنانية ...
- الصور البلاغية وتجلياتها السردية في ( الرقص بلا رياح ) للروا ...
- السِّمَات الجَمالّية للصورةِ الشعرّية في - مرافئ ضبابية - لل ...
- الفعلُ الزمنيُّ ولحظة القبض على السياق في رواية - البدلة الب ...
- تقنية اندماج الذّات مع الآخر في القصة الصيرة جداً - معادن - ...
- تماهي الذّات والاندماج مع الآخر في قصيدة - مانعٌ لشهيّةِ الح ...
- جماليات الصورة الشعريّة في ديوان (مكابدات الحافي) للشاعر عبد ...
- الألم واللذة في مجموعة - وأُقَشِّرُ قصائدي فيك - للشاعرة رند ...
- الاحتجاج و الحُلم في - كنا عراة إلا من أحلامنا - للشاعر هلال ...
- أنسنة الأشياء في - مفكرة خوذة مثقوبة - للشاعر أحمد الحلي.
- الأنا وعمق المأساة في - صورة شمسية لولدٍ عنيد - للشاعر محمد ...
- بين الخيال والواقع حقيقة في رواية - أوتو - للروائي خلدون الس ...
- الرؤية التأملية وأداة التفكير في - أختفي في الضوء - للأديب ع ...
- تقنية الإثارة والصدم في - لا ضوء في قناديل الحروب - نصوص وجي ...


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غانم عمران المعموري - التكثيف والإيجاز في المجموعتين الشعريتين ( شدّة ورد, مالم يقله نخل السماوة ) للشاعر العراقي حميد يحيى السراب