السجن القومي الابيض : الدعوة للهروب ! 9

ايليا أرومي كوكو

الحوار المتمدن-العدد: 7307 - 2022 / 7 / 12 - 15:10
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    

السجن القومي الابيض : الدعوة للهروب ! 9
بالامس اتصل بي احد الاخوة الاعزاء مهنئاً بالعيد
تبادلنا السلام و التهانئ و اجمل الامنيات القلبية
و بعد السؤال عن العيد الحال و الاحوال و المأل
تمنينا لبعضنا ان يبدل الله حال بلدنا بأحسن حال
ليبادرني قائلاً : الجديد عندك شنو مع اجواء العيد ؟
لأقول له : برغم العيد لا جديد يذكر و قديم يعاد
فقال لي مبشراً : انا عند ليك اخبار جديدةً لنج
اها اخبارك الجديدة شنو يا صاحبي
ليفاجئني قائلاً : هناك أمر قبض ضدك و ستعاد الي الحبس
بعد العيد سيتم القبض عليك وسترجع الي السجن من تاني
عليه ارجو منك ان تنتهز الفرصة حالاً و تهرب لازم تهرب
أجبته اهرب الي وين و عشان شنو أهرب اصلاً في شنو
ليرد أهرب أمشي هيبان او أي مكان المهم أهرب بجلدك
طبعاً نزل الخبر علي كالصاعقة التي تقع علي الشجرة الكبيرة
ترميها أرضاً وتحرقها و تحيلها رماداً تزريها للريح
شل الخبر تفكيري و كاد ان يصرعني و يرديني قتيلاً
علي حال ربطت جاشي و اظهرت ثباتي قوتي و تماسكي
فلت لنفسي سراً أحدثها أواسيها الله يكضب الشينة المنكورة !
ليواصل الاخ حديثه الملغم انا كنت في مناسبة فطور في الحي
كلمني احد افراد الشرطة بوجود بلاغ جديد ضدك
مردداً بالحاح المهم في الامر لازم تهرب أمرك بهمنا جداً فأهرب
شكرته مردداً انا الاخر في نفسي مقطع الاغنية المحببة لي
وين حنهرب من مصيرنا طالما الاقدار معانا
تمشي في آثار دريبنا وتنحت الالام جوانا
***
غريب جداً تكرار الدعوة للهرب بشكل واخر و الفكرة مرفوضة
فأن نواجه زخم الحياة كلها برعونتها وقسوتها وهو سجن كبير
يستحيل مجرد في هكذا تفكير لا مسوف ولا مبررله البتة
الهروب من التحديات ضعف و خذلان هذا ليس شيم الرجال
الهروب او التهرب من الواقع و الظروف الحياتية جبن و عار
المواجهة و المقاومة و المصادمة حتي الرمق الاخير شعار
فلا الرهبة و لا الخوف من السجن و السجان يجعلنا نهرب
من التجربة السابقة في السجن خبرت و اختبرت و تعلمت الكثير
تعلمت دروس في التأني و الصبر و قوة الاحتمال و عدم الانفعال
كانت دروس مجانية فيها الكثير من المواعظ و العبر و الاختبارات
السجن القادم ان سمح الله و قدر ستكون فرصة لمعاودة الأصدقاء
عليه احسب الفترة الحالية خارج القضبان بمثابة استراحة السجين
لن يكون السجن القادم عصياً غريباً موحشاً فقد عركته و خبرته
سأغتنم الفرصة السانحة لمزيد من التأمل و التدبر و ثقل النفس
السجن فيه نوع من الراحة والاستراحة و سبر الغور في الذات
كل الذي أرجوه ان لا يقلق و ينزعج الناس علي هذه المرة ابداً
اتمني من الاسرة و الاهل و الزملاء الجيران شاكرين و مقدرين
خذوا الامر بيسر لا تهتموا و لا تتعبوا انفسكم كثيراً بغير طائل
أرجو من ابنائي اليشع و استير عدم الانزعاج ومتابعة تحصيلهم
اكثر ما ازعجني و اقلقني و انا في السجن الماضي الشفقة الزائدة
كثرة الزيارات و تكاليفها اتعبني كثيراً جداً و هذا ما لا اتمناه
اقدر عطف الناس أثمن حبهم و اهتمام ، يكافئي الرب تعب محبتكم
اخيراً يا أخوتي دعوني اختم بالايات ادناه من سفر يعقوب الاول
12 طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة، لأنه إذا تزكى ينال إكليل
الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه
13 لا يقل أحد إذا جرب : إني أجرب من قبل الله، لأن الله غير
مجرب بالشرور، وهو لا يجرب أحدا
******
و اخيراً جداً استأذن و استسمحكم والشاعر ومغني الابيات ادناه
وين حنهرب من مصيرنا طالما الاقدار معانا
تمشي في آثار دريبنا وتنحت الالام جوانا
***
كلما نبنيها جنة تبقي مرتعنا وسكنا
تنطبع في القلوب انة وتبدا في التوهان خطانا
***
الضياع حارس دروبنا والالم عاصر قلوبنا
والمصير في جوف غيوبنا خوفي يصبح ذي دجانا
***
بين ظروف ساقيانا مرة وبين قدر لافحنا مرة
وبين شعر بالخوف امر ما لقينا دليل هدانا
***
آه يا ليل امتد طولو ويا فرح راجين هطولو
فينا ياما الناس بقولو شالو حس ريدنا وغنانا
***
اختفت كل المرافئ ونشوة الفرح الخرافي
والسنين الصوتا دافئ تبكي حنت لي لقانا
________________________________________

#ايليا_أرومي_كوكو (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل