الدرس الجديد

أحمد فاروق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7302 - 2022 / 7 / 7 - 20:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تأتى استقالة بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطانى كنتيجة للموقف البريطانى غير المفهوم من الحرب الروسية الأوكرانية ..
من اليوم الأول وضعت بريطانيا نفسها في الصفوف الأول فى الصراع العاتى مع روسيا ..
حرضت اوكرانيا على استفزاز روسيا ، وقدمت لها السلاح ، وزار بوريس جونسون اوكرانيا للشد من أزر صديقه زيلينيسكى !!

وقادت بهمة ملحوظة الحرب الاقتصادية على روسيا ، وكانت فى هذه النقطة الأكثر حماسا ، ووصل الأمر إلى حدود غير معقولة ..

كانت بريطانيا تتصرف وفى ذاكرتها ذكرى الإمبراطورية البريطانية العظيمة ، عندما كانت بريطانيا سيدة الدنيا ، وممتلكاتها لا تغيب عنها الشمس لاتساعها ..

كانت الامبراطورية البريطانية قد ذهبت وانتهت من عقود ، ولكن الحنين إليها مازال يحكم العقل السياسي البريطانى ، وأصبحت بريطانيا تتصرف كأن امبراطوريتها مازلت موجودة ، وأنها مازلت سيدة الدنيا ..

ومثلما أيقظ جمال عبد الناصر الأسد البريطانى العجوز على حقيقة وضعه عام ١٩٥٦ ، عندما امم شركة قناة السويس بالرغم منها ووضع أنفها فى التراب ..
أعاد القيصر الروسى فلاديمير بوتين إعطاء بريطانيا نفس الدرس القديم ..

فلم يؤد تحريضها لاوكرانيا وتقديم السلاح لها إلى شئ جدى ، ولم تؤد الحرب الاقتصادية التى قادتها بهمة ضد روسيا إلى شئ ذو قيمة ..
على العكس ، سيطرت روسيا على ربع اوكرانيا حتى الآن ، والعملية الروسية هناك تتقدم ، وإن كان ببطء ولكن بثقة ..

الاقتصاد الروسى مازال قادراً ومتماسكاً ، على الرغم من آثار الحرب فى اوكرانيا والحرب الاقتصادية ..

والاقتصاد البريطانى نفسه يترنح ، فشبح الركود على الأبواب ، وقطاع الصناعة فى بريطانيا يصرخ ويستغيث ، والتضخم وصل إلى مستويات عالية ، ونتيجة ارتفاع الأسعار وزيادة الضرائب تضطر الأسر البريطانية إلى استنزاف مدخراتها أو اللجوء للاقتراض وزيادة ديونها ..

والنتيجة التى قدمتها الحرب الروسية الأوكرانية أن بريطانيا دولة عادية ، اقتصاديا وعسكريا .. وبالتالى سياسيا .
وجونسون الذي صرح قبل ايام بانه لن يسمح لبوتين بالنصر يفقد منصبه اليوم !!

وأن زمن المجد القديم ولى إلى غير رجعة ..
وأن الإمبراطورية البريطانية العظيمة انتهت ، وغربت عنها الشمس فعلا ..
وأن تصرف بريطانيا كدولة عظمى بين الكبار يثير الرثاء والضحك ..

درس جديد لبريطانيا ، لعلها تفوق من أوهام العظمة التى تعيش فيها ، بعد أن نسيت الدرس القديم الذي تلقته على ضفاف النيل ..

#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل