أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالإلاه خالي - نادية في -رهائن العبث- -5-














المزيد.....

نادية في -رهائن العبث- -5-


عبدالإلاه خالي
(Abdelilah Khali)


الحوار المتمدن-العدد: 7268 - 2022 / 6 / 3 - 00:43
المحور: الادب والفن
    


وأنا أتسكع في "دار دبيبغ"[1] ذات مساء، إذا بي ألمح نادية تمشي متأبطة ذراع رجل لا أعرفه.. رجل في الخمسينات..
كانت تبدو أكبر من سنها إذ أسدلت شعرها خلف رأسها وعهدي بها تجمعه في ظفيرتين تطلقهما على صدرها تارة وعلى ظهرها تارة أخرى..
لأول وهلة لم أصدق عيني، خلت نفسي قد أخطأتُ النظر. ولكنني قد أخطئ في كل شيء، إلا نادية.. اقترَبْتُ منها متلحفا ازدحام المارة. كانت هي بدمها ولحمها تسير إلى جانب رجل ذميم الخلقة.. رجل في سن والدها..
تُرى ما طبيعة علاقتهما؟!
سِرْتُ في أثرهما وقلبي يدق بقوة..
دخلا إلى محل تجاري. من بعيد رأيت الرجل يخرج محفظته. نقد البائع ثم خرجا. كانت نادية تلوك شيئا.. اشترى لها ابن اللئيم علكة..
واصلا المشي متقاربين. تأبطَّتْ ذراعه من جديد. سارا في شارع "الحسن الثاني" وعند محطة "الباصات" توقفا. تواريتُ خلف سور "بنك المغرب" وعيناي لا تفارقهما. جلسا فوق كرسي كان ينتظرهما.
بعد وهلة بدت حافلة "عين هارون" مقبلة. نهضت نادية واقفة. وضعَت قبلة على خد الرجل القبيح ثم تقدمت وغابت وسط الراكبين..
تحركت الحافلة. رفع الرجل يده محييا ثم مضى إلى حال سبيله متعجرفا.
بقيتُ متسمرا في مكاني..
أكانت نادية حقا!؟
أكانت الفتاة التي واعدتني بالحب أبد الدهر!؟
تلبّستني الوساوس..
أخذتني الهواجس مآخذا..
ولكن، قد أكون مسيئا في ظني.. فأنا إنسان والإنسان عرضة للخطإ..
حطّت حافلة "عين هارون" ثانية. قذفتُ بنفسي داخلها وكلي غليان.. فور نزولي ركضتُ نحو البيت.. ناديتُ نادية فخَرَجَتْ مبتسمة كعادتها.. جلسَتْ بجانبي فوق العتبة بمدخل البيت.. تصنعتُ الاطمئنان وأنا أحادثها. قلتُ:
- « ماذا فعلتِ هذا المساء؟ »
أجابت بهدوء تام:
- « لا شيء. أشغال البيت وكفى. »
- « ألم تفعلي شيئا عدا أشغال البيت؟ »
ردت وصوتها يصطنع الثقة:
- « لا.. »
- « ألم تخرجي من البيت؟ »
ـ « لا! »
قالتها ثم استدركَت بشيء من الارتباك:
- « لم هذا الإصرار منك؟ »
قلت بعزم وإصرار:
- « فقط قولي لي نادية، أين ذهبت هذا اليوم؟ »
أجابت متلعثمة وكأنها قرأت أفكاري:
- « آه! نسيت.. ذهبتُ عند سناء لاسترجاع بدلتي الخضراء، كانت قد استعارتها مني لحضور زفاف ابن عمها.. »
ساعَتَها أيقنتُ أن علاقتها بذلك الرجل لم تكن طبيعية، وإلا لما حاولت التستر على خروجها معه.
قلتُ بصوت باك:
- « نادية! لقد رأيتكِ اليوم صحبة شخص لا أدري من كان. رأيتُكِ بأم عيني. مشيتُ وراءكما. شاهدتُكِ وأنتِ تُقبِّلينه قبل أن تفترقا عند المحطة. »
ارتبكَتْ وغَضَّتْ بصرَها..
ساد الصمت فترة ثم رفعَتْ رأسها ناحيتي..
علق بصرُها ببصري فتناسج حوار بلغة العيون.. لغة لا يفهمها إلا مالكها.. ثم انقطع الحوار بنطقها جملة مقتضبة لخَّصت الموقف كله:
- « جبريل، أخطأتُ في حقك وأنا نادمة! »
قالتها ونَهَضَتْ في حياء.. وَلَّتْ لي ظهرها ودخلَتْ.. ظللتُ جالسا في مكاني: لا عليك يا جبريل، كل منا مُعَرَّض للخطإ، فما حدث زلة يمكن أن يُقْدِم عليها في ظروف معينة أي إنسان..
بعد يومين، جاء وكيل الشرطة إلى منزل نادية.. سلم والدتها مكتوبا أزرقا غامضا وانصرف دون كلام. هرولت "السعدية" نحوي لفك رموز ذلك الإشعار. قالت ويداها ترتعشان:
- « جبريل، شنو فهاد الكاغيط؟ الحاج غير موجود وقلبي مقبوض.. »
انقبض قلبي كما انقبض قلب السعدية.. كان المكتوب إخطارا رسميا يطلب من والدي نادية باسميهما الحضور حالا إلى الدائرة الخامسة..
لم تستطع السعدية انتظار قدوم الحاج عبد الرحمان. رجتني اصطحابها إلى الدائرة ففعلت. بمجرد وصولنا أخبرنا المدير وبدون أي مقدمات أن نادية تم ضبطها في دار للدعارة وستقدم صباح غد للمحاكمة!
........
........
تجمد الدم في عروقي.
ذهلتُ..
استفقت من ذهولي وأنا بالبيت.. من كان يظن أن تبيعني نادية.. من كان يظن أن تستبدل الفحش بالنقاء والسفالة بالطهر..
آه منك نادية!
امتهنتِ الرذيلة وعانقتِ شهوة مزيفة على حسابي أنا المغفل. رغبتُ فيك ملاكا فأبيتِ إلا أن تتدنسي وبأرخص الأثمان.
هكذا وُلدَت المرأة.. غاوية هي وغوايتها حارقة.. همُّها الرجل، تعذبه ولا تتركه إلا حطاما..
كم كنت شريفة يا أمي!

يتبع

الهوامش:
[1] دار ادْبِيبْغْ: اسم دارج يطلق على المدينة الجديدة بمدينة فاس والتي بناها الفرنسيون إبَّان الحماية.



#عبدالإلاه_خالي (هاشتاغ)       Abdelilah_Khali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نادية في -رهائن العبث- -4-
- من -رهائن العبث- 3
- من -رهائن العبث- 2
- من -رهائن العبث-
- وداعا سيد القمني.. يا مُعَلِّم المسلمين..
- -عبدالعلي حامي الدين- وتقديس النص القرآني
- أخطاء القرآن وأثرها في تحريف ترجماته -ترجمة بيرغ نموذجا- الج ...
- أخطاء القرآن وأثرها في تحريف ترجماته -ترجمة بيرغ نموذجا- الج ...
- أخطاء القرآن وأثرها في ترجمته إلى اللغات الأجنبية -ترجمة بير ...
- أخطاء القرآن وأثرها في ترجمته إلى اللغات الأجنبية -ترجمة بير ...
- أخطاء القرآن وأثرها في ترجمته إلى اللغات الأجنبية -ترجمة بير ...
- أخطاء القرآن وأثرها في ترجمته إلى اللغات الأجنبية -ترجمة بير ...
- إلى حبيباي
- أخطاء القرآن وأثرها في تحريف ترجماته -ترجمة النرويجي بيرغ نم ...
- أخطاء القرآن وأثرها في تحريف ترجماته -ترجمة النرويجي بيرغ نم ...
- أخطاء القرآن وأثرها في تحريف ترجماته -ترجمة النرويجي بيرغ نم ...
- أخطاء القرآن وأثرها في تحريف ترجماته -ترجمة النرويجي بيرغ نم ...
- أخطاء القرآن وأثرها في تحريف ترجماته -ترجمة النرويجي بيرغ نم ...
- أخطاء القرآن وأثرها في تحريف ترجماته -ترجمة النرويجي بيرغ نم ...
- أخطاء القرآن وأثرها في تحريف ترجماته -ترجمة النرويجي بيرغ نم ...


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالإلاه خالي - نادية في -رهائن العبث- -5-