أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جميلة شحادة - رسائلُ جزيرة غمام














المزيد.....

رسائلُ جزيرة غمام


جميلة شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 7255 - 2022 / 5 / 21 - 18:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


منذ لم يعد مسلسل معين، وبالذات في شهر رمضان المبارك، كما كان في الماضي، في سنوات الثمانينات والتسعينات وما قبلها من القرن الماضي يجمعنا جميعًا في المساء، ونتمسْمَر أمام قنال تلفزيوني واحد لنشاهد ذات المسلسل ولتكون أحداثه في اليوم التالي محور أحاديثنا في المدرسة أو في الشارع أو في أماكن العمل؛ وأنا لا أتابع المسلسلات إلا ما ندَر منها، بل وبتوصية من الآخرين. فقد اختلف المشهد في أيامنا هذه، وتبدّل بمشهد أقل جمالًا، وأكثر تعقيدًا بسبب كثرة القنوات الفضائية، وظهور الحواسيب اللوحية، والهواتف الذكية، وكثرة تطبيقات الأنترنيت المختلفة، وغزارة الإنتاج الدرامي. وعليه، بتُّ أشاهد في كثير من الأحيان، مسلسلًا يرشّحه لي البعض، يكون قد نال استحسانهم هم، من قائمة المسلسلات الرمضانية التي أصبحت أكثر من الهمِّ على القلب، كما قالت لي ذات مرة إحدى زميلاتي في العمل، فأتابعه من خلال شبكة الإنترنيت عندما يسمح لي وقتي بذلك، وإن لم يحظَ بأعجابي، أتوقف عن متابعته حتى لو حظي بإعجاب الآخرين.
وفي رمضان هذه السنة، سنة 2022 ميلادية، اقترحت عليّ إحدى الصديقات بأن أشاهد مسلسل" جزيرة غمام"، لاستحسانها له، لكن ضيق وقتي حال دون ذلك فأجّلت مشاهدته الى ما بعد انتهاء شهر الصوم. وها أنا الآن أكتب انطباعاتي عنه، بعد أن انتهيت من مشاهدة حلقاته الثلاثين.
لقد قررت أن أدوّن انطباعاتي عن "جزيرة غمام" لاستحساني فكرته؛ فأنا لست بناقدة فنية أو درامية، ولا شأن لي بحبكته أو بأمور فنية وتقنية أخرى. لقد قررت الكتابة عنه لاستحساني فكرته كما أسلفت، ولكي أثني على تلك المسحة الروحانية والصوفية التي تجلّت بشخصية "عرفات" في زمنٍ تسيّدت فيه القيم الاستهلاكية والقيم المادية على ناسه حتى أنهكتهم، وباتوا متعطشين للروحانية، ولقيم الحبّ والمحبة، والعدل والجمال. ولعل مؤلف العمل، عبد الرحيم كمال، أراد أن يُظهر هذه القيم بوضوح أكثر، وسطوعٍ أكبر، فطرح أيضا نقيضها متمثلة بشخصية "خلدون" وأتباعه، على اعتبار أن كوكبنا الأزرق الذي نعيش عليه كريم بكل شيء، وفيه متسع للخير والشر، وللمحبة والكراهية، وللجمال والقبح، وللحكمة والغباء، وللعدل والظلم؛ في عالمنا موجودة كل القيم وكل المعاني وما على المرء الا أن يختار ما يكونه.
مسلسل " جزيرة غمام" ليس فقط موجّهًا برأيي للمجتمع المصري كونه عملًا مصريًا، وإنما لكل المجتمعات، بل ويصلح لكل زمان. هو مسلسل تدور أحداثه في الماضي، وعلى بقعة أرضٍ تقع على شاطئ البحر، لم تتحدد حقبته الزمنية، ولم تتحدد جغرافية مكانه بالضبط. هو كما كُتب في مقدمة كل حلقة من حلقاته: "واقع يصنعه الخيال"، وما خيال الإنسان الا وكان مستمد من واقعه وبيئته المكانية والزمانية والنفسية. مسلسل "جزيرة غمام" يؤدي بالمُشاهد الناقد لأن يسأل ذاته: ما هي المسببات التي تؤدي بالفرد لأن يكون حاقدًا؟ أو ناقمًا؟ أو طماعًا؟ أو ظالمًا؟ أو عادلًا؟ أو حكيمًا؟ أو مضحيًا؟ أو قنوعًا؟ أو غير ذلك؟ وتؤدي به أيضًا لأن يتساءل: هل هذه الصفات هي موروثات جينية؟ أم أنها مكتسبة شكّلتها الظروف والتنشئة والتربية؟
لقد أعجبت جدًا بشخصية عرفات المعلم والمربي لأطفال الجزيرة، عرفات الذي يربي الأطفال ويكسبهم قيم الخير والجمال، يكسبهم قيمة؛ الثقة بالنفس، التسامح، حب الذات وحب الآخرين. لقد أعجبت بمفهوم عرفات للدين، الدين الذي يدعو الى الحياة، والى الخير والعطاء، الدين الذي يدعو الى محبة الانسان وينبذ الظلم والعنف وينأى عن أذى الآخرين، هذا الدين الذ يباركه الله سبحانه وتعالى لأنه رحمن رحيم بعباده.
مسلسل " جزيرة غمام" مادته الخام من النوع الجيد، لكنها لم تستغل على أحسن وجه، فبداية المسلسل أوحت للمشاهد بأن الصراع سيكون بين الإسلام السياسي، والصوفي، والشعبويّ وذلك من خلال شخصيات مريدي الشيخ مدين الثلاث، غير أنه اتضح بعد ذلك أن المسلسل قد اتخذ منحنىً آخر وارتكز على تعكير صفو الجزيرة الهادئة من قبل الأغراب، وعلى شخصيات استغلت الدين بهدف السيطرة والهيمنة، واستغلته في أمور لها علاقة بالسحر والشعوذة. أما نهاية المسلسل فقد أعجبتني لأنها أظهرت حقيقة وجود الشر الى جانب الخير في كل زمان، ولو أن هذه النهاية فاجأت المشاهد وجاءت مغايرة لما توقعه من انتصار للخير واندحار للشر. وكأن كاتب المسلسل مخرجه أردا أن يقولا أن مثل هذه الحكاية، حكاية الخير والشر، لا تنتهي ولكن وجب معرفتها، ووجب التمييز بين عناصرها، ووجب معرفة اختيار الصالح لنا منها.



#جميلة_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكرًا شيرين
- أنا القسطل
- عشية يوم العمال العالمي وضحية رقم...
- سلامًا لكَ يا طيّبَ القلب
- هدية ليست بالبريد المستعجل
- الكاتبة والأديبة جميلة شحادة تلتقي طلاب إعدادية ابن خلدون في ...
- الإبداع، والأدب، وقلة الأدب
- عقبات تواجه النساء في المجتمع العربي الفلسطيني عند خروجهن ال ...
- مسارحُ اللَّعِب
- * الإنسانية لا تتجزأ يا سادة!
- هل أخطأنا؟
- -الصامت- حديثٌ عن الواقع عبْرَ الأسطورة
- لن أرسلَ إبني الى المدرسة
- الرغيف الأسود، والطفولة البائسة في وطنها
- -أدنى من سماء-، مختارات شعرية تفيض بالشجن
- وجوهٌ صفراء
- الكاتبة والقاصّة جميلة شحادة تلتقي طلاب مدرسة بئر الأمير في ...
- نحرس الحُلم، ونرعاه بالعلم والثقافة حتى يزهر
- في يومهم، تحية تقدير لهم
- الفرق بين الكتابة للأطفال والكتابة للكبار


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جميلة شحادة - رسائلُ جزيرة غمام