أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جميلة شحادة - شكرًا شيرين














المزيد.....

شكرًا شيرين


جميلة شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 7248 - 2022 / 5 / 14 - 18:17
المحور: القضية الفلسطينية
    


كنتُ أقود مركبتي متجهة الى عملي صباحًا، عندما وصلني خبر مقتل شيرين أبو عاقلة، الصحافية الفلسطينية والمراسلة الميْدانية في تلفزيون الجزيرة. لقد صعقني الخبر، فانطلقتْ من أعماقي شهقة دون استئذان، تبعتها دمعتان انهمرتا من عينيّ والمذيع يؤكد خبر استشهادها. لم ألتقي يومًا بشيرين عاقلة بشكل شخصي، لكني، كما الآلاف، كنتُ أراها في بيتي، تطل عبر شاشة التلفزيون بحضورها العميق، لتنقل الخبر بأمانة وإخلاص، حتى شعرت كأنها فرد من أفراد عائلتي. لقد كانت شيرين مخلصة لمهنتها، ولشعبها الفلسطيني وقضيّته، فقتلتها رصاصة ليست بطائشة، وإنما رصاصة احتلال بغيض يدرك مطلقها أن الكلمات أقوى من الرصاص، وأن الميكرفون الذي تحمله شيرين هو سلاح فتّاك، تناضل بواسطته، وتفضح من خلاله سواد المَشهد من قهر وظلم ونهش لكبد الطّفولة؛ بواسطته تكشف شيرين عن الواقع الفلسطيني المر تحت الاحتلال.
شيرين هي واحدة من ضحايا فلسطينيين كُثر، أسكت الاحتلال البغيض صرختهم. وهنا لا بدَّ لي من أن أطرح التساؤل الذي تساءله البعض أمامي بعد أن ووري جثمان شيرين الثرى في مسقط رأسها القدس، وبعد أن أظهرت جنازة شيرين التفاف الفلسطينيين حولها بكل طوائفهم وانتماءاتهم السياسية والحزبية ... لماذا كل هذا الحزن الجارف على رحيل شيرين؟ لماذا تحولت بموتها الى رمز؟ هل لأنها مراسلة اغتيلت أمام الكاميرات بعد أن كانت هي نفسها تنقل خبر الاغتيالات؟ هل لأنها تحمل الجنسية الأمريكية؟ هل لأنها تعمل في الجزيرة وهي مؤسسة إعلام عالمية؟ هل وهل وهل...
برأيي؛ إن اغتيال شيرين أمام الكاميرات ظلمًا وبطريقة بشعة، وأيضًا كوْنها مراسلة لمؤسسة إعلامية كبيرة وتحمل الجنسية الامريكية، قد ساهم في التأثير على الرأي العالمي وبالذات الأمريكي، لكن حزن شعبها الفلسطيني وزملائها وزميلاتها عليها ومحبتهم لها، يتعلق بها هي، وبمزاياها الشخصية.
لا بدّ أن معظمنا قد لاحظ البشاشة على وجه شيرين رغم ظروف عملها القاسية التي عاشتها، ورغم الخطر الذي حاق بها وهي تلاحق الخبر وتنقله بصدق وأمانة، وهذا لا يستطيعه كل صحافي، لذا أحبها وقدًرها شعبها. لقد أحبها شعبها الفلسطيني لأنها كانت منهم ومعهم وتعيش مآسيهم وتتحدث عنها؛ لقد كانت هي صوتهم وصرختهم. لقد أحبها شعبها الفلسطيني لأنها كانت صحافية متواضعة، مهنية، نظيفة، شجاعة، ولأنها لم تتخذ من مهنتها سُلّمًا للوصول الى منصبٍ ما، أو لتحقيق منفعة شخصية، أو لجني الأموال الطائلة. لقد كانت شيرين أبو عاقلة تحمل ضميراً حيًا، فلم تنزلق بعملها نحو الصيت والسمعة الكاذبة، كهؤلاء الصحافيين الذين ألصقوا العار بمهنة الصحافة، بعد أن استغلوها لتحقيق مصالحهم الشخصية، ولتوسيع باب الرزق عليهم، أو لفتح باب العمل السياسي أمامهم، فراحوا من أجل ذلك يتملقون، ويشوّهون الحقائق، ويخدعون الرأي العام.
لقد أحب الناس شيرين لأنها كانت كريمة النفس، ولأنها كانت غير منحازة لطائفة أو دين أو حزب سياسي. لقد أحبها شعبها الفلسطيني لأنها انتمت له وأخلصت لوطنها دون أن تصدّع رؤوسهم بالكلام عن الوطنية، شيرين أعطت لشعبها دون أن تتشدق بهذا العطاء. كانت تلقائية، لا تهتم بأن تثبت لأحد مدى وطنيتها. لقد كانت شيرين وفية، ومخلصة لشعبها ولقضيته دون أن تخّون أحدًا أو تخّون جهة ما أو فئة ما.
لقد كانت حياة شيرين هادئة، فأراد الله أن يكون موتها صاخبَا، مدويًا، هزّ الضمائر، وكشف عن أصالة الشعب الفلسطيني وعن مكامن الجمال فيه. فشكرًا لكِ شيرين لأنكِ كنتِ في حياتكِ صوت الشعب الفلسطيني الصادق، ولأنكِ برحيلكِ كشفتِ للعالم عن وحشية الاحتلال، وأظهرتِ وفاء الشعب الفلسطيني لأبنائه الأبرار، وأظهرتِ أصالته، وشهامته وصموده. شكرًا لكِ شيرين لأن جنازتكِ كشفت عن تعاضد الشعبي الفلسطيني وأنه موحد، وكأنكِ بموتكِ تنادين بالتوقف عن الانقسام. شكرًا لكِ شيرين لأن موتك، ربما يجعل، من اللحظة التي ووري جثمانك الطاهر الثرى، يجعل "الكِبار" يعيدون حساباتهم، ويؤدي بهم لأن يعيدوا التفكير بسياساتهم.
رحمك الله رحمة واسعة يا شيرين. ستبقين معنا، وسنذكركِ دومًا.



#جميلة_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا القسطل
- عشية يوم العمال العالمي وضحية رقم...
- سلامًا لكَ يا طيّبَ القلب
- هدية ليست بالبريد المستعجل
- الكاتبة والأديبة جميلة شحادة تلتقي طلاب إعدادية ابن خلدون في ...
- الإبداع، والأدب، وقلة الأدب
- عقبات تواجه النساء في المجتمع العربي الفلسطيني عند خروجهن ال ...
- مسارحُ اللَّعِب
- * الإنسانية لا تتجزأ يا سادة!
- هل أخطأنا؟
- -الصامت- حديثٌ عن الواقع عبْرَ الأسطورة
- لن أرسلَ إبني الى المدرسة
- الرغيف الأسود، والطفولة البائسة في وطنها
- -أدنى من سماء-، مختارات شعرية تفيض بالشجن
- وجوهٌ صفراء
- الكاتبة والقاصّة جميلة شحادة تلتقي طلاب مدرسة بئر الأمير في ...
- نحرس الحُلم، ونرعاه بالعلم والثقافة حتى يزهر
- في يومهم، تحية تقدير لهم
- الفرق بين الكتابة للأطفال والكتابة للكبار
- خواطر


المزيد.....




- نتنياهو يعلق على قبول حماس وقف إطلاق النار والسيطرة على الجا ...
- لوكاشينكو: العالم أقرب إلى حرب نووية من أي وقت مضى
- غالانت: عملية رفح ستستمر حتى يتم التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح ...
- الرئيس الجزائري: لا تنازل ولا مساومة في ملف الذاكرة مع فرنسا ...
- معبر رفح.. الدبابات تسيطر على المعبر من الجانب الفلسطيني مع ...
- حرب غزة: هل يمضي نتنياهو قدما في اجتياح رفح أم يلتزم بالهدنة ...
- اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج ...
- كاميرا مثبتة على رأس الحكم لأول مرة في مباراة الدوري الإنكلي ...
- بين الأمل والخوف... كيف مرّت الـ24 ساعة الماضية على سكان قطا ...
- وفود إسرائيل وحماس والوسطاء إلى القاهرة بهدف هدنة شاملة بغزة ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جميلة شحادة - شكرًا شيرين