أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسام المنفي - زبانية جهنم














المزيد.....

زبانية جهنم


حسام المنفي

الحوار المتمدن-العدد: 7253 - 2022 / 5 / 19 - 00:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا شك أن من أكثر الآثام التى قد اقترفتها الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى مجلبةللخجل والعار ، هي إصدار بما يسمى " صكوك الغفران" ، وكما نعرف جميعا أن تلك الصكوك كانت عبارة عن ميثاق أو تعهد أو إلتزام مكتوب أو غير مكتوب من قبل الكنيسة الرومانية وقتها ، بأن من يقتني صكا من تلك الصكوك بعد دفع ثمنه ، سوف يغفر الله له ما تقدم وما تأخر من ذنبه ، وأنه سوف يكون في الدار الاخرةمن أصحاب النعيم ،حيث ينعم بالراحة والسعادة الأبديتين.هذا ما قررته الكنيسة وتعهد به رجالها ، كأنهم يملكون مقاليد السماء ، وكأن الله قد منحهم مفاتيح الجنة والنار ، يهبون الرحمة لمن يشاءون ويحجبونها عمن يشاءون . وقد كانت تلك الممارسات محل انتقادات واسعة من قبل مارتن لوثر المصلح البروتستاني الشهير .
والحقيقة أن تلك الممارسات ليست مقتصرة على الكنيسة الكاثوليكية وحدها ، فهي آفة كل دين ، ، لأن جميع الأديان ترتكز على ركزتين أساسيتين ، هما القداسة وامتلاك الحقيقة المطلقة ،مع التفاوت في النسب بين مجتمع وأخر ،وحسب الفترات التاريخية المختلفة، فقدسية ألهة الاوليمب مثلا لدى المواطن اليوناني الذي كان يعيش في مالطيا أو أثينا أواسبرطة في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد مختلفة عن القداسة التي نالها المسيح من قبل أتباعه في القرون الوسطى، ونظرة المسلم إلى الله والنبي محمد مختلفة تماما عن الموقفين السابقين ، غير أن الحرية الدينية والسياسية التي كان يتمتع بها المواطن اليوناني لم تحل بينه وبين إرتكاب بعض الجرائم في حق الفلاسفة والمفكرين والشعراء آنذاك ، مثل أناكساجوراس وسقراط وغيرهما، لكن ما دام كل منا يعتقد أن معتقداته تمثل الحقيقة المطلقة ، وكل ما سواها زيف وكذب وضلال ، فلا عجب من ظهور تلك الممارسات أو ذاك السلوك من حين لآخر ، ولا عجب إذا رأينا أو سمعنا من يدعي لنفسه حق الوصايا على البشر ،وتحديد مصائرهم ، فهذا يدخل الجنة متمرغا في نعيمها ، ينهل من ملذاتها ، وذاك يقبع في الجحيم، مكبلا بالأغلال، محاط بكل أنواع العذاب ! ، كل هذا ونحن لا نملك من أمرنا شيئاً ، ولا أحد منا يعرف مصيره أو عاقبته أو مثواه على وجه اليقين.
أقول هذا الكلام على أثر الجدل الصبياني الذي دار حول جواز الرحمة من عدمها على غير المسلم .
والأمر المخجل والمخزي ، أن هذا الجدل أثير بعد مقتل الإعلامية الفلسطينية المناضلة (شرين أبوعاقلة)على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي ، فرغم أنها كانت تعمل لصالح قضية نؤمن بها جميعا ، ورغم بغضنا الشديد للكيان الصهيوني الغاصب ،ورغم أنها دفعت حياتها ثمناً في سبيل عملها وقضيتها وبلادها ، إلا أن هذا كله لم يشفع لها عند مدعي التدين والأخلاق الذين قرروا طردها من رحمة الله دون خجل أو وجل أو أي وازع من ضمير . حجتهم أن لا تجوز الرحمة على غير المسلم ، كأن الله قد أخبرهم وأطلعهم على حدود رحمته! ، أو أن الله قد خولهم في الأرض يتكلمون باسمه، ويعبرون عن إرادته، ويحكمون بحكمه ! . وهذا الحكم نابع من عقيدة تدعي أنها امتلكت الحقيقة المطلة .
والواقع يقرر أن ليس ثمة ما يسمى بامتلاك الحقيقة المطلقة ، لأن ما هو مطلق الصحة بالنسبة لك ، قد يكون كذبا وضلالا عند غيرك ، وأن ما تحسبه باطلا ،قد ينظر إليه غيرك بعين الحقيقة ، لا سيما في مجالات الفكر والأخلاق والمعتقدات الدينية، إذن فإن ما تنظر إليه على أنه مطلق ، يكون نسبيا في نظر الآخر ، وما يظنه هو مطلقا ، يكون نسبيا بالنسبة لك ، يقول جيروم ستلنيتز في مقدمة كتابه "النقد الفني" ، وفي استطاعتنا أن نقول إن القارئ لو تريث مرة أخرى ليفكر في اعتقاداته وقناعاته في هذه الأمور (يقصد الدين والأخلاق) ، وسأل نفسه عن السبب الذي دعاه إلى الأخذ بهذه الاعتقادات ، لوجد في معظم الحالات أنه لم يصل إلى هذه الاعتقادات نتيجة لتفكير جاد متمعن فيها ، بل الأصح أنه قبلها متأثراً بسلطة ما، أي بفرد أو نظام معين ، أدخل في ذهنه هذه الإعتقادات ، وقد تكون هذه السلطة أبوية أو معلمية، أو الطائفة الدينية التي ينتمي إليها ، أو أصدقاءه ، أو المجتمع.
غير أن هذا لا يعني بالضرورة أن هذه الإعتقادات باطلة ، فقد تكون صحيحة كل الصحة ،لكن المسألة هي أن الإعتقاد لا يكون صحيحاً لمجر كون سلطة معينة تقول أنه كذلك ،أو لمجرد أنه يملى عليك ما يجب فعله ،وما وجب تركه ، بل لابد أن يكون حكمك متسق مع ما أقره عقلك وارتضاه ضميرك ، ولا تكن كالدمية في أيدي رجال يتاجرون بك وبدينك وبمصيرك من أجل أن يظفروا هم بالدنيا وملذاتها ، أي أنهم يبيعون لك الوهم متدثرا في عباءة الدين . يقول محي الدين ابن عربي : ( لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبى

إذا لم يكن دينى إلى دينه دانى

لقد صارَ قلـبى قابلاً كلَ صُـورةٍ

فـمرعىً لغـــــزلانٍ ودَيرٌ لرُهبـَــــانِ

وبيتٌ لأوثــانٍ وكعـــبةُ طـائـــفٍ

وألـواحُ تـوراةٍ ومصـحفُ قــــــرآن

أديـنُ بدينِ الحــــبِ أنّى توجّـهـتْ

ركـائـبهُ، فالحبُّ ديـنى وإيـمَانى.)



#حسام_المنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد المذهب الأخلاقي عند سقرط
- في الفلسفة البرجماتية pragmatism .
- - عذرا - لستم خير أمة أخرجت للناس . . . حسام المنفي .
- نظرية - الإرادة الخيرة - عند إيمانويل كانت
- أمرت أن أقاتل الناس
- التنوير
- توماس جيفرسون ونقد الموروث الديني
- دفاعا عن إسلام البحيري
- محمد عبده . رائد الإصلاح الديني في الفكر العربي الحديث
- - الشك -
- ديكارت يشك في الوجود
- نقد التراث الديني .
- مفهوم الفلسفة عند ستولنيتز .
- كل ما أعرفه إني لا أعرف شيئاً .
- لا سلطان على العقل إلا العقل نفسه
- ديالكتيك الفكر الإسلامي
- المدرسة الملطية . أول المدارس الفلسفية عند الإغريق . -مجموعة ...
- أنكسيمندروس [610 - 547] ق.م
- طاليس الملطي . أول الفلاسفة الإغريق
- مدخل الفلسفة اليونانية القديمة . عصر ما قبل سقراط .


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسام المنفي - زبانية جهنم