أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راوند دلعو - سيّالة الخلود














المزيد.....

سيّالة الخلود


راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.

(Rawand Dalao)


الحوار المتمدن-العدد: 7248 - 2022 / 5 / 14 - 18:14
المحور: الادب والفن
    


( سيّالة الخلود )

قلم #راوند_دلعو

يوماً ما سيتوقف هذا النبض ... يوماً ما سيغفو الوعي و ستكون إغفاءة الأبد ... لتهيمن الانطفاءة الأخيرة على سطوح الضوء ... و يسيطر التلاشي على المشهد ... و يسود السكون ...

إنه قانون الموت ... !

جاء الموت ... برهبته و جبروته و حتميته ! جاء آتياً معه بالنهاية ... نهاية كل شيء ... كل شيء ...

لا لا لا ... ففي حالة المفكر سيبدأ بالموت كل شيء !

فلسان حاله يقول : عندما يجيء موتي ... ستتحرر كينونتي من سجنها المادي ، و ستتسرب وجوديتي من ثقوب الجسد ... جُغرافيَّاً و تاريخياً و على جميع المحاور السينية و العينية و الصادية !

عندها ستنتقل أبعادي زمكانياً من إحداثيات جسدي الضيق المحدود إلى إحداثيات الفيض من أفكاري اللامحدودة ! ...

عند هذه اللحظة بالتحديد سأعبر بسيف الحتم الأثيري و إكسير اللاكيمياء ... من فناء و موقوتية لحمي و دمي إلى خلود أحرفي و سرمدية أسطري ، و أبدية كلماتي ، عباراتي ، سياقاتي ....

و هنا ... في هذا النسيج الكينوني الجديد ، ستقوم ذاتي بحياة ذات طبيعة جديدة من الماوراء الملموس ! ... إذ سأغدو حياً بحياة خاصة في أدمغة قُرّائي ... بوجودٍ من نوع خاص في خلاياهم العصبية ... كائناً في جوهر وعيهم الحي ...قيُّوماً في مادة انتبهاههم الفذة .... و هناك سأكون عبارة عن وميض كمومي مستمر من الأفكار ، نبض لا ينقطع من ألق الكلم ..... إنه نوع جديد من الكائنية بلا أي تحيز مكاني أو زماني ...

#الحق_الحق_أقول_لكم .... سيفنى اللحم و الدم ... لأنبثق كفكرة و معنى على خريطة الخلود البشري ...

عندها سأشغل حيزاً ألِقاً من الوعي ... حيزاً انسيابياً مثالياً راقياً دماغياً عصبونياً معقداً حياً ... خالداً بخلود تفكير البشر ... شاباً بشباب الفكر و تجدده ، لن أخلَق و لن أشيخ ... سأكون في أحشاء الأدمغة ، من دماغ إلى دماغ ... حياً نضراً في أسطري ... متكيِّّفاً كحالة ذهنية ، مستمراً بعنفوان حرفي و أبدية قصيدتي ... و خارقيّة سياقي ...

في ذلك العالم السَّيّالي العصبي الذي يدور في الأدمغة ... سأكون مميزاً جداً ... حيث أجدد شبابي مع كل أطروحة حول كتاباتي ... سأولد و أولد و أولد من جديد مع احتدام كل نقاش حول نظرياتي ... مع كل معركة فكرية حول إثراءاتي ... مع كل ملحمة من ملاحم النقد لفكري لأدبي لشعري لنقدي ....

هناك أولد باستمرار في أرحام الأدمغة ... أولد و أولد ثم لا أنفك أولد إلى أبد الخلود ... جديداً باستمرار ... أعيش بالتخاطب ... أتغذى بالنقاش ... أقوم بكون مدوناتي محلاً للتفكير ... محلاً للتفلسف للاندهاش ، ميداناً للّمّاحية ، بورصة للذكاء ... ملعباً لتصيّد الثغرات للنقد للتطوير للإبداع ... أنا قائم ... و قيُّومِيّتي تتجلى في كل ما سيتم تسليطه على أفكاري من أفكار ... على سبيل التحليل و التركيب و الاستنتاج ... سأقوم و أقوم و أقوم ... سأجمع دهر خلودي من لحيظات تفكير الآخرين بإنتاجي الفكري ... فسأستمر و أستمر و أستمر في رحم الوعي الكوني ... متنقلاً على وسائد الجُمَل و الأنظمة العصبونية ، سأستعصي على التلاشي و سأستحيل على الدفن و التهميش...

نعم لقد ضيعت حياتي و أهدرت علاقاتي و مالي و صحتي و عملي في سبيل مدونتي ... لكنني انتصرت و هزمت الزمكانيّة بالخلود ... و المحدودية بالأبد ، و المادية بالتجريد .... إذ ضحيت بالمؤقت المحدود إزاء الخالد العابر للماورائيات ... ضحيت بوجودي الجسدي مقابل ميلادي كفكرة نابضة مشعة ألقة خالدة بخلود الفكر البشري ...

فأنا مدونتي و كتاباتي ، و لست الجسد الضعيف الفاني ... أنا أناي المسفوح فكراً على مسرح الأبد ، لا الجسد المؤقت الحبيس بالكيمياء .... أنا مجموع لانهائي من السيالات العصبية التي ستقود أوركسترا مؤلفة من مليارات و مليارات الأدمغة لتعزف على إيقاعات سمتي الفكري و قدي العقلي و جهويتي الفكرية ...

أنا تلك السيالات المنسابة على إيقاع منطقي ... كائنة بكينونتي ... متواجدة بوجودي الجديد ...

أنا لم أمت و لن أموت ... أنا سيالة الخلود الدافق ... أنا الحياة القائمة بالوعي ...

أنا نبرة عقلي ... بصمة عصبوني ... أنا بكلمة واحدة( أفكاري ) ... أفكاري التي ستبقى بعد موتي !

نعم لقد ذبحت موتي و موقوتيتي عندما أقتحمت عالم الفكر لأبصم كمفكر لأتجلى بالخلود ...

ثم شعر الكاتب برعشة في يده ، انهارت قواه ، فأشار بحركة أخيرة إلى كلماته و مدوناته ، لفظ أنفاسه ، ... سقط اليراع ...

و فجأة !

انبثقَ سيّالة للخلود ...

هامش:

المرفق لتوأم الروح #فنسنت_فان_كوخ ....



#راوند_دلعو (هاشتاغ)       Rawand_Dalao#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سايكولوجيا الذئب المنفرد
- حب إلى درجة الانزياح القاري
- ( المحمدية تلعب دور الشرير في المعادلة الداروينية _ الثقب ال ...
- ( حقيقة الديموقراطية في الديانة المحمدية - و أمرهم شورى بينه ...
- الحقيقة الوثنية لعقيدة التوحيد ، و آثارها الكارثية على الوعي ...
- الحقيقة الوثنية لعقيدة التوحيد ، و آثارها الكارثية على الوعي ...
- الحقيقة الوثنية لعقيدة التوحيد ، و آثارها الكارثية على الوعي ...
- كوميديا الأغبياء _ الأمانة العِلمية في مجتمعات الكهنوت و مجت ...
- السيرة الذاتية لمُهَستر _ قصة أول ثورة في التاريخ
- كِيمياء السِّياسة بالكِيميَاء
- رسالة من ماوراء الماوراء _ الحب في زمن الروبوتيك
- الشخص التراثي من منظور برمجي
- مصطلحات يجب أن تُصَحَّح _ #الرسومات_المسيئة #رسومات_الحقيقة
- ثُلاثِي بِيكَربُونَات الشِّعر
- فيه اختلافاً كثيراً _ توظيفُ مؤلف القرآن للرب كإرهابي في الس ...
- فيه اختلافاً كثيراً _ الضعف التمثيلي و المشاكل اللغوية في صد ...
- (فيه اختلافاً كثيراً _ معالجة أفقية ثم عمودية للسجعيّات رقم ...
- مُعَدّل النزيف ....
- فيه اختلافاً كثيراً _ خطأ استراتيجي واضح في السجعية رقم 8 من ...
- الأديب الهارب من الله !


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راوند دلعو - سيّالة الخلود