أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى سامي - الرغيف (قصة قصيرة)














المزيد.....

الرغيف (قصة قصيرة)


مصطفى سامي
كاتب

(Mustafa Samy)


الحوار المتمدن-العدد: 7227 - 2022 / 4 / 23 - 09:51
المحور: الادب والفن
    


"مِش تفتّح!!"
تناولت صابحة رغيف الخبز الذي قفز من يدها بعد أن صدمها شابٌ بدراجته، نفضت عنه التراب، وأكملت في طريقها نحو المنزل حيث ينتظر طفلها الوحيد.
لم يأبه راكب الدراجة بما حدث وبما قالت، نظر أمامه وتابع السير وكأن شيئاً لم يكن. أما هي فشعرت ببعض الألم في ذراعها حيث اصطدم به مقبض الدراجة، لكنها حاولت نسيان ذلك الألم، والتفكير بدلاً منه في مازن، طفلها الجميل ذو السبع سنوات الذي أراد أبوه تسميته حنفي على إسم جده، لكنها عارضته وصممت أن يكون اسم وليدها كأسماء أولاد البندر.
شارعٌ طويل يبدو وكأنّه بلا نهاية، والأسوأ من طوله هو الزحام الذي لاينتهي. لاتعلم كيف يتحمل هذا الشارع الضيق كل صفوف السيارات والميكروباصات والتكاتك في الاتجاهين، بالإضافة للبشر!
كم اشتكت لمحمود -زوجها- من الزحام في بداية انتقالهما إلى القاهرة منذ عدة سنوات، لكنه كان يخبرها أنهم مضطرون للاحتمال من أجل لقمة العيش وأنها ستعتاد الأمر بمرور الوقت، إلا أنها لم تعتده أبداً. لازالت تحنّ لأيام الهدوء والسكينة في قريتها التي لم تعد تستطيع الرجوع لها بعد أن مات محمود واضطرت هي للعمل في البيوت أحياناً، وفي بيع الخضروات أو الفاكهة أحياناً أخرى لتكسب مايكفي لإعاشتها هي وطفلها الذي تحلم بيوم أن تراه طالباً في كلية الطب، وهي تسخر حياتها وطاقتها ورزقها لأجل ذلك الحلم وحده.
قبل أن تصل صابحة لمنزلها بعدة أمتار سألتها فتاةٌ تقف على جانب الطريق: بكام الرغيف الكبير ده؟ فأجابتها: بجنيه.
أحنت الفتاة رأسها نحو الأرض، وسارت مبتعدة. أكملت صابحة في طريقها، لكنها توقفت فجأة، وكأنه أتاها وحي ما، واستدارت نحو الفتاة.
"إستنّي"
انتبهت الفتاة ذات الرداء المليء بثقوبٍ تُظهر أسفلها ملابس أخرى ملئى بثقوبٍ أكثر، ونظرت نحوها بتعجبٍ تسألها بعينيها عن سبب النداء. سألتها صابحة إن كانت جائعةً فلم تنطق لكنها أجابتها بعينيها مجدداً وهما تكادان تبكيان من الخجل والجوع معاً.
"تعالي معايا"
سمعتها الفتاة فسارت بجانبها حتى وصلا معاً للمنزل، وصعدا لشقة صابحة في الدور الرابع. وجدا مازن يجلس منتظراً على كنبة في منتصف صالة الاستقبال، ولم يُبدِ أي رد فعل عند دخولها فقد اعتاد الأمر ولم يعد يبكي أو يخشى الجلوس وحيداً كالسابق، لكنه نظر باستغراب حين تبعتها في الدخول من الباب تلك الفتاة الغريبة التي يراها لأول مرة.
أحضرت صابحة طبقاً به جبن وآخر به عسل أسود، قطعت الرغيف لثلاثة أجزاء، أخذت أصغرهم، وأعطت لطفلها وللفتاة الجزئين الباقيَين. في أثناء تناولهم الطعام بدأت صابحة في طرح الأسئلة على الفتاة، بينما كان مازن يتابعهما بعينيه وأذنيه دون أن ينطق بأي شيء.
"إسمي سلوى وعندي حداشر سنة..."
بدأت الفتاة إجاباتها عن أسئلة صابحة بتعريف نفسها، ثم بتلقائيةٍ أكملت حكايتها التي أثارت استغراب الأم وطفلها معاً.
لاتعرف سلوى أباها أو أمها، لاتذكر شيئاً قبل ملجأ الأيتام الذي أودعت به منذ سن مبكرة، وهربت منه منذ ثلاث سنواتٍ بعد معاناتها من الضرب وسوء المعاملة.
سألتها صابحة إن كانت تمانع العمل معها، فوافقت والسعادة تملأ عينيها. سألتها عن مكان سكنها، فأخبرتها أنها تقضي يومها بين الشوارع، وفي الليل تنام في إحدى مداخل العمارات. عرضت عليها صابحة أن تبيت عندها في شقتها، فلم تصدق سلوى نفسها من الفرحة.
"من النهاردة انتي بنتي"
ابتسم مازن أخيراً بعد أن سمع كلمات أمه، وأدرك أنها قد أحضرت له أختاً للتو. أمسك القطعة المتبقية معه من الرغيف بعد أن أنهت سلوى الجزء الخاص بها فأعطاها لها، ثم قام متجهاً نحو غرفته ليحضر لها ألعابه لتراها.



#مصطفى_سامي (هاشتاغ)       Mustafa_Samy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف سرقت إسرائيل التاريخ الفلسطيني؟
- طبيبة بكامل ملابسها
- ماوراء بايدن
- الثابت والمتغير
- ضحايا جوع الاضطرار
- حكاية عن الظلم (١)
- صِراعُ الفُرس والعَرب.. إلى متى؟
- مُسَافِر لايَصِل
- إله الشرّ في القرآن
- الشتات -قصة تحدث كثيرا-
- الافتخار بالجهل


المزيد.....




- أنقذتهم الصلاة .. كيف صمد المسلون السود في ليل أميركا المظلم ...
- جواد غلوم: الشاعر وأعباؤه
- -الجونة السينمائي- يحتفي بـ 50 سنة يسرا ومئوية يوسف شاهين.. ...
- ?دابة الأرض حين تتكلم اللغة بما تنطق الارض… قراءة في رواية ...
- برمجيات بفلسفة إنسانية.. كيف تمردت -بيز كامب- على ثقافة وادي ...
- خاطرة.. معجزة القدر
- مهرجان الجونة يحتضن الفيلم الوثائقي -ويبقى الأمل- الذي يجسد ...
- في روايته الفائزة بكتارا.. الرقيمي يحكي عن الحرب التي تئد ال ...
- في سويسرا متعددة اللغات... التعليم ثنائي اللغة ليس القاعدة  ...
- كيت بلانشيت تتذكر انطلاقتها من مصر في فيلم -كابوريا- من بطول ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى سامي - الرغيف (قصة قصيرة)