أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى سامي - ماوراء بايدن















المزيد.....

ماوراء بايدن


مصطفى سامي
كاتب

(Mustafa Samy)


الحوار المتمدن-العدد: 6820 - 2021 / 2 / 21 - 10:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ ظهور نتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة وتأكد فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة بدأ الحديث عن تغير قادم في المعاملة بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط وتمَ تعليل ذلك بوضع حقوق الإنسان في تلك الدول وخصوصاً مصر والسعودية.
وبعد تولي بايدن الحكم رسمياً بدأت تتأكد تلك التكهنات بأن تغييراً ما يحدث بالفعل في شكل العلاقات الأمريكية بدول الشرق الأوسط وأن هناك ضغوطاً عدة ينوي بايدن ممارستها على تلك الدول بدعوى انتهاكها للحريات وحقوق الانسان.
فهل تلك هي الأسباب الحقيقية لممارسة تلك الضغوطات من جانب الإدارة الأمريكية الجديدة؟ أم أن هناك أسباباً أخرى وراء ذلك التغيير؟

منذ أيام قليلة خرج تصريح من إدارة بايدن أنه سيتعامل مع "نظيره" الملك سلمان ولن يتعامل مع محمد بن سلمان، وفي 2013 انحازت إدارة أوباما التي كان بايدن جزءاً منها لحكم الإخوان المسلمين في مصر ضد الجيش وكل القوى السياسية والجماهير التي خرجت لإسقاطهم.. فهل يرى بايدن والديمقراطيون أن الإخوان المسلمين في مصر والحكام الوهابيين التقليديين في السعودية هما من القوى التي يمكنها حماية الحريات وحقوق الإنسان وقيادة تلك البلاد نحو الديمقراطية أم أن هناك أسباباً أخرى تدعو الولايات المتحدة للخوف من الحكام الجدد لتلك الدول ولتفضيل السياسات التقليدية التي استمرت دون تغيير على مدى عقود تحت تأييد ومباركة الأنظمة الأمريكية المتعاقبة سواءاً الديمقراطية منها أو الجمهورية بغض النظر عن الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان؟

لنعد للوراء قليلاً.. في القرن الماضي، حين تحررت دول الشرق الأوسط من الاستعمار المباشر للإمبرياليات الأوروبية، وقبل أن تنسحب تلك الدول من مستعمراتها كان عليها التأكد من الحفاظ على مصالحها عبر دعم أنظمة حاكمة جديدة تضمن استمرار تبعية تلك المستعمرات القديمة لدول المركز الرأسمالي، ورغم بعض محاولات التنمية المستقلة والتحرر الوطني من التبعية للغرب لكن تلك المحاولات أجهضت أو ارتدت عن مسارها وخصوصاً مع تصاعد القوة والنفوذ الأمريكي وسقوط الاتحاد السوفييتي الذي كان يدعم تلك المحاولات، واستقر حكم الدول العربية بيد عائلاتٍ أو نخبٍ طفيلية تدعمها جماعات الإسلام السياسي عبر الانفراد بالظهور كقوةٍ معارضةٍ وحيدة وتكفير أيَ حركات معارضة يسارية تسعى لاستنهاض أي مشروع حقيقي للتحرر الوطني من التبعية والتنمية الاقتصادية المستقلة.

ظلت العلاقة بين دول المركز الرأسمالي في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية وبين دول الأطراف النامية في الشرق الأوسط مستقرة لعقود على كونها علاقة تبعية من تلك الثانية للأولى، ونمت في معظمها الأفكار الرجعية والطائفية وسط بيئة من الفساد والجهل ومع تراجع أفكار التحرر الوطني والتقدمية وغياب أي مشاريع للاستقلال الاقتصادي والتنمية الحقيقية.

إلا أن ذلك الوضع بدأ في التغير منذ سنوات قليلة نتيجة لتغير الظروف الذاتية داخل بعض تلك الدول، وكذلك لتغير الظروف الموضوعية على الصعيد العالمي.. ففي مصر على سبيل المثال أدت الثورات الشعبية المتتالية في 2011 و 2013 إلى سقوط القوى التقليدية المسيطرة على مؤسسات الحكم والاقتصاد والشارع وسيطرت مجموعة جديدة من قيادات الجيش على الحكم ترى في مجموعات الفساد والتبعية والجماعات الاسلامية ضرراً لمصالحها وللمصالح الوطنية بشكل عام وتحاول تحقيق تنمية اقتصادية واستعادة الروح الوطنية والوصول لتكون قوة اقتصادية وعسكرية مستقلة ومؤثرة.
وفي دول كالسعودية والامارات أيضاً رغم عدم حدوث حركات احتجاجية مؤثرة في الشارع لكنَ الجيل الجديد من العائلات الحاكمة قد دفعه الحماس والطموح وانخفاض أسعار النفط لمحاولة التخلص تدريجياً من الاقتصاد الريعي القائم على النفط وحده إلى الاقتصاد المعتمد على الصناعة والسياحة مصحوباً بإصلاح اجتماعي يتمثل في تقليل سلطة الدين على المجتمع والتقدم بشكل تدريجيَ في مجالات حرية المرأة والفعاليات الترفيهية التي كانت مقيدة تماماً في السابق، وقبل كل ذلك إحداث تغييرات في هيكل الحكم عبر إسناد الكثير من المناصب المهمة لشخصيات تكنوقراط تستطيع الاضطلاع بالمهمات الجديدة بدلاً من سيطرة أفراد العائلة المالكة وحدها على كل المناصب والذين لايملكون الكفاءة الكافية لذلك.

أما على الصعيد العالمي فقد صعدت في الشرق الأقصى قوة تمثل خطرا متزايدا على الولايات المتحدة وهي الصين، التي أصبحت الآن ثاني أقوى اقتصاد في العالم والاقتصاد الأسرع نمواً فيه، وذلك في نفس الوقت الذي تعاني فيه الولايات المتحدة وأوروبا من الأزمات الداخلية الاقتصادية والسياسية المتتابعة.. وبعد أن ظلت الولايات المتحدة لعقود عدة تتعامل مع العالم كقطب أوحد وتتعامل مع الدول النامية باعتبارها مستعمرات تابعة لها، فقد أصبحت هناك قوة أخرى تنافسها في ذلك النفوذ، فالصين تتوسع يوماً بعد يوم في عقد الاتفاقات الاقتصادية والتجارية والعسكرية بينها وبين الكثير من دول العالم، ومن بينها تلك الدول التي ظلت اقتصاداتها خاضعة لفترة طويلة لشروط الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، ومع فارق مهم لصالح الصين وهو أنَ تلك الأخيرة ليست من النوع الذي يحبذ التدخل في سياسات الدول الداخلية وإقامة قواعد عسكرية كشروط للتعاون مع تلك الدول، وهو مادفع الدول الراغبة في التخلص من التبعية الكاملة لأمريكا وتنمية اقتصاد مستقل للاتجاه تدريجياً نحو زيادة علاقاتها مع الصين، فعلى سبيل المثال تحتل الدول الثلاث العربية التي ذكرناها بالإضافة للعراق المراكز الأربعة الأولى في حجم الاستثمارات الصينية في الدول العربية، وتتوالى اليوم بشكل سريع وغير مسبوق الاتفاقيات المتبادلة بين تلك الدول وبين الصين.

هذا الانحسار التدريجي لسيطرة الولايات المتحدة وتزايد الوجود الصيني في منطقة الشرق الأوسط ماهو إلا جزء من التهديد الكبير الذي تسببه الصين للولايات المتحدة اليوم، وهو تهديد يدركه الجميع في الولايات المتحدة وقد فشل ترامب في التعامل معه بطريقة الجمهوريين وأتى بايدن ليحاول التعامل معه بطريقة الديمقراطيين وهي استخدام ورقة الحريات وحقوق الإنسان وهي خطة أصبحت قديمة ومكشوفة للجميع، خصوصاً في دول الشرق الأوسط وأفريقيا التي لطالما عانت من الاستعمار الغربي وانتهاكه لكل القيم والحقوق الإنسانية ولا زالت تعاني.

لازالت الصين تتعامل بحذر في منطقة الشرق الأوسط لأنها تعلم أنها منطقة نفوذ أمريكي وهي تتجنب قدر الإمكان حدوث صدام مباشر مع الولايات المتحدة، لكن اعتمادها على الخليج العربي في إمدادها بالنفط، وحجم استثماراتها الكبير والمتنامي باستمرار في أفريقيا يجعل من وجودها في المنطقة أمراً وجودياً لاتنازل عنه، لذا فإن محاولات الولايات المتحدة لاستعادة السيطرة المنفردة على المنطقة مصيره المحتوم هو الفشل، أولاً لأن الصين لن تقبل بذلك وثانياً لأن حكام وشعوب أهم دول المنطقة لن تقبل بذلك أيضاً، وستضطر أمريكا في النهاية للقبول بالوضع الجديد، وعلينا أن نعي ذلك وألا نبالغ في تقدير شعارات بايدن أو نظن أن الضغوطات المبنية على تلك الشعارات ستنجح في تحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية الكامنة وراءها.

وختاماً، أود توضيح أن عدم الانسياق وراء الشعارات الأمريكية لايعني أننا ضد الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، لكن متى وكيف وعلى يد من يمكن تطبيق تلك الشعارات بشكل حقيقي؟ هل يمكن أن نكون أحراراً دون أن نملك في البداية اقتصاداً مستقلاً وجيشاً قوياً؟ وهل يمكن أن يتم تطبيق الديمقراطية على يد جماعات الإسلام السياسي التي تعتبرها كفراً وتستخدمها فقط كأداة مؤقتة للوصول للسلطة وتعتبر كل فكر مختلف عنها كفراً وارتداداً وتحلَ دماء أصحابه؟
إن تطبيق تلك الشعارات على أرض الواقع يحتاج إلى حلول تقدمية ترتكز أولاً على دعم محاربة التبعية والفساد والتطرف والعشوائية وكل مظاهر التخلف المرتبطة بالماضي، ثم استغلال المثقفين وخصوصاً اليساريين منهم لتلك التغييرات القائمة في إعادة بناء تنظيمات سياسية ونقابية تعمل على توعية طبقات الشعب المتوسطة والفقيرة بحقوقها وطرق المطالبة بها ووضع الرؤى والبرامج للوصول مستقبلا إلى حكم الشعب لنفسه وامتلاكه لمصيره وحريته حقيقةً وليس خداعاً كالديمقراطية الغربية التي لاتعطي الشعب إلا الحق في اختيار من يقمعه كما قال كارل ماركس عنها ذات يوم.
...............

مصادر:

- "السياسة الخارجية الصينية في الشرق الأوسط بعد الربيع العربي" دراسة للمركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستارتيجية والسياسية والاقتصادية
- "السعودية الجديدة :رؤية الدولة الجديدة لدى ولي العهد محمد بن سلمان" دراسة لمركز النهرين للدراسات الاستراتيجية
- "النموذج المصري لرأسمالية الدول التابعة" كتاب لعادل غنيم
- كيف يؤثر توجه محمد بن سلمان إلى الصين وروسيا على العلاقة مع أمريكا؟
https://arabic.cnn.com/business/video/2021/02/18/v102137-saudi-russia-china-economic-relations
- في السعودية أكثرها.. هذا حجم استثمارات الصين في الدول العربية
https://arabic.cnn.com/business/article/2020/09/07/china-investments-arab-world
- العلاقات الصينية المصرية
https://www.marefa.org/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9
.............


" لا صداقة مع أحد تدوم، ولا وفاء لأحد يستمر .. هذا هو المنطق السياسي الأمريكي في التعامل مع الأنظمة الحاكمة في كل زمان ومكان .. منطق الغدر هذا لايستثني أحدا .. ليس فيه مكان لحليف أو صديق .. الجميع سواسية .. المعيار الوحيد هو المصلحة فقط .. ليس للأخلاق مكان .. ليس لحقوق الصداقة مكان .. لا مكافأة نهاية خدمة للصديق أو الحليف الذي أفنى نفسه في خدمة العم سام .. لا مكان لحقوق الإنسان أو أية مصطلحات أو مفاهيم أخرى تحمل شبهة أي شيء يتعلق بـ"الإنسانية"!!"
من مقدمة كتاب " كيف تبيع أمريكا أصدقاءها؟" لـ"مجدي كامل"



#مصطفى_سامي (هاشتاغ)       Mustafa_Samy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثابت والمتغير
- ضحايا جوع الاضطرار
- حكاية عن الظلم (١)
- صِراعُ الفُرس والعَرب.. إلى متى؟
- مُسَافِر لايَصِل
- إله الشرّ في القرآن
- الشتات -قصة تحدث كثيرا-
- الافتخار بالجهل


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى سامي - ماوراء بايدن