أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مهند طلال الاخرس - مات الحبيب















المزيد.....

مات الحبيب


مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 7220 - 2022 / 4 / 16 - 18:06
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


"مات الحبيب"

هون عليك يا اخي
فقد مات الحبيب
فلا النحيب يجدي
ولا الصراخ ولا العويل
فطريق الحق صعب وشاق وطويل
والكل في غشاوة وفي اجازة الى يوم الدين
فلا احد إلاك في هذا المدى
ولا احد يريد ان يرى ...

هون عليك يا اخي
فقد مات المصطفى الحبيب
وسيموت كل من جاء بعد الحبيب

هون عليك يا اخي،
فلا السماء سماؤك ولا الصوت صوتك ولا الرصاص يطول المدى
هون عليك يا اخي،
فأنت منذ الولادة طريدا شريدا ، تعيش وحيدا ، وتسير وحيدا، وتذهب بعيدا، وتعود وحيدا..
انت كأنبياؤك وابناؤك، يقتلكم الحنين،
فالسلام عليك يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حيا من فلسطين...

يوم تبعث اياك ان تنسى، ستسير بك الاقدار الى آخر المدى
كُلما بلغت العنفوان وأَعليّت البنيان اقصوك وكسروك وألقوا بك في مهاوي الردى، وان كنت حَسن الحظ اكثر وتلطفت بك الاقدار سكنت الكهوف والوديان.
وان جرت المقادير حسب اهوائهم اذاقوك العلقم واسقوك الحنظل واسكنوك الخيام...
تعتاش على كسرة خبز وما يجود به طابور المؤن وصدقات هيئة الامم ..

هون عليك يا اخي
لا اخوة لك لا اصدقاء
تعيش غريبا وتموت غريبا وتبعث وحيدا الى اعلى السموات
وهناك في الجنة ستبصر كل الاشياء..
سترى كل من ازدحمت بهم الطرقات
وامتلأت بهم المتاريس وساحات الوغى
وبارواحهم عظمت التضحيات
واحتضنت بقايا خطواتهم المقابر وصور الذكريات
وزينت صورهم حيطان الشوارع وصفحات الجرائد والمجلات ،
وعادت الاقلام تكتب سيرتهم بعد سنوات
ومع استفحال الوجع قررت ان تستفيق كل الذكريات..

واذا اردت ان تبصر الحقيقة جليا...
ما عليك إلا تراقب خطواتك وهي تسير طواعية الى حتفها.
لكن قبل ذلك كله، لا تنسى ان تكتب وتقرأ وترسم ، وان كنت من اصحاب العزم اكثر؛ انحت احفر في الصخر اكثر، حث الخطى اكثر واكثر، عسى ان لا تَضِّلَ طريق الجنة..
وهناك...
تجول اكثر تعرف اكثر، اسأل الاسماء وراقب الصور واياك واللوح المحفوظ...
ستعلم حينها انك كنت تطارد وطنا مسيجا بالدم، وُلد ابنائه هنا، وطاب لهم المكان والمقام، ولم يطب لشياطين الانس والجن واشياعهم واتباعهم هذا المقام..
راودتهم الايام عن نفسها، ولم تكن السيرة والصيرورة وتاريخ صناعة الاسطورة وتجليات المعنى ببعيدة عن هذا الكلام..
هبط ابناءنا على الارض من السماء...
هبطوا ومعهم كل الانبياء والاولياء...
ونجح شياطين الانس والجن بقفل باب السماء..

على الارض بدا العبث واستشرت المؤامرة؛ سفكت الدماء وامتهن الانسان واستبيحت الكرامة وسلبت الارادة...
انكب الهابطون من السماء على الدعاء بنصرة الانسان...

زاد الوجع والالم وكثر الدم، لم يعد بمقدور الهابطون من السماء احتمال رائحة الدم اكثر..
دعوا دعوتهم الاخيرة متوسلين الاستجابة..
كانت اصداء الصوت لا تكف عن الترديد :
"لا احد إلاك في هذا المدى، لا احد إلاك في هذا المدى"
لقد استنفذت رصيدك من الدعوات....
ولم يعد باب العودة متاح...

هشت شياطين الانس وبشت..
وصل الامر لعرش الرحمن...
بعد مباحثات ومفاوضات تقرر فتح باب السماء ليعود من سئم الحياة؟!

ساد الهرج والمرج، وكثر اللغط، ونشأت خيارات واستبعدت اخرى..
وبعد اخذ ورد، تقرر وبصيغة نهائية ان العودة فقط للشهداء، وعلى ان يسكن هؤلاء في الجنة قريبا من سدرة المنتهى.

ثار القلق لدى شياطين الانس والجن، فذلك المكان قريبا من عرش الرحمن، ولا يقترب من الرحمن إلاّ الانبياء والاولياء والابدال والصالحون، وها هو يتقدم نحوهم شعب الشهداء ...

لم يهنأ شعب الشهداء بسكناهم....

ثارت الدسائس وكثرت المؤامرات، كان شياطين الانس والجن يعلمون علم اليقين حُب الرحمن للشهداء، وكانوا يعرفون مقدرة هؤلاء الشهداء على الشهادة بالحق امام عرش الرحمن...

الاهم في ذلك كله ان شياطين الانس والجن واشياعهم واتباعهم واذنابهم كانوا يعون ويدركون تماما مقدرة شعب الشهداء على إنجاب ثورة حتى هنا في الجنة تحت عرش الرحمن، فثورتهم كما كانوا يرددون دائما هي: حتى النصر ، حتى النصر، حتى النصر...

وحصل ما كان يخشى منه شياطين الانس والجن وعتاة الطغاة؟
انطلقت الثورة..

استطاع الشهداء ان ينتصروا لجموع المؤمنين الانقياء والاتقياء، وللاسرى والجرحى والمهجرين والمبعدين والثكالى والحزانى، وجموع المساكين والمشردين والمعذبين في كل اصقاع الارض وان يعيدوهم الى الجنة. "ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم واموالهم بأن لهم الجنة".

بدأت تظهر في السماء قوافل من نور ذي حضور بهي ساطع، وعند السؤال علم الجميع ان قوافل العائدين بدات تصعد للسماء، وان السماء امتلئت بهم وازدحمت.

كانت احد الحلول للتخلص من ذلك الزحام ان يسهر كل واحد من العائدين على نجمته؛ مرة اخرى تطوع الشهداء دون غيرهم للقيام بمهمتهم الاثيرة.

في الجنة وتحت ظلال شجرة جميز كبيرة وارفة كثيرة الاغصان مثقلة بالاحمال والغِلال -قيل لنا انها لشهيد من اهل فلسطين شاعت سيرته وبلغت شهرته عنان السماء. وسرت مرويات وسُربت شائعات بأن هذا الشهيد من اهل الرملة، وعلى هُدىً فطري اصبحت هذه الشجرة مقصدا ومحجا للجميع ولاسباب واغراض شتى- ..

ذات يوم وتحت هذه الجميزة جلست ثُلة من الاولين، يتقدمون طلائع الشهداء الغر الميامين في حلقة، ما لبثت ان توسعت وتمددت، حتى ملأت الجموع جنبات الجنة..

كان الحُجاج والقُصاد يأتون من كل فج عميق، وكان الشهداء يتمايزون بينهم بثياب خضر من استبرق، عليها اعلام واشارات كنا قد رأيناها في حلم ما، او اننا قرأنا عنها في كتاب جل كلماته مبعثرة.

كان الشهداء يعرفون بعضهم جيدا، يتسامرون ويتضاحكون، ويستذكرون حكايا الشقاء والبقاء والفداء، والنكبة والنكسة، والاجتياح والانتفاضة، واللجوء والتشريد والمؤن والخيام، والثورة والبندقية وايلول الاسود وايار الاحمر، وكل فصول الدم وصفحات الذكريات، من الافراح والاتراح، من حكايا دمنا المسفوك على كل الطرقات، الى خطواتنا التي سطرت تاريخ المجد في انطلاقة العاصفة.

من زوهر وعيلبون ونهاريا وسافوي ودلال والشقيف وديمونة وصولا الى الانتفاضة وحكاية الحلم الذي إنكسر...وانتهى في السماء...

هنا جائتنا اصوات خطوات قادمة تهدر من بعيد، تشق طريقها بين الجموع، اقتربت اكثر واكثر، حتى بلغت مرادها تحت الشجرة، كانت ثلهث وتجهش بالبكاء، وكانت كلما تحاول الحديث تتبعثر الكلمات وتتطاير الحروف من بين الشفاه، فلا يظهر منها إلاّ حرفين اثنين خ،ج، خ،ج.
الصمت يطبق على الشفاة.
الصمت يسود ويخطف الكلمات.
لم نجرؤ على السؤال؟.
كان الوضع صعبا على الجميع؛ كنا لاول مرة نسمع ونرى بكاء ونحيبا في الجنة، لوهلة حسبنا انفسنا نسيناه، كنا تركناه خلفنا هناك في الارض، كنا نعتقد باننا دفناه مع كل فصول الاسى والوجع.

تقدم احدنا شاقا الصفوف، وتجرأ على سؤال المجموعة الباكية: ماذا هناك، ماذا هناك؟
ردت المجموعة بصوت واحد يجهش بالبكاء:
اين ذهب ابو جهاد؟



#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة 1987 رواية الزمن المسكوت عنه
- غزة 1987
- تجربتي مع الايام، مذكرات ابو ماهر اليماني
- الحصار ، مي الصايغ
- ناديه برادلي؛ الفدائية المغربية الشقراء
- ترانيم الغواية
- حضن الصبار
- عندما تُزهر البنادق
- كم طلقة في مسدس الموساد؟
- ذاكرة وطنية، حكم بلعاوي
- بالحبر الكنعاني نكتب لفلسطين، وبالدم ايضا
- تحت نقطة الصفر
- الشمس تُولد من الجبل
- رفقة عمر، مذكرات انتصار الوزير (ام جهاد)
- سمير الهنشل وحكاية يوم الجريح الفلسطيني
- بين استنهاض الكادر الحركي وبناء التنظيم الحركي
- الربيع الاول للثورة
- نحو صياغة رواية تاريخية للنكبة
- عودة الاشبال، رواية لفاضل يونس
- قتال العمالقة، العسكرية الفلسطينية ١٩٧ ...


المزيد.....




- الاتحاد الأوروبي يخضع -ميتا- للتحقيق.. ويوضح السبب
- مدينة طنجة المغربية تستضيف يوم الجاز العالمي
- ?? مباشر: آمال التوصل إلى هدنة في غزة تنتعش بعد نحو سبعة أشه ...
- -خدعة- تكشف -خيانة- أمريكي حاول بيع أسرار لروسيا
- بريطانيا تعلن تفاصيل أول زيارة -ملكية- لأوكرانيا منذ الغزو ا ...
- محققون من الجنائية الدولية حصلوا على شهادات من طواقم طبية في ...
- مقتل 6 جنود وإصابة 11 في هجوم جديد للقاعدة بجنوب اليمن
- لقاء بكين.. حماس وفتح تؤكدان على الوحدة ومواجهة العدوان
- زيارة إلى ديربورن أول مدينة ذات أغلبية عربية في الولايات الم ...
- الرئيس الصيني يزور فرنسا في أول جولة أوروبية منذ جائحة كورون ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مهند طلال الاخرس - مات الحبيب