محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1671 - 2006 / 9 / 12 - 10:14
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
إهداء
إلى كل الكونفيدراليين المخلصين للطبقة العاملة المغربية.
الى كل الأوفياء للحركة العمالية في كل مكان من العالم.
إلى قائد حزب الطبقة العاملة المغربية: حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي الرفيق أحمد بنجلون.
إلى كل المدافعين عن حقوق الطبقة العاملة المغربية وفي مقدمتهم الرفيق عبد الرحمن بنعمرو.
من أجل عمل نقابي خال من الانتهازية.
من أجل مستقبل نظيف للنضال النقابي الصحيح، حتى لايبقى للانتهازية النقابية مكان في العمل النقابي.
من أجل وضع حد للعمالة الطبقية التي يمارسها بعض لقياديين النقابيين.
*******************************
3 ـ فهل للانتهازية النقابية وطن معين؟
هل يمكن أن توجد نقابة معينة خالية من الانتهازية النقابية؟
هل يستطيع النقابيون حماية النقابة من الانتهازية النقابية؟
من يقف وراء قيام الانتهازية النقابية؟
من هم المستفيدون الحقيقيون من الانتهازية النقابية؟
من هم المتضررون من ممارسة الانتهازية النقابية؟
هل يمكن أن تتخلص النقابة من الانتهازية النقابية؟
ما هي الشروط التي يجب إنضاجها لاستئصال الانتهازية النقابية؟
ما مصير الانتهازيين النقابيين في حالة نبذ انتهازيتهم؟
لقد جاء في القران الكريم "فاينما تولوا فثم وجه الله" وعلى مقاس هذه الآية يمكن أن نقول: فأي نقابة توجهنا إليها, قطاعية كانت، أو مركزية، فثمة الانتهازية، نظرا لعدة اعتبارات:
الاعتبار الأول: أن الثقافة الرسمية التي ننهل منها، في جميع أنحاء المغرب، وعلى مدى عقود، هي ثقافة انتهازية, وبناء على القيم المبثوثة في شخصية الإنسان المغربي، فان كل مغربي انتهازي حتى يثبت العكس. ولذلك فكل مسئول نقابي، هو انتهازي حتى يثبت العكس, ومن الطبيعي جدا أن تعتبر الإطارات النقابية كيانات قائمة على الممارسة الانتهازية.
والاعتبار الثاني: أن غالبية المجتمع يمكن تأطيره في خانة البورجوازية الصغرى. فالتجار الصغار، والحرفيون, والخدماتيون، والفلاحون، من ذوي التطلعات البورجوازية، والنقابة تتغذى من هؤلاء جميعا، لان العمال إنما هم أبناء الفلاحين, والتجار، والحرفيين، بالإضافة إلى الموظفين، الذين يمكن أن يكونوا نقابيين أصلا.
والاعتبار الثالث: أن المجتمع لم يعرف تحديثا كاملا. فالعقلية الزراعية لازالت مصاحبة لسكان المدن, والصناعات الأساسية الكبرى غير موجودة، وإذا وجدت فهي ضعيفة، وبورجوازيتنا لم تتلخص من مثل الماضي المتخلف. فهي نفسها متخلفة، لكونها متأصلة من الإقطاع، ومن الامتيازات, ومن استغلال النفوذ, ومن الارتشاء المتفاحش, ومن المخدرات. فهي لم تأت نتيجة لخوض الصراع مع الإقطاع, ولم تعمل على تطوير نفسها، كما هو الشأن للبورجوازية الكبرى قي الدول الرأسمالية. والطريق إلى تطوير القطاعات الاجتماعية المختلفة، وتطورها، بما فيها الطبقات الاجتماعية، ومنها الطبقة البورجوازية، والطبقة العاملة، هو التصنيع، الذي يحول المجتمع من مجتمع تقليدي إلى مجتمع عصري, مجتمع تسري فيه الممارسة العلمية، والتقنية، باعتبارهما من سمات المجتمع الصناعي, والعصري، والحديث. فبالتصنيع، وبالتصنيع وحده، يمكن أن تتطور القطاعات الاجتماعية المختلفة، ويمكن أن تتغير الحياة.
ومادام المجتمع المغربي لا يتوفر على القطاعات الصناعية الأساسية, وما دانت الصناعة القائمة لا ترقى إلى مستوى جعل المجتمع ينعتق من أسر الممارسة الانتهازية:
ا ـ فان الانتهازية، باعتبارها ممارسة يومية للمواطن المغربي، في البادية، وفي المدينة ، وفي جميع القطاعات، تصير من طبيعة الشغيلة، أينما كانت, ومهما كانت النقابة التي تنتمي إليها , كما أنها تصير من طبيعة القيادة، ما لم تكن ملتزمة بمبادئ نقابية معينة، تمنعها من ممارسة تلك الانتهازية, وما لم تنحرف تلك القيادة، أو بعضها، عن تلك المبادئ؛ لأن الانتهازية النقابية، لا وطن لها. وما دامت كذلك، فأي نقابة مرشحة لأن تمارس فيها، وبواسطتها، الانتهازية، مع وجود فارق عدم التحفظ، والتستر وراء المبادئ. وهذه الممارسة الانتهازية، هي التي تقف وراء هذا التردي النقابي، الذي تعرفه الساحة النقابية على المستوى العام، وعلى مستوى القطاعات المختلفة، التي صارت في معظم الأحيان، لا تفرق بين النقابات الانتهازية، والنقابات المبدئية, بل إنها تنساق، في كثير من الأحيان، وراء النقابات التي تعتمد قياداتها أدلجة الدين الإسلامي، كشكل من أشكال الانتهازية، التي تمارس التضليل بأبشع صوره، على الشغيلة القطاعية، والعامة, كما أنها لا تفرق بين البرامج المختلفة، التي تدعو إلى الالتزام بها مختلف النقابات، مهما كانت هويتها، نظرا لتشابهها, وتلتزم بأي موقف صادر عن أية نقابة. أو لا تلتزم به أبدا، لوقوعها تحت تأثير الباطرونا، التي لا تميز بين العمال، إلا بانتمائهم النقابي، الذي يقف، غالبا، وراء انتهازيتهم، واستفادتهم من مختلف الامتيازات، التي تقدمها لهم الباطرونا, أو وراء فصلهم من العمل في حالة إخلاصهم للمبادئ النقابية، وللبرنامج المطلبي, والنضالي, وللشغيلة.
ب ـ وانطلاقا من ذلك، فإن وجود النقابة الخالية من الانتهازية النقابية يكاد يكون منعدما, ولكن علينا أن نميز بين كون النقابة مبنية على مبادئ معينة, وكون النقابة قائمة في الأصل. على الانتهازية.
فالنقابة المبنية على مبادئ الديمقراطية والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والوحدوية، قد تكون خالية من الانتهازية، لو كان النقابيون المتحملون للمسؤولية، لا يمارسون الانتهازية، أثناء قيادتهم للنقابة, وأثناء عملهم على أن تكون المبادئ هي السائدة، على جميع المستويات التنظيمية، وفي جميع العلاقات القائمة، بين النقابة، والشغيلة: أي أنها تتحول بالفعل إلى إطار للتربية على العمل النقابي الصحيح. وهذه التربية، تكون مشروطة بوجود أجهزة نقابية قائمة على الممارسة الديمقراطية، وبوجود برنامج نضالي، صادر عن الأجهزة التقريرية للنقابة, وعن قيام النقابة بالدفاع عن مصالح الشغيلة، جملة، وتفصيلا, وان يتم وضع حد لجميع أشكال الانتهازية، سواء تعلق الأمر بالعلاقة مع الإدارة، أو مع أجهزة النقابة, أو مع المنخرطين, أو مع الشغيلة، حتى تتجسد المبادئ في الممارسة النقابية اليومية. ولكن هذا لا يعني أن العمل النقابي المبدئي خال من الانتهازية، جملة، وتفصيلا, لأن العمل النقابي, وبحكم طبيعته الإصلاحية، هو عمل انتهازي, إلا أن انتهازية من هذا النوع، هي انتهازية مشروعة، يجب الحرص على أن لا تتطور إلى انتهازية غير مشروعة.
أما النقابة القائمة في الأصل على الانتهازية غير المشروعة، فإننا نجد أن كل شيء فيها قائم على الانتهازية المغرضة،؛سواء تعلق الأمر بالعالقة مع الإدارة, أو في العلاقة مع الأجهزة النقابية, أو في العلاقة مع المنخرطين, أو في العاقة مع الشغيلة، وسواء تعلق الأمر، كذلك، ببناء التنظيم النقابي, أو بوضع البرامج النقابية، أو اتخاذ المواقف النضالية, لان الطبيعة الانتهازية للقيادة النقابية، تمتد إلى نسيج الجسم النقابي, وإلى شبكة العلاقات النقابية الداخلية, والخارجية, لأن ما يحكم الممارسة النقابية، في مثل هذه الحالة، ليس هو مصلحة النقابة، والنقابيين، وليس هو مصلحة الشغيلة, إنه هو مصلحة القيادات النقابية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية, وبتلك المصلحة، تصير الانتهازية النقابية مرضا بنيويا، لايزول، إلا بزوال النقابة ذاتها. ولذلك، لا نستغرب إذا وجدنا نقابيين لا يتورعون عن استغلال النقابة، في تنمية ثرواتهم, سواء في علاقتهم بالإدارة, أو في علاقتهم بالمنخرطين. أو بالشغيلة، فكل شيء في النقابة الانتهازية يكون بمقابل، وهو ما يجعل الشغيلة تفقد قيمتها في نظر النقابة, والقيادة النقابية, وتفقد ثقتها في النقابة، وفي القيادة النقابية, وتصير قابلة بالاستغلال، ورافضة للانخراط في العمل النقابي اعتقادا منها أن جميع النقابات تتشابه.
ولذلك نرى، من الضروري، أن تقدم النقابة القائمة على المبادئ، والتي تعمل جاهدة على التخلص من كل أشكال الانتهازية، أن تعمل على بث الثقة في نفوس الشغيلة، على جميع المستويات التنظيمية, ومهما يكن من أمر فإن حرص النقابة المبدئية على ذلك، سيجعلها تكتسب ثقة النقابيين من جهة, وثقة الشغيلة من جهة أخرى, وهو ما يجعل الأمل في العمل النقابي كأساس لوحدة الشغيلة حاضرا في الممارسة اليومية.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟