أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كاظم فنجان الحمامي - مرفأ الواصلية -،صلة الوصل مع الماضي














المزيد.....

مرفأ الواصلية -،صلة الوصل مع الماضي


كاظم فنجان الحمامي

الحوار المتمدن-العدد: 7211 - 2022 / 4 / 6 - 10:19
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


حسناء من قرى (السيبة). كانت تختال بأناقتها بين بساتين النخيل الباسقة، وتتباهى بنضارتها وطلعتها البهية، وعيونها الباسمة، ووجهها المشرق. .
عشقها رجال البحر وشغفوا بحبها. وهاموا كلهم بجمالها الأخّاذ. فأحبتهم جميعا، ووفرت لهـم الدفء والمأوى. .
لاذت بها السفائن بقلوعها ومراسيها من كل حدب وصوب. فكانت صلة الوصل بكل الذين ركبوا البحر، وزينوا جيدها بقلائد اللؤلؤ. فهي الواصلية التي نسجت جسور الوصل والمحبة بين مرافئ الفيحاء وأغوار الخليج. وكان الوصول إليها غاية المسافرين والمهاجرين. .
سميت بهذا الاسم نسبة إلى واصل بن عطاء الغزّال، الذي كان رأس فرقة (الواصلية)، وهو أيضاً من مؤسسي (المعتزلة): فرقة كلامية نشأت في البصرة، وظهرت في بدايات القرن الهجري الثاني، واستقرت في هذا الموضع. .
غرست الواصلية جذورها في واحتها الريفية المحاذيـة لضفاف شط العرب، والمجاورة لنهر الزيّادية. وشيدت لها رصيفاً خشبياً مـن سيقان أشجارها بإزاء بساتين (عباد بن الحصين) التي كانت تقع على الضفة المقابلة لها. وكان (عباد) متيماً بجمالها، فحاول أن يغريها بحقوله التي أطلق عليها أسمه بعد أن أضاف إلى الأسم حرفي الألف والنون، ليصبح (عبادان). وذلك على النهج الذي انتهجته المدرسة البصرية في تسمية البساتين والأنهار. وخصص لها في الضفة الأخرى حقلاً مزداناً بأزهار التوليب والنرجس، أسماه (أبو وردة). ويسمونه الآن (بو وارده Bawarda). فاختارت الواصلية الوقوف بينه وبين منعطف قرية (سيحان)، التي ولد فيها (الجاحظ). ثم تحسنت ملامحها عام 1908 على اثر التغير الذي أعقب اكتشاف الذهب الأسود في حقول (مسجدي سليمان)، وتبدلت أحوالهـا عـام 1912 بعد قيام شركة النفط البريطانية - الإيرانية ببناء أرصفة استقبال الناقلات في واجهة عبادان. فتوسعت قريتها وتحولت إلى قاعدة ملاحية
عراقية، ومحطة صغيرة للإشراف على عمليات إقلاع وإرساء الناقلات التي كانت تتردد على مرفأ عبادان، ومن ثم إرشادها عبر ممرات شط العرب، وقطعت الموانئ العراقية آنذاك شوطا كبيرا في تنفيذ الواجبات المنوطة بها على الوجه الأكمل. فاستخدمت لهذه الغاية السفينة العراقية (هرمك) التي كانت تتولى الإشراف على سير العمليات البحرية في مرفأ عبادان، وتأمين الاتصالات اللاسلكية بناقلات البترول القادمة والمغادرة، وإيواء المرشدين البحريين العراقيين وربابنة المرفأ. فازدهرت الواصلية وتحسنت ظروفها شيئا فشيئا، حتى صارت من المدن المينائية المتميزة بطرازها الريفي الجميل. وربطت لأول مرة بخطوط الطاقة الكهربائية وخطـوط التلغراف. وبنيت فيهـا المنازل الحديثة والحدائق والمتنزهات. وشيد فيهـا منتدى ترفيهي للعاملين في الموانئ العراقية. وواصـلت الواصلية صلتها بأبناء البصرة، فكانت محطة استراحة للباحثين عن المتعة البريئة، الذين كانوا يشدون إليها الرحال في السفرات المدرسية للتمتع بجنائنها التي تسر الناظرين. لكنها وللأسف الشديد، تحولت الآن إلى أطلال تنعق فيها الغربان، وخرائب يعشعش فيها البوم. وباتت مرتعا للخنازير البرية المتوحشة. وتشبعت أجواؤها ومياهها بالملوثات التي تنبعث من مداخن ومجاري المصافي النفطية في عبادان، التي ما انفكت تنفث سمومها في الماء والهـواء. وسحقتها عجلات الحروب التي أحرقت الزرع. ودمرت البساتين التي لطالما تباهت بجداولها العذبة، وظلالها الوارفة، وحقولها الزاخرة بغابات النخيل وأشجار السدر والتين والبمبر. فاُقتلعت أشجارها من جذورها. وتحطم مرفؤها الصغير، فهجرتها السفن. ولم تعد تمارس أي نشاط ملاحي. وتحولت تلك الواحة الغناء إلى مستنقعات آسنة، تخيم عليها السحب الموشحة بالسواد، والمعبئة بالغازات الخانقة. لتحرق ما تبقى من مزارعها. وتتلف ثروتها السمكية. وتزيل كل معالمها الجمالية
التي كانت صفة ملازمة لهذه المدينة الريفية منذ القرن الثاني الهجري. .
تلكم هي قصة الواصلية التي كانت وما تزال صلة الوصـل الوثيقة بالتاريخ الملاحي والزراعي والفكري للبصرة الفيحاء. .



#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناتو يودع زمن المرجلة
- العالم بين مبادرتين. . الصينية والأمريكية
- الأمريكان والباكستان وعمران
- كتاب: القطيع
- أيهما سيفوز بمحبة الصين والهند ؟
- السيرة الذاتية لطرزان بحري
- كتاب: أسس الجيوبولتيكا
- مأساة الحقول العراقية المحروقة
- متى يرقد الرازي بسلام في قبره ؟
- معممون تنكروا للعمامة
- مدراء گوترة والحاجة بربع
- كتاب: عقلية الصندوق الأسود
- طائرات أوروبية في القفص الروسي
- حروب الاحتكاكات الحدودية
- تناقضات ماكرون وشخصيته الماكرة
- جولة في مداراتنا الفضائية
- ڤيتو ضد مطار كركوك
- كتاب: بالجرم المشهود.
- متى يعتذر الناتو عن جرائمه ؟
- ظلم الصناعيين عاقبته وخيمة


المزيد.....




- نقطة حوار: هل تؤثر تهديدات بايدن في مسار حرب غزة؟
- إسرائيل تتأهل إلى نهائي مسابقة يوروفيجن الأوروبية رغم احتجاج ...
- شاهد: فاجعة في سان بطرسبرغ.. حافلة تسقط من جسر إلى نهر وتخلف ...
- المساعدات الأوروبية للبنان .. -رشوة- لصد الهجرة قد تُحدث الع ...
- بوتين يوقع مرسوما بتعيين ميخائيل ميشوستين رئيسا للحكومة الرو ...
- -صليات من الكاتيوشا وهجومات بأسلحة متنوعة-.. -حزب الله- اللب ...
- بالفيديو.. -القسام- تستهدف جنود وآليات الجيش الإسرائيلي شرقي ...
- سوريا..تصفية إرهابي من -داعش- حاول تفجير نفسه والقبض على آخر ...
- حماس: في ضوء رفض نتنياهو ورقة الوسطاء والهجوم على رفح سيتم إ ...
- كتائب القسام تقصف مجددا مدينة بئر السبع بعدد من الصواريخ


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كاظم فنجان الحمامي - مرفأ الواصلية -،صلة الوصل مع الماضي