أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - احمد طلال عبد الحميد - المحكمة الاتحادية العليا... والتفسير الاستبدالي















المزيد.....

المحكمة الاتحادية العليا... والتفسير الاستبدالي


احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)


الحوار المتمدن-العدد: 7203 - 2022 / 3 / 27 - 00:50
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


اصدرت المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى المرقمة (23 وموحدتها 25/ اتحادية /2022) في 1/3/2022 قراراً يتضمن الحكم بعدم صحة قرار هيئة رئاسة مجلس النواب رقم (4) لسنة 2022 المتضمن فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية بعد مضي المدة التي التي حددتها المادة (72/ثانياً/ب) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 والتي نصت على ان ( يستمر رئيس الجمهورية بممارسة مهماته الى ما بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب على ان يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ اول انعقاد له ) لصدوره بشكل منفرد من هيئة الرئاسة دون الرجوع للبرلمان باعتباره ممثلاً للشعب وصاحب الارادة العامة ومصدر السلطات استناداً للمادة (59/ثانياً) من الدستور وهي المادة التي تعطي لمجلس النواب صلاحية اتخاذ القرارات في جلسات مجلس النواب بالاغلبية البسيطه بعد تحقق النصاب، مالم ينص على خلاف ذلك ، كما تضمن القرارالزام رئاسة مجلس النواب بعرض قرار فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية على مجلس النواب لغرض التصويت عليه من عدمه وفقاً لما جاء في المادة (59/ثانياً) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 لمرة واحدة وعدم تجديدها، وقد اثار هذا القرار لغطاً في الاوساط القانونية والدستورية حول اجتهاد المحكمة في ظل غياب النصوص الدستورية التي تعالج مثل هذه الحالة التي تسبب الفرقاء السياسين في احداثها بسبب عدم التزامهم بالمدد الدستورية ولعدم التوصل لاتفاقات سياسية نهائية لترشيح الرئيس الذي سيتولى دعوة الكتلة الاكبر عدداً لتشكيل الكابينة الوزارية ، ووصفت بعض الاوساط السياسية والدستورية ان قرار المحكمة قد اوجد حكماً لم يرد في دستور 2005 ، ولا في قانون احكام الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية رقم (8) لسنة 2012 ، وهذا ينطبق عليه مقولة ( من يشرع هو الذي يحكم ) ، وان هذا القرار يذكرنا بما يعرف بمصطلح (حكومة القضاة) الذي اطلق على قضاة المحكمة العليا الامريكية ، وقد ساعد صياغة نص قرار الحكم على مثل هذا التفسير الذي انطلق بالاوساط القانونية ، وفات عليهم وعلى المحكمة ذاتها ان التفسير لنصوص الدستور الهدف الاول منه تجنب اعلان عدم دستورية التشريع او النظام او القرار المطعون به قدر الامكان ، لان اعلان عدم دستوريته يوجه طعنه نجلاء الى السلطة التشريعية واتهام صريح بمخالفتها للدستور ، فاذا عجزت المحكمة من تفسير الدستور والنص او القرار المطعون فيه تفسيراً يجعله متوافقاً مع الدستور عند ذلك تعلن عن عدم دستوريته وجزاء عدم الدستورية هو الالغاء وليس الامتناع عن تطبيقه ، والحقيقية ان اجتهاد المحكمة الاتحادية العليا بالتفسير لاغبار عليه لسد النقص والفراغ في النصوص الدستورية لمعالجة حالة ما افرزه الواقع السياسي او التطبيق العملي ، وانها اوجدت الحل للخروج من عنق زجاجة الازمة وهذا من صميم واجبها ونجحت في ذلك ، الا ان المحكمة لم تكن في حاجة الى الاشارة لبعض العبارت التي يفهم منها البعض بانه قرار انشائي لحكم جديد طالما بالامكان معالجة الموضوع في اطار الدستور وتتوصل الى ذات النتيجه، وسنحاول الاجابة على ما اثير من اراء قانونية حول وصف القرار المذكور وطبيعته في الملاحظات الاتية :
1. لاشك ان عملية التفسير عملية ذهنية معقدة يقوم بها قضاة المحكمة الاتحادية العليا يستحضرون فيها روح الدستور ومضامين نصوصه ومدى موائمة التشريع او النص المطعون به لاحكامه من جهة ، ون جهة اخرى يستحضرون ارادة المشرع الدستوري للوصول الى حكم اغفل المشرع الدستوري ايراده او نظمة بصورة تفتقر للكمال وهذا امر تفرضه الطبيعة الانسانية ولذا وجدت نظرية ( عدم كمال التشريع ) وهي احد الاسس الفلسفية لمباشرة القاضي الدستوري عملية الاجتهاد او الخلق ، فضلا عن ذلك ان مقتضيات قاعدة ( النصوص متناهية والاحداث والوقائع غير متناهية ) تفرض على القاضي مثل هذا الالتزام .
2. ان عملية التفسير والاجتهاد تتم بصورة متدرجة الهدف منها منع التماس مع المشرع قدر الامكان وتجنب اعلان عدم دستورية النصوص او التشريعات او القرارات التي تتخذها السلطات التي تخضع لرقابة القضاء الدستوري باعتباره المؤسسة المعنية بحماية الدستور وتحقيق التوازن بين السلطات ، ولذلك التفسير يبدأ بطريقه التفسير المقيد ثم المحايد للدستور ويمر بتفسير المطابقه الدستورية المشروطة ومن ثم التفسير المضيف او المكمل وينتهي بالتفسير المنشأ او الخلاق في حال عدم التوصل للحول وفقاً لاساليب التفسير السابقه.
3. وباالرجوع الى قرار المحكمة الاتحادية العليا موضوع التعليق يمكن القول انه صحيح من حيث النتيجة لامن حيث التسبيب ، وليس المقصود بذلك ما استندت اليه المحكمة من نصوص دستورية وقانونية للتوصل لنتيجة الحكم ، وانما المقصود منه اسلوب صياغه القرار ، حيث جاء في حيثيات الحكم المذكور ( ... وان مدة الثلاثين يوماً هي مدة دستورية حتمية تستلزم انتخاب رئيساً جديداً للجمهورية خلالها وعدم تجاوزها ، وان تجاوز تلك المدة وعدم انتخاب رئيساً جديداً للجمهورية يوجب ايجاد مخرجاً لذلك التجاوز بما يضمن انتخاب رئيس للجمهورية... ) ، ان هذه الفقرة تشير الى توجه المحكمة الى حل مشكلة انتخاب رئيس الجمهورية الذي اوجب الدستور انتخابة خلال مدة حتمية تجاوزها الفرقاء السياسين لغرض الوصول لنتيجه قرارها الذي تضمن عدم الالتزام بهذه المدة الدستورية وان الدستور والقانون لم يعالج هذه الحالة وهي بذلك – اي المحكمة الاتحادية العليا – بصدد الاجتهاد لايجاد حكم جديد لم يعالجه الدستور والقانون وهذا معناه خلق قاعدة قانونية جديدة ، حيث جاء في حيثيات قراراها في البند (سابعاً) منه ( ... بذلك فأن فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية دون الرجوع الى ممثلي الشعب يجعل من هذا القرار فاقداً لسنده القانوني استناداً للصلاحيات المذكورة انفاً ) وايضاً ماورد في البند (ثامناً) من القرار الذي جاء فيه ( على الرغم من ان المصلحة العليا للبلد توجب التقيد بالمدد الدستورية وعدم تجاوزها الا ان مضي تلك المدة وعدم تنفيذ ما جاء في الدستور خلالها يستلزم تحقيق التوازن بين تشكيل السلطات الاتحادية لضمان سير المرافق العامة وعدم تعطليها وبين انتهاء تلك المدة وخرقها ، وحيث ان الدستور والقانون لم يعالج ذلك ، لذا فأن الضرورة والمصلحة العليا تقتضي العودة الى مجلس النواب باعتبارهم يمثلون كافة مكونات الشعب العراقي .......)، اذ بموجب هذه الفقرة توصلت المحكمة الى نتيجه مفادها عدم وجود حكم في الدستوروالقانون لمعالجه هذه الحالة يستلزم تدخلها .
4. والحقيقية ان الدستور قد تضمن حكماً لهذه الحالة ، فيما لو اتبعت المحكمة اسلوب ( التفسير الاستبدالي )، والذي تتمكن المحكمة من خلاله الوقوف على المضمون القاعدي للنص دون احداث تغيير في شكل النص من خلال احداث تحول تام في معنى النص عن طريق استبدال بعض ما يحتويه النص من قواعد واستبدالها بالتفسير القضائي بالفاظ جديدة ، وهذا التفسير يلبي متطلبات مبدأ الدستورية وان كان ذو طبيعه مزدوجه اذ انه يعمل على سحب او استخراج القاعدة المخالفه للدستور او جزء منها في النص التشريعي المطعون عليه من ناحية ، وادخال قاعدة اخرى تجعله مطابقاً للدستور من ناحية اخرى ، بمعنى اخر يهدف التفسير الاستبدالي الى سحب القاعدة المخالفة للدستور وادخال قاعدة اخرى مطابقه له ، لتجنب البطلان الذي يلحق بالنص وهذا هو اتجاه المحكمة الدستورية الايطالية ، اما المجلس الدستوري الفرنسي والمحكمة الدستورية الالمانية فقد حققت اهداف التفسير الاستبدالي من خلال اصدار احكام برفض الطعن والحكم بدستورية النص الخاضع للرقابة بعد تفسيره بطريقه تتفق واحكام الدستور ، وذلك من خلال مايسمى بالاحكام ( الصادرة بالدستورية بشرط مراعاة التفسير الاستبدالي ) ، وكان بامكان المحكمة الاتحادية اللجوء الى الاسلوب الايطالي بتقرير عدم دستورية القرار المطعون فيه والاستعاضه بنص المادة (95/ثانياً) من الدستور طالما انها تملك ادوات الغاء القرار الطعين ، او اللجوء الى اسلوب المجلس الدستوري الفرنسي والمحكمة الدستورية الالمانية لرد الطعن بعدم دستورية قرار هيئة رئاسة مجلس النواب بفتح باب الترشيح على ان يتم ذلك وفقاً لنص المادة (59/ثانياً) من الدستور وحسب تفسير المحكمة الاستبدالي بعدم مشروعية القرار الطعين واحلال القاعدة الدستورية محلها الواردة في المادة (59/ثانياً) من الدستور ، بمعنى اخر ، اعتبار قرار هيئة الرئاسة بفتح باب الترشيح صحيحاً بعد مراعاة نص المادة (59/ثانياً) من الدستور ، وهذا يجنب المحكمة القول بعدم وجود نص في الدستور لمعالجة هذه الحالة ، كما يجنبها الغاء القرار ، والاهم عدم الغاء النص وتقرير عدم دستوريته فيما كان محل الطعن نص تشريعي وليس قرار مستقبلاً .
لما تقدم نخلص ان القرار صحيح من حيث النتيجه وليس من حيث التسبيب ، و ندعو المحكمة الاتحادية العليا الموقرة الى الاخذ بهذا الاسلوب في التفسير لتجنب اعلان عدم الدستورية للنص او القانون المطعون بعدم دستوريته قدر الامكان طبقاً لمبدأ التدرج في التفسير لان هدف التفسير الاول هو التوفيق مع النصوص الدستورية بالدرجة الاولى ، وايضاً لتلافي حالات تقرير عدم وجود قاعدة قانونية او دستورية تعالج الحالة المعروضه عليها ...والله الموفق.
د.احمد طلال عبد الحميد البدري



#احمد_طلال_عبد_الحميد (هاشتاغ)       Ahmed_Talal_Albadri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأتوقراطية الحزبية ...والاصلاح التشريعي
- تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم (108 وموحدتها ...
- تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا الخاص بعدم دستورية ق ...
- تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم ( 213/اتحادية ...
- تعليق على القرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم (17/اتحادية ...
- الثلث المعطل ام الثلثين المعطل
- المحكمة الادارية العليا... ومفهوم طاعة الرؤساء
- تعليق على القرار التفسيري للمحكمة الاتحادية العليا المرقم (1 ...
- انحراف النظام البرلماني...والحرب الاهلية
- دستورية الجلسة الاولى للبرلمان ...والدور السياسي للمحكمة الا ...
- الحوكمة التشريعية لاختبارات شغل الوظائف العامة
- اختصاص المحكمة الاتحادية العليا في نظر الطعون الانتخابية
- تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم ( 159/اتحادية ...
- المحكمة الاتحادية العليا ومواجهة الانحراف التشريعي
- ذوي الياقات البيض والفساد الكبير
- الاثر المترتب على الغاء بعض نصوص قانون اسس تعادل الشهادات وا ...
- حكومة تصريف الاعمال...في الميزان
- نظام الاغلبية... والديمقراطية التمثيلية
- الصمت الانتخابي في التشريع العراقي
- مشروعية تمويل الحملات الانتخابية


المزيد.....




- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - احمد طلال عبد الحميد - المحكمة الاتحادية العليا... والتفسير الاستبدالي