أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - الستّ نعيمة … مبسوطة جديدة ...تحسبُهم أغنياءَ!














المزيد.....

الستّ نعيمة … مبسوطة جديدة ...تحسبُهم أغنياءَ!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7196 - 2022 / 3 / 20 - 11:17
المحور: حقوق الانسان
    



كتب هذا المقال في يوم المرأة المصرية 16 مارس، وأهديه للسيدة الجميلة "نعيمة مسداري"، التي أتمنى اختيارها "الأم المثالية" في "عيد الأم" الوشيك. المصرية البسيطة التي رفضت بضعة آلاف من الجنيهات منحها لها الإعلامي "أحمد رأفت/مذيع الشارع" بعدما فازت في مسابقة المعلومات العامة التي يطرحها البرنامجُ على المارّة والسابلة لتنشيط المعرفة وخلق حالٍ من البهجة بين الناس. سألها سؤالا بسيطًا، وأجابت، ففازت. وحين أعطاها المكافأة رفضتها بابتسامتها الطيبة وقالت إن هناك مَن هو أحقُّ منها بالمال، فهي "مستورة الحمد لله"، ومعاشها 3000 جنيه يكفيها، والحمد لله في بركة ربنا. وقالت إنها "تعطي" ولا "تأخذ"، وإنها تترك أرغفة الخبر لكي يأخذها مَن يحتاج إليها من الكادحين. لأن البركة تحلُّ في العطاء لا في الأخذ، ولهذا بارك الله في عمرها حتى تراعي ابنها الأصمّ، فهو البركة الكبرى في حياتها. وحاول المذيع معها بشتّى الطرق أن تأخذ جائزتها، لكنها رفضت في إباء وتعفف وبساطة، وابتسامتُها وخفة ظلها لا تفارق وجهها. حتى قالت له في الأخير: “إنتو جايين منين؟ إنتو ملايكة من الجنة؟".
جمالُ روحها ووجها الوضّاء بالابتسام، وقلبها المشرق بالفرح والرضا، والتعفف عن مد اليد، بل والاعتذار عن قبول اليد الممدودة، أمور كبيرة لا يقدرُ عليها إلا ذوو الأرواح الشاهقة. تحسبهم أغنياءَ من التعفّف، كما علّمنا القرآن الكريم في سورة البقرة| 273: {للفقراءِ الذين أُحصِروا في سبيلِ اللَّه لا يستطيعون ضَربًا فِي الْأَرضِ يَحْسَبُهم الْجاهِلُ أغنِياءَ مِن التَّعَفُّفِ تعرفُهم بسِيماهم لا يسألون النَّاسَ إِلْحَافًا وما تُنفقوا مِنْ خيرٍ فَإنَّ اللَّهَ به عليمٌ}.
ذكّرتني "الست نعيمة مسداري" بعفيفة أخرى من جنوب مصر اسمها "الست مبسوطة"، وكتبتُ عنها عدة مقالات لفرادتها بين البشر، وأتشرّفُ اليوم بأنها صديقة عزيزة لا ينقطع تواصلُنا. وحين تسمعُ صوتي في الهاتف تقول لي: “أهلا يا غالية". تعرفني من صوتي إلى درجة أنني كنتُ أحاضرُ يومًا في "سيدني" الأسترالية، وكانت المحاضرة عن العطاء والرضا، وأمام الجمع الحاضر اتصلتُ بها من رقم أسترالي. وضعُ الهاتف على الإسبيكر أمام الميكروفون ليسمع الناُ صوتَها، وبمجرد أن سمعت صوتي "ألوو"، قالت: “أهلا يا غالية، بتتكلمي منين ده الرقم طويل أوي!” هي لا تقرأ ولا تكتبُ لكن فِطرتها غنيّة بالمعرفة والنصوع، منحها اللهُ فيضًا من عطاياه، فراحت تعطي ولا تأخذ، فيجزل اللهُ لها العطاءَ السماوي الكريم.
كيف أُدوّنها على سِجلَِّ هاتفي؟ هكذا: (الست مبسوطة، أغنى امرأة في مصر )، وهذا هو عنوان مقالي الأول عنها نشرتُه هنا في زاويتي بجريدة "المصري اليوم". اسمها "مبسوطة"؛ وما أوفقَ الاسمِ على المُسمّى! تعيش في نجع ناءٍ من نجوع سمالوط. كان لديها خمسةُ أطفال مصابون بضمور كامل في المخ. عند بلوغهم الثانية عشرة من أعمارهم، لا يقوون على الحركة فيرقدون. لتبدأ الأمُّ رحلة "الشيل والحطّ" لأجساد أولادها حتى يتحمّموا ويقضوا حوائجَهم ويتقلّبوا على الفراش تفادريًا لقروح الفراش. زوجها الراحل "عم سعيد" كان طريح الفراش لإصابته بالفشل الكلوي. وكانت الزوجة الجميلة تقوم على خدمته ورعايته كما تفعل مع صغارها، حتى رحل. ابنُها الأصغر ميلاد، مصابٌ بنفس مرض أشقائه، لكنه يستطيع التحرك بصعوبة. فتقول عنه أمُّه بفخر: (أشكرك يا رب. صحيح لحمه متمزع من الوجعات، لكن بيقدر يروح المحلّ (الحمام)، أعتبره مش عيان.)
سيدةٌ مليحةٌ أنيقةُ الملامح. نحيلةٌ سوداءُ العينين والشَّعر كأنها ملكة فرعونية منحوتة على جدارية فرعونية في معبد الكرنك. ابتسامةُ الرضا لا تفارقُ عينيها اللتين تُشعّان ببريق مدهش. مات زوجها، وترك لها ميراثًا هائلا من صغار مُقعدين لا يدركون ما يجري حولهم، ولا تقوى أجسادُهم الشابّةُ على الحركة. ابتسامة الرضا التي لا تفارق وجهها المشرق وهي تقول لمن يحدّثها: (ربنا محبش حد قد ما حبني. وعمري ما طلبت منه حاجة وقالي لأ. هو عاوز ولادي كده. وأنا راضية بمشيئته. هو له حكمة في حالي وحال ولادي. وعمري ما اشتكيت لحد.) هذه السيدة كان دخلها الشهري لا يصل للمائة جنيه. ولا تمدُّ يدَها؛ بل تدفع من قروشها النحيلة لبيت الله لمساعدة مَن هم أشدُّ منها عوزًا. أولئك العفيفون يشكرون الله كل نهار على نِعم كثيرة لا يراها غيرُهم. يشكرون الله على البصر والسمع والإدراك. يشكرون اَلله على أنهم قادرون على الذهاب إلى الحمّام. يشكرون الله في كل حال ودون شرط. وتلك درجة عُليا من درجات الثراء، فقرًا وإيمانًا.
"الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن”.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيخ طنطاوي … البابا شنودة … ذكرى طيبة
- ماعت المصرية … على منصّة القضاء
- جائزة صموئيل حبيب … سمفونية العطاء
- خرافةٌ اسمُها: قبولُ الآخر!
- معجزاتُ أجدادي
- نسورٌ كثيرةٌ … وفريسة!
- محمود أمين العالم… أمي خائفةٌ منك!
- أكاذيبُ زجاج الشرفة
- هابي فالنتين
- ياسر رزق … وسنوات الخماسين
- إصبعُك والثعبان … أصحاب ولا أعز
- العالمُ المخبَأ في ورقةٍ صفراءَ صغيرة
- معرضُ الكتاب … والشتاء وآلزهايمر
- عيدُ الغطاس … والقلقاسُ الأخضر
- رسالةُ سلام للعالم … من أرض السلام
- منتدى شباب العالم … ميلاده الرابع
- تهاني الجبالي … الماعت … وداعًا!
- مِحرابٌ ومَذبح … في الجمهورية الجديدة
- جرسُ الجامعة يُودِّعُ عصفورَ الأدب
- رحلة العائلة المقدسة… وجائزة فخرُ العرب


المزيد.....




- مساعد وزير الخارجية الأسبق: عرقلة منح فلسطين عضوية بالأمم ال ...
- اعتقال أكثر من 100 شخص خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين في جامعة كو ...
- السعودية تأسف لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع عضوية فلسطين ا ...
- فيتو أمريكي يمنع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وتنديد فلسطين ...
- الرياض -تأسف- لعدم قبول عضوية فلسطينية كاملة في الأمم المتحد ...
- السعودية تعلق على تداعيات الفيتو الأمريكي بشأن عضوية فلسطين ...
- فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي ...
- حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا
- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - الستّ نعيمة … مبسوطة جديدة ...تحسبُهم أغنياءَ!